في كل بطولة كبيرة يدخل المنتخب الانكليزي مرشحاً بقوة لاحراز اللقب، ان كان كأس الأمم الاوروبية أو حتى كأس العالم، لكن في النهاية تكون الخيبة كبيرة، رغم اقترابه جدا في المرات الأخيرة من ملامسة الكأس، فما سبب الترشيح؟ وأيضا ما سبب الإخفاق؟
كرة القدم ليست مجرد لعبة؛ إنها رياضة تحمل في طياتها العديد من العوامل المتغيرة والمعقدة التي يمكن أن تؤثر على النتائج النهائية، ورغم وجود فرق ومنتخبات كبيرة تحمل أسماء لامعة وتضم لاعبين من الطراز العالمي، إلا أنها قد تفشل في تحقيق الألقاب. المنتخب الإنكليزي مثال بارز على هذه الظاهرة، رغم شهرة دوريه المحلي وبروز أسماء لامعة من لاعبيه، الا انه لم يحرز سوى لقب عالمي وحيد، كأس العالم 1966.
ومن أبرز العوامل التي تحول دون فوز الفرق الكبيرة بالألقاب الضغط النفسي والإعلامي، فالفرق الكبيرة تتحمل ضغطًا نفسيا وإعلاميا هائلا. والتوقعات العالية من المشجعين ووسائل الإعلام يمكن أن تؤدي إلى توتر اللاعبين وتراجع أدائهم، والمنتخب الإنكليزي غالبا ما يعاني من الضغط الإعلامي الكبير قبل وأثناء البطولات الكبرى، ما يؤثر سلبا على أداء اللاعبين في المباريات الحاسمة. كما تعتمد الفرق الكبيرة على لاعبين أساسيين يتعرضون للإصابات أحيانا، ما يؤثر على توازن الفريق وأدائه، ففي هذه البطولة دخل نجوم «الاسود الثلاثة» هاري كاين وجون ستونز ولوك شو وترينت ألكسندر أرنولد البطولة على خلفية اصابات تعرضوا لها في نهاية الموسم، فيما غاب هاري ماغواير وجوردان هندرسون وجاك غريليتش وماركوس راشفورد للاصابة او لانخفاض المستوى.
وتعتمد الفرق الكبيرة على تكتيكات محددة يمكن أن تكون معروفة للفرق المنافسة، ما يسهل على الخصوم التكيف معها وإيجاد الحلول لإيقافها. فالمنتخبات الأوروبية تعرف كيفية التعامل مع أسلوب اللعب الإنكليزي التقليدي، ما يصعب على «الأسود الثلاثة» الفوز في المباريات الحاسمة. كما تلعب العوامل الداخلية مثل الصراعات داخل الفريق أو بين اللاعبين والمدرب دورا في التأثير سلبا على الأداء. كما أن العوامل الخارجية مثل قرارات الحكام المشكوك فيها يمكن أن تلعب دورا في النتائج النهائية. على غرار ما حدث في «يورو 2004»، عندما تأثر المنتخب الإنكليزي بقرارات تحكيمية مثيرة للجدل في مباراة ربع النهائي ضد البرتغال، ما أدى إلى خروجه من البطولة. وتلعب الظروف والحظ دورا كبيرا. فقد تواجه الفرق الكبيرة يوما سيئا أو تتعرض لظروف غير مواتية تؤثر على أدائها، كما حدث في كأس العالم 2018، عندما خرجت البرازيل من ربع النهائي رغم أدائها القوي بسبب تألق حارس بلجيكا وتعرض اللاعبين للإصابات خلال المباراة.
ويواجه المنتخب الإنكليزي ضغطا إعلاميا وجماهيريا كبيرا في كل بطولة يشارك فيها. وهذه التوقعات العالية يمكن أن تؤدي إلى توتر اللاعبين وتؤثر على أدائهم. فقبل كل بطولة كبرى، تتوقع الجماهير ووسائل الإعلام فوز المنتخب، ما يضع ضغوطا إضافية على اللاعبين. وتاريخيا، اعتمد المنتخب الإنكليزي على أسلوب لعب تقليدي يعتمد على الكرات الطويلة والقوة البدنية. بينما تطورت كرة القدم العالمية نحو تكتيكات أكثر تعقيدا وديناميكية، وبقي المنتخب الإنكليزي متأخرا في تبني هذه الأساليب. فالفرق الأوروبية مثل ألمانيا وإسبانيا طورت أساليب لعب تعتمد على التحكم بالكرة والتمريرات القصيرة، ما جعلها أكثر نجاحا في البطولات الكبرى. وتعرض العديد من اللاعبين الإنكليز الأساسيين للإصابات قبل أو أثناء البطولات الكبرى، ما أثر على فرص المنتخب في تحقيق الألقاب، ففي «يورو 2004»، تعرض النجم الأساسي وين روني لإصابة في مرحلة المجموعات، ما أثر بشكل كبير على أداء الفريق في الأدوار النهائية.
واعتمد المنتخب الإنكليزي في الإدارة الفنية، على مدرب يفتقد الى التاريخ، هو غاريث ساوثغيث، رفع من تدريب منتخب الشباب، ما أدى إلى عدم استقرار في التشكيلة والتكتيكات، بل حتى بات يتهم بولائه المطلق للاعبين دون المستوى على مدى السنوات الماضية. وغالبا ما يعاني المنتخب الإنكليزي من مشاكل نفسية في المباريات الحاسمة، مثل ركلات الترجيح التي كانت لعنة بالنسبة للفريق في العديد من البطولات، مثل كأس العالم 1990، وكأس الأمم الأوروبية 1996، حيث خرج من الأدوار الحاسمة بركلات الترجيح، ما أثر على الثقة النفسية للفريق في البطولات اللاحقة.
وتتعدد الأسباب التي قد تحول دون فوز الفرق الكبيرة والمنتخبات صاحبة الأسماء الكبيرة بالألقاب، من الضغط النفسي والإعلامي إلى الإصابات والتكتيكات التقليدية. ويعاني المنتخب الإنكليزي بشكل خاص من هذه المشاكل، ما يؤثر على قدرته على تحقيق الألقاب على الرغم من توافر اللاعبين الموهوبين والموارد الكافية. ولتحقيق النجاح المستقبلي، يحتاج المنتخب الإنكليزي إلى التعامل مع هذه التحديات بفعالية من خلال تحسين الإدارة الفنية، وتعيين مدرب جريء يواكب التطورات التكتيكية في عالم كرة القدم وتبني تكتيكات حديثة، بالإضافة الى تخفيف الضغط الإعلامي والجماهيري على اللاعبين، وحين اذن يمكن أن تغني الجماهير «كرة القدم ستعود الى منزلها» وحينها ستزأر «الأسود الثلاثة».