بيروت- “القدس العربي”:
على الرغم من إقرار مجلس النواب آلية جديدة للتعيينات الإدارية في آخر جلسة تشريعية، إلا أن مجلس الوزراء استبق صدور القانون في الجريدة الرسمية بحجة اعتراض رئيس الجمهورية ميشال عون عليه، ودعا رئيسه حسّان دياب إلى عقد جلسة يوم الأربعاء بدل الخميس لإقرار التعيينات المؤجلة وملء الشواغر في عدد من المراكز وفق منطق المحاصصة.
وهذه المراكز هي: النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان، مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان، رئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، رئيس وأعضاء هيئة الأسواق المالية، المدير العام لوزارة الاقتصاد، المدير العام للاستثمار في وزارة الطاقة، ومحافظ بيروت.
ولم يتأكد بعد إذا كان التوافق تمّ على مجمل هذه المراكز وخصوصاً على رئيس مجلس الخدمة المدنية حيث يتمسّك رئيس الحكومة حسان دياب بتعيين القاضية رندة يقظان.
إلى ذلك، برزت مشكلة التشكيلات القضائية من جديد، إثر توقيع المرسوم من رئيس الحكومة وإحالته إلى قصر بعبدا ليوقّع عليه رئيس الجمهورية. وجاء ردّ رئيس الجمهورية هذه التشكيلات وطلبه إعادة النظر فيها ليؤكد المعلومات الأولية عن استبعاد توقيعه عليها. وهذا يعني أن هذه التشكيلات ستبقى مجمّدة وأن الهوّة ستتسع مع مجلس القضاء الأعلى الذي يلوّح رئيس القاضي سهيل عبود بخيار الاستقالة رداً على التدخلات السياسية في عمل القضاء والانقلاب على كل المواقف التي تتحدث عن استقلالية القضاء وإصلاح الجسم القضائي.
وجاء في ردّ رئيس الجمهورية التشكيلات بواسطة مطالعة أرسلها المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير: “إن لكل مشروع مناقلات معايير يضعها مجلس القضاء الأعلى، وقد وضع المجلس الحالي المعايير التالية التي يجب التقيّد بها عند إجراء المناقلات: الكفاءة والنزاهة والإنتاجية والأقدمية، تلك المعايير التي لا يجوز الخروج عنها من طريق الاستثناء، الذي يتولّد عنه ظلم وإقصاء واستهداف وانصياع لإرادة من خارج مجلس القضاء الأعلى. أضافت وزيرة العدل ضمانة من أنّه لن يكون هناك تدخّل سياسي في هذه المناقلات، حيث يُكتفى بالالتزام بالمعايير أعلاه. بالتالي، يعود لموقّعي مرسوم المناقلات، بدءًا من وزيرة العدل وانتهاءً برئيس الجمهوريّة الحالف، من دون سواه من كبار المسؤولين، يمين الإخلاص للدستور وقوانين الأمّة اللبنانيّة، التحقق من توافر هذه المعايير أعلاه وشموليتها، الأمر غير الحاصل في مشروع المناقلات الراهنة، والأمثلة لا تُحصى. إن المعايير تلك هي دستورية وأخرى وضعها مجلس القضاء الأعلى ولا تتعارض معها، وقد تمّ تجاوزها في الكثير من المواقع”.
ولفت إلى أن “توزيع القضاة وفقاً لمشروع المناقلات القضائيّة لم يأخذ بالاعتبار أحجام الدعاوى في المحاكم، ما من شأنه أن يوجد حالة من عدم التوازن بين قضاة الملاحقة وقضاة الحكم، كما بين قضاة الحكم أنفسهم، ما من شأنه أن يرتدّ سلباً على ضمانات المتقاضين، التي هي أيضاً ضمانات دستوريّة، لجهة حقّهم بعدالة سوية لا يعتريها التأخير والتأجيل. على سبيل المثال، ينظر قاضي التحقيق في بعبدا بـ1200 دعوى كحدّ وسطي (وعدد قضاة التحقيق في بعبدا 11 بمن فيهم قاضي التحقيق الأوّل)، في حين أن قاضي التحقيق في بيروت ينظر في ما يعادل الـ200 دعوى (وعدد قضاة التحقيق في بيروت 10 بمن فيهم قاضي التحقيق الأوّل). أما محكمة جنايات البقاع، الموزّعة أعمالها على غرفتين، فهي تنظر في ما يقارب الـ5000 دعوى كحدّ وسطي، في حين أنّ محكمة جنايات بيروت المؤلّفة من 3 غرف، تنظر في ما يقارب الـ2000 دعوى كحدّ وسطي”.
وأكد عون أنه لن تكون هناك استقلاليّة للسلطة القضائية إن لم يتحرر القضاء من القيد الطائفي بتطبيق دقيق للمادة 95 من الدستور، وقد بادر فخامة الرئيس إلى الطلب من مجلس النواب تفسير هذه المادة للوقوف على مندرجاتها ومراحلها ومستلزمات إلغاء الطائفية من حياتنا العامة. إلا أنه من الملفت أن مجلس القضاء الأعلى ثبّت للمرة الأولى، بشكلٍ خطّي وصريح، مذاهب جميع المراكز القضائية في النيابات العامة وقضاء التحقيق ورئاسة جميع الغرف”.
وأضاف: “أما إعادة النظر في هذه المناقلات في ضوء كل ما سبق، فأمر متاح في كل حين ومناسبة، ومتروك لتقدير مجلس القضاء الأعلى، مثاله تخرّج ثلاثين قاضياً عدلياً من معهد الدروس القضائية، ما سوف يستدعي حكماً إلحاقهم بمواقع قضائيّة، وما من شأنه أن يحفظ هيبة المرجعيّة القضائية العليا وإن لا تتمتّع بالشخصية المعنوية، يبقى أنها تدير سلطة نحن بأمسّ الحاجة إليها في الظروف الصعبة التي يمرّ بها وطننا لبنان”.
وكان الاشتباك حول التشكيلات برز من خلال ردّ غير مسبوق من قبل مستشار رئيس الجمهورية وزير العدل الأسبق سليم جريصاتي على الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية الذي سبق أن غمز من قناة رئيس الجمهورية واحتمال امتناعه عن توقيع مرسوم التشكيلات القضائية. حيث قال: “اليوم ورد مرسوم التشكيلات القضائية إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.اليوم أرسلته الأمانة العامة للتوقيع من قبل وزيرة الدفاع ووقّعت. اليوم أرسل للتوقيع من قبل وزير المالية ووقّع .اليوم وقّعه دولة الرئيس اليوم أرسل المرسوم الى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية”.
أما سليم جريصاتي فجاء في ردّه على مكية: “دعوة قوية الى أمين عام مجلس الوزراء بشأن خطوتين أقدم عليهما بخفة لم نعهدها فيه: تغريدة بشأن مسار مرسوم عادي في سياق احتفالية توقيع في رئاسة الحكومة، وتولّي رئاسة مجلس الخدمة المدنية بالوكالة من دون حلف اليمين امام رئيس الجمهورية. يكفينا غير المألوف في معرض الجدّ “.