نواكشوط- ‘القدس العربي’: فيما كان الانشغال منصبا في موريتانيا على قضية الحوار السياسي الممهد للانتخابات الرئاسية، عاد لقاء نظمه الرئيس الموريتاني الخميس الماضي بمئات الشباب،الجمعة ليجذب مرة أخرى اهتمام الرأي العام في موريتانيا.
فقد طمأن هذا اللقاء الأغلبية الحاكمة، حيث تأكدت،حسب ممثليها في القنوات والإذاعات، من وقوف أعداد كبيرة من الشباب الموريتاني إلى جانب الرئيس ولد عبد العزيز في ترشحه المقبل، لكن اللقاء بصخبه السياسي والإعلامي وبحسن إخراجه وتوقيته، أثار غيرة المعارضة التي وزعت أمس بيانا شديد اللهجة اعتبرت فيه هذه المناسبة التي شغلت البلد لأيام، مجرد ‘استغلال قام به النظام لوسائل الدولة وسلطتها في حملة انتخابية سابقة لأوانها’.
وضمن هذه الزوبعة التي أثارها اللقاء، احتجت حركة ‘الحر’ الحقوقية المدافعة عن الحراطين (شريحة الأرقاء السابقين)، في بيان وزعته الجمعة كذلك، على ما أسمته ‘تغييب شبابها من هذا اللقاء’، معلنة ‘أنها ترفض جملة وتفصيلا هذا الشكل من اللقاءات العنصرية التي تنم عن حقيقة هذا النظام الظالم’، حسب تعبير الحركة.
وأكدت أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية وأحزاب التحالف الوطني وحزب التجمع الوطني للإصلاح (الإسلاميون)، وحزب المؤتمر الوطني في البيان المذكور، ‘رفضها لأساليب النظام المخادعة والمغالطة للشباب بهدف استغلاله انتخابيا، وإدانتها لاستغلال النظام لوسائل الدولة وسلطتها في حملة انتخابية سابقة لأوانها’.
وأوضح بيان أحزاب المعارضة ‘أن اللقاء استهدف فيه النظام شريحة الشباب لأسباب لا يمكن فصلها عن أجندة الانتخابات التي كان ‘اللقاء’ افتتاحا فعليا سابقا لأوانه لحملتها السياسية’.
وتساءلت أحزاب المعارضة قائلة ‘الرئيس قال إن هدف ‘اللقاء’ ليس سياسيا..فلماذا إذن، اختار هذا التوقيت بالذات الذي يأتي قبيل الاستحقاق الرئاسي؟
وحصرت المعارضة أهداف لقاء الشباب حسب رؤيتها’ في محاولة استغلال الشباب في الحملة الرئاسية، واستغلال مركز رئاسة الجمهورية ووسائل الدولة وسلطاتها للتحضير الجيد للحملة’.
أما بيان شـباب حركة تحرير وانعتاق الحراطين في موريتانيا ‘الحر’ الذي توصلت ‘القدس العربي’ بنسخة منه، فقد حمل بشدة على اللقاء منددا ‘بتجاهل اللجنة التنظيمية للأغلبية الساحقة من الشباب الموريتاني وبالخصوص شباب الحراطين الذين تم إقصاؤهم طبقا لإستراتيجية نظام البيظان الممنهجة لإبقاء الحراطين بعيدين عن المساهمة في تسيير الشأن العام’.
وأكد البيان ‘أن تغييب شباب الحراطين انعكس سلبا على ما قدم في هذه اللقاء حيث لم يتطرق للقضايا الجوهرية الأساسية في بناء الدولة.
وتابع الحراطين بيانهم’.. في هذا الإطار سجلنا نحن شباب حركة ‘الحر’ وبكل أسف غياب قضية الحراطين التي تقف حجر عثرة أمام بناء الدولة آسفين بشدة على استمرار هيمنة مثلث الجمر الماسك بزمام السلطة والمتمثل في المؤسسة الدينية والنظام القبلي والمؤسسة العسكرية’.
وأكدت الحركة في ختام بيانها ‘أن تجاهل النظام للأصوات المطالبة بإيجاد حلحلة للقضايا الوطنية الكبرى كالعبودية يعتبر صفارة إنذار غير مشجعة تشير لمستقبل غامض’، داعية ‘شباب الحراطين لرص الصفوف من أجل مجابهة هذا النظام العنصري’، حسب تعبيرها.
يذكر أن هذا اللقاء الذي نقل مباشرة عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، جمع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بأربعمائة شاب وطفل تم اختيارهم من جميع مناطق موريتانيا.
وناقش الرئيس مع الشباب على مدى يومين، بشكل حر ومفتوح، جميع مشاكل البلد وأسفر اللقاء عن مجموعة من التوصيات والقرارات.
وقد أسس الرئيس الموريتاني مجلسا أعلى للشباب كلفه بالإشراف على تنفيذ ما تمخض عنه اللقاء.