بيروت- “القدس العربي”:
تقفل سنة 2022 على تصعيد سياسي تُرجِم بسلسلة من السجالات بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي يخطط لعقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء وبين التيار الوطني الحر الذي يعترض على عقد مثل هذه الجلسة غير الميثاقية في غياب رئيس جمهورية. وحجة ميقاتي بعقد جلسة هذه المرة هي ايضاً البنود الملحّة وخصوصاً ملف الكهرباء الذي دخل في بازار التجاذب أو النكد السياسي من خلال امتناع وزير المال يوسف خليل المسمّى من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري عن إصدار سلفة خزينة لفتح اعتماد بقيمة 62 مليون دولار لتغطية شراء 66 ألف طن من المحروقات لزوم معامل إنتاج الكهرباء، بذريعة أن السلفة بحاجة إلى مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، وأنه لا يخالف القانون.
وجاء موقف وزير المال ليحرم اللبنانيين من زيادة التغذية بالتيار الكهربائي بحدود 4 ساعات يومياً بعد الاتفاق الذي حصل بين ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فيما بواخر الفيول تنتظر في عرض البحر لافراغها وتكبّد الدولة بنداً جزائياً عن تأخير إفراغها.
استعمال المزوّر
وقد عبّر التيار الوطني الحر عن موقفه الاعتراضي على أي توجّه لعقد جلسة مجلس الوزراء ولإصدار المراسيم ببيان صدر عن لجنة الإعلام والتواصل في “التيار” اتهم فيه ميقاتي باعتماد “أسلوب احتيالي” بإصدار مرسوم متعلق بوزارة الدفاع بعد مرسوم خاص بوزارة الشؤون الاجتماعية باعتباره نال التواقيع اللازمة بما فيها توقيع وزير الدفاع موريس سليم وذلك من خلال “اعتماد التزوير والقصقصة والتلزيق”، لافتاً إلى أن ميقاتي “يقوم للمرة الثانية بعملية تزوير واستعمال المزوّر في إصدار مراسيم غير ميثاقية ولا دستورية ولا قانونية، بعد الذي حصل مع وزير الشؤون الاجتماعية بالقول انه وقّع على مرسوم هو لم يوقّع عليه فعلياً”.
وقد ردّ المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة، واصفاً اتهامات التيار بـ”الافتراءات”، وأنه “لا يقرأ “إلا في كتاب تعطيل عمل المؤسسات وادخل عليه بنداً جديداً هو تصفية الحسابات السياسية وغير السياسية مع المؤسسات العسكرية والأمنية”. وعمّم مكتب ميقاتي على الاعلام نسخة من المرسوم التي تؤكد توقيع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار على مرسوم لنقل اعتماد من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية، كما لفت في ما يتصل بوزارة الدفاع إلى أن “المرسوم الذي صدر هو المرسوم ذاته المرسل من قبل وزير الدفاع مذيلاً بتوقيعه وقد اعيد توقيعه مجدداً من قبل رئيس الحكومة ووزيري المال والداخلية، وأهمل توقيع باقي الوزراء، لكون الدستور لا ينص على الزامية توقيع جميع الوزراء”.
وهاب: انقبروا استحوا
وتعليقاً على هذا المشهد، غرّد النائب جميل السيد عبر حسابه على “تويتر” منتقداً ميقاتي بقوله: “لا يفوّت الرئيس ميقاتي حاجةً للناس من تمويل المستشفيات والكهرباء إلى مساعدات العسكريين، إلا ويستغلها لتمرير مراسيم او عقد اجتماع لمجلس الوزراء خلافاً للطائف، كما لو أنه يمكن أن يحكم البلد بلا حاجة لرئيس جمهورية، إلا عندما يرتفع الدولار تراه متفرّجاً على قرارات شريكه رياض سلامة”. وسأل “إلى أين يقود هذا النهج الابتزازي؟ إلى خلاصة أن لبنان ليس بحاجة لرئيس جمهورية واستفزاز المسيحيين. وبمعنى آخر، ميقاتي يقود البلد من حيث يدري أو لا إلى التقسيم أو الفيدرالية، فهل هذا هو المطلوب منه؟”. وختم “ميقاتي يخشى شخصاً واحداً في لبنان هو الرئيس برّي، وإيقافه عند حدِّه واجب وطني”.
اما رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب فغرّد على “تويتر” منتقداً الخلاف على بواخر الفيول كاتباً: “طيب جبتو الفيول بمناقصة وهلق عمندفع يومياً 32 ألف دولار بدل تأخير التفريغ لأن مختلفين عالصلاحيات وإذا تفرغ الفيول في خطر على صلاحيات الطوائف”. واضاف “يا بلا أخلاق حلكم تستحو. فيكن تدفعوا من جيبتكم بدل التأخير مش من جيوبنا. انقبروا استحوا”.
السنيورة في بكركي
وقد حضرت هذه الاشكالات في بكركي في اجتماع بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والرئيس فؤاد السنيورة الذي زار الصرح على رأس وفد من قدامى وزراء ونواب “تيار المستقبل”، وأعلن بعد اللقاء “أن القضية الأساسية التي تهم اللبنانيين وتتفوق على غيرها من قضايا ومسائل ضاغطة هي في ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد للبنان، والمسارعة أيضاً إلى تأليف الحكومة الجديدة، وذلك من أجل أن تكتمل السلطات الدستورية وتتأمن الإرادة، وكذلك الوسائل التي يمكن على أساسها معالجة المشكلات التي تعصف بلبنان”، وقال “إن دقة الأمور والأوضاع أصبحت تقتضي من الجميع، ولا سيما من السادة النواب، التوقف عن تضييع الوقت والامتناع عن الاستمرار في إلهاء اللبنانيين بأمور جانبية، ومنها تحت ذريعة التصويت بورقة بيضاء”.
واضاف السنيورة في غمز من قناة باسيل “لم يعد مقبولاً أن يستمر مَن فشلوا في تحمل المسؤولية الوطنية لسنوات طوال في إدارة الحكم في أكثر من موقع أن يحاولوا العودة لتصدر الأحداث، وذلك عبر النفخ في البوق الطائفي، على أمل أن يستعيدوا دوراً كان لهم ولم يقوموا به. والمشكلة أنه، وتحت ذريعة استرجاع الحقوق وبالذات حقوق المسيحيين خسر اللبنانيون جميعاً ويا للأسف حقوقهم”. ورأى “أن رئاسة الجمهورية ليست جائزة ترضية تعطى لأحد، ولا هي حصة لأحد، بل هي لجميع اللبنانيين، وهي التي يفترض بها أن تكون الساهرة لحمايتهم وتعزيز عيشهم المشترك. رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، وهو رئيس لكل اللبنانيين، وهو الجامع بينهم وليس رئيساً لفريق منهم”.
إطلاق نار على الجديد
في سياق قريب، تعرّض مبنى قناة “الجديد” للمرة الثالثة في غضون أربعة أيام لإطلاق نار تعبيراً عن الاعتراض على بث مشهد تمثيلي ضمن برنامج ساخر اعتبر مهيناً لنساء الجنوب. وسُمع إطلاق نار بشكل كثيف في محيط القناة في وطى المصيطبة، وعمد الفاعل على توجيه الرصاص بشكل مباشر على الطبقات العليا، لكن الاضرار اقتصرت على الماديات.
وأوضح مدير العلاقات العامة في القناة ابراهيم حلبي “أن القوى الأمنية تعمل على كشف هوية الفاعلين وأن التحقيقات مستمرة”، مشيراً إلى “أننا سنرد بمسارين اعلامي وقضائي”.
وكان وزير الاعلام زياد مكاري ونقابة محرري الصحافة اللبنانية والعديد من السياسيين دانوا الاعتداء المتكرر على القناة التلفزيونية وطالبوا بالتوجّه إلى القضاء في حال الاعتراض على أي إساءة وليس اللجوء إلى أساليب عنفية وتهديدات.
وزير الدفاع الفرنسي
إلى ذلك، تقفل سنة 2022 على مزيد من الزيارات الدولية إلى لبنان بعد حادثة الاعتداء على قوات “اليونفيل”. وبعد زيارة رئيس الوزراء الاسباني، تأتي زيارة وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لو كورنو التي تستمر حتى 2 كانون الثاني/يناير للقاء القوات الفرنسية العاملة في قوات الطوارئ الدولية وتمضية ليلة رأس السنة معهم، على أن تتخلل زيارته لقاءات تشمل الرئيس ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش جوزف عون. وأعلن الوزير الفرنسي أنه سيزور أيضاً “مكان الانفجار في مرفأ بيروت حيث تعاونت عناصر الجيش الفرنسي مع عناصر الجيش اللبناني تعاوناً وثيقاً”.
تزامناً، وقّع وزير الدفاع اللبناني مراسيم ترقية الضباط كما وردت إليه من قيادة الجيش وذلك للدفعة الأولى من العام 2023 من الرتب كافة. كذلك وقّع مجدداً مراسيم ترقية الضباط من رتبة عقيد إلى رتبة عميد والتي وردت إليه أيضاً من قيادة الجيش وذلك عن الأعوام 2020 و2021 و2022 كونها لم تصدر في حينه، وقد أحيلت كلّها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وفقاً للأصول.