لقادة إسرائيل: “جيش الشعب” سر وجودنا… لا تمنحوا أعداءنا الفرصة

حجم الخط
0

تقف إسرائيل أمام أيام دراماتيكية. نموذج جيش الشعب هو مثل كل الأمور الطيبة المسلم بها – وحين تختفي يظهر نقصها وهشاشتها.

إن تفكيك نموذج جيش الشعب سيكون حرجاً لأمن إسرائيل. والتفكيك بدأ الآن. فمحاولات إبقاء الجيش خارج الخطاب السياسي لم تعد ذات صلة. والخطاب على الأسباب التي أدت إلى النصب إلى هذا الحد مهم لكنه غير ذي صلة وغير مجدٍ.

الجيش الإسرائيلي داخل الحدث، وتوقع إبقائه خارجه كان ساذجاً إذا أخذنا بالحسبان حقيقة أن الحديث يدور عن جيش الشعب بكل معنى الكلمة. سر قوة هذه الجيش ليس في طاعة عمياء للأمر، بل في روح التطوع والمبادرة المنتشرة في كل عناصر قوته المميزة. روح التطوع إياها لدى شرائح عديدة من السكان، من اليمين واليسار، من المركز وبلدات المحيط، متدينين وعلمانيين، كل ذلك هو الذي يجعل الجيش الإسرائيلي جيش الشعب.

روح التطوع هذه في خطر وجودي. وبدونها سيتفكك الجيش الإسرائيلي الذي نعرفه ونحبه كجيش للشعب. كل ما سيتبقى هو جيش عادي، عديم البريق المميز الذي نحب والذي هو جزء من الثقافة الإسرائيلية وسر ردعنا. على المستوى العملي، بدون منظومة احتياط، التي تكاد تقوم تماماً على أساس التطوع، سيبدو الجيش الإسرائيلي صغيراً مع قدرات محدودة أكثر بكثير من تلك الموجودة اليوم. جيش الاحتياط يسمح لإسرائيل دفعة واحدة، عند صدور الأمر لأن يجعل الجيش الإسرائيلي أحد الجيوش الكبرى، وبالتأكيد النوعية في المنطقة. صحيح أن الجميع لا يتطوعون، وأن من يتلقون أمراً عسكرياً قانونياً ملزمين للخدمة حسب القانون، لكن أوامر عسكرية قانونية (كتلك التي تستوفي معايير الأخطار المسبق) نادرة لدى الجماعات التالية: قادة وحدات الاحتياط، رجال احتياط يخدمون في إطار وحدات نظامية ورجال وحدات خاصة. هؤلاء الأشخاص يجدون أنفسهم في وضع دائم من التطوع، والتحدي كبير على نحو خاص، كون الحديث يدور عن عمود فقري مهني وحرج لأهلية الجيش. إن إضعاف الدافع لخدمة هذه الجماعات قد يكون هداماً.

سلاح الجو الإسرائيلي، الذي هو أحد الأسلحة الأفضل في العالم، يكاد يقوم كله على أساس التطوع. من التطوع إلى دورة طيران، عبر الوحدات الخاصة لسلاح الجو وحتى مدربي الطيران الذين يرافقون متدربي الطيران لسنوات طويلة بعد أن كان بوسعهم الاعتزال. في وحدات شعبة الاستخبارات المختلفة أيضاً، وأساساً في الوحدات التي تمنح إسرائيل قدرات سايبر وتكنولوجيا ذات مغزى، تعد القاعدة هي التطوع لخدمة ذات مغزى، وأحياناً أطول من المعتاد.

الوحدات المختارة في الجيش الإسرائيلي هي أيضاً تقوم على أساس التطوع. لا يوجد شاب إسرائيلي لا يعرف “بلورة السييرت” العسكرية الإسرائيلية – أفضل شبيبتنا، الذين يتنافسون على مكان في وحدات السييرت هذه. الخروج إلى الضابطية في الجيش الإسرائيلي كذلك يقوم كله على أساس التطوع على إرادة الشباب لمواصلة المساهمة بالجيش وللدولة. لذا، فإن غياب الدافع للتطوع سيضعف عناصر القوة الجوهرية للجيش الإسرائيلي: الجو، الاستخبارات، القوات الخاصة.

سيستغرق وقتاً لإشفاء الجراح

تواصل إسرائيل السير بنفسها هذه الأيام، وكلما واصلنا هذا الميل الخطير ربما نؤدي إلى تآكل معادلة الردع الجوية. كقاعدة، الردع ليس مفهوماً قابلاً للقياس، بل عنصر يرتبط بالنفسية ولا يمكن قياسه إلا عندما يفشل.

قسم مركزي في الردع يقوم على أساس رواية وصورة، وليس على الحقائق. في هذه اللحظة، ميزان ردع إسرائيل إيجابي في أساسه. رغم تعاظم التهديدات والشرخ الداخلي المتعمق، نشهد استقراراً أمنياً نسبياً في الجبهات المختلفة. ومع ذلك، الخطر هو أن الصورة والمظهر لما نحدثه لأنفسنا من شأنهما أن يقنعا خصومنا بأن قوتنا العامة قلّت. ثمة أماكن يؤدي فيها تغيير طفيف في ميزان الردع إلى مضاعفات قاسية.

مثلاً، جبهة الشمال مع “حزب الله”، حيث يبدو أن نصر الله بات يعاني من إحساس مبالغ فيه بالثقة في النفس. وساحة أخرى من شأن كل تغيير طفيف فيها أن يؤثر على ميزان الردع، وهي إيران. إيران إياها غير المقتنعة بالتهديد العسكري المصداق عليها لكنها لا تزال تخشى قدرات الجيش الإسرائيلي، حقيقة تلجمها بقدر معين.

الساحة الفلسطينية ستتأثر أقل بالحدث بسبب الاحتكاك اليومي الذي يجسد لهم قدرات إسرائيل. رغم ذلك، ثمة إمكانية تحاول إيران تفعيل الساحة الفلسطينية والداخلية كي تغذي رقصة الشياطين التي تجري هنا أكثر فأكثر. وتحوم فوق كل هذه تحوم الأزمة المتعمقة في علاقات إسرائيل – الولايات المتحدة، التي ترتبط هي أيضاً بالخوف في الإدارة من فقدان القيم المشتركة التي تقوم العلاقات الخاصة على أساسها.

في ضوء كل هذا، لا بديل آخر. حكومة إسرائيل هي الوحيدة التي بوسعها أن تمنع استمرار ميل هذا التفكيك. رئيس الوزراء يعرف جيداً خريطة التهديدات، والتوقع منه واحد – أن يتوقف ويعيد النظر في المسار. يجب السعي إلى تغييرات في جهاز القضاء بتوافق واسع. سيستغرق الجراح سنوات لإشفائها، لكن إذا لم نتوقف الآن فلن يكون.

 تمير هايمن

إسرائيل اليوم 24/7/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية