لبنان- “القدس العربي”: أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية اليوم، أنه بعد التشاور مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أوعزت لمندوبية لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك بالامتناع عن التصويت على مشروع القرار حول المفقودين في سوريا الذي طرح على الجمعية العامة للأمم المتحدة، تماشياً مع شبه الإجماع العربي بالامتناع عن التصويت، ورغبة منه في عدم تسييس هذا الملف الإنساني بامتياز، وانسجاماً مع سياسة عدم الانجرار وراء تصويت خلافي يزيد المشكلات ولا يحل قضية المفقودين اللبنانيين التي تشكل جرحاً نازفاً وألماً مستداماً لأهاليهم.
وأشارت الخارجية اللبنانية في بيان لها، إلى أن “لبنان يتمسك بحل هذه القضية وقضية النازحين السوريين، من خلال الحوار والتفاهم بين لبنان وسوريا، والأطراف العربية والدولية المعنية، علماً أن تصويت لبنان مع القرار، في حال كان قد حصل، سيُقَوض عمل اللجنة الوزارية العربية المشارك فيها لبنان والساعية لحل المشاكل مع سوريا”.
وأوضحت أن “لبنان جدد احترامه وتمسكه بتطبيق جميع القرارات الشرعية الدولية المُطبق منها والقرارات العديدة التي لم تُطبق أيضاً، لأنها جميعها تشكل مظلة حماية للسلم والأمن الإقليميين والدوليين”.
كما أكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب، على أن “لبنان سيمتنع عن التصويت على مشروع قرار لإنشاء هيئة مستقلة ترعاها المنظمة الدولية مهمتها توضيح مصير المفقودين والمخفيين قسراً في سوريا”.
من جهته، رأى النائب في البرلمان اللبناني إبراهيم منيمنة، أن قرار بوحبيب عن كشف مصير المفقودين يشكل خرقا لمقدمة الدستور والتزامات لبنان الدولية.
وتحدث النائب منيمنة، في تصريح صحافي، عن قرار الخارجية اللبنانية الامتناع عن التصويت لصالح قرار إنشاء مؤسسة لكشف مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا، لافتا إلى أن “هالَنا إعلان وزير الخارجية عبد الله بو حبيب امتناع لبنان عن التصويت لصالح إنشاء هيئة أممية لكشف مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا، على يد جميع أطراف النزاع التي ارتكبت انتهاكات وجرائم بحق المدنيين. إن هذا القرار دليل إضافي على إمعان هذه الحكومة في ضرب تموضع لبنان على الساحة الدولية، وتاريخه الدبلوماسي والحقوقي، وهو المساهم البارز في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
واعتبر منيمنة أن قرار بوحبيب لا يمكن وضعه في إطار السياسة الخارجية الفاعلة المبنية على المصلحة الوطنية، لأنه يشكل خرقا لمقدمة الدستور والتزامات لبنان الدولية، ومن بينها اتفاقية مناهضة التعذيب، وتاليا يعد ذلك تنكرا لدور لبنان التاريخي وينقلنا إلى مصاف الدول المشجعة على التفلت من العقاب. كما أن هذا القرار لا يراعي مصالح لبنان وتحديدا قضية المصور اللبناني المخفي في سوريا سمير كساب، وكذلك المخفيين اللبنانيين في السجون السورية، واحتمال أن تسهم هذه اللجنة في كشف مصيرهم. لقد شكل قرار بوحبيب نكئا لجراح لبنان الذي خبر معنى الإخفاء القسري والفقدان وكذلك طعنة لأهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان الذين ناضلوا لعقود لكشف مصير أحبائهم، فيما الحكومات المتعاقبة عمدت ولا تزال، إلى عرقلة مساعيهم”.
وفي السياق، اعتبر النائب جهاد بقرادوني، في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي انه “عار على السلطة اللبنانية والدبلوماسية اللبنانية أن تمتنع عن التصويت على القرار الأممي المتعلق بالمفقودين في سوريا. دبلوماسية الممانعة نتيجتها الامتناع عن المساهمة في كشف مصير المفقودين”.
بدورها، أشارت مصادر مطلعة عبر وسائل إعلام لبنانية في بيروت، إلى أن المعني الأساسي بمشروع قرار إنشاء هيئة مستقلة ترعاها المنظمة الدولية مهمتها توضيح مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا هم السوريين الذي فقدوا في الحرب في سوريا منذ العام 2011، وليس تحديدا اللبنانيون المفقودون في سوريا خلال الحرب اللبنانية.
وعن امتناع لبنان عن التصويت على هذا المشروع القرار، لفتت المصادر إلى أن “هناك لجنة لبنانية ألا وهي الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرا، تشكلت لهذه الغاية، كذلك هناك القانون 105/2018، وإذا كان لا يزال هناك من مفقودين، فلا بد من معالجة الأمر بالحوار المباشر بين الحكومتين اللبنانية والسورية، كما هي الحال بالنسبة إلى سائر المواضيع من الحدود إلى التهريب وغيره”.
وتساءلت المصادر عن سبب الذهاب باتجاه إنشاء هيئة ترعاها المنظمة الدولية في ظل وجود الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرا، فهل هو استعمال العنوان للضغط على سوريا سياسيا؟!
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد أعلنت خلال الساعات الماضية، عن إنشاء آلية من أجل “جلاء” مصير المفقودين في سوريا، وينص القرار على إنشاء المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، لجلاء مصير ومكان جميع المفقودين في سوريا الذين تقدر منظمات غير حكومية عددهم بنحو 100 ألف شخص منذ اندلاع الحرب عام 2011.