لقاء مع القراء «2»: اللغة العربية وأبناء الاغتراب

حجم الخط
77

في لقائي مع القراء أبدأ وقفتي اليوم مع «أبو تاج الحكمة- شاعر سوري مقيم في باريس» الذي كتب يقول: «شكراً محرر قدسنا العربي، يا ساطعاً بالنبل والأدب، يا لؤلؤاً في تاج أمتنا، يا زاخراً بالطهر والدأب».
من الجميل أن يتذكر القارئ مثل «أبو تاج» مدى الجهد المبذول كي تصدر صحيفة «القدس العربي» كل يوم دونما استثناء. و«الجندي المجهول» الذي قلما نقرأ اسمه في الصحيفة، وأذكر على سبيل المثال الزميل كريم العفنان بالذات، الذي أدهشتني دقته وحرصه على صدور كل موضوع وقد استوفى كل ما يجتذب القارئ.. ذكرت له مثلاً في بداية صلتي بـ «القدس العربي» أنني سأكتب عن رحيل الرائدة الصحافية فاطمة السردوك (أول رئيسة تحرير لمجلة في لبنان) وطلب مني صورة لها لنشرها، وأصر على طلبه، وكان بوسعه تمرير المقال، لكنه حريص على أدق التفاصيل التحريرية، وسهر حتى استطعنا الحصول على صورتها من أسرتها.
الزميل عاطف السمرا مثلاً كان سكرتيراً لتحرير «الأسبوع العربي» المجلة التي عملت فيها حين كنت طالبة في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكان يدعو مهنته (المطبخ) حيث يتعب في إعداد الطعام الفكري ويلاحقني ونزار قباني لتسليم المقال في الوقت المناسب، لأننا لا نداوم في المجلة غائبين كقطرة زئبق. ولكنه كاتب ناجح، و«المطبخ» لا يتيح له الوقت للكتابة في المجلة إلا نادراً، تماماً كحال الزميل كريم العفنان. وأعتقد أن القراء جميعاً يشاركون «أبو تاج الحكمة» في شكره لمحرري «القدس العربي» الذين لا نقرأ أسماءهم في الصحيفة، ولكن لولاهم لما صدرت!

«سينا كلية» تدرس العربية

لفتني قول أسامة كلية ـ ألمانيا أنه يعلّم ابنته الصغيرة سينا لغتنا العربية، وأعتقد أن تعليم المغتربين أبناءهم اللغة العربية عمل جميل وضروري لكي لا يقطعوا صلتهم بوطنهم العربي وتراثهم، وأعرف مدى صعوبة ذلك من تجربتي الشخصية، لكن الأمر يستحق العناء، فابني مثلاً الذي وصل إلى باريس صغيراً يتقن اليوم العربية قراءة وكتابة، وفي نظري فإن إتقانه العربية أكثر أهمية حتى من شهادة الدكتوراه التي صار يحملها. فهو يستطيع العودة إلى وطنه لبنان حين يشاء ولن يتحدث في مطار بيروت بالفرنسية، ولكن الأمر تطلب أمورا عدة، أولها أنني ووالده كنا نتحدث في البيت بلغتنا، واللغة العربية وطن.
لي صديق أديب معروف هاجر إلى لندن في فترة الحرب اللبنانية، ولسبب ما لن أخوض فيه صار يتكلم الإنكليزية مع زوجته العربية في البيت، وكبر الأولاد في لندن وهم يجهلون العربية. وحين توقفت الحرب قرر العودة إلى الوطن، ولكن أولاده الذين يجهلون العربية قرروا البقاء في لندن! وذبلت العلاقة بينه وبينهم، مع الهوة الحضارية.

مدارس لـ «العربية» في العواصم الغربية

ليس بوسع صغيرة أو صغير أن يتقن الكتابة والقراءة بالعربية في الغرب دون الذهاب إلى مدرسة خاصة بذلك تأخذ بعين الاعتبار أوقات دوام الطلاب في مدارسهم الأجنبية.
ولذا أحب توجيه تحية إلى الذين يؤسسون مدارس كهذه لتعليم العربية في الغربة لأبناء المهاجرين.
وكان زوجي رحمه الله يصطحب ابننا تحت الثلج إلى مدرسة كهذه في باريس، كما سمعت من الأصدقاء عن مدرسة كهذه في لندن وفي عواصم أخرى، وبينهم من يعانون مادياً أحياناً، لكنهم يؤمنون برسالتهم ويصمدون.

نوافذ على هواجسنا

الدكتور أثير الشيخلي-العراق، يكتب: «ما نسمع ونقرأ هذه الأيام من أجهزة الإعلام يصل حدود الكوارث اللغوية»، وذلك صحيح إلى أبعد مدى. فقد استمعت البارحة إلى حوار إذاعي مع رجل دين مناسبته مواقفه السياسية، وأدهشني أنه أخطأ في اللغة العربية لغة القرآن الكريم، الذي يفترض أنه يحفظ بعضه. لقد فسد الملح فبماذا نملح؟
أما (المذيعة) / المذيع العربي، فقد أدمن مساواة الخطأ مع الصواب، فإذا أخطأ لا يقول كلمة عفواً ويقول بعدها الصواب، بل يستعمل عبارة «أو»، كأن قوله «عفواً» ينتقص من قدره وقيمته. المذيعات/المذيعون في «القسم العربي» في الإذاعة البريطانية B.B.C. لندن يحرصون على إتقان اللغة العربية ويحترمون مخارج الحروف أكثر من المذيعين (المحليين)، حتى إنني صرت أحياناً أستمع إلى نشرة الأخبار بالعربية من لندن كهدنة مع غضبي لإهانة اللغة العربية بالقول «أو» بدلاً من «عفواً».

الهزيمة المستمرة، لا النكسة العابرة

فوجئت بأن نجم الدراجي ما زال يذكر مقالي القديم (أحمل عاري إلى لندن) وإصراري فيه على أن الهزيمة تصيب كل عربي بالعار، وللأسف الهزيمة مستمرة وإسرائيل تتابع محاولتها للاستيلاء على فلسطين.
كما لفتني قلم «غدير ماهر»، وهو قلم تذكّر قصتي «الدانوب الرمادي» في كتابي القديم «رحيل المرافئ القديمة» وربط بينها وبين دور المذيع الراحل مؤخراً أحمد سعيد. وهذا صحيح، وها أنا أعترف (بالجرم الأدبي) المشهود.. ولم أكتب القصة إلا بعد انقضاء أعوام ريثما نضجت فنياً. وهو ما أظنه سيحدث حين أكتب عن الخاشقجي فيصير وسواه من أمثاله أبطالاً لقصة قصيرة أو رواية.

بين ضيق المجال وشهوة الحوار

كنت أحب اليوم أيضاً مثلاً محاورة الفنانة التشكيلية، أفانين كبة، عن مصادر ثقافية كثيرة تطلع عليها كحديثها عن كتاب (جذور)، وعن جبران خليل جبران، وعن كتاب لي أدهشني أنها تذكرت جملة فيه، ومحاورة المرهفة غادة الشاويش، كما الكروي داوود، وبلنوار قويدر، و«باسرباي»، وفؤاد مهاني، وابن الوليد، وسلوى، ومغربي، وسلام عادل، وسنتيك اليونان، وماريا علي، ومحمد شهاب أحمد، ورياض المانيا، وتوفيق عبد الرحمن، وصوت من مراكش، ورزق الله، ومحمد حاج، وسواهم، ولكن ضيق المجال حاكم ظالم! فإلى لقاءات أخرى مع القراء.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابوتاج الحكمة.شاعرسوري.باريس:

    أ.رؤوف بدران/سلام،اجبتكم العدد الماضي وهذه إعادة:
    في مقتبل شبابي كنت على علاقة حبٍ بريئة صادقة مع عشيقة لم ينصفنا القدر بتكملتها و…و..مرت الايام وتلاقينا صدفة ومن خلال انسيابنا في حديث الذكريات سألتني قائلة اما زلتَ تحبني وبلهجتنا الفلسطينية الكرملية (بعدك بتحبني) فأوحت اليَّ بهذا التساؤل تنهيدة قلت فيها:
    أُحِبُكِ…
    برغم كل الاشارات
    ورموز التحذير …
    ورغم وعورة المسلك
    والتواءات المسير!!
    أُحِبُكِ…
    لان لا بُدَ للفراشة من اهتداء!!
    ولان ارتعاشات النهاية الهبها ابتداء..!!!؟
    *************
    اقتباسي لها:

    أحبك ياابنة الكرمل°
    أحبك إنك الأجمل°!
    فلا التحذير يردعني
    ووعرالمسلك الأطول°
    أحبك ياابنة الكرمل°
    أحبك إنك الأجمل°!
    فلابد الفراشة أن
    تحط على الهدى الأمثل°
    كذلك في الختام لنا
    بسحربداية :منزل°
    أحبك ياابنة الكرمل°
    أحبك إنك الأجمل°

  2. يقول ابوتاج الحكمة.شاعرسوري.باريس:

    يتبع
    كذلك اخي الكريم
    استبدال كلمة معبد
    والله يرعاكم

  3. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

    صباح الخير والفل والورد والياسمين, وشكراً لك سيدتي الجميلة غادة السمان, فهي نقطة في غاية الأهمية. كذلك أنا وزوجتي العربية (من سوريا) لانتحدث في البيت إلا باللغة العربية مع ابنتنا سينا, مع التركيز على اللفظ السليم للأحرف كالثاء والظاء, حتى أنها اليوم رغم صغر سنها تتحدث العربية بطلاقة مع الأهل والأقارب (على الهاتف). لابد لي أن أذكر أن الذي دفعني إلى هذا الانتباه هو ملاحظتي أن بعض ابناء المغتربين لايتحدثون العربية إلا بصعوبة, رغم أن الوالدين غالباً كليهما من دول عربية.
    لقد شعرت بالأسف, فقررت أن اتجاوز هذا الإهمال رغم أنه لم يكن سهلاً في البداية, لكن مع مرور الوقت أصبح عادياً وسينا بدأت حاليا تتعلم في مدرسة عربية (تتبع أحد المساجد العربية) الكتابة والقراءة. لاشك أن هذا ليس فقط سيعلمها اللغة العربية بل سيفتح أمامها آفاق ثقافية وفكرية وتطويرية لشخصيتها, فالشجرة تكون قوية بجذورها القوية وبالرعاية المناسبة لها. مع خالص محبتي وتحياتي للجميع.

  4. يقول الكروي داود:

    العزيز الغالي رؤوف بدران بعد التحية ومزيد من الإحترام أرد على قولك (حبيب الجماهير الفنان دريد لحام) ما يلي:
    أي جماهير تقصد يا أستاذي الكريم؟ كل من يؤيد قاتل فهو قاتل! وهذا الشخص يؤيد السفاح بشار!! ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول رؤوف بدران-فلسطين:

      مساء الصمت والاصغاء عزيزي الكروي داود , حبيب الجماهير الفنان دريد لحام على الأقل لا يسيء إلى الإسلام والمسلمين , مثل ما يسيء إليهم بشكل واضح كل من يؤمن بالتعدد ويمارسه باستغلال الضعيفات , رغم هناك إشارة واضحة في كتاب الله إلى إلغائه نهائيًا …وكثير من العلماء يؤكدون ذلك والسلام.

    2. يقول الكروي داود:

      هذا ليس هو إسلوب العزيز رؤوف ولا أدبه الجم وأخلاقه الرفيعة!! ولا حول ولا قوة الا بالله

    3. يقول رؤوف بدران-فلسطين:

      اخي الغالي الكروي داوود:
      لقد اعلنت رأيي بالنسبة لدريد لحام كما يتراءى لي , وليس كما يشاء الغير ان يفرضه عليَّ, كما لا املي رأيي على احد , فالتقييم عند كل واحد هو نسبي ويتراوح في الاشادة بين فردٍ وآخر , انا لا انتقد ام كلثوم كيف غنت للملك فاروق والملك فؤاد ؟!!كما انني لا احبذ قتل ذكرى لغناءها اغنية لا تروق للبعض ؟!! هذا من جهة ومن جهة ثانية ستبقى دائمًا القدوة الحسنة في التقدير الصحيح , لانك عرفت بالسليقة ان احدى الردود التي جاءت تحت اسمي لست انا صاحبها , وعليه نقول لهذا المقتحم موائد اللباقة والمتجني بفظاظته عليك وعليَّ , ليس هكذا تورد الابل ان كان هدفك اختلاق المناطحة بيني وبين اخي الكروي فانت واهم ومخطيء وسابقي على محبة اخي الكروي الى ابد الآبدين والسلام .

