بيروت – «القدس العربي» : بعد تظاهرتين احتجاجيتين على تردي الوضع الاقتصادي شهدتهما بيروت قبل ايام واحدة حاشدة وأخرى ضعيفة، يُنفّذ الاتحاد العمالي العام يوم غد الجمعة اضراباً عاماً سيكون بمثابة اختبار لمدى تماسك الحركات النقابية والعمالية.
ولفت رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر إلى انه «من المعيب بقاء البلد ثمانية اشهر من دون حكومة، وتشكيلها ضروري للبدء بالاصلاحات، فوجودها يضع الامور على النصاب السليم». وقال في تصريح «الاتحاد العمالي العام هو نبض الشارع وهو دائماً في القيادة»، مؤكداً «ان الاعتصام ليس موجهاً تجاه احد والاضراب سيكون من بيوتنا لنطلب من المسؤولين تأليف الحكومة». وأوضح «ان الاعتصام دعوة للاجتماع لا إلى التفرقة وليس ضد العهد، والمطالب تراكمية والاضراب صرخة الفقراء من اجل لقمة العيش ومعالجة القضايا الملحة للشعب اللبناني».
إضراب عام غداً بدعوة من الاتحاد العمالي العام تعارضه الهيئات الاقتصادية
في المقابل، رفضت الهيئات الاقتصادية هذا الاضراب واعتبرت أن يوم غد هو يوم عمل عادي. وشدّد رئيس الهيئات الإقتصادية محمد شقير على «أن الإضراب في الظروف الحالية لا يفيد، بل إنه يتسبّب بخسائر للإقتصاد بنحو 100 مليون دولار في اليوم، في شكل مضاف إلى الخسائر الحاصلة أصلاً»، موضحاً «أننا ضد الإضراب خصوصاً أن توقيته غير صحيح في ظلّ وجود عدد من السيّاح الذين لا يزالون في لبنان حالياً، كما أن عيد الميلاد لدى الطائفة الأرمينية الأورثوذكسية يُصادف يوم الأحد المقبل، اي بعد الإضراب، وهو ما يجعل الدعوة إلى أي تحرك أو إضراب متسرّعة «.
ويأتي هذا الاضراب في وقت عادت محرّكات المشاورات لتشكيل الحكومة إلى العمل بعد توقّف فرضته عطلة الاعياد، واستُؤنفت من بيت الوسط بلقاء جمع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بوزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، الذي اكتفى بالقول «في اول يوم عمل، بدأنا نعمل على موضوع الحكومة، التي هي الممر الإلزامي لكل عمل إنتاجي ومفيد للبلد. وزرت اليوم دولة الرئيس وطرحت عليه عدة افكار في ما يخص الحكومة، وقلنا اننا لن نعدم وسيلة او فكرة دون ان نقدمها، والأفكار كثيرة. كل يوم لدينا امور جديدة نراعي فيها المبادئ الأساسية لتشكيل الحكومة وعدالة التمثيل، لكي نجد الطريقة التي يتقاسم فيها الأفرقاء السياسيون حل المشكلة، ويتوزعوا ذلك على اساس عادل ومنطقي يحترم قواعد تشكيل الحكومات».
لا ثقة
وفي حين لم يعد اللبنانيون يثقون بكل الوعود التي تُطلَق حول تأليف الحكومة قريباً رغم الصيغ الجديدة للحلحلة ومن بينها تمثيل اللقاء التشاوري من حصة رئيس الجمهورية على ألا يكون من ضمن «تكتل لبنان القوي»، أو اعادة طرح حكومة ال 32 وزيراً ، برزت زيارة وفد حزب الله إلى بكركي للقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ، حيث أكد نائب رئيس المجلس السياسي في «حزب الله» محمود قماطي « ان جميع المعنيين بتشكيل الحكومة جادون في تشكيلها ولا توجد أي عقبات خارجية بعدما حصل خلل في المرة الاخيرة، ولولا هذا الخلل لكانت الحكومة قائمة حالياً. الآن تتمّ معالجة هذا الخلل ونتوقع تشكيل الحكومة في وقت قريب لأن النيات عند الجميع ايجابية ولمصلحة الوطن، وخصوصاً في ظل الاخطار والخروقات الإسرائيلية المتكررة على لبنان وصرخة الشعب اللبناني من الوجع والالم، وبات لا يحتمل الانتظار».
وعن كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بكركي عن اعراف جديدة في تأليف الحكومة، قال: «الاعراف لطالما استحدثت في تشكيل الحكومة، وفي كل مرة تستحدث اعراف جديدة ومن مختلف الافرقاء، ومنذ بداية تأليف هذه الحكومة استخدمت اعراف وتقاليد جديدة مستحدثة، والامر لم يتوقف عند فريق واحد من دون آخر.
هناك خلل حصل عطّل تشكيل الحكومة ولا أُحمِّل اي فريق. واذا تحدثنا في هذا الموضوع فالامر سيعوق تأليفها، ونحن لا نريد الدخول في تحديد المسؤولية لأي فريق لبناني من الافرقاء السياسيين، والجميع اليوم متعاونون وخصوصاً الرؤساء الثلاثة ومن معهم في تشكيل الحكومة ولننظر بايجابية وتفاؤل ولا نفتح صفحات تعوق التشكيل».
وعن تفاصيل المبادرة الجديدة لتأليف الحكومة، قال: «ان الدخول في تفاصيلها يعطلها ويحرقها قبل ان تبدأ. نترك هذا الامر للمعنيين الذين يتابعون حتى تنجح المبادرة وتتشكل الحكومة».
وهل ان موعد تأليف الحكومة بات قريباً، قال: «يخطئ من يعطي توقيتاً بأيام وساعات، ولكنه قريب ويدخل في اطار العيدية».
الثلث المعطل
ورداً على سؤال عن رفض إعطاء الرئيس الثلث المعطل، قال: «لطالما رددنا وعلى لسان سماحة الامين العام وكل المسؤولين في «حزب الله» ان لا مانع عندنا من ان ينالوا 11 و12 او 13 وزيراً، وما يقال في الاعلام عار من الصحة. موقفنا واضح من «اللقاء التشاوري»، فنحن ندعم حقهم في التمثيل اما كيف يترجم هذا الحق فهو امر عائد اليهم وليس الينا «.
ورداً على سؤال عما اذا ما كان «حزب الله» قد فك أسر الحكومة، قال: «لا نستطيع القول إن «حزب الله» فك أسر الحكومة لأنه لم يأسرها أصلاً ليفك أسرها». غير أنه على الرغم من كل الصيغ التي تُطرَح للحل ، فإن ما نُقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري حمل مؤشرات إلى أن تأليف الحكومة مستبعد في الوقت القريب ولاسيما أن بري تحدث امام زواره من النواب عن امكانية عقد جلسة وزارية لحكومة تصريف الاعمال لاقرار الموازنة مستنداً إلى إجتهاد اعتمد في العام 1969 ايام حكومة الرئيس رشيد كرامي عندما كانت في مرحلة تصريف الاعمال بعدما تعذّر تشكيل حكومة جديدة سبعة أشهر، وقضى الإجتهاد بإقرار الموازنة العامة. وقال إن اعتبار الموازنة مسألة ضرورة فرض هذا الإجتهاد وانه يمكن اعتماده اليوم ايضاً ، كاشفاً انه اتصل بالرئيس سعد الحريري وابلغه الإستعداد للسير بهذا الإجتهاد.