بيروت-“القدس العربي”:قد تكون سنة 2019 من أكثر السنوات العجاف التي شهدها لبنان منذ العام 1990 لناحية الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية. وإذا كان الرئيس سعد الحريري استقبل هذه السنة مع الآلاف في ساحة النجمة في وسط بيروت فهو ودّعها مستقيلاً ومعتزلاً عن ترشيح نفسه إلى رئاسة الحكومة فيما بقي الآلاف في وسط بيروت وفي مختلف المناطق اللبنانية منتفضين على الواقع المزري الذي وصلت إليه البلاد.
وشهدت السنة في مستهلها ظواهر استدعت تعليقات قاسية بينها تقدّم عضو “كتلة المستقبل” النائبة السنّية رولا الطبش من أحد الكهنة المسيحيين لتناول القربان المقدس رغبة منها في إعطاء أمثولة في التعايش المسلم المسيحي فاتهمت بالكفر واستدعيت إلى دار الفتوى.
وفي 6 كانون الثاني/يناير ضربت لبنان عاصفة ثلجية وغطّت على أخبار تعطيل تأليف الحكومة، وبرز في هذا الإطار موقف لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يتهم فيه “أبواق النظام السوري بتنظيم حملة مبرمجة لتعطيل تشكيل الحكومة تارة عبر التشاور وتارة أخرى عبر بدعة زيادة وزيرين وغيرها من الحجج الواهية”.
وتزامناً، كان لبنان يدخل في 9 كانون الثاني/يناير في اشتباك رئاسي بين كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري بعدما رأى زعيم حركة أمل “وجوب تأجيل القمة التنموية الاقتصادية في بيروت في غياب وجود حكومة” معتبراً أنه “لا يجوز أن تنعقد القمة الاقتصادية من دون مشاركة سوريا”. وقد انعقدت القمة في 19 كانون الثاني/يناير في ظل خيبة أمل من هزالة الحضور ما استدعى الشماتة بالعهد وصدور اتهامات للرئيس بري بالتحكّم بالدولة من خلال إنزال أعلام دولة ليبيا. وقد أنقذ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ماء الوجه بحضوره في اللحظات الأخيرة إلى بيروت قبل أن يغادر بعد افتتاح القمة.
في 27 كانون الثاني/يناير أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لينفي الشائعات حول وضعه الصحي، وليؤكد “أن حزب الله لا يحكم لبنان” وليسخر “من تأخر إسرائيل في اكتشاف الانفاق على الحدود الجنوبية” وليقول “لن يعلموا من أين سندخل إلى الجليل”.
في 31 كانون الثاني/يناير ولدت حكومة الرئيس الحريري الثانية في عهد العماد عون والتي عزّز فيها الثنائي الشيعي حصته وكسب فيها معركة تمثيل سنّة 8 اذار. ورأى الحريري “أن الواجب يقتضي الاعتذار من اللبنانيين عن التأخير في تشكيل الحكومة”.
في 5 شباط/فبراير وبعد حادثة الجاهلية والتباعد بين الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وخصميه الأمير طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهّاب، وقعت مواجهة جديدة بين جنبلاط وأرسلان الذي واصل إزدراءه من “أنتينات المختارة” فيما جنبلاط حذّر من اللعب بالنار واتهم ممثل أرسلان في الحكومة الوزير صالح الغريب بأن لونه سوري.
في 15 اذار/مارس سجّلت بيروت تجاذباً سياسياً بين الساعين إلى التطبيع مع دمشق وبين الرافضين لهذا التوجّه تحت عنوان التواصل لإعادة النازحين.
في 22 نيسان/ابريل استبعد السيّد نصر الله حرباً إسرائيلية في الصيف، ونفى قوله لكوادره “إذا حصلت حرب لن أكون بينكم”.
في 30 حزيران/يونيو انفجر الخلاف الدرزي في منطقة عاليه رفضاً لزيارة الوزير جبران باسيل وحصل توتر شديد وإطلاق نار أسفر عن مقتل مرافقين للوزير صالح الغريب في قبرشمون، وتعطّلت الحكومة نحو 40 يوماً بسبب تمسّك أرسلان والتيار البرتقالي بإحالة الجريمة إلى المجلس العدلي وهو ما رفضه الحريري.
