بيروت: غداة إغلاق باب الترشيح للانتخابات النيابية في لبنان، يصبح البلد العربي على مسافة شهرين من إجراء أول اقتراع نيابي، منذ انتفاضة شعبية شهدها في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
ومساء الثلاثاء، أغلق باب الترشيح إذ بلغ إجمالي عدد المرشحين 1043 في جميع الدوائر الانتخابية، بينهم 155 امرأة بنسبة ترشيح نسائي بلغت نحو 15 بالمئة.
وتجري الانتخابات البرلمانية في لبنان كل أربع سنوات، وفق التوزيع المعتمد منذ اتفاق الطائف في 1989، بواقع 128 مقعدا بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في عموم البلاد.
وتتوزع المقاعد الـ128 على النحو الآتي: 28 للسنة، و28 للشيعة، و8 للدروز، و34 للموارنة، و14 للأرثوذكس، و8 للكاثوليك، و5 للأرمن، ومقعدان للعلويين، ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات النيابية منتصف مايو/ أيار المقبل، في ظلّ أزمة اقتصادية طاحنة وغير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وارتفاع أسعار السلع الغذائية.
وتعد انتخابات 2022 هي الأكبر من حيث عدد المرشحين في آخر 15 عاما، إذ ترشح 976 بينهم 111 امرأة في انتخابات 2018، فيما ترشح 702 بينهم 12 امرأة عام 2009، و484 مرشحا بينهم 16 امرأة في 2005.
وجرى تمديد البرلمان منذ عام 2009 أكثر من مرة على وقع ظروف أمنية وسياسية، أبرزها اندلاع الثورة السورية في 2012، ووقوع عمليات إرهابية على يد تنظيم “داعش”، وعدم الاتفاق على قانون انتخابي في لبنان، لتعقد أول انتخابات لاحقة في عام 2018 بدلا من 2013.
ويقول محمد شمس الدين، الباحث في الشركة الدولية للمعلومات (غير حكومية، مقرها بيروت)، إن عدد المرشحين هذا العام جاء مخالفًا للتوقعات، حيث لم يتوقع أحد أن يتجاوز العدد إجمالي المرشحين في انتخابات 2018.
ويرجح شمس الدين 3 أسباب لزيادة عدد المرشحين هذا العام، وهي وضوح الرؤية السياسية حيال لوائح الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وإمكانية إقامة تحالفات انتخابية، إلى جانب توفّر التمويل للمرشحين المستقلين والممثلين لمنظمات المجتمع المدني.
ويوضح: “عدد المرشحين ارتفع بسبب إقبال مرشحي المجتمع المدني، لا سيما أن الأحزاب اللبنانية أعلنت مرشحيها وتحالفاتها، بعكس غالبية منظمات المجتمع المدني التي لم تعلن عن تحالفاتها”.
ووفق القانون اللبناني، للمرشحين في الانتخابات حق العدول عن قرار ترشحهم بعد إغلاق باب الترشيح بـ15 يوما، وفي الانتخابات الحالية تنتهي هذه المهلة في 30 مارس/ آذار الجاري.
ويعد الحدث الأبرز في انتخابات 2022، إعلان رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري تعليق العمل السياسي وعدم خوض الانتخابات، إضافة إلى أبرز الشخصيات السنيّة في البلاد، كرئيسي الحكومة الحالي نجيب ميقاتي، والأسبق فؤاد السنيورة.
وتشير معظم التوقعات إلى تأثير تلك الانسحابات على حجم المشاركة السياسية، إذ من المرجح أن تواجه الانتخابات النيابية المقبلة سلاح المقاطعة من قبل شريحة واسعة من الناخبين.
بدوره، توقع رئيس مركز بيروت للبحوث والمعلومات (غير حكومي) عبدو سعد، عدم حماسة الشعب اللبناني للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، مقارنة بحجم المشاركة خلال الانتخابات الماضية.
وقال سعد: “اللبنانيون هذا العام منشغلون بتأمين احتياجاتهم الأساسية، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة وندرة في فرص العمل وشح في الوقود والسلع والمنتجات الأساسية”.
وأضاف: “الانتخابات المقبلة لن تشهد إقبالا كبيرا، وسيكون حجم المشاركة السياسية أقل من انتخابات عام 2018 والتي بلغت نسبة المشاركة فيها 49.7 بالمئة”.
ومساء الثلاثاء، قال وزير الداخلية بسام مولوي، في مؤتمر صحافي، إن “كل محاولات تأجيل الانتخابات أو عدم إجرائها باءت بالفشل”، مشدداً على “الالتزام بالقانون والدستور”.
ودعا مولوي “اللبنانيين في الخارج والداخل إلى التصويت بكثافة في الانتخابات المقبلة (..) والمجتمع المحلي والدولي للمشاركة في مراقبة الانتخابات للتأكد من شفافيتها”.
ومنذ عامين، يعاني لبنان أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، فاقمها شح السلع الأساسية وفقدان العملة المحلية نحو 90 بالمئة من قيمتها في نحو عامين.
(الأناضول)