لماذا تخلى برشلونة عن غوندوغان بالرخيص؟

عادل منصور
حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: «إلى الكوليز.. بعد عام واحد فقط حان الوقت لنقول وداعا، أتيت إلى هنا لخوض تحد جديد ومثير وكنت مستعدا له، بذلت كل ما في وسعي للقتال من أجل الفريق والنادي بأفضل شكل ممكن في موسم صعب، وكنت أتطلع لمساعدة فريقي في الموسم الجديد، الآن أغادر في وضع صعب، لكن إن كان رحيلي يساعد النادي ماليا فهذا يجعلني أقل حزنا، وعلى الرغم من ذلك فقد كانت فترة مليئة بالتجارب والتقلبات، لطالما أردت أن ألعب في برشلونة وأشعر بالاتمنان لتلك التجربة التي ستظل في ذاكرتي طوال حياتي، أتمنى لكم التوفيق في الموسم المقبل وفي المستقبل، الجمهور يستحق أن يعود بهذا النادي الكبير لقمة العالم» بهذه الكلمات العاطفية التي تندرج تحت مسمى «مدغدغة للمشاعر» ألقى قائد منتخب ألمانيا سابقا إلكاي غوندوغان، رسالة الوداع المفاجئة لعشاق نادي برشلونة في كل أرجاء العالم، وذلك بعد إجباره على مغادرة الإقليم الكاتالوني الثائر، وفي رواية أخرى أكثر صراحة وتعبيرا عن الموقف، بعد إتمام عملية طرده بالرخيص، كجزء من المسلسل الصيفي المُحبط والمُمل بالنسبة لمشجعي الكيان، بسباق محفوف بالمخاطر مع الزمن، لإيجاد مخرج أو طريقة ما، لتقليل الفجوة بين ميزانية أجور اللاعبين وبين إجمالي عائدات المؤسسة، أولا لتجنب عقوبات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا» وأيضا رابطة الدوري الإسباني «الليغا» بخصوص خرق قواعد اللعب المالي النظيف، كما حدث في تموز/يوليو العام، حين قامت مؤسسة اليويفا، بتغريم النادي 500 ألف يورو، لمخالفة لوائح اللعب المالي النظيف، ثانيا وهو الأهم بالنسبة للمدير الفني الجديد هانسي فليك، لإفساح المجال لتسجيل الوافد الجديد داني أولمو إلى القائمة، لا سيما بعد تسونامي الشائعات والأنباء التي كانت تتحدث عن مخاوف ابن أكاديمية «لا ماسيا» على مستقبله في بيته القديم الجديد، نظرا لتأخر الإجراءات الروتينية المتعلقة بتسجيل اسمه في القائمة، والتي تسببت في حرمانه من خوض أول مباراتين في حملة البحث عن استعادة لقب الليغا أمام فالنسيا وأتلتيك بيلباو.

وكل ما سبق، جاء عكس الوعود أو الرواية التي حاول الرئيس جوان لابورتا، بيعها للمشجعين وأعضاء الجمعية العمومية في حملته الانتخابية ضد المرشح العنيد فيكتور فونت في آذار/مارس 2021 بأن الحقبة المادية السوداء، ستزول إلى الأبد بعد موسم من وصوله إلى سُدّة الحكم في «كامب نو» قائلا جملته الخالدة «لقد تحلى مشجعو برشلونة بالصبر ونحن نعمل على تحويل الوضع من الوضع الذي وجدناه عندما جئنا إلى الرئاسة، ستكون الميزانية العمومية هذا الموسم إيجابية وآمل أن نتمكن من الوصول إلى نقطة التعادل في لائحة الليغا، التي من شأنها أن تسمح لنا بالاستثمار بقدر كبير من المال في الانتقالات بقدر ما نجمع من