لغز ودعاية

حجم الخط
0

قبل نحو دزينة من السنين، في اثناء الانتفاضة الثانية، توجه اليّ ضابط شاب مع ابتسامة جميلة – للسلام، لاخوة الشعوب، للاشتراكية وكل هذه الامور. اعتقلنا مطلوبا، قال، من الجهاد الاسلامي، ابن 27. تحت سرير ابنته الرضيعة وجدنا صندوق قنابل يدوية، بندقيتين كلاشينكوف، مئات الرصاصات، سكاكين وبلطة.
عندما أخذناه في السيارة العسكرية تحدثنا. كان بارد الاعصاب وقاطعا. قال: «انتم، اليهود يجب أن ترحلوا من هنا. ليس لكم مستقبل هنا. انتم عصافير ونحن بحر! سألته، كما روى الضابط، عن دولتين لشعبين وعن السلام. فقط اذا عدتم الى الدول التي جئتم منها، رد المخرب.
ماذا كنت ستقول له؟ سألني الضابط الشاب. لا أقول، أجبت، كنت آمل أن تفلت رصاصة وأتمنى أن تنغرس بالصدفة بين عينيه. هناك أناس ومنظمات، ليس هناك امكانية للحديث معهم. عندما تكون النزعة القومية المفترسة التي يلفها تزمت ديني، لا يكون هناك مترجم يتيح الحوار.
قبل نحو ثلاث سنوات تسلل ابناء بليعال الى بيت عائلة بوغل في ايتمار وذبحوا الابوين، طفلين وطعنوا حتى الموت رضيعة جعلوا رأسها مرشحا. لو عرفنا ان هناك طفلاً ورضيعاً آخرين، لذبحناهما هما ايضا، قالوا في التحقيق معهما، خسارة أننا لم نعرف. وقد حكم عليهم بـ 130 سنة سجن لكل واحد منهم.
وقد عثرت عليهم المخابرات بعد عمل كثيف، بل ومع ذلك بالصدفة. بالمقابل، حتى اليوم لم يعثر على أكلة لحوم البشر الذين قتلوا كوبي مندل ويوسي اشرم، الفتيين اللطيفين اللذين عثر على جثتيهما محطمتين ومفسدتين في مغارة في وادي حريتون. مر منذئذ نحو عقد ونصف. واضح تماما أن القتلة هم قرويون من المنطقة، ومع ذلك لم يصلوا اليهم بعد.
بينما تكتب هذه السطور ليس معروفا اذا كان طرأ تقدم حقيقي في التحقيق في اختطاف الفتيان في غوش عصيون. في مثل هذا الوضع ليس هناك سوى الامل أو الصلاة لنهاية طيبة.
لرئيس الوزراء نتنياهو سجل من الحذر وضبط النفس في استخدام القوة. ليست له سخونة العقل والفتيل القصير الذي لايهود اولمرت، وهو لا يستخدم التهديدات العاصفة وغير المتحققة مثل ايهود باراك. من جهة اخرى فهو عديم القدرة على تجنيد التأييد الدولي الذي كان لاسلافه وعديم الشجاعة السياسية لتحريك خطة سياسية ما. لديه كفاءة في العروض. وهو يتبنى وضعية قيادية، نظرة سينمائية، قميص أسود قصير الاكمام، يد موضوعة على خريطة مطرزة. من الصعب الصمود أمام الاغراء في كتابة عبارة على الصورة: العارض هو ممثل.
دعايته تبيض وجه ابو مازن. وباستثناء عزو الاختطاف نفسه له، عزا له كل مادة اتهام ممكنة. مع أنه يعرف كم تساعد السلطة وأجهزتها الامنية في منع العمليات، وكيف علم مثلا عن السيارة المحروقة. وهو يشير الى الضم الرمزي لحماس الى الحكومة كسبب للعملية بينما عشرات العمليات بالقوة انكشفت في السنتين اللتين سبقتا تشكيل هذه الحكومة.
حتى لو افترضنا، لغرض النقاش، بانه لا يوجد شريك ـ فلا تفسير بريء للجهد الوطني لزج مزيد من الميزانيات ومزيد من المستوطنين الى داخل الضفة الغربية. لقد كانت سنتا 2012 و 2013 من أكثر السنوات سخاء في تاريخ الاستيطان. وذهل وزير المالية لبيد حين اكتشف اين المال ـ بين ايتمار ويتسهار ـ ولكنه حرص على حفظ المبدأ في أن المال يذهب الى المال.
أما الوزير بينيت فقد كان في الماضي مساعد نتنياهو. وقد انقلبت الامور واليوم نتنياهو هو مساعد بينيت. حزب البيت اليهودي يرى نفسه والمستوطنين «اقلية قائدة». اوري اريئيل هو الوزير المؤثر في الحكومة. وهو ملتزم بكامله لدولة يهودا والسامرة التي تعقد اتفاق فوائض مع دولة مجاورة وصغيرة تسمى اسرائيل.
ان زج جمهور كبير الى المناطق طولا وعرضا في الضفة يجعل الجيش يتآكل، يستنزف الشرطة واجهزة الامن ويجبرها على شد أعضائها. وهنا تتراجع المصلحة الامنية أمام السياسية. فتفضيل تحرير قتلة على تجميد البناء هو مثال واضح على ذلك. اذا ما وعندما تقر خطة الضم التي تجري الان بسرور – فان منفذي العمليات التالين سينالون بطاقات هوية زرقاء ولوحة صفراء لمركبتهم. وعندها سيسهل عليهم باضعاف تنفيذ الارهاب وسنشهد لا سمح الله اعمال اختطاف كهذه مرتين في الاسبوع.

يديعوت 16/6/2014

أمنون ابرموفيتش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية