منذ متى تعتدي الشرطة الفلسطينية ورجال الأمن على الصحافيين والصحافيات، والمتظاهرين المدنيين والمحتجين العزل، ونحن الذين نصدر التقارير المتتالية حول اعتداءات جنود الاحتلال، خاصة الاعتداءات على الصحافيين والصحافيات بالرصاص الحي والمطاطي وغيره؟
كيف لنا أن نطالب دول العالم واتحادات الصحافيين العالميين بالضغط على دولة الاحتلال لوقف اعتداءاتها، والاعتقالات التعسفية، ومحاولات منع الصحافيين من نقل الحقيقة حول جرائمها اليومية ضد البشر والشجر والحجر، في حين تلجأ شرطتنا ورجال أمننا إلى الأساليب نفسها؟ طبعا يجب ألا نأخذ الغالبية العظمى من الأجهزة الأمنية بجريرة بعضهم؟ كما يجب أن لا نأخذ المحتجين أيضا بجريرة قلة من المشاغبين.
وكيف ستكون لدينا من الآن فصاعدا الجرأة والحق في إدانة جنود الاحتلال، ومطالبة دول العالم بإدانتهم، ونحن نمارس أساليب أبشع بحق الصحافيين والصحافيات، ومنعهم من أداء رسالتهم وكشف الحقيقة؟ كان بالإمكان حل مشكلة/ جريمة اغتيال الناشط المعارض نزار بنات، بعد جره من سريره وهو نائم، بحسن التصرف، ببساطة الاعتراف بالجريمة والاعتذار عنها، وتحمل مسؤوليتها وتوابعها كاملة، واعتقال المسؤولين عنها، من مصدري القرار إلى منفذيه، إلى حين الانتهاء من التحقيق وتنفيذ العقاب الذي يقره القضاء على المسؤول/ المسؤولين عنها؟ وهذا ليس عيبا أو دليل ضعف بل دليل قوة، بدلا من المواجهة التي كانت في غير صالح بعض عناصر الشرطة والأمن، وهم يمارسون ساديتهم على من تجمع من الصحافيين والصحافيات في ميادين رام الل،ه وبيت لحم والخليل، للتعبير عن غضبهم إزاء جريمة لا يقبل بها أحد، ولا تسمح بها تقاليدنا الفلسطينية، بسرقة الهواتف والاعتداء على خصوصيات الصحافيين قبل الصحافيات لغرض الابتزاز. هل يعقل أن يحدث ذلك في شوارع المدن الفلسطينية؟ هل يعقل أن نشاهد رجال الأمن الفلسطينيين الملثمين، وهم يعتدون بالضرب من دون رحمة بالعصي والهراوات على المحتجين في ميدان المنارة، وميدان ياسر عرفات في رام الله؟ المشاهد لا تفرق بين رجال شرطتنا وأمننا عن شرطة وأمن الأنظمة القمعية والديكتاتورية والاستبدادية. لا تلوموا أحدا سوى أنفسكم لأنكم لم تتصرفوا بحكمة وعقلانية، أو كما يفترض أن تتصرفوا، حصلت جريمة واعترفتم بالمسؤولية، واعتذرتم وكان ذلك شيئا إيجابيا.. وكان الأولى بكم لو أنكم تركتم الناس الغاضبين، يعبرون عن غضبهم المكتوم باسلوب حضاري، ولكن بدلا من لملمة المشكلة، اخترتم الأسلوب الآخر، وتماديتم بالخطأ، بإنزال الشرطة بالزي الرسمي ورجال الأمن بالزي المدني والملثمين، ولا تختلفون في ذلك عن الأنظمة المحيطة بكم، ولا عن المستعربين في جيش الاحتلال، إلى الميادين في محاولة لوقف الاحتجاجات، أو لنقل قمعها بأساليب قديمة، وكانت النتيحة انكم كمن صب النار على الزيت.
