عمان – «القدس العربي» : وجدت البوصلة السياسية الأردنية نفسها على نحو أو آخر مجدداً أمام مفترق الطرق القديم ووسط السؤال الخليجي المزمن.. الاتجاه نحو السعودية وحضنها أم الانفتاح أكثر على ما يسمى في صالونات عمان بالخيار التركي – القطري؟
طوال الأسبوعين الماضيين، تنشغل النخبة الأردنية بملف المصالحة الخليجية أكثر من أي ملف آخر. والسبب على الأرجح هو استنفاد الطاقة المخزونة تحت عنوان مواصلة عملية التوازن والبحث في خيارات التمحور والاصطفاف التي تؤشر وبوضوح اليوم إلى صعوبة أو حتى شبه استحالة تحقيق مكسب مع جميع الأطراف. وتقرأ التقارير العميقة في الأردن مسار الأحداث على نحو ينتج المزيد من التشويش.
حتى اللحظة لم تفهم عمان لماذا قررت السلطات المصرية السماح لرئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية بمغادرة غزة فجأة إلى رحلة خارجية منوعة قد تشمل ماليزيا وتركيا وحتى دولة قطر أو أي عنوان فيه مصلحة للشعب الفلسطيني، كما قال هنية نفسه.
الانطباع يتشكل وسط المؤسسات الأردنية أكثر بأن لعب المصريين بورقة مغادرة الشيخ هنية في رحلة خارجية رسالة مناكفة قوية من الرئيس عبد الفتاح السيسي للسعودية تحديداً، بسبب تلك الحساسيات التي تظهر بالإعلام المصري الرسمي يومياً منذ تم الإعلان عن انفراجة في العلاقات القطرية السعودية واحتمالات المصالحة.
المعلومات الأمريكية التي أبلغت للأردنيين تحدثت عن جملة أمريكية معترضة قوية جداً وحازمة ضغطت على السعوديين لإغلاق ملفين قبل حلول العام الجديد 2020، وهما: ملف المصالحة مع قطر والتي يمكن القول إنها نضجت سعودياً على الأقل، ثم ملف الحرب على اليمن.
عندما يقرر الأمريكيون التعمق في سيناريو إنهاء الحرب على اليمن، ستصبح عاصفة الحزم السعودية بحاجة إلى حليف صديق يستوعب حواراً مع الحوثيين أو غيرهم.. هنا تحديداً وحصرياً تستعد عمان وتبدو جاهزة لاستقبال المتحاورين لصالح مخرج سعودي استراتيجي من الأزمة يحفظ، ولو قدراً من الكرامة، لانسحاب السعودية العسكري.
في المسألة المصرية ثمة قناعة أردنية في استنتاج لا يعارضه حتى الشيخ هنية من باب التحليل، كما استمعت «القدس العربي» منه مباشرة إلى أن القاهرة تشعر بأن ملف المصالحة مع قطر يتسرب من تحت أرجلها وسينتهي بمصالحة سعودية مع تركيا أيضاً لاحقاً، ما يخرج مصر من الباب القطري والتركي بلا مكاسب.
ثمة أيضاً شريك لمصر في هذا التموقع الإقليمي تحاول ماكينة عمان استشعار نواياه، حيث دولة الإمارات العربية المتحدة التي قررت التغيب عن المشهد اليمني عسكرياً بالتوازي مع الصمت والانسحاب مع مشهد المصالحة مع قطر في نفس الوقت الذي بدأت تصدر فيه من الكويت والمنامة رسائل ناعمة تحت عنوان الحفاظ على وحدة مجلس التعاون الخليجي.
بوصلة لا تزال تائهة ودور محتمل مع الحوثيين ومصالح «مع الجميع»
في تقدير الحكومة الأردنية قد تفسخ مصالحة سعودية قطرية مجلس التعاون الخليجي بنفس القدر الذي تسبب فيه حصار قطر بالانقسام. تلك أيضاً مساحة اشتباك تريد عمان أن تقيس مصالحها وهي تشتبك مع تفصيلاتها، فما أسماه وهو يتحدث لـ «القدس العربي» سابقاً وزير الخارجية أيمن الصفدي بسياسة التوازن بعد إعلان حصار قطر قد لا يصلح مثله من التوازن في مواجهة التفسخ الجديد.
وهنا يلاحظ كثيرون من خبراء الخارجية الأردنية بأن علاقات بلادهم بقطر وهي تتحسن وتنمو، يقابلها برود شديد في أعصاب العلاقة مع دولة الإمارات ودون أن يوازي ذلك حساسية سعودية كما كان يحصل في الماضي، فالملك سلمان بن عبد العزيز وجه دعوة للملك عبد الله الثاني لحضور قمة العشرين كضيف شرف في الوقت الذي استقبلت فيه الدوحة نخبة من أهم جنرالات المؤسستين العسكرية والأمنية في الأردن.
خلافاً لما كان يحصل في الماضي، أبلغت السعودية السفير الأردني في الرياض بأن وديعة لها في البنك المركزي الأردني بقيمة 350 مليون دولار صدر أمر من الملك سلمان بتحويلها إلى منحة. حصل ذلك بالتوازي مع تسريب من الدوحة عن وديعة لدعم الدينار الأردني بمليار دولار أمر بها الأمير تميم وفي مرحلة انفتاح غير مسبوقة في العلاقات الأردنية القطرية.
المعنى هنا واضح سياسياً، فالقطيعة بين عمان والدوحة فجأة لم تعد شرطاً لأي تقارب بين الأردن والرياض، وفيما تناكف مصر السيسي بورقة حماس تدخل العلاقات بين عمان وأبو ظبي في ثلاجة التسكين، وتغيب تلك الإنشائيات عن التمحور، وتبرز خلافات بالجملة؛ مرة لها علاقة بالتطبيع مع إسرائيل، ومرات لها علاقة بالملفين السوري والإيراني وحتى بالملف الليبي.
وسط هذه التموقعات يعيد الأردن اليوم حساباته ويجري مراجعاته.
وما قد يعيق مصالحه في النتيجة هو الإصرار على تلك المدرسة الكلاسيكية التي لا تزال تعتقد بأن تحقيق مكاسب مع جميع الأضداد ممكن.
وإلى أن ينجلي غبار التحالفات المتحركة في الإقليم والاصطفافات المرنة.. يمكن القول بأن بوصلة عمان الخبيرة العميقة تترقب ولا تستعجل النتائج، وتحاول أو تناضل من أجل البقاء على مسافة واحدة من الجميع على الأقل إلى أن تتغير الأحوال.
غضب الأرباب مصيبة كبرى على الرعية….
نتمنى ان تعم المصالحه جميع الاقطار العربيه وان لا تستقطب اي دوله على حساب دوله اخرى بل إن تتوحد الاتجاهات نحو هدف يتم تحقيقه من اجل مصالح الشعوب وليس اشخاص فلا غنى لدولة عربية عن الاخرى فنحن مكملين لبعضنا البعض ولنا ذات الهدف والتاريخ فلنسعى الى تحيق وحدة شامله تجمعنا في بوتقة واحده ننبذ فيها الخلاف ومن يزرع الفتنة ويقتات من وراءها ولو ضاعت شعوب الارض