بيروت – “القدس العربي”: لم تعد كلمة قمة تنطبق على القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة في بيروت، وأصيبت شريحة كبيرة من اللبنانيين بخيبة أمل نتيجة اعتذار العديد من الملوك والأمراء والرؤساء العرب عن المشاركة في هذه القمة واقتصار المشاركة على رئيسي موريتانيا والصومال اللذين بالكاد يعرف اللبنانيون وجهيهما أو اسميهما بعدما كانوا يعوّلون على حضور أمراء كأمير دولة قطر وأمير الكويت والرئيس المصري وغيرهم.
وأسف لبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي للأداء اللبناني الداخلي لبعض المسؤولين وللشغب الذي أوصل إلى هذه النتيجة غير المشرّفة للبنان وموقعه، وذهب بعضهم للشماتة من موقع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعدم أخذه بعين الاعتبار دعوات رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تأجيل القمة لئلا تأتي “هزيلة “، فيما حمّل آخرون الرئيس بري مسؤولية إفشال القمة واعتذار القادة العرب عن عدم الحضور بعد المشاهد عن حرق العلم الليبي والتهديد باستباحة مطار بيروت في حال قدوم الوفد الليبي.
وفي انتظار التداعيات السلبية لمستوى التمثيل في القمة على العلاقة بين الرؤساء في لبنان في ظل مقاطعة الرئيس بري حضور القمة، فقد عكس الإعلام اللبناني آراء اللبنانيين وتناولت القنوات التلفزيونية تطورات القمة الاقتصادية كل حسب انتمائها وتوجهاتها السياسية. ورأت محطة MTV ” أن ليست أمريكا السبب وليست دول الخليج هي السبب ولا إسرائيل وإن كان من أدوار لهذه الدول فأي دور لعبه لبنان لإفشال هذه المساعي، السبب هو المهرجان الميليشياوي الذي غطّته الشاشات على مدى أيام بلياليها والذي وضع لبنان في مصافي دولة مفككة لا حكم فيها ولا حكام، بل مجموعة متحكّمين أطاحوا المؤسسات ونشروا الفوضى في أرجائها. ومن الطبيعي والحال هذه أن يفقد الرؤساء والملوك والأمراء رغبتهم في المجيء، فأي داع طارئ يلزمهم على الارتماء في حلبة المصارعة من هذا النوع؟ أهي حاجة اللبنانيين لتطوير بلادهم وقد أظهر بعضهم كل ما يختزنه من إزدراء بمصالح وطنهم وبالأخوة العربية”.
وغمزت محطة “الجديد” من زاوية مسؤولية رئيس البرلمان عن إفشال القمة وقالت “المسبّبات منا وفينا” وقد غاب عن ذهن المنظمين أن التحضيرات لانعقاد أي قمة ليست فقط باللجان اللوجسيتية وتجهيزات الفنادق وتوفير القرطاسية وإشهار سيوف الضيافة والكرم مرفقاً بالميجانا والدلعونا إذ إن التحضيرات تستلزم أولاً وجود دولة لا تفوّض أمرها إلى دولة رئيس، وعلى ما نحن عليه من حكم “مهلهل” فإننا “بالكاد” سلطة تنظم مؤتمر قمامة لا مؤتمر قمة فإلى أي بلد سوف يأتي الزعماء العرب؟ وأي لبنان كان يستقبلهم؟” وتساءلت “أهو لبنان الذي أداره رئيس مجلس نوابه أم البلد الذي لم يتفق على حكومة؟”، مضيفة ” لقد نجح الرئيس نبيه بري مرة جديدة، وفعلت تهديداته فعلها في نفوس العرب فانسحبوا تضامناً وعمّموا موقفاً واحداً بعد إهانة تعرّضت لها ليبيا على الأرض اللبنانية. وبنجاح بري سقطت الدولة برؤسائها مجهولي باقي الهوية والذين أثبتوا أنهم لا يلوون على قرار وغير قادرين إلا على إبداء الأسف وبصوت منخفض فيما يجري تصدير الأوامر إلى الأجهزة الأمنية لتنفيذ قرارات سلطة نبيه بري. رؤساء ووزراء ومديرو أجهزة أمنية ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا سلطة تنفيذية “لسلبطة” سياسية صاردة من أعلى الهرم التشريعي، فمن منهم تجرأ على الشكوى؟ من منهم خالف القرار؟ يصل وفد ليبي بموجب تأشيرة دخول إلى مطار بيروت فيجري ردّه على أعقابه من دون أن يكون لوزارة الخارجية حق الرد”.
وفي وقت يعتبر البعض أن هزالة القمة هو خسارة لرئيس الجمهورية ميشال عون فإن المحطة البرتقالية OTV الناطقة بلسان التيار الوطني الحر أكدت أنه “إذا نجحت القمة الاقتصادية العربية يكون رئيس الجمهوية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة المكلف وجميع المسؤولين والمواطنين قد نجحوا. أما إذا لم تنجح فالعكس صحيح”. وأوردت أنه “إذا اعتذر رؤساء الدول الذين سبق وأكدوا الحضور فليست الخطوة نكسة للرئيس القوي. وإذا اعتبرها البعض نكسة للعهد فالمتضررون هم جميع مسؤولي العهد، وقبلهم جميع اللبنانيين، وفي الطليعة من وتّر الأجواء، فأوحى بمناخ سلبي، هو المسبّب الوحيد لما جرى، وليس عدم تشكيل الحكومة كما يروّج البعض، لأن الأمر لم يكن مشكلة يوم أكد عدد كبير من القادة العرب الحضور، على اعتبار أن الحكم استمرار، وأن لبنان يستحق التكريم على الإعداد الملفت للقمة “.
أما قناة NBN التابعة للرئيس بري فذكّرت بأن “رئيس البرلمان سبق وتنبّه ونبّه ونصح وتمنى تأجيل القمة حفاظاً على مستوى الحضور في القمة وصورة لبنان ومكانته”. وأضافت “نبيه اسم على مسمى. والتاريخ سيشهد مرة جديدة أنهم لم يستمعوا إليه عندما كانت النصيحة ببلاش بأن التأجيل ودعوة سوريا يشدّ عضد الاقتصادية العربية فترتفع أسهم لبنان بين أشقائه ولا تأتي القمة هزيلة”.