بدلا من لملمة المشكلة، تماديتم بالخطأ، بإنزال الشرطة بالزي الرسمي ورجال الأمن بالزي المدني والملثمين
كان الأحرى بكم ألا تقدموا على هذه الجريمة غير المبررة أصلا، وأن تحسبوا حساب ردود الأفعال، والآن وبعدما حصل ما حصل، وليس هناك إمكانية للعودة إلى الوراء، لا بد من التعامل مع الأزمة بعقلانية، من دون حاجة للجوء للأساليب البالية، ومحاولة التشهير بكل من يقف وراءها. كان خطأ بل جريمة أن يفقد ناشط معارض حياته أثناء عملية اعتقاله غير المبررة، بأي شكل من الأشكال، لأنها تأتي تحت راية الاعتقال السياسي المرفوض جملة وتفصيلا، ولكن في النهاية جل من لا يخطئ، بيد أن الخطأ الاكبر هو التمادي في التعاطي مع الجمهور الغاضب، بأساليب قديمة مهترئة. وبدلا من فسح المجال له للتعبير عن غضبه المبرر جدا، أدخلتم أنفسكم في معركة خاسرة على المدى البعيد، وأفسحتم المجال لكل من هب ودب لدس أصابعه، وأن يلعب بما يخدم مصالحه. نتحدث هنا عن جملة من الأعداء، إسرائيل في مقدمتهم أولئك الذي يخدمون أجندات خارجية، وهم معروفون ولا داعي لذكر الأسماء، ولا أقول بأي شكل من الأشكال إن الذين خرجوا جميعهم مرتبط بهؤلاء، بل هناك أناس صادقون وهم الأغلبية العظمى.
كما يذكر أن حركة فتح والغالبية العظمى من عناصر الأجهزة الأمنية يرفضون هذه الأساليب القمعية، بل الإجرامية ضد من خرجوا للتعبير عن مشاعر صادقة. الأجهزة الأمنية أساسها وطني، وقدمت مئات الشهداء، ومن الخطأ بل الخطيئة أن نلقي التهم جزافا على عناصر هذه الأجهزة، واتهامها بالكامل بالعمل لصالح العدو، تلك الأجهزة التي خاضت معارك مع الاحتلال، وقدمت مئات الشهداء من معركة النفق في القدس في عام 1997 التي استشهد فيها نحو 75 رجل أمن فلسطينيا، مقابل15 جنديا إسرائيليا، ومعارك المقاطعة التي كانت مقر إقامة الرئيس الراحل ياسر عرفات، عندما حاولت قوات الاحتلال اقتحامها في حرب عام 2002. وآخر شهداء هذه الأجهزة3 من جهاز الاستخبارات العسكرية في جنين، الذين اشتبكوا مع قوة من المستعربين كانت تطارد مقاوما من الجهاد الإسلامي، قبل بضعة أسابيع.
باختصار فإن كيل الاتهامات لمجمل الأجهزة الأمنية، واتهامها بالعمل لصالح الاحتلال، ليس خطأ بل خطيئة، مرفوضة، فأعضاء هذه الأجهزة لم ينزلوا علينا من الفضاء، إنما هم منا وعلينا وأولادنا وإخوتنا وأولاد عمومتنا وجيراننا. طبعا وكما أسلفنا، لا نستبعد الأصابع الإسرائيلية، لغرض تأجيج الوضع الداخلي الفلسطيني، وإبعاد كاميرات وسائل الإعلام بعيدا عن أعمال الهدم ومصادرة المباني والمنازل في سلوان وحي بطن الهوى وحي الشيخ جراح والعيزرية والأنفاق تحت الحرم في القدس المحتلة، لغرض تهويد المدينة والاستيلاء على الحرم القدسي. ونقول للمتورطين، سواء في جريمة القتل أو قمع المحتجين، إن عملية تحويل الأجهزة الأمنية من حامية للأرض والمواطن وممتلكاته والحفاظ على حياته، إلى أداة لقمع هذا المواطن، الذي ما زال يعاني من الاحتلال، جريمة نكراء لا تغتفر، ليس بحق ضحايا الاعتداءات فحسب، بل بحق عناصر الأجهزة الأمنية أنفسهم، الذين يمارس معظمهم بعكس قناعاتهم، حتى أولئك الذي شاركوا في قمع المتظاهرين، ونفذوا الأعمال المشينة وغير الوطنية.
وأخيرا أخطأت أسرة الضحية بتسليم ممثل الاتحاد الأوروبي، الذي زار منزل العائلة معزيا، رسالته التي يطالب فيها بوقف المساعدات عن الفلسطينيين، وهي المساعدات ذاتها التي يستفيد منها المحتاجون والمعوزون والدوائر العلمية والصحية وغيرها، وليس رؤوس السلطة، ونكرر القول ونحن نعرف ونحس بمدى الألم والحزن اللذين يلفان أسرته، إن مصابهم الجلل والغضب المبرر جدا يجب ألا يدفعهما إلى اتخاذ قرارات ومواقف غير محمودة العواقب يندمون عليها لاحقا.
ونختتم بالقول مرة أخرى إننا نعول على العقلاء في السلطة، وفي حركة فتح وهم الأغلبية العظمى، أن يتعلموا من أخطاء هذه الجريمة، ويضمنوا عدم تكرارها ومحاسبة كل المتورطين بشكل مباشر وغير مباشر، فيها وأن يحاولوا التصرف بحكمة لوضع حد لها، ويقطعوا الطريق على المتربصين بالمشروع الوطني، وهم كثر وأكثر مما يتوقعون. وأن تركز الجهود على سبل مواجهة محاولات سلطات الاحتلال وقطعان مستوطنيها الذين يصعدون من اعتداءاتهم على الكل الفلسطيني، وعلى الأرض الفلسطينية، وعلى الشجر الفلسطيني وعلى البيت الفلسطيني، وما يجري في سلوان في القدس ونابلس والخليل وبيت لحم والأغوار إلا خير دليل على نواياهم ومخططاتهم فلنتعلم ونستخلص الدروس من أخطائنا، أو لنقل من جرائمنا ونعمل على حماية الإنسان الفلسطيني وحقوقه الفردية، والحق في التعبير عن الرأي أينما وجد. ولتكن هذه الجريمة آخر الجرائم وعبرة لمن اعتبر.
*كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
الكاتب الكريم رجل وقور ودمث الاخلاق. انظر مثلا لقول الكاتب ”كما يذكر أن حركة فتح والغالبية العظمى من عناصر الأجهزة الأمنية يرفضون هذه الأساليب القمعية، بل الإجرامية ضد من خرجوا للتعبير عن مشاعر صادقة” يا اخي الجيش الفلسطيني الجديد هو تعبير عن الانسان الفلسطيني الجديد الذي جرى هندسته منذ انتفاضة ٢٠٠٠ حتى لا يتكرر ما فعله عرفات. لا اعلم كيف استطاعوا تهجينهم وتدجينهم حتى صارت أجسادهم مصفحة ضد الحرارة كما لو كانوا دببة قطبية. وإلا كيف يتم تفسير عدم انفعال جندي فلسطيني في احداث الاقصى …..حتى ولو كانوا هندوس لخرج واحد من الألاف منهم واستخدم سلاحه ضد عربدة المستوطنين. لكن حقية يجب ان نعترف بقدرة امريكا عندما اشاروا الى اعداد الفلسطيني الجديد، اذ هو حقيقة واقعه ماثله امام اعين البشر
بعد قرار أممي تقسيم فلسطين 1947 وإقامة دولة يهودية 1948 باتت قضية فلسطين برعاية النظام العربي ودخل جيش الأردن للضفة الغربية والقدس ودخل جيش مصر لقطاع غزة إلى أن اضطرا للإنسحاب 1967 لكن بعد حرب 1973 قرر النظام العربي أن منظمة التحرير الممثل الشرعي لفلسطين ونقل مسؤولية الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة من الأردن ومصر 1975 للفلسطينيين ثم وقعت مصر وفلسطين والأردن سلام مع إسرائيل ولم يعد بإمكان الأردن ومصر إرسال جيشيهما للضفة الغربية والقدس وقطاع غزة حتى لو حصل فيها فوضى وانقسام فلسطيني وتبعية لإيران.
يا سيدي كما قيل في المثل ـ تموت الحرة ولا تأكل بثديها ـ هذه السلطة لم تقدم أي إنجاز يذكر للشعب الفلسطيني
*يجب محاكمة الرؤوس الكبيرة اولا
التي اصدرت الأوامر بتصفية المعارض بنات..
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد.