بيروت-“القدس العربي”: بلغت التعبئة الانتخابية ذروتها وتصاعدت الاتهامات بشكل غير مسبوق وصلت برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حد اتهام رئيس التيار الوطني الحر خصمه اللدود رئيس حزب القوات سمير جعجع بأنه “جزء من المشروع الإسرائيلي بلبنان”. وقال باسيل في احتفال انتخابي “سمعتهم يردّدون أن من يصوّت للتيار يصوّت لحزب الله”، وسأل “ما هذه المزحة! وأنا بالمقابل، أقول لكم: من يصوّت للقوات يصوّت لإسرائيل ولحلفائها الإقليميين”.
وقد سخر جعجع من كلام باسيل، فوصفه بأنه “كذاب وفاسد، وعندما يقول إن مشروعنا إسرائيلي وداعشي بلا أدلة فهو كلام كاذب ولا فائدة منه، وعليه الاختيار بين إسرائيل وداعش”. وردّ جعجع على اعتبار أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الانتخابات بمثابة حرب تموز سياسية، فقال “صحيح هذه حرب سياسية على حزب الله بشكله الحالي مع حلفائه بعد ما أوصلوا البلد إلى ما هو عليه، فهو يقول نحن ضد الفساد ونحن المقاومة ويعود ويتحالف مع الفاسدين”.
وعلى الخط السنّي، لفت التداول بمنشور لمحبي سعد الحريري على “فيسبوك” يدعو إلى المشاركة في الانتخابات، وورد فيه “فينا نقول إنو النسبة الأكبر من جمهور تيار المستقبل وجمهور سعد الحريري ضد المقاطعة. سنعلن اليوم أي لوائح من الأفضل التصويت لها ليكون لها الأفضلية على لوائح الحزب والعونيين وحلفائهم”. ولكن لوحظ أن هذه الصفحة باتت غير متاحة على موقع التواصل الاجتماعي بعد هذا المنشور.
هيمنة السلاح
وكان الرئيس فؤاد السنيورة في إطار استنفاره الشارع السني للتصويت ضد حزب الله، رأى “إن المشهد السياسي اللبناني قد أصابه العطبُ والشللْ، بسبب تسلّط دويلة حزب الله والأحزاب الطائفية والمذهبية الموالية له على الدولة اللبنانية في سلطاتها وإداراتها ومؤسساتها وأجهزتها كافة. ولذا، فقد كان علينا المواجهة وسنواجه هذا السقوط من موقع وطني لبناني، وذلك من خلال ممارسة سياسية سيادية من أجل أن لا يسقط لبنان واللبنانيون”. وقال “يتهموننا بأننا ضربنا بالميثاقية عُرضَ الحائط لاستمراري بترؤس ما سموه زوراً “حكومة بتراء”، وهم الذين استقالوا لتعطيل تأليف المحكمة الدولية التي أعلنوا موافقتهم عليها في البدء ثم تنكروا لها، وحاصروا السراي الحكومي، وعطّلوا المجلس النيابي لعام ونصف العام. وصفونا بحكومة المقاومة السياسية، ثم فبركوا لنا تهم العمالة زوراً وبهتاناً، فيما هم يعلنون بالفم الملآن تبعيتهم وتبعية قراراتهم لإيران التي تُفاخر بالهيمنة على أربع عواصم عربية بقوة ميليشياتها المحلية. وهم يتحملون الكثير من مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي. يحطمون مبدأ حرية الاقتصاد، ويجرّدون لبنان من الثقة العربية والدولية، ثم يطلبون منا أن نتشبه بالاقتصادات الفاشلة التي لا تنتج إلاّ قهراً وجوعاً، وطوابير ذل طويلة لمواطني تلك الدول. يُحوِّلون لبنان من دولة مؤسسات ودستور وقوانين لها مصالح حيوية مع الأشقاء والأصدقاء إلى معسكرات تدريب ومنَصَّة خطابية مستدامة للشتم والتهجّم، ومركزاً لتهريب المخدرات إلى الدول الشقيقة لتخريب مجتمعاتها. يعبثون بالمواعيد والاستحقاقات الدستورية، ويسترهنون الدولة بإداراتها ومؤسساتها، ويعملون على تعطيلها حتى يُتاح لهم انتخابُ من اختاروه رئيساً للجمهورية ليسلّمهم القيادةَ والتحكّمَ بقرار الدولة الحر”.
وخلص السنيورة في رسالته “لكل هذا، ولإسقاط الدويلة والخلاص من هيمنة السلاح غير الشرعي على البلاد والمؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية والتشريعية والتنفيذية وعلى قراراتها وتوجهاتها، ندعوكم للمشاركة في هذه الانتخابات بكثافة، وأن تقترعوا للدولة القوية المحكومة بالدستور وبالقوانين لا بفوهات البنادق وكواتم الصوت والمتفجرات”، وختم “لا رايةً بيضاء في بيروت. وأنتم من رفض حكم النظام السوري واستتباعِهِ للبنان السيدِ الحرِ المستقل من خلال استشهاد الرئيس الصديق والكبير رفيق الحريري. وأنتم من صمدتم في وجه غزوة السابع من أيار. لذا أنتم مطالبون اليوم في بيروت وطرابلس والشمال وصيدا وبعلبك والبقاع أن تقولوا للبنانيين في لبنان وفي كل أصقاع العالم بأنكم لن تتخلوا عنهم، دماؤكم دماؤهم ونضالكم نضالهم”.
