بيروت ـ «القدس العربي» : لم تسلك وساطة هيئة العلماء المسلمين طريقها بأمان بين الجيش اللبناني ومسلحي المعارضة السورية في عرسال إذ تعرّضت السيارة التي تقل وفد هيئة العلماء وعلى رأسهم الشيخ سالم الرافعي لاطلاق نار في عرسال ليلاً لدى محاولة دخولها إلى البلدة في إطار مساعً للتهدئة ما ادى الى اصابة الرافعي برجله والشيخ نبيل الحلبي والشيخ جلال كلش بإصابات طفيفة.
وفي التفاصيل، أن الوفد تألف من أربع سيارات ترافقها سيارة إسعاف وبيك آب، ولدى وصول الوفد الى آخر حاجز للجيش قبل دخول عرسال، تقرر ادخال سيارة واحدة فقط في داخلها أربع أشخاص بينهم الشيخ سالم الرافعي، على أساس أن يفاوضوا المسلحين. وعلى الرغم من اصابته في رجله أصرّ الرافعي على اكمال مساعيه ومفاوضة المسلحين الامر الذي اسفر عن اطلاق سراح 3 عسكريين اثنان منهما من قوى الامن الداخلي والثالث من الجيش وهم مطانيوس مراد وخالد صلح ورامي جمال.
وفي وقت شهدت عرسال وجرودها اشتباكات متقطعة خلال وجود وفد هيئة علماء المسلمين في البلدة ، فإن الشيخ الرافعي ومرافقيه غادروا بعد ظهر أمس الثلاثاء البلدة في سيارة تابعة للصليب الاحمر ومعها سيارة عضو كتلة المستقبل النائب جمال الجراح التي أقلّت العسكريين المفرج عنهم.
وعقدت «هيئة علماء المسلمين» مؤتمراً صحافياً في مركز «الجماعة الإسلامية» في بر الياس، تحدثت فيها عن زيارة وفدها الى عرسال وما تبعها من أحداث.
وقال عضو الهيئة الشيخ رائد حليحل «زيارة وفد العلماء هي لحقن الدماء من الجيش والمواطنين. وفور انطلاق الوفد من بيروت انتشر خبر تعرض الموكب لاطلاق النار، وهذا ما يدل على ان هناك مطابخ سوداء كانت تطبخ هذا الأمر، وبالرغم من ذلك أكملنا الطريق إلى عرسال في ظل هذه المخاطر، ونهدف بذلك إلى إعادة الوضع الطبيعي إلى عرسال، على أمل عودة المسلحين إلى سوريا وعودة المسلحين من سوريا إلى لبنان».
واعتبر أن «هناك متضررين من هذه المبادرة أرادوا من الاعتداء على الموكب وعدم وصول الوفد للتفاوض مع اصحاب العلاقة وإنهاء الأزمة».
وأكد أن «ليس لديهم أي دليل واضح على من قام باستهداف الموكب، وهم في انتظار عودة الشيخ سالم الرافعي لمعرفة حيثيات الموضوع»، مشدداً على «أننا سنكمل المفاوضات».
كما كانت كلمة للمسؤول السياسي لـ»الجماعة الإسلامية» في البقاع علي أبو ياسين الذي كان ضمن الوفد إلى عرسال، وأشار إلى وجود ثلاثة أهداف لهذه الزيارة:
– حماية لبنان وإنقاذه، فهو يتعرض لمؤامرة كبيرة بوحدته وعيشه المشترك.
– حماية الجيش وإنقاذه، لوجود مؤامرة عليه.
– حماية عرسال وإنقاذها، لأنها بين نارين، نار الجيش ونار المسلحين.
وأكد «مواصلة مسيرة التفاوض داخل عرسال، بالتنسيق مع رئيس الحكومة وقيادة الجيش».
واعتبر أن «هناك مسببات لما يحدث في عرسال، فهناك فصيل لبناني يقاتل في سوريا، ولا يجوز أن تجر هذه الحرب إلى لبنان، ولا أن يدفع الجيش اللبناني أي فاتورة لأي مكون لبناني».
وشدد على أن «المبادرة مستمرة، وربما تكون هناك زيارات أخرى لعرسال لهذا الهدف».
