لاحظ الكثير من رواد المساجد في الجزائر هذا الأسبوع، كيف قاطع المصلون صلاة الاستسقاء، التي دعت لها البيروقراطية الدينية، ممثلة في وزارة الشؤون الدينية، التي تعودت الدعوة الى مثل هذه الصلاة، كلما لاحظت شح الأمطار، كما أصبح سائدا في الجزائر في السنوات الأخيرة، وهي تتكرر كظاهرة، نتيجة التحولات المناخية التي تعيشها الجزائر والعالم.
اختيار يوم السبت لأداء هذه الصلاة بدل الجمعة، كما كان مألوفا لم يكن السبب الوحيد وراء هذه المقاطعة، التي لاحظتها الوسائط الاجتماعية بشكل يكاد يكون جماعيا مسّ مختلف مناطق البلاد. أسباب أكثر عمقا يمكن أن نعود إليها لتفسير هذا الموقف الجماعي للمصلين، وهم يقاطعون هذه الصلاة، التي زاد اللجوء إليها كوسيلة لطلب الغيث من السماء، كلما زاد شح الأمطار. قد يكون على رأسها نقص شرعية هذه النخب الدينية الرسمية في عيني المواطن – المؤمن الذي يعيب عليها قربها الكبير من مراكز القرار السياسي الرسمي، التي تحولت إلى بوق دعاية لديه، على حساب الاستقلالية التي كان ينتظرها منها كسلطة دينية وفكرية في خدمة المجتمع. في وقت عرفت سيكولوجية المسجد في البلد تحولات نوعية عميقة على رأسها تأتي سيطرة الشباب بدل الكبار في السن، على الفضاء المسجدي الذي كان تقليديا في الجزائر، أقرب لكبار السن والمتقاعدين عن العمل. وهو ما تبعه كأحد التداعيات، الارتفاع الكبير في المستوى التعليمي لهذا المواطن ـ المؤمن الذي أصبح أكثر إلحاحا وتنوعا في طلبه الديني، الذي لم يعد يقتصر على جانب العبادات الجماعية، التي تعوّد الخطاب المسجدي التركيز عليها في عمله اليومي الروتيني. مواطن- مؤمن تقلصت حاجته إلى وسيط بينه وبين السماء التي تريد هذه البيروقراطية الاستمرار في احتكارها، كما كانت تفعل تقليديا عبر تاريخ المؤسسة المسجدية في الجزائر عندما كانت الأمية، بما فيها الأبجدية هي السائدة بين المواطنين.
المواطن المؤمن الجديد أكثر الحاحا في طلب تعامل أكثر عقلانية مع الظواهر الطبيعية كما هو حال المطر الذي قل نتيجة التحولات المناخية
في وقت يريد هذا المواطن – المؤمن ان يربط علاقة فردية ومباشرة مع البعد الديني، نتيجة للتحسن في المستوى التعليمي للمجتمع والفرد، الذي يسمح له بإقامة هذه العلاقة. لم يعد يرى ضرورة لوسيط، بعد تمكنه من الوصول إلى النص الديني مباشرة، بكل التبعات التي يمكن تصورها لهذه العلاقة المباشرة، وهي تلغي الوسائط المؤسساتية. كما لاحظ ذلك الكثير من الدراسات الأنثروبولوجية والسياسية، التي اهتمت بربط هذه التحولات بأنواع الحراك السياسي، الذي عاشه الكثير من المجتمعات، التي عرفت انتشارا واسعا للتعليم داخل وبين أبناء الجيل نفسه. علاقة جديدة زادت في حجم الطلب على السؤال الديني وتنوعه، مس الجوانب الروحية والدينية لدى هذا المواطن الحائر، الذي زادت سيطرته على التكنولوجيا الحديثة، وهي تخبره عن آخر التوقعات الجوية في أوانها، ما جعله يشكك في تلك النزعة الرسمية لدى هذه البيروقراطية الدينية في التوجه نحو السماء لطلب الغيث عن طريق صلاة الاستسقاء، بعد بروز الكثير من المؤشرات عن قرب ظهور اضطراب