  5. يقول ابوتاج الحكمة.شاعرسوري.باريس:

    الاخ توفيق عبدالرحمن
    شكرالنصرتكم أبناء أمتكم وحبكم لعروبتكم
    ادعو كل مقتدر للمشاركة في بناء هذا الجيل من أبناء العرب في المهجر الذي فقد نصف عروبته أو فقدالعروبة بالكامل
    ينوب لم يتعذر حضوره تأليف منشورات لتبسيط تعليم العربية
    مع العلم بوجود ألف كلمة عربية اقترضتها اللغة الفرنسية

  6. يقول آصال أبسال:

    /من الجميل أن يتذكر القارئ مدى الجهد المبذول كي تصدر صحيفة «القدس العربي» كل يوم دونما استثناء/..
    المسألة ليست تكمن في مدى الجهد المبذول لاستمرار صدور الصحيفة المعنية بدون انقطاع حتى يستأهل كل هذين التقدير والثناء.. لو فكرت الكاتبة قليلا بمدى الجهد المبذول لاستمرار صدور ذلك الكم الهائل من الصحف التي تروج للصهيونية العالمية بدون انقطاع كذلك ومنذ أكثر من قرن من الزمان حتى.. المسألة تكمن إذن في مدى الجهد المبذول لنوعية النشر لا كميته حتى يستأهل التقدير والثناء المنشودين.. أي لنشر هذه المواد الإخبارية بحد ذاتها دون غيرها من جهة.. وبالتالي لعدم نشر تلك المواد الإخبارية بحد ذاتها دون غيرها كذلك من جهة أخرى.. !!

  7. يقول ابوتاج الحكمة.شاعرسوري.باريس:

    (آصال أبسال) من العرب
    لحن الجمال وروعة الأدب!

  8. يقول ابوتاج الحكمة.شاعرسوري.باريس:

    عزيزب استاذ رؤوف
    هل انت خائف على ابنة الكرمل مني!!!

    1. يقول رؤوف بدران-فلسطين:

      الى اخي الغالي ابوتاج الحكمة:
      اولاّ نحن رواد خان ابنة السمان مسرورين لذكرك في زاوية لحظة حرية من قبل الايقونة الغالية !! وبهذا التقدير الراقي اصبحت من الاسرة التي يشملها اسمك فالف مبروك!!!
      ولسؤالك هل انت خائف على ابنة الكرمل مني!!! اقول اننا نحن في فلسطين في الكرمل لا نخاف الا من اقتحام الغيلان لهدأة بالنا ؟!! وبما انك انت اخي ابو تاج الحكمة من الانس اللذين لا نرهب معاشرتهم فانت محبذ في معاشرتنا والانتماء لنا !! ولكن لتعرف ان بنات فلسطين, بنات الكرمل محصنات بالعصمة والشرف ومحجبات بنقاب العفة والمروءة وهن لا يقبلن بايٍ واحد لا تكون صفاته بغير ما ذكر, وانت اخي ابوتاج الحكمة من هؤلاء الصفوة !!!
      واخيراً انا من المقلين في الردود والتعقيبات , لاني امقت التكرار والاجترار مع خالص محبتي والسلام.

  9. يقول ابوتاج الحكمة.شاعرسوري.باريس:

    تحية عربية وتقديري
    لكل بنات الكرمل المشرقة وسائر فلسطين الشقيقة

  10. يقول أبو تاج الحكمة:

    يا حبيبي أقبل الليل فهيّا للمدام
    وارسل العود غنّينا تراتيل الغرام
    نفحتني بالأشواق منك أنفاس الهيام
    يا حبيبي إن تكن لي… فعلى الدنيا السّلام

    لجدي
    بدر الدين الحامد رحمه الله
    غناها صباح فخري وهي بعنوان
    اناببن سكرين

1 2 3 4 5 7

إشترك في قائمتنا البريدية