وعن بنود المبادرة قال «اطلاق العسكريين المخطوفين، وانسحاب المسلحين، وإطلاق أبو أحمد جمعة أو إغلاق ملفه عبر القضاء المختص».
وكانت استمرت الإشتباكات ميدانياً منذ السابعة والنصف من صباح أمس الثلاثاء حيث عمل الجيش على استعادة مبنى المحكمة الشرعية الذي يتمركز فيه المسلحون ومحيط مبنى الجمارك داخل عرسال.
وكانت دارت ليلاً اشتباكات عنيفة في اليوم الرابع على الحوادث تقدم فيها الجيش من محيط رأس السرج وطوّق التلال في وادي الرعيان ووادي عطا لتضييق الخناق على المسلحين.
وطالب قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي « بالاسراع في تزويد الجيش بالاسلحة الفرنسية، في وقت يخوض الجيش منذ السبت الماضي معارك مع مسلحين في محيط بلدة عرسال الحدودية مع سوريا».
وحذّر «من خطورة الوضع في عرسال»، مؤكداً «مواصلة الجيش المعركة مع مسلحين هاجموا مراكزه السبت اثر توقيفه قيادياً جهادياً».
واوضح قهوجي أن «هذه المعركة تستلزم معدات وآليات وتقنيات يفتقد اليها الجيش، من هنا ضرورة الاسراع في تزويده المساعدات العسكرية اللازمة، عبر تثبيت لوائح الاسلحة المطلوبة ضمن الهبة السعودية عبر فرنسا ومؤتمر روما لدعم الجيش.»
واشار الى ان الوضع الامني على اطراف عرسال وفي محيطها «خطير»، مؤكداً ان «معركة جرود عرسال التي يخوضها الجيش ليست الا حلقة في اشكال مواجهة الارهاب بكافة اشكاله واينما كان». واكد «ان معركة الجيش ضد الارهابيين والتكفيريين مستمرة»، مشيراً الى ان «الجيش مصر على استعادة العسكريين المفقودين».
الى ذلك، أكد الرئيس سعد الحريري، في تصريح «ان دعمنا الجيش اللبناني في معركته ضد الإرهاب والزمر المسلحة التي تسللت الى بلدة عرسال، هو دعم حاسم لا يخضع لأي نوع من انواع التأويل والمزايدات السياسية، ولا وظيفة له سوى التضامن على حماية لبنان ودرء المخاطر التي تطل برأسها من الحروب المحيطة».
وقال «ان الجيش اللبناني يقدم مرة جديدة النموذج الحي لوعي اللبنانيين لأهمية التكاتف في هذه المرحلة العصيبة من تاريخنا وتاريخ والمنطقة، وأننا بمثل ما وقفنا وراء الجيش والشرعية اللبنانية في إنهاء ظاهرة التمرد والإرهاب في نهر البارد، ولم نتردد للحظة واحدة في تشكيل الغطاء السياسي والوطني المطلوب لتنفيذ مهماته الأمنية والعسكرية، نعلن اليوم ان معركة الجيش ضد الإرهاب هي معركة كل اللبنانيين الذين يؤمنون بمرجعية الدولة ومؤسساتها، وأننا سنكون ظهيراً سياسياً قوياً للجيش، مهما تنادى المشككون الى حشد الادعاءات الباطلة والتلاعب على العصبيات الصغيرة».
وقال الحريري «نؤكد مؤازرتنا للتوجهات التي أعلنها رئيس الحكومة بعد جلسة مجلس الوزراء، ووجوب وضع حد للظواهر الشاذة التي تهدد السلام الوطني، كما نؤكد على شجب المحاولة الدنيئة التي استهدفت مساعي هيئة العلماء المسلمين وإطلاق الرصاص الذي تعرض له موكب الشيخ سالم الرافعي ورفاقه، في عملية لا هدف لها سوى العمل على جر البلاد الى المزيد من حلقات الاحتقان والتوتر».
ولاحظ انه «بمثل ما نرفض ان تتخذ اي جهة مسلحة من تدخل حزب الله في القتال في سوريا ذريعة لخرق السيادة اللبنانية والاعتداء على الجيش اللبناني، فإننا لا يمكن تحت اي ذريعة من الذرائع ان نستدرج الى تغطية مشاركة حزب الله في القتال السوري خلافاً لكل قواعد السيادة والإجماع الوطني».
سعد الياس