لماذا غابت السعودية والكويت عن لقاء أبو ظبي؟

حجم الخط
8

اجتمع قادة قطر والأردن والبحرين وعُمان والإمارات ومصر في أبو ظبي مؤخرا تحت عنوان عام يمكن تلخيصه بالتشاور حول «الاستقرار والازدهار في المنطقة وترسيخ التعاون بين دولها»، وبما أن هذه القضايا تخص أيضا طرفين بارزين في منطقة الخليج، وهما السعودية والكويت، فقد أثار غيابهما عن الاجتماع، بعض التساؤلات.
قبل الاجتماع الآنف بأسبوع طالب صندوق النقد الدولي «حلفاء مصر الخليجيين» الوفاء بتعهداتهم الاستثمارية، وتسهيل «شركاء مصر الدوليين والإقليميين وخاصة الدول الخليجية» منح 14 مليار دولار، وهو ما دفع مراقبين عديدين للاعتقاد بأن لقاء أبو ظبي كان لبحث تلك المطالبة.
كان صندوق النقد قد وافق على منح مصر قرضا بقيمة ثلاثة مليارات دولار، غير أن هذا القرض لا يستطيع أن يسدّ أعباء خدمة الدين العام الذي شارف وقت سدادها هذا العام.
إضافة لذلك فقد اشترط الصندوق على الدولة المصرية القيام بإصلاحات هيكلية واسعة، وتعزيز الشفافية بما يضمن بيع الأصول العامة، لسداد ديون الصندوق والشركاء الدوليين، والتي ستصل مع نهاية العام الحالي إلى 200 مليار دولار.
يمكن لهذا أن يفسّر تصريحات وزير المالية السعودي، محمد بن عبد الله الجدعان، التي أطلقها بعد يوم من الاجتماع المذكور، من دافوس السويسرية، والتي أكد فيها أن المملكة ستغيّر طريقة تقديم المساعدات لحلفائها.
كان لافتا قول الجدعان: «نريد المساعدة لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم»، وهو ما يمكن اعتباره نقدا ضمنيا للسياسات المالية للدول المعنية (التي لم يسمّها).
أقوال المسؤول السعودي كانت قد سبقتها، قبل أسبوع، تصريحات من أسامة شاهين، أمين سر مجلس الأمة الكويتي، الذي حذّر حكومة بلاده من الاستجابة لمطالبة صندوق النقد الدولي بتسديد 14 مليار دولار على شكل ودائع وقروض لمصر لسد العجز في ميزانيتها العامة، بل طالب حتى باستعادة الودائع الكويتية «المعطلة»، كما وصفها.
تظهر التصريحات السعودية والكويتية، وحتى اشتراطات صندوق النقد الدولي، وجود إحساس بأن السياسات المالية للدولة المصرية أشبه بثقب أسود للأموال.
تبدو المنح والقروض الخليجية، وحتى قروض الصندوق الدولي، بهذا المعنى، دفوعات مصروفة من مستقبل البلاد لتمويل المؤسسة العسكرية (صفقات الأسلحة)، والأجهزة الأمنية (التي امتدت شركاتها إلى الإنتاج التلفزيوني)، والصرف على المشروعات الكبرى، مثل إنشاء العاصمة الإدارية، وبناء مدن في الصحراء، وكذلك لتمويل شركات الجيش التي تنافس القطاع الخاص، وتتمتع بإعفاءات وامتيازات، وتتملك الأراضي الواسعة، وتسيطر على صناعات كبيرة، من محطات الوقود، إلى الزراعة، والنفط، والإسمنت، والصناعات الغذائية.
الغائب الأكبر في هذه المعادلة هو الشعب المصري الذي يناضل أفراده للحصول على قوت يومهم، بعد أن زاد التضخم على 20٪، وانخفض الجنيه، منذ عام 2015 أكثر من أربع مرات ونصف (من 7 جنيهات للدولار إلى 32 جنيها)، وفي ظل هيمنة الجيش (المحميّ، والمعفى من الضرائب، والمتمتع بالامتيازات)، ومنافسته القاسية للقطاع الخاص، أكبر موظف للعمالة في البلاد، والذي يعاني من عجز في العملات الأجنبية، يتراجع الاقتصاد المصري من دون أفق للتحسّن، وتنضاف أعداد أكبر من المصريين إلى الطبقات الفقيرة، حيث يقبع قرابة 60 مليون مصري تحت خط الفقر.
ينتقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشكل متكرر، الزيادة السكانية الكبيرة في مصر، ويطالب المصريين بخفض الولادات، وتفرض السلطات ضرائب على الزيجات، ولكن الزيادة السكانية وحدها لا تفسر السياسات الخاطئة للحكومات المصرية، والمسؤولية في التدهور الحاصل مرتبط بالسياسات المالية التي تقوم بتوسيع العجز في الميزانية عبر الصرف الذي لا يتناسب مع الموارد، وتغطية ذلك بالحصول على قروض دولية كبيرة بفوائد تعتبر الأعلى في العالم، مضافا إلى ذلك الأعطاب الكبرى على الاقتصاد التي تخلفها هيمنة الجيش على الاقتصاد، وما يتبع ذلك من الإضرار الكبير بالقطاع الخاص، وصرف أموال القروض على مشروعات كبرى، ثم الاقتراض مجددا لدفع فوائد القروض.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ” تظهر التصريحات السعودية والكويتية، وحتى اشتراطات صندوق النقد الدولي، وجود إحساس بأن السياسات المالية للدولة المصرية أشبه بثقب أسود للأموال. ” إهـ
    هذا الثقب موجود بمدينة السيسي الجديدة !
    فالقصور الرئاسية بهذه المدينة أفخم من تلك الموجودة بالكويت والسعودية !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول سامح //الأردن:

    *للأسف معظم الدول العربية تعاني من نفس
    المعضلة( كل السلطات بيد الزعيم)؟؟؟!!!
    الله يصلح حال وأحوال العرب والمسلمين
    في كل مكان.
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد وظالم ومضلل للحق والحقيقة.

  3. يقول سيف الحق:

    السيسي وأمثاله كبشار الكيماوي والكبتغون هم أكبر عملاء الصهيونية العالمية لتدمير الإقتصاد الخليجي

    1. يقول Dr Arabi,UK:

      يا شيخ هل انت متاكد؟

  4. يقول Moubarak Lebatt:

    تدمير الاقتصادات الخليجية عبر السيسي….الصهيونية خططن لكل شيء .

  5. يقول احمد - مصر:

    أتفق مع ما جاء فى الرأى …..وأعتقد أن كلا البلدين أدركا :
    ،،،،
    أولا … أولا أن دولة االإمارات هى أكثر الدائنين فى الإستحواذ على أصول الدولة المصرية وشراء الشركات ( حتى الرابحة منها ) إستخلاصا لديونها !
    ….
    ثانيا … أن عبد الفتاح السيسى، يستغل هذه الأموال فى الصرف على مشاريعه الخاصة بامبراطورية الجيش الذى تحت إدارته وهى بعيدة كل البعد عن شئون الشعب سواء فى الإنتاج أو الإستثمار الحقيقى لسداد هذه الديون ، ويعلمون أن مصير أموالهم سيذهب إلى المجهول !
    ………
    والرأى صحيح فى مسألة إفقار الشعب فى ظل حكم هذا الرجل ، الذى ليس له علاقة لا بالسياسة أو الإقتصاد .. والشيئ الوحيد الذى يفهمه هو الأسلوب المخابراتى مثل طريقته فى إبتزاز دول الخليج للمساهمة المالية لإنقلابه على رئيسه الشرعى المنتخب بذريعة أن حكمه سينشر فكر الإخوان فى المنطقة وبالتالى سيمثل خطرا على عروشهم ! وأعتقد أن غالبية الشعب يدرك مسئولية الأموال الخليجية كسبب لإستمرار حكم هذا الديكتاتور وهم يعلمون أن الغليان الشعبى فى إزدياد وسيتم الإطاحة به يوما ما … وأما أموالهم فستذهب هباء .
    …….
    شكرا للسعودية والكويت على الإستدراك ولإفاقة قبل فوات الأوان !

  6. يقول المتوكل بالله:

    الهند عدد الولادات فيها وعدد السكان يفوق مصر
    الفرق بين الهند ومصر هو احترام الانسان وبالتالي احترام ارادته
    كم من خطط تنمية وضعت وكم من وزارة تخطيط انشاءت وماذا كانت النتيجة؟
    ديون وقروض وفقر في الاخلاق والمبادئ!وتبعية وفقدان اي نوع من الاستقلال
    البنك الدولي لا يستطيع فرض شروطه على الهند ولا حتى على افقر دول العالم

  7. يقول شهاب الجزائر:

    هذه تراكمات الحكم العسكري الاستبدادي منذ جمال
    عبدالناصر إلى يونا هذا، دولة تقتات على مساعدات
    أجنبية و ديون منذ سبعين سنة و تدعي القوة السياسية
    و الإقتصادية.

إشترك في قائمتنا البريدية