لبنان.. “توك توك” بالطاقة الشمسية لمواجهة أزمة الطاقة

حجم الخط
1

صيدا (لبنان): الانقطاع المستمر للكهرباء في لبنان والارتفاع المتصاعد لأسعار المحروقات، دفعا الناس للبحث عن بدائل لاستمرار حياتهم في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وأزمة الكهرباء ليست حديثة، إلا أنها تفاقمت في السنوات الأخيرة، بل تعتبر من الأسباب الرئيسية للانهيار الاقتصادي والمالي الذي وصلت إليه البلاد.

فحسب البنك الدولي، فإن ما يقارب نصف الدين العام اللبناني (نحو 40 مليار دولار) يعود إلى قطاع الكهرباء.

ولم يعد من باب الترف البحث عن أفكار جديدة لمواجهة الأزمة، خاصة أنها تضرب البلاد منذ أكثر من عامين وما زالت مستمرة، في ظل ارتفاع أسعار المحروقات.

ومع الانقطاع التام للتيار الكهربائي يلجأ المواطنون لمولدات الكهرباء الخاصة، لكن ارتفاع فواتير الاشتراكات بها حرم كثيرين من شحن بطاريات مركباتهم أو “التوك توك” لتسيير أعمالهم.

وفي مايو/أيار الماضي، وافق مجلس الوزراء على منح 11 ترخيصا لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، بقدرة تصل إلى 165 ميغاوات، خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، بحسب المركز اللبناني لحفظ الطاقة.

“توك توك” بالطاقة الشمسية

الأناضول، التقت اللاجئ الفلسطيني خالد قدورة (52 عاما) والذي يعمل بائع خضار على ناصية إحدى شوارع مدينة صيدا (جنوب)، ليعيل عائلته المكونة من زوجته وولديهما.

قدورة روى حكايته مع “التوك توك” الذي اشتراه قبل عام لأنه يعمل على البطارية، توفيرا لمادة البنزين التي تُفتقد من فترة إلى أخرى من محطات الوقود بسبب الأزمة.

وبسبب انقطاع التيار الكهربائي، وجد قدورة نفسه عاجزا عن شحن البطارية فقرر الاستعانة بالطاقة البديلة، وذلك عبر تركيب ألواح الطاقة الشمسية على سقف التوك التوك.

وعبر هذه التقنية، استطاع قدورة، أن يوفر الكهرباء لمركبته، وبالتالي التنقل بها من دون دفع أية تكاليف للبنزين، في حين أنه استغنى تماما عن الكهرباء لشحن البطارية.

وقال إنه “بعد أزمة الكهرباء المستمرة في البلاد، وارتفاع أسعار الاشتراكات في المولدات الخاصة، بدأنا نبحث على البدائل لشحن بطاريات التوك توك، الذي يعمل على الكهرباء”.

ولفت قدورة إلى أنه “استعان بالمهندس الكهربائي محي الدين وهبي، الذي أجرى دراسة تقنية لوضع لوح الطاقة الشمسية (على التوك توك)، التي أصبحت حاجة”.

وأشار إلى أنه “منذ تركيب ألواح الطاقة الشمسية على التوك توك، قبل نحو شهرين، أداؤها جيد، ووفرت عليّ الكثير من اشتراك المولد الخاص لشحن الكهرباء”.

وأفاد قدورة أن الأمر انعكس إيجابا حتى على الزبائن “الذين يشترون مني الخضار، لأنها أصبحت عندي أرخص من غيري، بسبب التوفير الذي أحدثه تركيب الطاقة الشمسية”.

نجحت وانتشرت

من جهته، المهندس الكهربائي محي الدين وهبي، تحدث للأناضول، عن بدايات الحكاية مع قدورة، عندما أتى إليه بعد أن منع عنه صاحب المولد الكهرباء ولا يستطيع شحن التوك توك للذهاب إلى عمله.

وقال وهبي: “بعد محاولات عدة لحل مشكلة قدورة، بدأ العمل على تجربة شحن بطارية التوك توك عبر ألواح شمسية، وبعد تجارب عدة نجحت فكرتنا وعممناها على الكثيرين”.

وأضاف أنه يعمل “على البحث عن أفكار أخرى جديدة، مثل شحن سيارة كبيرة بألواح الطاقة الشمسية”.

ولفت وهبي إلى أنه “طالما أصبحت بطاريات الليثيوم صغيرة الحجم متوفرة، سيصبح الموضوع أسهل، لأنها تعطي فعالية أكبر، ووقت أطول مقارنة بالبطارية العادية، التي تعمل بالأسيد (حمض الكبريتيك)”.

وردا على سؤال حول فعالية ألواح الطاقة الشمسية في فصل الشتاء، قال وهبي، إن فعالية ذلك في فصل الشتاء مثل فصل الصيف، إلا عندما يكون الطقس عاصفا وممطرا بغزارة، في هذه الحالة فقط تخف فعاليته”.

واعتبر أن “الموطنين بدأوا يتشجعون لتركيب ألواح الطاقة الشمسية على المركبات الصغيرة، مثل التوك توك، بسبب أزمة الوقود وغلاء ثمنه”.

وأضاف: “غالبية من لديهم توك توك اليوم، يلجأون إلى تركيب الطاقة الشمسية، وليس فقط على هذا النوع من المركبات بل أيضا في المنازل أو أماكن أخرى”.

ويعيش المواطن اللبناني مأساة فعلية، فأزمة انقطاع التيار الكهربائي تتفاقم منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة معالجتها.

ومنذ نحو عام، تعاني البلاد انقطاعا في التيار الكهربائي عن المنشآت والمنازل لساعات طويلة، بسبب شح الوقود المخصص لتشغيل محطات التوليد، جراء عدم توفر النقد الأجنبي المخصص للاستيراد.

كما تعاني البلاد منذ أكثر من عامين ونصف أزمة اقتصادية ومالية، سببت تدهورا حادا في قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، وشُحا في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، وارتفاع معدلات الفقر بشكل غير مسبوق.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء فلسطين:

    الحاجة أم الاختراع ممتاز جدا والله ?

إشترك في قائمتنا البريدية