في 4 آب/اغسطس بدأت حرب الصلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة حول دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بعد غياب للود والحرارة في عيد الجيش بين الرئيسين عون والحريري.
وفي 25 آب/اغسطس حصل توتّر بعد استهداف الضاحية الجنوبية بطائرتين إسرائيليتين مسيّرتين، وتوعّد نصر الله الجيش الإسرائيلي على الحدود بالوقوف على اجر ونص وانتظار الردّ، رافضاً السماح “بعودة عقارب الساعة إلى الوراء وأن يصبح لبنان مستباحاً”. وقد نفّذ حزب الله وعده بالرد ودمّر آلية عسكرية إسرائيلية.
في 2 أيلول/سبتمبر دعا رئيس الجمهورية إلى طاولة حوار اقتصادي بمشاركة بري والحريري ورؤساء الأحزاب والكتل للتداول في إجراءات إصلاحية لمواجهة الأزمة المالية، وتخللها دعوة سمير جعجع إلى تأليف حكومة تكنوقراط.
في 13 ايلول/سبتمبر تمّ الكشف عن عودة عامر الفاخوري الملقب بـ”جزّار معتقل الخيام” والذي انتشرت صور له على فيسبوك مع قائد الجيش ورئيس حزب الكتائب، وقد تمّ توقيفه بالتزامن مع حديث عن محاولات لتنظيف سجلات 60 عميلاً إسرائيلياً.
في 13 تشرين الأول/اكتوبر تبرّأ الرئيس الحريري من موقف وزير خارجيته حول عودة دمشق إلى الجامعة العربية والتي ترافقت مع تهديد الوزير باسيل السياديين الجدد بجرفهم إن بقوا منتظرين جثتنا.
في 17 تشرين الأول/اكتوبر اندلعت الانتفاضة الشعبية العابرة للطوائف بعد فرض الحكومة ضريبة على الواتساب وعلى الـ TVA ونزل الناس إلى الشوارع مطالبين برحيل الطبقة السياسية تحت شعار “كلّن يعني كلّن” واسترداد الأموال المنهوبة. وتقدّم وزراء القوات اللبنانية الأربعة باستقالاتهم وأعقبها مهلة أعطاها الحريري لشركائه انتهت بتقديم الحريري استقالة الحكومة في 29 تشرين الأول/اكتوبر من دون رضى رئيس الجمهورية وباسيل وحزب الله وبري، مؤكداً “ما حدا أكبر من بلدو والله يحمي لبنان”.
وقد تأخر الرئيس عون في تحديد موعد استشارات التكليف رغبة منه في الاتفاق على التأليف قبل التكليف، وفي ظل رفض باسيل اقصائه من قبل الحريري وانفجر الشارع غضباً بعد قول عون “إذا الشعب مش عاجبو حدا آدمي بالسلطة ليهاجر”. وسقط المرشحون للتكليف الواحد تلو الآخر قبل أن يعلن الحريري انسحابه من السباق الحكومي بعد التزامه السير فقط بحكومة اختصاصيين وليس بحكومة تكنو سياسية وبعد امتناع القوات اللبنانية عن التصويت له. ورست المستجدات على تكليف فاقد للميثاقية للوزير السابق حسّان دياب بتشكيل الحكومة بـ 69 صوتاً في ظل غموض يكتنف الوضع المالي والاقتصادي وخوف المودعين على أموالهم في المصارف ومن تدهور سعر صرف الليرة.
راحلون
12 أيار/مايو قرعت أجراس الكنائس في لبنان حزناً على رحيل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير الذي عُرف ببطريرك الاستقلال الثاني واشتهر بمعارضته لسوريا وسؤاله “أين يقع قصر المهاجرين؟”.
تصريحات
خلال جلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة، صدر كلام مسيء عن نائب حزب الله نواف الموسوي ضد الرئيس بشير الجميّل قائلاً إنه “جاء على متن دبابة إسرائيلية” ولوّح “بكسر رقبة من يتعرّض للمقاومة”.
وقال “إن الرئيس ميشال عون وصل إلى الرئاسة ببندقية المقاومة”.
أطلق الزعيم الدرزي وليد جنبلاط موقفاً فاجأ به حزب الله والرئيس نبيه بري بقوله “مزارع شبعا ليست لبنانية وتمّ تغيير الخرائط بعد تحرير الجنوب عام 2000”. وأن بشار الأسد “أكبر كذّاب في العالم”.