الأديبة الفلسطينية رنى سنداحة تواصلت معي بواسطة الفاكس، فأنا -كما يعرف بعض قرائي- ممنوعة، للأسف، بأمر طبيب العيون، من معاقرة التواصل بالكمبيوتر. وبعد استفسارها عن صحتي وابني، قلقاً علينا من وباء كورونا، كتبتْ بطرافة: «كورونا هذبنا جميعاً»، وهذا صحيح: لا سهر.. لا مطاعم.. لا طائرات نرحل بها للسياحة أو إلى وطن القلب، وغير ذلك من الممنوعات الكثيرة.
«رادار» أفانين والإصغاء له
الحاسة السادسة، الحدس، كلها أصوات داخلية أحببت تشبيه الفنانة التشكيلية أفانين كبة (العراق، كندا) لها بـ«الرادار». وهو اسم عصري علمي للحدس: «نوع من الذبذبات والترددات يدركها ويتحسسها الإنسان» كما قالت.
أما سلام عادل (ألمانيا) الذي يعتقد أن الله تعالى منحنا قدرات خارقة لكن البعض لا يلتقط الإشارة، فمضيفاً.. يقول السيد المسيح عليه السلام: «لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا فينتقل».
نجم الدراجي: يضبطني بالجرم المشهود!
أشعر بالدهشة أحياناً حينما يفك قارئ ما أتوهمه قطباً لجرحي تخفيه، كما في روايتي «فسيفساء دمشقية»، حيث تتحدث بطلة الرواية الطفلة عن موت أمها. وفي روايتي «يا دمشق وداعاً» حيث تروي فجيعتها بموت والدها.. وكنت أظن أن الأحزان ارتدت ما يكفي من «الأقنعة الروائية»!
ويبدو أننا حين نكتب نمارس رقصة (ستربتيز) التعري لأعماقنا وجراحها جرحاً بعد آخر، موتاً بعد آخر، فجيعة بعد أخرى.. ولن أنسى نجم الدراجي زودني بصورتين، واحدة لاستوديو الفلوجي الشعبي للتصوير وذلك في النجف، وكنت قد مررت به في إحدى زياراتي للعراق الحبيب وتوقفت أمام عبارة بخط اليد في واجهته المغبرة تقول «الحياة فقاعة فصورها قبل أن تنفجر» ووجدتها شعراً مقطراً، وصدرت بها كتابي «اعتقال لحظة هاربة» دون أن أدري أنها لشيخ المصورين في مدن الفرات.
العبارة الجميلة طائر مسحور يطير بين القارات بجناحي الإبداع.. وفي الترجمة الإنكليزية لكتابي «اعتقال لحظة هاربة» تصدرت عبارة الفلوجي الصفحة الأولى!
الكروي داوود ومحمد حاج ومنتهى
محمد حاج، يرى أن الحدس حقيقة «لا نتنبه لها ،لكنها تأتينا فجأة لتنبهنا»، ويروي ما حدث له عن رحيل والده وشقيقته، وشعرت بالذنب حين كتب يشكرني على تذكيره بهذه القصص المؤلمة التي عاشها ولا تنسى.. وكذلك منتهى، التي ترى أن نهاية حياة والدي كانت جميلة لأنه ختمها بصلاة الصبح.. أما الكروي داوود فيرى أنه «لا حدس ولا حاسة سادسة. إنها رحمة من الله تعالى».
أما غسان إبراهيم، فيشكرني على ما أكتبه وما سبق أن كتبته، وذلك جميل ومشجع..
فرحلتي مع القلم طالت وأتساءل أحــــياناً: ترى، كم كيلومتراً قطعها قلمي على الورقة؟ كم من آلاف الأميال عاماً بعد آخر، كتاباً بعد آخر؟
أجل! كم كيلومتراً قطعها قلمي على الورقة مثل شهاب راكض في السماء وهو يحــــترق وسيأتي يوم ينتــــهي فيه إلى رمـــاد. وحتى ذلك اليوم، سيظل قلمي يركض على الورقة كما يفعل الآن بسرعة مجنونة!
سوري: تقييمنا السلبي عالمياً
تهزني رسائل أخي العزيز الإعلامي الكبير «سوري» الذي أعرف اسمه ولا أكتبه ما دام اختار أن يوقع لي باسم «سوري» كما عمرو ـ سلطنة عُمان. وحين يدعوني «أختي الكريمة، يا ست الشام الحبيبة» تعيدنا كلماته إلى دمشق.. إلى سوق الحمدية والجامع الأموي، والمسكية وسوق «تفضلي يا ست» والبزورية وطريق الصالحية وشارع أبو رمانة والحلبون وإلى دكان جدي (الآدمي) الذي أتخيل أنه عاصر بناء برج إيفل الباريسي، ولو قال له أحدهم إن حفيدته ستعيش طويلاً قرب ذلك البرج لغضب، فقد كانت ابنته (عمتي) أُميّة، وزوجته (جدتي) أُميّة أيضاً.. تعيدني كلمات سوري إلى الجامعة في دمشق وأنا أذهب إليها أحياناً تحت المطر وأدخل إلى الصف بشعر مبتل.. تعيدني إلى جبل قاسيون، إلى حيث قدت أول سيارة اشتريتها بالتقسيط وكانت مستعملة وعتيقة لكنني فرحت بها..
وأتذكر دمر والهامة والغوطة والسيران على ضفاف نهر بردى..
وأتذكر.. وذاكرتي تمعن في تعذيبي.. أتذكر كيف قدت سيارتي للمرة الأولى إلى بيت عمتي المتزوجة في حمص.. وتوقفت في النبك في منتصف الطريق لشرب الليمونادة الشهيرة هناك.. أتذكر.. أتذكر..
يقول «سوري» في تعقيبه على مقالي «صمت يصم الآذان»: «كم أتمنى أن يقوم فريق من الأطباء العرب بوضع لقاح لهذا الفيروس اللئيم وينقذوا البشرية» لعلها (الدول الأخرى) تغير رأيها في تقييمنا السلبي.
وأشاركه الرأي، فقد حان الوقت لرفض تحويل بلادنا إلى ساحات حروب بين الأمم نحن ضحاياها، وصار من الضروري إعلان قدراتنا العلمية والطبية في زمن الكورونا.
د. محمد شهاب أحمد: قصائد الشعراء عن العناق!
في زمن الأوبئة، أحب الاستماع إلى آراء أهل العلم والطب قبل الشعراء!
في فرنسا، طار رئيس جمهوريتها السيد ماكرون إلى مرسيليا للالتقاء بالبروفيسور الطبيب الشهير راؤلت (ولم يستدعه إلى قصر الإليزيه في باريس) واستمع إلى رأيه في بعض الأدوية وإمكانية إيجاد لقاح ضد هذا الوباء الذي يحصد الأرواح، كما سبق لوباء الكوليرا والإيدز وأخرى كثيرة.
ويذكرنا بسياسة العزل الاجتماعي التي سخر منها الرئيس ترامب في البداية، بل نصح بعلاج بحقن مطهرة زعم أنها للوقاية من المرض. وقرر كثيرون، وأنا منهم، أنه من الأفضل لرجال السياسة ألا (يهرفوا بما لا يعرفوا) وقد توقف (الدكتور!) ترامب مؤخراً عن قتل الناس بنصائحه الطبية، مكتفياً بقتل الفلسطينيين في «صفقة العصر»!!
وأحترم رأي د. محمد شهاب أحمد: «يجب الاستمرار في اتباع طرق الوقاية لفترة طويلة»، وأحاول دائماً ألا أنسى ارتداء القناع الواقي حين أغادر البيت، وأبتعد مسافة متر على الأقل عن أي شخص، وأنسى قصائد الشعراء عن العناق! ووداعاً لزمن التغزل بالعناق في زمن كورونا، وإلى اللقاء مع القراء في الأسبوع المقبل أيضاً.
الاخ كاسر
صباح الخير
ما هذه اللهجة الصارمة مع اخوتك في بيت السيدة غادة
السيد ابو تاج شخص معروف ولطيف ولم يقصد شخصك بسوء
د. هدى الناظم
صباح النور…كان توضيحاً ليس أكثر وأنا أيضاً لم أقصد أحد بسوء…!!
شكراً لمداخلتك مع إحترامي