بيروت-“القدس العربي”: خلافاً لما كان متوقعاً، لم يعيّن مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة أعضاء المجلس العسكري بعدما رفع وزير الدفاع الياس بو صعب لائحة بأسماء الضباط لتعيينهم في المناصب الشاغرة، وبعدما نشر بعض وسائل الإعلام هذه الاسماء وهي: رئيس الأركان العميد الركن أمين العرم، المفتّش العام العميد الركن ميلاد اسحق، عضو متفرغ العميد الركن الياس الشامية، وأمين سرّ المجلس العسكري العميد الركن محمود الأسمر. واكتفى مجلس الوزراء بتعيين القاضي محمود مكّية أميناً عاماً لمجلس الوزراء، وإعطاء الموافقة على أن يكون العميد الياس البيسري مديراً عاماً للأمن العام بالوكالة عندما يتغيّب اللواء عباس إبراهيم.
وفيما لم تظهّر الأسباب الحقيقية للتأجيل، تباينت التحليلات بين قائل إنه لا يجوز أن يعلم الاعلام بالاسماء قبل الوزراء وبين قائل إن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اعترض على الاسم السنّي المقترح من رئيس الحكومة سعد الحريري لمنصب أمين سر المجلس الاعلى للدفاع العميد محمود الأسمر بناء على اعتبارات لدى قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يقترح اسم ضابط آخر من دورته إنطلاقاً من تحقيق التوازن في التعيينات المرتبطة بدورات تخرّج الضباط، فيما آخرون تحدثوا عن تحفّظ لدى حزب الله على اسم الاسمر.
ولكن كيف يُفسّر عدم الأخذ باسم الحريري للمجلس العسكري؟ هل تمّ عن اقتناع من قبل الحريري أم اعتبر قبولاً من رئيس الحكومة على مضض؟ وهل أن وزير الدفاع رفع هذه الأسماء إلى مجلس الوزراء من دون التشاور مع رئيس الجمهورية أو مع قائد الجيش؟
حسب المعلومات المتوافرة أن تأجيل البحث بتعيين أعضاء المجلس العسكري تمّ التوافق عليه في الخلوة التي سبقت جلسة مجلس الوزراء بين الرئيسين عون والحريري، ولذلك لم يتم أي نقاش أو جدل داخل الجلسة على موضوع التأجيل. غير أن ذلك لم يمنع من طرح علامات استفهام حول تداعيات مثل هذه التباينات على العلاقة بين الرئيسين عون والحريري وخصوصاً بعدما رافق أول جلسة للحكومة على خلفية زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب إلى دمشق من دون إبلاغ رئيس الحكومة مسبقاً وضرب رئيس الجمهورية بيده على الطاولة في نهاية الجلسة وتأكيده أنه الوحيد الذي أقسم يمين الحفاظ على الدستور وهو الذي يحدّد المصلحة العليا للبلد.
حتى تاريخه ما زال الرئيس الحريري مؤمناً بضرورة الانصراف إلى العمل وهو شعار حكومته الجديدة، ويسعى قدر المستطاع لتجنّب الدخول في خلافات مع أي طرف سياسي ومع أي مكوّن وزاري وخصوصاً مع رئيس الجمهورية. ولذلك بقي صامتاً في أول جلسة ومصغياً إلى النقاش الدائر من دون التدخل في أي مناكفات غير مجدية، ولذلك امتنع ايضاً على الأرجح في الجلسة الأخيرة عن افتعال أي مشكلة في موضوع الاسم المقترح للمجلس العسكري وفضّل اعطاء الوقت لمزيد من التشاور والاكتفاء بالمواقف التي تصدر عن كتلة المستقبل أو عن أعضائها حول موضوع الصلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة ورفض تكريس أي أعراف جديدة.
وليس بعيداً عن موقف الحريري، يقول عارفون بموقف رئيس الجمهورية إنه بدوره لا يريد طرح ملفات شائكة وحسّاسة ويريد التركيز على هموم الناس والخروج من الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تهدّد البلاد. ولذلك عمل على احتواء السجالات في أول جلسة وعدم فتح الباب أمام الردود والردود المضادة من قبل الوزراء حول موضوع النزوح السوري وكيفية مقاربته مع النظام السوري أو من دونه.
وليست المرة الأولى التي يطرح بعضهم أسئلة حول طبيعة العلاقة بين عون والحريري، لكن في كل مرة كان يخرج الرئيسان ليؤكدا على متانة العلاقة بين الرؤساء وعلى التفاهم بين بعضهما البعض ورفض التشويش بين بعبدا وبيت الوسط.