جوي، يمكن في بعض الأحيان ملاحظته بالعين المجردة. ريبة وصلت الى حد الامتناع عن التوجه نحو المساجد لحضور صلاة الاستسقاء، كما فعل الجزائريون هذا الأسبوع. لا يمكن تفسيرها بقرار تحديد يوم السبت لتنظيم هذه الصلاة بدل الجمعة، كما كان يحصل في الغالب. قرار يبين بشكل واضح بُعد هذه البيروقراطية الدينية عن فهم ما حصل للفضاء المسجدي من تحولات سوسيو- ثقافية وجيلية عميقة، كجزء من التحولات الكلية التي يعيشها المجتمع، بمن فيهم رواد المسجد الذين لم يعودوا كما كانوا في السابق، شبه مقيمين داخل وبالقرب منه طول يومهم، الذي تحدد معالمه الصلوات بشكل دقيق، قابلين للتجنيد في أي لحظة. عكس هذا المواطن – المؤمن الجديد الذي يملك اهتمامات متعددة تجعل علاقته بالديني بما فيها الجوانب المتعلقة بالعبادات أكثر براغماتية. لا يقبل أن تأخذ كل حيز حياته اليومية، بعد أن أصبح في متناوله التنويع في مصادر الولوج للشأن الديني، الذي أصبح أكثر عملية في التعامل معه، كما يظهر ذلك بشكل جلي في علاقته بالمؤسسة المسجدية، التي أصبحت أكثر قربا منه جغرافيا، فلم يعد مطلوبا منه التنقل بعيدا للاستفادة من خدماتها، التي يمكن الوصول إليها بشكل أسهل حتى على المستوى الافتراضي، الذي يسمح لهذا المؤمن الجديد صاحب التعليم المعقول الاستفادة من هذه الخدمة الدينية من خارج بلده ورجال الدين التقليديين، الذين تعوّد عليهم، بمن فيهم البعيدون عن انتمائه المذهبي الصارم. مقابل هذا أصبح هذا المواطن المؤمن الجديد أكثر الحاحا في طلب تعامل أكثر عقلانية مع الظواهر الطبيعية كما هو حال المطر الذي قل نتيجة التحولات المناخية التي تعيشها كل منطقة الشمال الافريقي الهشة مناخيا. بما يفترض ذلك من تحمل الدولة الوطنية ومؤسساتها لمسؤولياتها في التعامل العقلاني مع الظواهر الطبيعية، كما هو الحال مع المورد المائي الذي سيزداد الطلب عليه داخليا، نتيجة الزيادة الكبيرة في الحاجيات على مستوى أكثر من قطاع نتيجة الزيادة الديموغرافية، وتحسن المستوى المعيشي للمواطنين، بالزيادة في تخزين المياه والبحث عنها في الأرض، بدل التوجه نحو السماء، بهذا الشكل الذي لم يستسغه الجزائريون وهم يقاطعون هذا النوع من صلاة الاستسقاء الذي زاد الطلب عليها بشكل مبالغ فيه. من قبل بيروقراطية دينية تحولت إلى خدمة الحاكم لم تفهم ما يطلبه هذا المجتمع المتحرك منها خدمة للدين والوطن.
كاتب جزائري
‘ التحولات المناخية التي تعيشها المنطقة المغاربية ‘ هي سبب ، لكن المسبب لها- ولغيرها مِم يحدث في الكون- هو رب العالمين تبارك اسمه وتعالت قدرته ، ولذلك يصلي المسلمون والمؤمنون صلاة الاستسقاء طلبا للسقاء من الله عزوجل .
طلب الغيث من الله وأي مسلم يعلم يقينا أن صلته بربه مباشرة ودون وسيط ولا علاقة للشرعية بموضوع الاستسقاء …يقول المثل الشعبي في الجزائر…اضرب بالطين اللي تلصق.
الحمد لله ..صليت صلاة الاستسقاء مع جمع غفير من المؤمنين.ونحن ندعوا الله ان يغيثنا.وفي المقابل فالجزائر تبني السدود …
نعم كان الأفضل لهم ان يصلوها يوم الجمعة يوم فيه كثير من الناس و يوم تستجاب فيه الدعوات.
