في وطننا العربي الكبير وفي كافة أقطاره بلا إستثناء غرس في أذهاننا نظرية المؤامرة التي كانت وما زالت شماعة يعلق عليها كل ذي خطأ خطأه، وهي كما تعودنا سبب كل المشكلات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي نعاني منها في وطننا العربي. دائما كنت أتساءل هل فعلا مؤامرة الغرب علينا هي السبب في كل ما يحدث لنا؟ ولماذا الغرب لا يتآمر إلا علينا نحن فقط؟ لماذا كل أقطار العالم تنمو وتتطور وتتقدم عدا نحن؟ دائما كل قادات الوطن عندما يتعرضون لأي اهتزاز داخلي أو معارضة شعبية ينحون باللائمة على المؤامرة وعلى الغرب الذي يصنع تلك المؤامرة كما يقولون. ولنا في الربيع العربي خير مثال على ذلك ففي جميع الدول التي حدثت فيها تلك الهبات الشعبية تعلقت كل حكوماتها بنظرية المؤامرة حتى الدول التي لم يحدث فيها شيء من تلك المظاهرات وجهت أصابع الإتهام إلى الغرب الذي كما يقولون يخطط لمئات الأعوام القادمة. والغريب في الأمر أن هناك الكثير من البسطاء يصدقون هذا الهراء ويؤمنون به ولانستطيع لومهم على ذلك لأنه ببساطة تمت تنشأتهم على الإيمان بعبقرية الغرب وبراعته في صنع المكايد والتلاعب بمصير الشعوب وهذا الفكر ينجح إلى حد لابأس به في تفتيت الرأي العام وعدم توحد الشعب من أجل تحقيق مطالبه المشروعة على بساطتها وانخفاض سقفها. لكن الحق أقوى وأبقى يظهر دائما ليفرق غيوم الباطل ويجعلها تتلاشى ولتقتل أشعته كل جراثيم الفساد التي حقنت في جسد أمتنا العظيمة. لم يكذب حكامنا عندما قالوا أن هناك مؤامرة من الغرب كانوا صادقين جدا من حيث لايشعرون وذلك لأنهم هم أنفسهم بذور الشر التي زرعها الغرب في تربة الوطن بعد الإستعمار ومن ثم اعتنى بهم وقواهم على شعوبهم حتى يستقيم لهم الأمر ليعملوا بكل جهد وإخلاص في حرث مزرعة أسايدهم وبعث الغلال بخيراتها لهم حتى ينالوا الرضى وتدوم لهم الكراسي ولا يدوم إلا وجه الله الدائم. هل تراهم كانوا يضعون غضب الشعب في الميزان؟ بالتأكيد لم يفعلوا كانت شعوبهم آخر أولوياتهم بل ربما لم تكن على جدول الاعمال في أجندتهم. عاثوا فسادا في البلاد والعباد دون رقيب أو حسيب ونسوا أن عين الله الساهرة تراهم وتناسوا أن هناك شعب يراقبهم ويتيح لهم الفرصة تلو الأخرى لكن ماذا نقول طفح الكيل وبلغ السيل الزبى وتلاطمت الأمواج لتهدم قلاع الشر وتبتلع شوائب الظالمين إلى أعماقها السحقية. قال الشعب كفى لن نسمح بعد اليوم لعبيد الإستعمار أن يسوسوا الوطن وسنقتلع تلك الأشجار السامة من جذورها لن يكون الوطن مزرعة لحفنة من الأراذل هنا شعب يهتف فاسمعوا يامن تتجاهلون نداء الحق وصوت الكرامة. قد صدقناكم عقودا من الزمن واليوم لن نصدقكم فالشعب إن تآمر فإنما يتآمر عليكم أنتم المؤامرة الكبرى نعم اجتمع الجهل والتخلف والفقر ونادوا الكرامة والعزة والشجاعة ووضعوا خطة ليسقطوا عروش الفساد الجاثمة على صدر الوطن اجتمعوا جميعا في مؤامرة عظمى من المحيط إلى الخليج في حملة تنظيف للوطن وفي مكافحة التصحر الذي سببتموه من خلال رعيكم الجائر في مراعي وطني العربي الكبير.