خلال زيارة سابقة لشيكاغو لاحظت قدرا من التعاطف السياسي يبديه أبناء الجالية الفلسطينية هناك مع الأمريكيين الافارقة، بحكم تاريخ الاضطهاد المشترك الذي عانى منه الطرفان، وعلى المستوى المحلي، فإن عددا كبيرا من المحلات التجارية في الأحياء التي يغلب عليها السود، مملوكة للعرب، خصوصا الفلسطينيين واليمنيين، الذين حققوا نجاحات تجارية كبيرة، منذ قدومهم للولايات المتحدة قبل عقود.
وعلى الرغم من النظرة السلبية السائدة عن أحياء الافارقة الأمريكيين، بسبب ارتفاع معدل الجريمة، وانتشار عصابات المخدرات، وحوادث القتل، في تلك الأحياء، فإن العرب حافظوا عموما على علاقات طيبة معهم، ولم يتأثروا بتلك الحوادث، كون معظمها كان يقع بين الأفارقة الأمريكيين أنفسهم، أو بين الأمريكيين من أصول لاتينية، حيث تنشب مواجهات دامية بين عصابات الأحياء الفقيرة منذ عقود طويلة، بلغت أوجها في السبعينيات، لدرجة أنها كانت تخرج أحيانا عن سيطرة الشرطة المحلية.
لكن الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت بعد مقتل جورج فلويد، شهدت توترا كبيرا في العلاقة بين العرب والأمريكيين الأفارقة، فخلال أعمال النهب الواسعة التي تمت في أحياء السود في شيكاغو، تعرضت معظم محلات العرب هناك، لهجمات وعمليات سرقة، من قبل سكان تلك الاحياء، التي عمل فيها العرب لعقود، وقد اضطرت هذه الحوادث العرب، خصوصا الفلسطينيين واليمنيين، لحمل الأسلحة لحماية محلاتهم، كما وقعت بعض المواجهات المحدودة بين أصحاب المحلات العرب، والأمريكيين الأفارقة الذين هاجموا محلاتهم، وأصيب أحد اليمنيين بضربة مطرقة على رأسه. الكثير من الأصدقاء الفلسطينيين في شيكاغو تحدثوا عن مصابهم وخسائرهم، بسبب هذه الهجمات التي استمرت ليلتين كاملتين، وقد تحدثت مع عبد الرحمن فرحان في شيكاغو، وهو تاجر يملك خمسة محلات في حي Calumet Park ، وأعرب عن استيائه بعد نهب محلاته الخمسة وخسارته ما يقرب المليوني دولار، بينما سقف التأمين للمحل الواحد 100 ألف دولار فقط، ويظهر فرحان في عدة فيديوهات، وهو يتحدث مع سكان الأحياء من الأمريكيين الأفارقة ويسألهم، لماذا تدمرون أحياءكم، لماذا نهبتم صيدلية «والجرين» الوحيدة في حيكم؟ من أين ستشترون الدواء لعائلاتكم غدا؟ وتكرر الأمر مع عدة فلسطينيين تعرضت محلاتهم لهجمات .وحتى بعض الأمريكيين الأفارقة في شيكاغو وجهوا انتقادات لاذعة لبني قومهم، ونشرت إحدى السيدات صورا لمحل تم نهبه في شيكاغو، وكتبت معلقة على حسابها في تويتر، «لم يقم أي من رجال الشرطة بتدمير حينا، لم يقم العنصريون البيض بسرقة محلاتنا، يجب أن نتوقف هنا عن لوم الآخرين، نحن من فعلنا ذلك لأنفسنا، هؤلاء الشباب السود الذين قاموا بذلك يفتقرون للأخلاق والقيم». وهو ما يسلط ضوءا على جانب آخر من القصة،
كثيرا ما يتم تجاهله، رغم أن تجنب انتقاد جرائم النهب والسرقة التي تحصل، لأن منفذيها من السود، هو أيضا تحيز عنصري، تماما كما يتجنب البعض الحديث عن انتهاكات الشرطة الأمريكية لأن منفذيها من البيض. ويبدو حديث السيدة الأمريكية الافريقية جزءا من أصوات بدأت تتعالى بالنقد الذاتي في تلك المجتمعات، وتحميلها جزءا من المسؤولية عن أوضاعها .ولا يقتصر الأمر على المجتمعات الافريقية، فحتى بعض مناطق العرب تعاني من المشكلة نفسها، بسبب تهرب سكانها من دفع الضرائب، مثل ديربرن في ميتشيغان، إذ تبدو أحياؤها مهملة وشوارعها رثة، وبلديتها من أفقر البلديات، رغم أن أغلب سكانها العرب ميسورو الحال.
الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت بعد مقتل جورج فلويد، شهدت توترا في العلاقة بين العرب والأمريكيين الافارقة
واعتمادا على مشاهداتي الشخصية خلال زيارة سابقة، لأحياء الافارقة الأمريكيين في شيكاغو، كحي Calumet Park وهو من أكثر الأحياء التي تعرضت في الأيام الأخيرة لعمليات نهب هائلة من سكانها، وشمل ذلك المحلات العربية، فإن قلة اهتمام السكان السود هناك بالعمل، مقابل الاعتماد الكبير على المعونات الاجتماعية والتهرب الضريبي والعقاري، قاد لسوء مستوى المدارس والتعليم والخدمات، وأدى إلى الإضرار بالمجتمعات الأمريكية الافريقية، كما أن هناك تسربا كبيرا من مدارس الأطفال، ويعود ذلك لقلة الاهتمام بالتعليم في تلك الأحياء الفقيرة، فهناك بعض العائلات تفضل أن تخرج ابنها من المدرسة وتدعي أنه عاجز وتحصل على تقرير طبي، بهدف الحصول على معونة حكومية شهرية بقيمة 600 دولار .وهكذا تقل نسبة الحضور في المدارس، وبالتالي يقل الدعم من الولاية، الذي يعتمد على عدد الطلاب، ويبقى فقط الدعم المعتمد على ضرائب الأحياء والعقارات، الشحيحة أصلا؛ بسبب التهرب الضريبي، ولذلك تحاول الحكومة تعويض ذلك، بالتعليم الجامعي، إذ يدرس الكثير من الطلبة الأمريكيين ذوي الأصول الافريقية من تلك الاحياء الفقيرة، بمنح حكومية مجانية. ومع إجماع معظم المختصين بأن التمييز العنصري لا يزال حاضرا في الولايات المتحدة، رغم تجريمه قانونا، إلا أنه من الواضح أيضا أن الأمريكيين بذلوا جهودا أيضا، لإلغاء العبودية وتحقيق العدالة الاجتماعية، فلم تتوقف المحاولات منذ الحرب الأهلية التي وحد فيها إبراهيم لنكولن البلاد عام 1863، والتي أصدر فيها إعلان تحرير العبيد، إلى قانون الرئيس كينيدي عام 1961 الشهير باسم affirmative action الذي هدف لتوزيع عادل للوظائف وتكافؤ الفرص بين الأعراق، وهذا المفهوم الأخير، اعتمدته الجامعات الامريكية لمنح نسبة عادلة لقبول الطلاب الافارقة في الجامعات، تعوض ضعف مستوى التعليم في مدارسهم ونقص درجاتهم في إمتحانات القبول الجامعي SAT ، التي تشير وفق دراسات بحثية تمت منذ عام 2000 الى 2015، واستهدفت مقارنة نتائج الطلاب الامريكيين وفقا لانتماءاتهم العرقية، إلى أنهم يحصلون على أقل الدرجات في هذه الامتحانات، بينما يحصل الآسيويون الآمريكيين على اعلى الدرجات يليهم البيض فاللاتينيون، ولذلك باتت الجامعات تمنح ما يشبه «البونص» للطلاب الأفارقة الأمريكيين، لتمكنهم من الحصول على نسبة تلائم تعدادهم السكاني في امريكا رالبالغ نحو 13%، ووفق دراسة مطولة لعالمي اجتماع أمريكيين نشرت في كتاب، واعتمدت على نتائج 9000 طالب في 9 جامعات، فإن الطالب الافريقي الأمريكي يعامل بافضلية قدرت بـ310 نقطة على الأبيض، بمعنى أن الطالب الأسود الذي يحصل على درجة 1000 في امتحان الـSAT للقبول، لديه فرصة الطالب الأبيض الحاصل على1310، في القبول الجامعي، ويبدو السبب في ذلك هو أن الجامعات حريصة على «كوته» تضمن وجود نسبة من السود، ولأن درجاتهم ضعيفة حسب نتائجهم، فانهم يحصلون على ما يشبه «بونص»، لضمان وجودهم وبالتالي تحقيق التنوع بالاعراق المقبولة في الجامعات. ووفق دراسة اجتماعية اخرى، فإنه لولا هذه «الكوتة» التي تمنح للسود للقبول الجامعي وتعوضهم نقص درجاتهم، لكانت نسبة قبولهم انخفضت في بعض الكليات النخبوية من33% الى12% فقط، وما زال الموضوع مثارا للجدل بين مؤيد ومعارض لـ affirmative action، والمظلوم الأكبر بهذه الكوتة هم الآسيويون الأمريكيون، الذين يحصلون على أعلى الدرجات في امتحانات الـSAT، وتقول الدراسة إن درجاتهم تخفض بمعدل 140، لذلك رفعوا قضايا للمحاكم على جامعة هارفرد وغيرها، لكن الجامعة تنفي ذلك وتقول إن الاختبار الاكاديمي ليست المقياس الوحيد، وهناك الصفات الشخصية وغيرها من المعايير.
ولعل القصة الأكثر تعبيرا عن هذه السياسة، هي قصة الطالب الهندي الذي ادعى أنه افريقي، وغير قصة شعره في المقابلة الجامعية، ليحصل على قبول جامعي كلية الطب، ليؤلف لاحقا كتابه بعنوان «تقريبا أسود» Almost Black.
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
*المشاكل الاجتماعية موجودة في كل الدول
(المتقدمة والنامية).
المهم قدرة الحكومة على حل هذه المشاكل
يصعب على زائر أن يلم بتفاصيل الأمور هناك. هناك دراسات عديدة، و من البيض تؤكد أن العنصرية مهيكلة عرفيا و مترسبة في اللاوعي الجمعي للبيض. المشاكل الإجتماعية لا توصف و لا تحلل من نماذج منتقاة.
وجب التنبيه فقط
شكراً للكاتب على المعلومات, أمريكا أصبحت في فوضى عارمة!
إجتمع الفقر والجهل والبطالة ثم العنصرية!!ولاحول ولاقوة الا بالله
معظم مهاجري دول آسيا وأوروبا لأمريكا بما فيهم عرب ومسلمين ومسيحيون وهندوس أنجزوا الحلم الأمريكي وبنوا عظمة أمريكا على بعد آلاف أميال من بلدان أصلية، بالمقابل فشل عديد من مواطني أمريكا السود بذلك رغم تحرير أجدادهم من عبودية منذ زمن طويل بل إن نسبة المجرمين من السود أضعاف نسبتهم من البيض وينطبق ذلك على بعض من هاجروا من مناطق قريبة جداً مثل دول أمريكا اللاتينية وأن لاحقتهم أجهزة أمنية يحاول بعضهم إفلات من محاكمة وعقاب بموجب قوانين سارية فيهرب ويقاوم إعتقال وتحصل أحياناً إصابات تستغلها أحزاب معارضة.