و لكن المسؤولين الدينيين لا يعرفون هاذه المسائل و إن عرفوهها لم يعملوا بها ءلأنهم يخافون من الحراك الشعبي
1)- قد تكون إذن التحولات النوعية العميقة التي أدت إلى سيطرة الشباب بدل الكبار في السن على الفضاء المسجدي ، الذي كان تقليديا في الجزائر أقرب لكبار السن والمتقاعدين عن العمل ، هي واحدة من أسباب العزوف عن صلاة الاستسقاء ، أبرمجت يوم السبت أو يوم الجمعة أو أي يوم آخر . لأن الشباب المتعلم في غالبيته لم يعد يقبل أن يُجر جرا مثل النعاج إلى المذبح . ثم إن هناك نقاشات واسعة في الموضوع ، خارج وزارة الشؤون الدينية والمساجد ، ترى أنه كان من الأفضل ترك بادرة صلاة الاستسقاء لاجتهادات مخلف المناطق والولايات المتنوعة في التضاريس ، في المناخ وفي الاحتياجات المطرية (نكتة : قيل أن سكان ولاية من الجنوب صلوا ، قبل عدة سنوات ، لا للاستسقاء وإنما لكي لا ينزل الغيث ويفسد أتعاب سنة كاملة من الجهد) . هل سكان الواحات مثلا في حاجة للمطر في 10 ديسمبر 2022 ؟ . توسع التعليم ، كثرة القنوات الفضائية ، الدينية والدنيوية .. ، وانفجار وسائل التواصل الحديثة ، داخل وخارج الوطن ، جعل كثيرا من المؤسسات ومنها الدينية ، بل وحتى الإعلامية تبدو ، مع الأسف ، وكأنها مازالت تفكر بنفس عقلية القرن الماضي إن لم يكن أسبق (المدير العام للمؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري تم تغييره ، يوم أمس الأحد ، بآخر جديد لعل وعسى) ،
2)- كما جعل كثيرا من الشباب ، ومن غيرهم من المسنين ، يفهمون أن لصلاة الاستسقاء تاريخ ، شروط وطقوس يجب احترامها قبل وأثناء القيام بها . ثم إن وسائل الإعلام التي تتابع الأحداث ساعة بساعة ، ومؤتمرات الأمم المتحدة للتغير المناخي ، مثل اتفاق باريس للمناخ في 2015 ، ولقاء شرم الشيخ في مصر في 2022 ، أثرت كثيرا على مفاهيم الناس شبابا وشيوخا وأصبحوا يدركون حقيقة وأسباب الجفاف الذي مس كل مناطق العالم ، حتى القطبين المتجمدين ، بدرجات متفاوتة لكن الأسوأ ضررا ربما كان شمال إفريقيا والشرق الأوسط .
من المؤسف جدا أن البيروقراطية السياسية والدينية لم تعد تقنع المواطن الذي مل من نفس الأسطوانة منذ قرون وعقود فقط ، وإنما لم تحمه كذلك من الغزو الإيديولوجي الوهابي الذي عاث ومازال في البلاد فسادا عبر الكتب وبعض القنوات الفضائية ، الدينية ، التي ظاهرها ديني وباطنها خدمة لأغراض سياسية لا علاقة لها بالدين السمح ، مثل الخضوع للموافقة على تصنيف حزب سياسي لبناني إرهابيا وإلا كانت هناك ((هدية قناة اقرأ للشعب الجزائري: لا إله إلا الله – الإباضيُّ عدو الله)) ، أو لتلبية رغبة “الحلفاء” لتجنيد “المجاهدين” وإرسالهم إلى أفغانستان لمواجهة نفوذ الاتحاد السوفيتي . فالبيروقراطية أرحم من البيترودولار عندما يستغل في غير للإيذاء .
السلام عليكم ورحمة الله
الله هو الكمال المطلق.. لا غير… اما من هم مبرمجين ب تعاليم 1400 سنة.. ما وراء الزمن يريدون ضبط بشر القرن 21.. والتحكم فيه.. من اجل السلطة والجاه والمال.. يوهمون الناس بكلمة اقطع الطريق وادي الصلاة…
توكلوا على الله
خوفهم من الحراك ليبدأ بعد الصلاة والناس مجتمعة.