لندن- “القدس العربي”:
أصرّت الكويت “صراحة وبإصرار” على رفض أية مقترحات لا تضمن السيادة العربية الكاملة على جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى التي تحتلها إيران، بينما أيدت السعودية حلاً وسطاً لا يشير بالضرورة إلى سيادة عربية على الجزر، وذلك بحسب وثائق سرية نشرها الصحافي عامر سلطان وكشفت عنها قناة “بي بي سي” البريطانية، عبر موقعها الإلكتروني.
وتشير الوثائق البريطانية إلى أن شاه إيران عبر عن رضاه الواضح عن سياسة السعودية، بينما أبدى سخطه على موقف الكويت.
وكانت وثائق أخرى، نشرتها “بي بي سي” قد كشفت عن أن بريطانيا أبلغت العرب بوضوح بأن الشاه مصرّ على “احتلال” الجزر الثلاث بمجرد خروج البريطانيين من المنطقة مالم يتم التوصل إلى تسوية مرضية له بشأنها.
وتكشف الوثائق أيضا أن إسرائيل فشلت في استدراج البريطانيين للكشف عن سياستهم بشأن الأمن في الخليج بعد انسحابهم من المنطقة نهاية عام 1971.
الوثائق البريطانية: شاه إيران عبّر عن رضاه الواضح عن سياسة السعودية، بينما أبدى سخطه على موقف الكويت.
وفي شهر أغسطس/ آب عام 1970، التقى سير ويليام لوس، المبعوث البريطاني الخاص إلى المنطقة، مع الملك فيصل بن عبد العزيز، عاهل السعودية، لبحث مشكلة جزر أبو موسى (التي كانت تابعة لإمارة الشارقة)، وطنب الكبرى وطنب الصغرى (اللتين كانتا تابعتين لإمارة رأس الخيمة)، وتكررت اللقاءات البريطانية – السعودية التي كشفت عن أن المملكة “أقل اهتماما بمصير الجزر”، وفق تقرير لسفارة بريطانيا في جدة.
وجاء الموقف السعودي في التقرير على النحو التالي:
أولا: ملك السعودية لا يريد المشاركة في أعمال الحماية المشتركة للجزر بين إيران وإمارتي رأس الخيمة والشارقة، إلا أنه لا يمانع في أن يفعل حاكما الإمارتين ذلك.
وكانت جولات المباحثات السابقة بين البريطانيين وحاكمي الإمارتين قد انتهت إلى إصرارهما على رفض أية ترتيبات من هذا النوع لأنها لا تؤيد سيادة إمارتيْهما على الجزر الثلاث.
ثانيا: أولوية السعوديين هي تسوية نزاعهم مع إمارة أبو ظبي (بشأن الشريط الحدودي الذي يقع فيه حقل الشيبة النفطي).
الوثائق البريطانية: أولوية السعوديين كانت تسوية نزاعهم مع إمارة أبو ظبي بشأن الشريط الحدودي الذي يقع فيه حقل الشيبة النفطي، وليس الجزر الثلاث
ثالثا: من المرجح ألا تساعد البعثة السعودية الكويتية المشتركة، المعنية بشؤون الخليج، كثيرا، هذا إن كانت هناك مساعدة من الأساس، في تسوية مشكلة الجزر. وسيكون من المغري والسهل جدا بالنسبة للأمير نواف (بن عبد العزيز مستشار الملك فيصل الخاص لشؤون الخليج الفارسي)، أن يعبر عن تأييده تأييدا يتسم بالعمومية لرفض حاكمي الإمارتين التنازل عن السيادة، بدلا عن أن يضغط بقوة حقيقية عليهما للتفاهم مع جارتهما الضخمة، أو أن يوضح لهما أن إمكانية اعتمادهما على مساندة السعودية لهما في حالة حدوث مواجهة (مع إيران) محدودة للغاية”.
وفي يناير/كانون الثاني 1971، أبلغ حاكم الشارقة الممثل السياسي البريطاني، المقيم في دبي، بموقف الأمير نواف، الذي عبر عنه في لقاء جمعهما، من نزاع الجزر.
كتب الممثل البريطاني تقريرا نقل فيه عن الحاكم قوله: “كانت رسالة نواف الرئيسية هي أنه يجب ألا يسمح الحكام بأن يمنع الموقف الإيراني من الجزر إنشاء اتحاد (للإمارات)”، في إشارة إلى أن تشكيل الاتحاد له، عند السعوديين، أولوية متقدمة على تسوية مشكلة الجزر.
ووفق التقرير، فإن الأمير السعودي شرح لحاكم الشارقة موقف بلاده قائلا إنه “على الإيرانيين أن يتقبلوا الاتحاد ويتركوا تسوية المشكلات الأخرى إلى وقت لاحق”.
وبحسب “بي بي سي” فإن الوثائق تشير إلى أن الشيخ خالد بن صقر، نائب حاكم رأس الخيمة، الذي حضر اللقاء، أعطى الأمير نواف، فكرة عامة عن نصيحة حكومة جلالة الملكة (البريطانية) بشأن حل محتمل للموضوع”، والذي كان حينها يوصي بتسوية وسط لا تحدد جهة السيادة على الجزر.
غير أن الأمير نواف قال للشيخ خالد: “الجزر عربية وأي اتفاق يُبرم فيما يتعلق بمستقبلها لا بد أن يعترف صراحة بسيادة العرب عليها”.
وبعد أيام من هذا اللقاء الثلاثي، اجتمع الوكيل السياسي لبريطانيا في دبي مع الأمير السعودي بصحبة الأمير صباح الجابر الأحمد الصباح وزير الخارجية الكويتي في ذلك الوقت (أمير الكويت الراحل).
ويشير تقرير المسؤول البريطاني حول اللقاء إلى أن تأثير الموقف الكويتي في مجرى النقاش كان واضحا.
ويقول التقرير إن البعثة السعودية الكويتية “كررت وجهة نظرهما بأن الأهم هو أنه لا يجب أن تُجبِر حكومة جلالة الملكة الحكام على قبول تسوية. وكل من نواف والصباح شددا بشكل كبير على هذا”.
وكان تقدير الدبلوماسي البريطاني هو أن نوع التسوية الذي تحث الحكومة البريطانية حكام الإمارات على إبرامها “هي برأي الأميرين تعارض مصالحهم (حكام الإمارات) لدرجة لا يمكن قبولها”.
غير أنه بدا لاحقا أن موقف الأمير نواف المعلن لم يكن هو موقف السعودية الحقيقي.
ففي أوائل شهر فبراير/ شباط عام 1971، زار عباس مسعودي، نائب رئيس مجلس الشيوخ الإيراني، السعودية لبحث نزاع الجزر.
وأبلغ دكتور رشاد بن محمود فرعون، أحد مستشاري الملك فيصل، السفير البريطاني في جدة بأن السعوديين “أبلغوا السيناتور الإيراني بأن الحكومة السعودية سوف ترحب في السر بتسوية عن طريق التفاوض. غير أنها إن سُئلت عن رأيها فإنها سوف تضطر إلى أن تقول علنا إن الجزر عربية”.
في الشهر نفسه جرت اتصالات مكثفة بين المبعوث البريطاني لوس ووزيري الخارجية الكويتي والسعودي كل على حدة. وكانت نتائجها محل نقاش في اجتماع لاحق جمع لوس بالشاه.
السعوديون قالوا إن حكومتهم سوف ترحب في السر بتسوية عن طريق التفاوض. ولكنها إن سُئلت عن رأيها، سوف تضطر إلى أن تقول علنا إن الجزر عربية
ووفق تقرير لوس عن النقاش، فإن الشاه “أقر بأن الموقف السعودي جيد وفق التوقع، لكنه انتقد بقسوة الكويتيين الذين ينصحون بشكل فعال الحكام (الإماراتيين خاصة حاكمي الشارقة ورأس الخيمة) بألا يبرموا أي اتفاق مع إيران”.
وينقل التقرير عن الشاه استخفافه بالموقف العربي عموما، إذ قال إن “الاستيلاء الإيراني على الجزر ربما يكون أسهل مخرج بالنسبة لكل الأطراف المعنية”، مضيفا أن الشاه “لم يعبأ بالاحتجاجات العربية الحتمية واعتبرها قليلة الأهمية. وقال إنه إذا عُرض الأمر على الأمم المتحدة، فإن لديه عددا كبيرا من الوثائق التاريخية التي تظهر بإسهاب عدالة قضية إيران”.
وتقول “بي بي سي” إنه بعد أيام، اُبلغ ممثل بريطانيا في قطر بأن السفير الإيراني لدى الكويت زار نائب حاكم قطر لمناقشة النزاع على الجزر.
وقال نائب الحاكم للزائر البريطاني إن السفير “تحدث بلغة قوية للغاية، قائلا إن الإيرانيين سوف يستولون على الجزر على أي حال في عام 1972، وتحدث بغضب عن الكويت التي تدخلت وفق اعتقاده ضد المصالح الإيرانية في هذا الأمر”.
حسب الوثائق، فإن البريطانيين لمسوا بأنفسهم تشدد الموقف الكويتي عندما رفض حاكم الشارقة، ذات مرة، نصيحة بالتسوية مع الإيرانيين.
فقد أبلغ الحاكم المبعوث البريطاني لوس بأن ” الكويتيين أكدوا أنه يجب أن ينشأ الاتحاد الفيدرالي (الإماراتي) ثم يتعامل هو (الاتحاد) مع مشكلة الجزر، وإن اُريد تحقيق تقدم قريبا، فإنه يمكن أن يحدث فقط على أساس اعتراف الإيرانيين بسيادة الشارقة”، على جزيرة أبو موسى.
لم تكن مصر بعيدة عن هذه الترتيبات.
ورغم أن الوثائق لم تشر بالتفصيل إلى الموقف المصري، فإن لوس التقى بالمصريين مرارا في سياق السعي، كما قال، لحشد التأييد للضغط على إيران لقبول حل وسط لتسوية النزاع.
وأشار محمد حسنين هيكل، الصحافي المصري الراحل، إلى أن مصر لم تمانع في تسوية مع الشاه بشأن الجزر لا تتضمن بالضرورة سيادة عربية عليها خاصة بعدما أخذ العرب إمارة البحرين، ذات الأغلبية الشيعية وحكم الأقلية السنية.
وقال في مقابلة تليفزيونية عام 2014 إنه شارك في التفاوض مع لوس. وفي المقابلة انتقد هيكل، الذي كان مقربا للغاية من الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر وأسند إليه بعض المهام المتعلقة بالسياسة الخارجية، ما وصفه بـ “سكوت العرب على مسألة الجزر خلال عهد الشاه ثم إثارتها بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979”.
موقف إسرائيل
تمتعت إسرائيل في تلك الفترة بعلاقات قوية مع نظام حكم الشاه المدعوم من الغرب، خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا.
وتكشف الوثائق أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة غولدا مائير سعت إلى معرفة سياسة بريطانيا بشأن النزاع على الجزر والترتيبات الأمنية المستقبلية التي تريد الحكومة البريطانية تطبيقها.
ففي يوم 30 ديسمبر/ كانون الأول عام 1970، التقى أهارون ريميز، سفير إسرائيل في لندن، بناء على طلبه، مع سير ويليام لوس، المبعوث البريطاني الخاص إلى الخليج بهدف “الاطلاع على الوضع في الخليج الفارسي وسياسة بريطانيا”.
السير ويليام لوس: منطقة الخليج كانت مهمة لإسرائيل لأسباب جغرافية واضحة بسبب علاقتها الخاصة بإيران، واعتمادها على الخليج في الحصول على الإمدادات النفطية
وفي برقية تلخص ما دار في اللقاء، قال لوس إن السفير أخبره أن “المنطقة محل اهتمام كبير من جانب إسرائيل لأسباب جغرافية واضحة بسبب علاقتهم (الإسرائيليين) الخاصة بإيران وبسبب اعتماد إسرائيل على الخليج في الحصول على كل إمداداتها النفطية”.
غير أن لوس لم يعط، كما قال، السفير الإسرائيلي سوى “موجز عام بشأن الوضع الراهن فيما يتعلق بالإمارات العربية المتحدة والجزر”. كما قال له إنه “ليس هناك الكثير يمكنه إبلاغه به بشأن سياستنا في هذه المرحلة”. وبرر المبعوث البريطاني ذلك بأن هذه السياسة ” لا تزال محل دراسة”.
ولم ينته اللقاء بذلك. فقد عبر السفير عن اعتقاده بأن “قلق إيران بشأن الجزر المتنازع عليها استراتيجي، وهو في رأي إسرائيل مشروع”.
وفي البرقية التي أرسلت إلى مكتب وزير الخارجية وإدارة الشرق الأدنى، لفت لوس الانتباه إلى أن ريميز “حاول جره للحديث بشأن ما إذا كانت إيران سوف تملأ الفراغ الذي سوف يخلفه انسحاب القوات البريطانية”.
غير أن المبعوث البريطاني، أكد أنه لم ينجر إلى ذلك و”رفض التكهن بهذا الشأن”.
للتاريخ الموقف العربي الوحيد الذي كان ينادي بعروبة الجزر الثلاث هو موقف العراق..الذي شهدت مدنه خروج مظاهرات كبيرة ضد
احتلال الشاه للجزر العربية الثلاث في 1971.ان اهم واقرب الجزر للامارات هي جزيرة ابو موسى لو عادت فان الطنبين اقل اهمية منها.
ونحن نطالب ان ترجع العراق الى تركيا كمحافظة كما كانت في الاصل لكي يتم اخراج الخمينية منها.
هناك لقاء أجرته مجلة العربي الكويتية لسكان جزيرة أبو موسى التابعة لإمارة الشارقة سنة 1969 !
ولم يكن بالجزيرة شخص إيراني واحد, بل كان هناك مدرسين من مصر لتعليم أبناء العرب في الجزيرة!! ولا حول ولا قوة الا بالله