إيرادات» لكن على أرض الواقع، لم تحدث تلك الثورة المالية التي وعد بها المحامي الشهير، بالأحرى لم ير الجمهور شلالات «السمن والعسل» مكتفيا بالرهان على أصول النادي ومصادر دخله الدائمة على المدى البعيد، لشراء بعض الاستقرار المادي قصير الأجل، بدلا من الدخول في دوامة الإفلاس، بعد وصول ديون بطل أوروبا 5 مرات سابقة، إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ، والسؤال الذي سنحاول إجابته معا بعد الطريقة المهينة التي غادر بها غوندوغان.. هل يا ترى يسير برشلونة إداريا بخطى ثابتة نحو الطريق الصحيح؟ أم أنه لا يزال قابعا في المربع صفر؟

تضحية وصدمة

لا يُخفى على أصغر مشجع في برشلونة قبل عتاولة النقد والتحليل في أشهر الصحف والمنصات المقربة من النادي، أن التركي الأصل /الألماني الهوية، شأنه شأن عالم المركولة المجنونة، كان على علم بالأزمة المالية العاصفة التي يعاني منها ناديه المفضل في مرحلة الطفولة والمراهقة، مع ذلك، قرر التضحية بأوضاعه المستقرة تحت قيادة الفيلسوف بيب غوارديولا في مانشستر سيتي، ولا تنسى عزيزي القارئ، أنه غادر قلعة «الاتحاد» بعد وصوله إلى قمة المجد الكروي مع ناديه الإنكليزي، كواحد الركائز الأساسية في الفريق الذهبي للسكاي بلوز، الذي ظفر بثلاثية موسم 2022-2023 -البريميرليغ، وكأس الاتحاد الإنكليزي، ودوري أبطال أوروبا-، والشيء الأكثر أهمية وراحة بالنسبة للرئيس لابورتا وأصحاب القرار في مكاتب «كامب نو» أنه لم يُكلف الخزينة سوى راتبه السنوي، الذي لا يزيد بأي حال من الأحوال عن عشرة ملايين يورو، وذلك بعد اتفاقه مع مسؤولي السيتي على «الخروج الآمن» فور انتهاء عقده مع النادي، دليلا على حسن نوايا لاعب الوسط الثلاثيني، خاصة بعد تعثر محاولة نقله إلى البرسا في مرتين من قبل، وبالنسبة للإدارة الكاتالونية ومدرب الفريق آنذاك المايسترو تشافي هيرنانديز، كانت صفقة أقل ما يُقال عنها بوزن الذهب، لصعوبة وربما بدون مبالغة لاستحالة العثور على لاعب بمواصفات ومعايير زمن برشلونة العظيم، كلاعب يجمع بين الأناقة والخيال العلمي في الثلث الأخير من الملعب، وبين ما وصفه تشافي بـ«الحمض النووي» للبلوغرانا، حيث القدرة على ترويض الكرة والاحتفاظ بها بالمفهوم الشامل للاعب الوسط التكامل في أسلوب «التيكي تاكا» المتوارث في النادي، وهذا الأمر كان واضحا بالنسبة للمدرب السابق، الذي كان يعرف ويُقدر إمكانات وعقلية لاعبه الألماني، وهذا استنادا إلى «موندو ديبورتيفو» و«سبورت» وباقي ما يُعرف بالإعلام الكاتالوني، بأن تشافي هو من طالب الرئيس والمديرين التنفيذيين بالتوقيع مع غوندوغان في صفقة انتقال حر، نظرا لحاجة المشروع الشاب للاعب بخبرة وشخصية بطل ثلاثية 2023 مع المان سيتي، وقد وضح الاندماج المتبادل بين المدرب وقائد الألمان، أولا في قصائد الشعر والمدح المتبادلة، والتي بدأها إلكاي بوضع مدربه الجديد وقتها في مقارنة مع مدرب القرن الجديد بيب غوارديولا، قائلا في مؤتمر صحافي موثق «لقد أوضح تشافي أفكاره حول كيفية لعب الفريق بشكل واضح للغاية، إنه يشبه إلى حد كبير الطريقة التي لعبنا بها في مانشستر سيتي، إنها مدرسة مماثلة، ولكن في الطريقة التي تعامل بها مع المحادثات، وبصراحة، رأيت أيضا نوعا من شخصيتي تنعكس فيه»، في إشارة إلى تأثره وانبهاره بشخصية ذاك الأسطورة الذي ترعرع على الاستمتاع بلمساته القادمة من كوكب آخر، عندما كان يقود خط وسط البرسا العظيم حتى منتصف العقد الماضي، ثانيا في تأقلمه السريع مع أفكار المدرب، رغم أن الظروف لم تخدم الرجلين على أكمل نحو، لأسباب تتعلق في المقام الأول للأزمات والمشاكل التي تُمزق النادي على رأس الساعة، لذا لم يكن من المستغرب، أن نراه يكشر عن أنيابه بالطريقة التي توقعها منه الجمهور الكاتالوني، بأخذ الأسبقية للفريق في كلاسيكو تشرين الأول/اكتوبر الماضي، وذلك في أول ظهور له في كلاسيكو أمام الغريم الأزلي ريال مدريد، قبل أن يستيقظ على كابوس نهاية العمر، بأن الصورة القديمة المحفورة في ذهنه عن سحر رونالدينيو وميسي وتشافي والبقية، أصبحت من الماضي والقديم، بعد الصدمة التي شاهدها في غرفة خلع الملابس عقب الهزيمة في اللحظات الأخيرة بهدف غود بيلينغهام، وقال عنها في أول لقاء تلفزيوني بعد المباراة «لقد جئت للتو إلى غرفة الملابس، ومن الواضح أن اللاعبين يشعرون بخيبة أمل بعد مثل هذه المباراة الكبيرة، لكنني أود أن أرى المزيد من الغضب، والمزيد من خيبة الأمل. لم آت إلى هنا لأخسر مثل هذه المباريات، هذا جزء من المشكلة: عليك التعبير عن المزيد من المشاعر عندما تخسر وعندما تعلم أنك تستطيع اللعب بشكل أفضل، عليك أن تكون أفضل في مواقف معينة لكننا لا نتفاعل. كما أن لدي مسؤولية كلاعب كبير في عدم السماح بحدوث مثل هذه الأشياء للفريق، لأننا بحاجة إلى الصمود أكثر».

غدر وتربص

بدأ صاحب الـ33 عاما وزوجته سارة، يدفعان ثمن صراحته الشديدة، بما قيل على نطاق واسع في وسائل الإعلام، بشعور الزوجان بتخلي النادي عنهما من أجل الاستقرار في المدينة، وسبقها كان مدافع الفريق إنيغو مارتينيز، قد سجل اعتراضه علنا على الأسلوب الذي تحدث به زميله الألماني بعد الكلاسيكو، قائلا «أحيانا اللاعب يقول أشياء لا يقصدها» عكس المدرب السابق، الذي كان دائما وأبدا يتصدر قائمة المحامين والمدافعين عنه كلما أتيحت الفرصة، لدرجة أنه قال نصا في حديث صحافي في نفس شهر الكلاسيكو «لم نفسر كلمات جوندوجان على أنها مثيرة للجدل، ونحن نتفق مع ما قاله، ولم تكن هناك أي مشكلة في غرفة الملابس. لقد عبر عن الغضب الذي كان بداخلنا جميعا، ولا شيء آخر. الأمر يتعلق بالثقافة. إنه ينتمي إلى ثقافة مختلفة مقارنة بثقافتنا» في إشارة على طريقة «كل لبيب بالإشارة يفهم» بأن الصراحة المطلقة ليست دائما السياسة المفضلة داخل النادي الكاتالوني، مع ذلك، لم يتوقف صاحب الشأن عن توجيه انتقاداته اللاذعة لرفاقه في غرفة خلع الملابس، لعل أبرزها تصريحه الذي أثار عاصفة من الجدل في مارس / آذار الماضي، بوصف خطأ زميله الأوروغوياني في موقعة إياب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا ضد باريس سان جيرمان، بالغباء، لاعتقاده كان من السهل على زميله أن يتجنب كارثة الحصول على بطاقة حمراء في بداية هكذا مباراة حاسمة وفاصلة في موسم الفريق الأوروبي، الأمر الذي تسبب في غضب المدافع اللاتيني، ويُقال إنه لم يلق استحسان لابورتا ومجلسه المعاون، مثل الانقلاب الشهير على تشافي هيرنانديز، بعد كلماته الصادقة عن أوضاع النادي، والاختلاف الجذري بين القوة الشرائية التي كان يمتلكها قبل 25 عاما، بإمكاناته المادية المتواضعة في الوقت الراهن، لينتهي به المطاف، بالطرد من منصبه بطريقة أقل ما يُقال عنها «مُهينة»، كونها جاءت بعد أسابيع تعد على أصابع اليد الواحدة، من الاتفاق معه على التراجع عن قراره بالمغادرة في نهاية الموسم، كما أعلن في بداية النصف الثاني من موسمه الأخير، قبل أن يأتي الدور على غوندوغان، لينضم إلى قائمة المغضوب عليهم، وكانت البداية بعاصفة من الشائعات التي تشكك في قدرته على الانسجام مع أسلوب المدرب الجديد هانسي فليك، الذي يرتكز على فكرة الضغط الجنوني على المنافس من الثلث الأول من الملعب، في ما عُرف بالتمهيد للخروج القسري للاعب المخضرم، الذي ضحى بعروض أخرى لا تقاوم بعد انتهاء عقده مع السيتيزينز، من أجل أن يُحقق أكبر وأهم أحلامه في «كامب نو» قبل أن يعلق حذائه، وبعد الانتهاء من مرحلة التمهيد، تجدد الحديث عن المشاكل المادية وحاجة الإدارة للمضي قدما في سياسة تخفيض ميزانية أجور اللاعبين، مع تفاقم أزمة السيولية المالية للصيف الثاني على التوالي، تلك الأزمة التي تسببت في تأخر تسجيل الصفقات الجديدة في ميركاتو 2023 وأيضا داني أولمو، إلى أن جاءت انفراجة من السماء، بتعرض المدافع كريستينسن لإصابة طويلة الأجل، على إثرها سيبقى خارج الخدمة لنهاية العام الحالي، ولنا أن نتخيل أن التخلي عن غوندوغان وراتبه السنوي، لم يكن كافيا لإتمام عملية قيد ابن الأكاديمية البار، حيث كان يتعين على الإدارة، الاستغناء عن لاعب آخر براتب يزيد عن 3 أو 4 ملايين يورو في الموسم، للوفاء بكافة التزامات صفقة داني أولمو، التي تخطت حاجز الـ60 مليون على مدار السنوات الست القادمة، وإلا لكان لابورتا ومجلسه المعاون في موقف لا يُحسدون عليه، بعد الترويج لفكرة الاستغناء عن الدولي المقابل بدون مقابل، والسماح له بالعودة إلى ناديه السابق، والمشاركة في الفوز الكاسح على إيبسويتش تاون برباعية مقابل هدف في الجولة الثانية للدوري الإنكليزي الممتاز، بعد حوالي 48 ساعة من وصوله إلى الجزء السماوي في عاصمة الشمال، وهذا يفسر عدم ثقة الكثير من كبار الصحافيين الكاتالونيين في إدارة برشلونة الحالية.

علامات استفهام

بالعودة بالذاكرة إلى صيف 2023 سنجد أن الإدارة تعاقدت مع 7 لاعبين ما بين توقيع نهائي وعلى سبيل الإعارة، وهم غوندوغان، وجوليان أراوجو، وفيتور روكي، وأوريول روميو، وجواو فيليكس، وجواو كانسيلو وإينيجو مارتينيز، وحتى وقت كتابة هذه الكلمات، تُشير أغلب المؤشرات إلى أن الأخير هو من سيبقى في القائمة، لكن ما أثار غضب المشجعين وفتح الباب على مصراعيه لوضع علامات استفهام بالجملة، هو الهدف أو الفكرة من خروج النجم الألماني، خاصة بعد أرقامه الجيدة على المستوى الفردي، كثاني أكثر اللاعبين صناعة للفرص في الدوريات الأوروبية الكبرى بعد صانع ألعاب مانشستر يونايتد برونو فرنانديز، حيث ساهم في 13 تمريرة حاسمة لرفاقه من مشاركته بشكل مباشر فيما مجموعه 19 هدفا على مدار الموسم، وهي حصيلة أفضل من أرقامه في موسمه الأخير مع السيتي -موسم الثلاثية التاريخية-، بمشاركته بشكل مباشر في تسجيل 18 هدفا، كدليل على أنه كان بالإمكان الاستفادة من عصارة خبرته لموسم أو اثنين على أقل تقدير، بدلا من المقامرة بالاستغناء عن لاعب بهذه القيمة والجودة والشخصية، وفي رواية أخرى، لاعب يتمتع بما يكفي من خبرة ومهارة عالية لتقديم الإضافة وصنع الفارق مع مواطنه فليك، لكن على ما يبدو، أن التقدم الذي تحقق على الصعيد المالي، ما زال بعيدا عن خطط وأحلام لابورتا ومن قبله المشجعين، بتخطي مرحلة ما بعد «التوازن» بين ميزانية الأجور وحصيلة إيرادات العلامة التجارية، على الأقل لإنهاء فوضى تسجيل الصفقات الجديدة، قبل أن يصبح النادي قادرا على الإنفاق بأريحية، بنفس الطريقة التي استغلال بها أتلتيكو مدريد موقفه الإيجابي، بزيادة ملحوظة في الأرباح والمداخيل على حساب فاتورة الأجور، ليضخ ما يقرب من 150 مليون يورو، لتعزيز صفوفه بهذا الكم الهائل من الصفقات الرنانة، أبرزهم بطل العالم مع الأرجنتين ونجم السيتي السابق جوليان ألفاريز.
والحل أو المخرج بالنسبة للإدارة الكاتالونية في المرحلة المقبلة، يكمن في عدة مصادر للتمويل، من المتوقع أن تساهم في تحسن الوضع المالي المعقد، مثل العودة إلى ملعب «كامب نو» بعد الانتهاء من تجديده في منتصف الموسم الحالي، على أمل أن تساهم تذاكر المشاهدين والمشجعين في تقليل قيمة القروض المرعبة المستحقة على الخزينة، والتي تلامس المليار ونصف المليار بعملة القارة العجوز، وكذا يعول لابورتا على فوزه في نزاعه مع شركة نايكي للملابس الرياضية، لإعادة التفاوض على صفقة ملابس النادي، وهناك نزاع قضائي آخر بين الإدارة وشركة الاستثمار الألمانية ليبرو، لاسترداد ديون تُقدر بنحو 40 مليون، مقابل حصة متفق عليها بنسبة 10 في المئة من شركة «برسا فيجن» وكل ما سبق، يُصنف ضمن المحاولات المستميتة التي يقوم بها الرئيس، للتخلص من صداع سد الفجوة الكبيرة في خزائن النادي، والتي تُقدر بحوالي 100 مليون، وذلك بعد مرور 3 سنوات على ثورة «الروافع الاقتصادية» التي حاول من خلالها الاستفادة بجزء من الأصول والشركات التابعة للنادي على المدى الطويل، لتوفير التمويل اللازم لشراء الصفقات التي ساهمت في عودة الفريق إلى منصات التتويج، بالحصول على لقب الدوري الإسباني الموسم قبل الماضي للمرة الأولى في عصر ما بعد الأسطورة والهداف التاريخي ليونيل ميسي، وإلا سيبقى لابورتا ومجلسه المعاون في نفس الدائرة المغلقة، بالتحايل مؤقتا على لوائح وقوانين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لتأخير العقوبات المادية، ثم الدخول في صراعات أخرى إما لإلغاء العقوبة أو لتقليل المبلغ، هذا في الوقت الذي تتزايد فيه الشائعات، عن احتمال أن تكشف ميزانية النادي لموسم 2022-2023 عن أكبر خسائر في تاريخ كرة القدم الأوروبية، حتى بعد نجاح الرئيس في جمع ما يلامس المليار يورو من لعبة «الروافع الاقتصادية» كعلامة أن الأوضاع على المستوى المادي لا تسير كما يخطط لها لابورتا وأصحاب القرار في النادي، بمجرد الاكتفاء بتخطي الفترة الأكثر قتامة في تاريخ الكيان، وانتظار المجهول على المدى المتوسط والطويل.