بكل دولة أفراد وجماعات تعارض قوانين سارية فتسعى للكسب بطرق غير مشروعة من جرائم سرقة ومخدرات وإغتصاب وتجارة بشر وغسل أموال إلخ وأن كشفتهم أجهزة أمنية يحاول بعضهم إفلات من محاكمة بموجب قوانين سارية فيهرب ويقاوم إعتقال وتحصل أحياناً إصابات، لكن المضحك أن يتحول حق تظاهر سلمي من مطالب مشروعة كتعليم وصحة وتشغيل إلى مطالب بحماية حرية ارتكاب جرائم وحرية مجرم بالهرب من الشرطة وحرية مجرم بمقاومة إعتقال وإفلات من محاكمة وعقاب وتتفاقم المصيبة حين يتم دعم ذلك من أحزاب معارضة أو أقليات عرقية أو جهوية أو عشائر
على الجالية العربية بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص ان يفكروا طويلاً وان يتحكموا في عواطفهم وردة فعلهم في هذا الوقت المشحون بالعنف والعنصرية التي ستطاولهم مثلما طالت السود اما المحلات التجارية فستتكفل مؤسسات التأمين بالخسائر وان على صاحب المحل الذي يسكن في هذه المناطق ان ( لايبخل) في تامين محله الذي يساوي أضعاف بوليصة التأمين وفي النهاية ( يندم) لانه لم يدفع تأمين اكبر
عند تكون هناك عنصرية مسيطرة في المجتمعات فهي ستكون عائقاً كبيراً في في تقدم الجاليات الوافدة الى هذا البلد والأمثلة على ذالك كثيرة منها حال الفلسطينيين في لبنان وفي فلسطين المحتلة وحال المغاربة والجزائريين في فرنسا وغالبية الأتراك والعرب في ألمانيا وكذالك حال المغاربة في بلجيكا وهذا ينطبق على الأمريكيين السود خلاصة الحديث انه عندما تعامل المجتمعات الوافدين بعصرية وتعزلهم في أطراف المدن او في حارات مخصصة لهم وتمنع اختلاطهم في المجتمع فسوف تكون ردة فعل هذه الجاليات عكسية وسوف نكون مجحفين بحق هؤلاء عندما نعتبرهم سببا في الوصول الى المستوى الذي هم عليه اليوم واكبر مثال على اثار العنصرية هو تجربة الأبارتايد التي طبقت في جنوب افريقيا وفي نامبيا
بارك الله فيك مزيدا من هذه المقالات لالقاء الضوء علي ما يحدث في امريكا بعيون عربية
كنت قد قرأت عن التمييز العنصري ضد الأفارقة السود قبل قدومي إلى أميركا وأقسمت على نفسي أن أعمل جاهدا على مساعدة هؤلاء عندما تحين لي الفرصة وبالفعل تحققت هذه الفرصة وكانت نتائجها صادمة لي وتغير تفكيري ١٨٠ درجة فمن يقول لك انه فقير وهو مقيم قانوني في أميركا فهو إما فاشل أو يتعاطى المخدرات فهذا بلد لا يتحقق الفقر فيه إلا من الشخص نفسه والحق يقال. هؤلاء الأفارقة تربوا على رفع شماعة التمييز لتكون مخرجا لهم وسببا لتصرفاتهم الهمجية وأنا لا أعمم بل ينطبق هذا القول على نسبة عالية منهم
المشكل الذي يجهله كثير من الناس، أن المحرك الرئيسي للشعور بالتفوق و العنصرية اتجاه السود، هو الذوق الجمعي الذي يحدد مقاييس الجمال عند البيض، المكتسب و المتراكم عبر العصور .
يكفي أن تفتحوا قواميس اللغاة الأوروبية لتلمسوا السلبية والقدحية في وصف اللون الأسود.
و المشكل لا يقتصر على الثقافة الأوروبية، فقد عرفته عديد من الحظارات. من فرعونية و رافدية و هندوفارسية و عربية مثلا.
مثلا في رحلة البحار الفنيقي حنين إلى سواحل غرب إفريقيا و صف الزنوج بأنصاف بشر و قردة.
الكل يطرب لغناء و لموسيقى و لرقص السود و يتمتع بمشاهدة براعة رياضييهم، لكن يرفض أن يتساووا معه و لو فاقوه بدرجات.
المشكل ذوقي ثقافي أكثر منه اجتماعي سياسي.