لقادة إسرائيل: هل خطر ببالكم يوماً الاعتراف بحقوق الفلسطينيين؟ 

حجم الخط
0

لو لم يكن نتنياهو رئيساً للحكومة مدة 16 سنة، أما كانت هذه الحرب الفظيعة ستندلع؟ هل كانت هذه الحرب ستظهر بشكل مختلف؟ أكان يمكن الثقة بأن مفاجأة وفشل 7 أكتوبر ما كانت لتحدث؟ أما كانوا المخطوفون ليختطفوا؟ أما كانت إسرائيل لتنفذ القتل الجماعي الفظيع هذا؟ هذه ليست أسئلة مثل “لو كان للجدة كرسي متحرك”، ولا تهدف إلى التقليل ولو قليلاً من ثقل المسؤولية وخطورة تهمة نتنياهو عما حدث. يجب أن يذهب نتنياهو، أمس واليوم وفي الغد، ومثله الحكومة عديمة القيمة والهستيرية التي شكلها، التي أوصلتنا إلى حافة الهاوية.

أكان في إسرائيل زعماء يتصرفون بشكل جوهري أمام غزة والفلسطينيين؟ لا وألف لا. عندما يلقون التهمة على نتنياهو، فإنهم يقولون بأنه لولا نتنياهو لظهر كل شيء بشكل مختلف. هكذا تتصرف جماعة “فقط ليس بيبي” من يومهم الأول. لولا نتنياهو لما أصبحت غزة سجناً. المستوطنات لم تكن لتفسد إسرائيل، ولربما أصبح الجيش الإسرائيلي أخلاقياً.

هذا غير صحيح. هناك أمور كثيرة لولا نتنياهو فيها لكانت إسرائيل مكاناً أفضل؛ إن إزالة داء الاحتلال والحصار ليس واحداً منها. في إسرائيل سياسيون عقلانيون ومستقيمون ولديهم نوايا حسنة ومتواضعون ويخلصون لوظائفهم أكثر منه، كان أكثر لطفاً أن نكون محتلين تحت سلطتهم؛ وإسرائيل كانت ستبقى نفس دولة الأبرتهايد، فقط مزينة أكثر. نتنياهو أفسد الجهاز السياسي ولوثه، خرب منظومات القضاء وإنفاذ القانون، ومن المفضل عدم إطالة الحديث عن سلوكه الشخصي.

لكن عندما يصل الأمر إلى لب الموضوع، الأمر الذي تهرب منه إسرائيل هربها من النار، الذي فكر نتنياهو بشطبه من جدول الأعمال، يتبين أن نتنياهو قد تصرف كما تصرف أسلافه وكما سيتصرف ورثته. إذا استثنينا جهود رؤساء حكومات سابقين مثل إسحق رابين وشمعون بيرس وإيهود باراك وإيهود أولمرت وأريئيل شارون، من أجل العثور على حل، ولو جزئياً، فلا أحد منهم خطر بباله إعطاء الفلسطينيين الحد الأدنى من العدل الذي يستحقونه والذي لا حل بدونه.

جميع رؤساء الحكومات أيدوا استمرار الاحتلال والحصار على قطاع غزة. لم يخطر ببال أحد منهم السماح بإقامة دولة فلسطينية حقيقية، مع صلاحيات كاملة، دولة مثل كل الدول. حتى إنهم لم يفكروا في تحرير قطاع غزة من أنشوطة الحصار. لولا كل هؤلاء لما وجدت حماس.

الحصار على القطاع لم يفرضه نتنياهو. حكومة التغيير لم تفكر في رفع الحصار. في الحقيقة، الأموال القطرية لحماس تدفقت بشكل أكثر مسؤولية في عهد نفتالي بينيت، لكن السياسة في أساسها كانت نفس السياسة. لم يفكر أحد بفتح قطاع غزة على العالم ولو بشكل مراقب – الطريقة الوحيدة التي لم تتم تجربتها، وربما هي الطريقة التي كانت ستدفع بالحل قدماً. يصعب أيضاً التقدير إذا كان الجيش الإسرائيلي في عهد رئيس حكومة آخر سيكون مختلفاً.

هل كان سيتم منع الفشل؟ غير متأكد. إن مهمة الاحتلال التي تحولت إلى معظم نشاطات الجيش الإسرائيلي، لم يخترعها نتنياهو. أي رئيس حكومة آخر كان سيوجه قوات وموارد غير عقلانية من أجل إرضاء المستوطنين وجنونهم. هكذا كان الأمر في ظل حكومات إسرائيل كلها.

على هامش الملعب، يقوم المرشحون الآن بالتسخين؛ أي منهم سيكون رئيس حكومة أفضل من نتنياهو، وبالتأكيد أكثر استقامة وتواضعاً ونزاهة. ولكن لا أحد منهم سيغير الاتجاه الذي تسير فيه إسرائيل نحو الغرق. فلبيد لا رأي له، وبني غانتس وغادي آيزنكوت يشاركان في إدارة الحرب بكل جرائمها، والتي سيتبين لاحقاً بأنها كانت حرباً عبثية. لا أحد منهم اقترح طريقة جديدة، طريقة لم نجربها في أي يوم. فقط القوة والقوة الزائدة.

يجب أن يذهب نتنياهو، لا شك في ذلك. ولكن ستستمر إسرائيل في سيرها في الطريق نفسه.

جدعون ليفي

هآرتس 21/12/2023

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية