لقد شاء القدر أن تنفجر قضية غلاء المعيشة في وجه رئيس الحكومة الانتقالية، يئير لبيد، حتى قبل أن ينهي شهراً في هذا المنصب. أمامه جولة انتخابات كما يبدو ستركز بالضبط على هذه القضية، وحوله ارتفاع في الأسعار من كل جهة: الوقود، الكهرباء، الخبز والحفاظات. هذا الأمر يخلق ضغطاً كبيراً في مكتب لبيد وفي الحكومة كلها، ويولد أفكاراً هدفها دحرجة حبة البطاطا الساخنة هذه إلى ما بعد الأول من تشرين الثاني: دعم المخابز، خفض ضريبة القيمة المضافة على المواد الغذائية والكهرباء، اتفاق مع المافيا لتأجيل رفع أسعار الخبز لسنة مقابل إلغاء الرقابة عليها… إلخ.
لبيد ليس المذنب في ارتفاع أسعار الخبز، فهذه نتيجة مباشرة للحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى ارتفاع أسعار القمح والطاقة، لكنها قد تنتقم منه في صناديق الاقتراع. هذا يتعلق بقدرة رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، على تحويل قضية غلاء المعيشة إلى موضوع أساسي في الانتخابات، وإلصاقها بالحكومة التاركة. سيضطر لبيد إلى إقناع الجمهور بأن الأمر يتعلق بإرث تسلمه هو ونفتالي بينيت من نتنياهو.
مسألة الأسعار المرتفعة في إسرائيل يمكن تقسيمها إلى قسمين: غلاء المعيشة الأساسي، وموجة الغلاء الأخيرة. القسم الأول ولد في فترة نتنياهو في رئاسة الحكومة؛ فحينها نشأت فجوة تبلغ 30 في المئة في غلاء المعيشة بين إسرائيل ودول الـ OECD (لكن ليس جميعها مرتبطاً بنتنياهو، بل أيضاً بقوة الشيكل الذي حول إسرائيل إلى دولة غالية). القسم الآخر مرتبط مباشرة بنتنياهو، الذي فقد الاهتمام بالاقتصاد في سنوات ولايته الأخيرة ولم يدفع بإصلاحات ونشاطات لتخفيض غلاء المعيشة. موجة الغلاء الأخيرة تنبع في معظمها من أسباب خارجية، مثل أزمة كورونا، والحرب في أوكرانيا، وقسم منها، بالأساس سوق الشقق، عقب إخفاقات مستمرة لجميع الحكومات في العقد الأخير. في البداية، حكومات الليكود برئاسة نتنياهو، التي سوقت القليل جداً من الأراضي وخلقت نقصاً وطلباً كبيرين، بعد ذلك حكومة بينيت، التي وسعت تسويق الأراضي، لكن ثلاثة وزراء فيها، هم وزير المالية افيغدور ليبرمان ووزير البناء والإسكان زئيف الكين ووزيرة الداخلية اييلت شكيد، نشروا تنبؤات حول استمرار ارتفاع أسعار الشقق، وبذلك دفعوا المشترين إلى السوق وساهموا في ارتفاع الأسعار بنحو 16 في المئة في السنة الماضية وحدها.
الحكومة الأخيرة عملت على خفض غلاء المعيشة عن طريق تغييرات في الأنظمة وخفض الضرائب. ولكنها فعلت القليل جداً بالاهتمام بالفجوة الكبيرة في غلاء المعيشة بين إسرائيل والدول المتقدمة، وأصلاً عملها توقف عند الذهاب إلى الانتخابات. الأمر الصحيح الذي يجب فعله لخفض غلاء المعيشة هو إجراء إصلاحات مكثفة وخفض الضرائب وتوسيع المنافسة ورفع العوائق وتنظيم الأسواق واتخاذ خطوات حثيثة أمام جميع القطاعات القوية التي تستفيد من غلاء المعيشة المرتفع مثل المستوردين والمنتجين والمسوقين. وضمن ذلك أيضاً، أمام الوحدات الحكومية التي تسير ببطء في هذا الصراع. وهذا يقتضي حزماً واستعداداً للمواجهة، ويحتاج أيضاً إلى حكومة قادرة على العمل. ولأن الحكومة انتقالية، فلا درجة حرية حقيقية لها. هذا أحد أثمان نقص الاستقرار السياسي المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات، وثمة مواضيع رئيسية، علاجها طويل المدى مثل البنى التحتية والتعليم وغلاء المعيشة، تمت إزاحتها جانباً رغم أنها ليست في مركز الخلاف السياسي.
يعرف لبيد ذلك، ولهذا يحاول بلورة سياسة اللصقات، بفحص خطوات مثل دعم الخبز وخفض ضريبة القيمة المضافة على المواد الأساسية وما شابه. ولكنها حلول غير ناجعة لأنها ستسري على شرائح سكانية ثرية، التي هي غير محتاجة إلى هذه المساعدة. ماذا سيفعلون إذاً؟ الحل المحدد لمنتج ما لن يحدث فرقاً في الانتخابات. الأكثر أهمية هو عرض خطة منظمة لخفض غلاء المعيشة على الناخبين، يمكن قياس أهدافها وتحديد العوامل ذات العلاقة بغلاء المعيشة التي ستحتاج إلى الاكتفاء بما هو أقل، بالأساس – تطبيق ذلك بعد الانتخابات.
بقلم: سامي بيرتس
هآرتس 20/7/2022