دهشة قبلان
على خط آخر، ردّ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، معرباً عن دهشته لاعتباره “أن مشكلة البلد هي بسلاح المقاومة وسؤاله أين المقاومة وهي تقاتل في سوريا والعراق واليمن وغير ذلك؟! وأن إيران تنتهك سيادة لبنان!”، فأسف قبلان “لأن غبطته لا يرى بعين لبنان، وأن هذا أقرب لعقلية المتصرفية من عقلية لبنان الوطن والعيش المشترك”.
وأشار خلال خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة إلى “أننا لا نريد أن يبقى لبنان محتلًا أو مهزوماً أو مفتوحاً على الاحتلالات المختلفة، وكأننا لا نعرف أن لبنان كان ممسوحاً عن الخريطة، فاستعادته المقاومة، وأن لبنان كان مخطوفاً فحرّرته المقاومة، وأن لبنان كان أسيراً بين جنازير الدبابات الإسرائيلية فحطمتها المقاومة، وأن مؤسسات لبنان الدستورية كانت محتلة بآلة الحرب الصهيونية فلم ينجدها إلا المقاومة، وأن لبنان كاد يتحول ولاية تكفيرية، فلم تنقذه إلا المقاومة، وأن المناطق المسيحية التاريخية في سوريا والعراق استباحها التكفيري المجرم فلم يدافع عنها أو يحررها إلا المقاومة”.
بري والاستفتاء
وجاء كلام المفتي الجعفري متزامناً مع موقف لرئيس مجلس النواب نبيه بري أمام الوفود التي أمّت دارته في المصيلح حيث أكد “أن استحقاق الانتخابات النيابية في الخامس عشر من أيار/مايو هو الأخطر في تاريخ لبنان المعاصر وهو أيضاً الأهم منذ اتفاق الطائف”، داعياً “الناخبين اللبنانيين وخاصة أبناء الجنوب، إلى تحويل هذا الاستحقاق إلى يوم للاستفتاء على الثوابت الوطنية وخاصة ثوابت الوحدة والعيش المشترك”.
كما جاء قبل إطلالة جديدة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في مهرجان حاشد في بعلبك ومشغرة ورياق، وإعتبر “أن هذا الحضور ليس مفاجئاً، قد يفاجىء المتآمرين الذين راهنوا خلال السنوات الماضية لقلب بيئة المقاومة على المقاومة”.
تيار العتمة
وعلى صعيد الجبل، هاجم الحزب التقدمي الاشتراكي التيار العوني، مطلقاً عليه تسمية “تيار العتمة”، بعد تمرير وزير الطاقة في مجلس الوزراء الموافقة على منح تراخيص لإحدى عشر شركة لبناء محطات لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية. وأكد الحزب الاشتراكي في بيان أنه “بعدما أمعن تيار العتمة في إغراق لبنان واللبنانيين في الظلام الدامس منذ عام 2008، ها هو اليوم يقوم بتهريب إحدى إبداعاته من مسلسل صفقاته الفاضحة تحت جنح آخر جلسات مجلس الوزراء. فبعد ممانعته المزمنة لأي إصلاح جدّي لقطاع الكهرباء الذي ساهم بشكل أساسي في تردي الوضع المالي وإذلال اللبنانيين، وبعد وقوفه سداً أمام إصلاحات بديهية كتطبيق القوانين النافذة وتشكيل الهيئة الناظمة وتخفيض الهدر وغيرها من متطلبات الهيئات الدولية المانحة، وكل ذلك لتسهيل تمرير صفقاته المدموغة بفساده بدءاً بأسطوله “المؤقت” من سفن الكهرباء، مروراً بدير عمار ٢ و”هوا عكار”، ومركز “حفظ” الطاقة، ومحطات التغويز والاستملاكات الوهمية، وعقود التشغيل والصيانة، والفيول المغشوش، وتوظيفاته الزبائنية وغيرها الكثير من الصفقات المعادية للتمويل الشفاف (من الصناديق التي تفرض رقابة صارمة) ولإدارة المناقصات والهيئات الرقابية، ها هو اليوم، وفي ظل أسوأ أزمة مالية تعصف بالبلاد، يأبى تمرير آخر جلسات مجلس الوزراء دون المضي في مساره “الجهنمي”.
وختم: “أمام هذه الفضائح الصارخة، يحذّر الحزب التقدمي الاشتراكي من مغبة استمرار هذا النهج الذي ما زال مصرًا على إغراق لبنان في أتون جهنم، ويدعو مجلس الوزراء إلى ضرورة العودة عن القرارات المخالفة للقوانين ولضرورة التصدي لكافة أشكال الصفقات المشبوهة التي امتهنها وما زال يصر عليها النهج التدميري”.