طوق النجاة

يبقى طوق النجاة أو الأمل الوحيد بالنسبة للإدارة ومن قبلها الملايين من عشاق النادي، أن ينجح المدرب فليك، في محاكاة تجربته المبهرة مع بايرن ميونخ في مشروعه الجديد مع الكاتالان، ومن حسن الحظ، أن بدايته كانت موفقة للغاية، بضمان العلامة الكاملة في أول 3 مباريات في حملة البحث عن استعادة لقب الليغا، في الوقت الذي تعثر فيه حامل اللقب والمنافس المباشر ريال مدريد، مرتين في فخ التعادل في نفس عدد المباريات، في سيناريو لم يكن يتوقعه أو ينتظره فليك في مستهل مغامرته مع البلو غرانا، ليشق طريقه رفقة شريك النجاح المدوي في «آليانز آرينا» روبرت ليفاندوفسكي، الذي بصم على اثنين من أفضل مواسمه في مسيرته الاحترافية تحت إشراف فليك في مدينة السيارات الألمانية الفارهة، والتي تكللت بفوز النجم البولندي بجائزة «الحذاء الذهبي» كأفضل هداف في أوروبا موسم 2020-2021 بالإضافة إلى جائزة «ذا بيست»، كأفضل لاعب في العالم من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» ولولا تعليق حفل مجلة «فرانس فوتبول» بسبب جائحة كورونا، لتوج بجائزة «البالون دور» -الأكثر عراقة وأهمية بالنسبة لنجوم اللعبة-، وهذا بسبب انفجار ليفا بطريقة غير مسبوقة، بهيمنة مطلقة على جائزة هداف البوندسليغا مرتين على التوالي، الأول بإجمالي 34 هدفا في موسم 2019-2022 والثانية برقم قياسي تاريخي بتسجيل 41 هدفا، بخلاف غلته التهديفية في دوري الأبطال، على غرار تسجيل ما مجموعه 15 هدفا في موسم الثلاثية -دوري الأبطال، والبوندسليغا وكأس ألمانيا- 2019-2020، وغيرها من الأهداف والأرقام القياسية، التي جعلت عالم كرة القدم وعلى رأسهم ليونيل ميسي، يعترفون بأن ليفاندوفسكي كان يستحق الفوز بالكرة الذهبية عام 2020 على أن ينتقل هذا الشغف والانسجام بين فليك وليفا إلى باقي أفراد المجموعة، حتى يتمكن من وضع حجر الأساس الصحيح لهذا المشروع الشاب، الذي يحلم المشجع الكاتالوني البسيط، أن يسير على خطى تلاميذ وأبناء مدرسة «لا ماسيا» في بداية الألفية، حين تحولوا من مجرد أسماء واعدة في سماء كرة القدم الإسبانية، إلى علامات فارقة في تاريخ النادي، والحديث عن ليونيل ميسي، وتشافي، وإنييستا وباقي المجموعة التي خلطت أوراق فريق «الغالاكتيكوس» الأول في ريال مدريد بقيادة زين الدين زيدان، ولويس فيغو، ورونالدو الظاهرة، وروبرتو كارلوس وإلخ، والآن يتسلح اللوس بلانكوس بكتيبة من ألمع نجوم ومشاهير اللعبة في مقدمتهم كيليان مبابي، وفينيسيوس جونيور، وغود بيلينغهام ورودريغو غوس، في المقابل، يراهن الجمهور البرشلوني استمرار توهج لامين يامال وشريكه في المنتخب داني أولمو رفقة ليفاندوفسكي، أملا في تكرار مع حدث في بداية الألفية، حين نجحت المواهب الشابة في تقليل الفجوة مع أساطير الريال آنذاك، فهل تعتقد عزيزي القارئ وبالأخص مشجع برشلونة أن التاريخ سيعيد نفسه؟ وبالتبعية تحدث الانتعاشة الاقتصادية التي يحلم بها لابورتا؟ أم سيتأثر الفريق بالأزمة المالية المرشحة للانفجار في المرحلة المقبلة؟ دعونا ننتظر ما سيحدث.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية