لماذا لا يلعب أولمو لمانشستر سيتي؟

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: تحول النجم الإسباني داني أولمو، إلى بطل قومي في بلاده بعد نجاحه في إبعاد الكرة من على خط المرمى في آخر لحظات المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية 2024، التي حسمها منتخب لاروخا على حساب خصمه الإنكليزي العنيد 2-1 في نهائي ملعب «برلين الأولمبي» الأسبوع الماضي، كأفضل مكافأة لمدربه لويس دي لافوينتي، الذي راهن عليه في التشكيل الأساسي للماتادور منذ خروج يافع برشلونة بيدري من الحسابات تأثرا بإصابته القاسية جراء التحامه مع الألماني توني كروس في بداية قمة ربع نهائي اليورو، ليتحول صاحب الـ26 عاما، من مجرد مفتاح ذهبي بديل للمنتخب الإسباني في البطولات المجمعة، إلى ركيزة أساسية لا غنى عنها، وواحد من الأكثر تأثيرا في فوز منتخب بلاده في معارك تكسير العظام لخروج المغلوب، الأمر الذي جعله يتصدر عناوين الصحف والمواقع الرياضية في الوقت الحالي، كواحد من أبرز الأسماء أو الصفقات المحتملة لأندية القمة سواء في الدوري الإنكليزي الممتاز أو في باقي الدوريات الأوروبية الكبرى، وسط تساؤلات بالجملة حول أسباب عدم انتقاله إلى ناد كبير منذ فترة، والآن دعونا نسلط الضوء على أسباب ضعف شهرة النجم الإسباني وتأخره في اللعب لناد كبير، رغم أنه يصنف كواحد من أبناء أكاديمية «لاماسيا» التي تصدر من حين لآخر جواهر لا تقدر بثمن.

الجندي المجهول

منذ اللحظة التي قرر فيها مدرب المنتخب الإسباني الدفع بأولمو على حساب بيدري المصاب في أول 5 دقائق أمام البلد المضيف، بدا واضحا، أن البديل حريص كل الحرص على إثبات وتقديم نفسه للجماهير والإعلام بشكل مختلف في المرحلة القادمة، وتجلى ذلك في مساهمته في تغيير مجرى المباراة بعد فترة وجيزة من الاستراحة بين الشوطين، بدأت بتقمصه دور البطولة بوصوله في وقت أكثر من رائع لمقابلة هدية لامين يامال بتسديدة من لمسة واحدة خدعت الاخطبوط مانويل نوير، واضعا منتخبه في المقدمة في أول 10 دقائق من الشوط الأول، ورغم عودة الألمان في النتيجة في آخر دقيقة من الوقت الأصلي للمباراة، إلا أن البديل الذهبي الذي سيتحول لاحقا إلى عنصر أساسي، كان له رأي آخر، بذاك المجهود الفردي الرائع في جهة اليسار، الذي انتهى بعرضية في ارتفاع يُقال عنه «قاتل للمدافعين»، قابلها مواطنه ميكيل ميرينو بضربة رأسية مستحيلة على الحارس نوير في آخر لحظات الشوط الإضافي الثاني، ليأتي موعد ملحمة فرنسا في نصف النهائي، التي ساهمت بشكل أو آخر في هذا التحول الجذري في سمعة أولمو في الميركاتو، والفضل يرجع في المقام الأول إلى تلك اللوحة الإبداعية التي رسمها في شباك منتخب الديوك بعد دقائق قليلة من هدف يامال الهوليوودي في شباك وصيف بطل العالم، بدأت باستحواذه على الكرة بعد تمريرة المخضرم خيسوس نافاس، ثم غالط تشواميني بخدعة ماكرة على حدود منطقة الجزاء، وفي الأخير أطلق سهامه بتصويبة اصطدمت بجول كوندي وهي في طريقها إلى شباك الحارس المغلوب على أمره، مسجلا هدف الفوز والتأهل إلى المباراة النهائية، قبل أن يخطف الأضواء والبساط من تحت أقدام الجميع في المباراة النهائية، بإنقاذ فرصة البطولة التي كان يراهن عليها غاريث ساوثغيت وكتيبته لمد المباراة إلى أشواط إضافية وربما الاحتكام إلى ركلات الترجيح، ومنذ تلك اللحظة، والأنباء والتقارير المحدّثة على رأس الساعة بشأن مستقبله مع ناديه الألماني الموسم المقبل، بالكاد تتوقف في الصحف والمواقع الرياضية المختصة في أخبار انتقالات اللاعبين.

ضحية الاستثمار

بإلقاء نظرة سريعة على مسيرة أولمو وسبب استمراره مع ممثل شركة مشروبات الطاقة العالمية لأكثر من 4 سنوات، سنجد أنه بدأ استكشاف موهبته مع مراهقي إسبانيول، ومنها أخذ خطوة الانضمام إلى أكاديمية «لاماسيا» ثم اللعب مع شباب برشلونة بين 2007 و2014، إلا أن قرر شق طريقه خارج البلاد، بالذهاب إلى رديف دينامو زغرب، الذي كان بوابته للحصول على فرصته بشكل متقطع مع الفريق الأول في أول موسمين على وجه التحديد، قبل أن يشق طريقه مع الكبار بداية من موسم 2016-2017 وحتى نجاحه في إقناع مسؤولي لايبزيغ بشراء عقده من ناديه الكرواتي مقابل رسوم تخطت حاجز الـ20 مليون يورو في يناير/كانون الثاني 2020، وطوال هذه الفترة، ومستواه في تطور مستمر من موسم لآخر، لكن من سوء طالعه، كلما اقترن اسمه بناد آخر أكثر شعبية وطموحا على الألقاب الجماعية، تكون الإدارة استثمرت في أسماء أخرى، كما حدث قبل 3 سنوات، حين تمت الموافقة على بيع أوباميكانو لبايرن ميونيخ مقابل 42 مليون يورو، ومعه إبراهيم كوناتي لليفربول بـ40 مليونا، ولاعبين آخرين في صيف 2021، وبالمثل تحول لايبزيغ إلى سوبر ماركت في مثل هذه الأيام من العام الماضي، بعد السماح بانتقال المدافع الكرواتي ياسكو غفارديول إلى مانشستر سيتي في صفقة قياسية تخطت الـ80 مليونا، ومعه دومينيك سوبوسلاي إلى ليفربول، وكريستوفر نكونكو إلى تشلسي بأكثر من 100 مليون في اللاعبين، وهو ما كان يجعل أولمو يوافق على مضض على البقاء في السنوات الماضية، لكن بعد توهجه في اليورو، وبناء على ما تم تداوله على نطاق واسع في وسائل الإعلام العالمية، سيكون من الصعب على إدارة لايبزيغ الصمود أمام الإغراءات المادية المحتملة لشراء المفاجأة السارة ليورو 2024.

الخطوة التالية

وفقا لمنصة «ذا أثلتيك»، فإن أولمو لديه شرط جزائي في عقده مع ناديه الألماني، تُقدر قيمته بحوالي 60 مليون يورو، ومبلغ كهذا، أقل ما يُقال عنه أنه متوسط مع وصول أسعار وأجور اللاعبين إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ، أو كما يقول نفس المصدر «سيكون هذا المبلغ بمثابة موسيقى في آذان الأندية الطامعة في بطل اليورو»، وعلى رأسهم حامل لقب البريميرليغ في آخر 4 سنوات مانشستر سيتي، ونادي الطفولة والمراهقة برشلونة، وكبير البوندسليغا بايرن ميونيخ، وحال صدقت هذه الأنباء، سيكون الشاب العشريني قد حقق جزءا كبيرا من أحلامه بطريقة غير تقليدية، بداية من مغامرة رحيله عن أكاديمية برشلونة، مرورا بتجربته المثيرة مع دينامو زغرب، التي قال عنها ذات يوم: «آنذاك في عمري، لم يكن هناك ناد آخر سيسمح لي بالحصول على فرصتي مثل دينامو، وكنت أتطور بشكل أسرع بكثير مما كنت سأفعله في أي مكان آخر، حتى في لاماسيا، لقد صدم زملائي السابقون في برشلونة في البداية، ثم فهموا أن قراري بالانتقال إلى دينامو كان القرار الصحيح، بينما ألعب كرة القدم على مستوى الكبار، سيتعين عليهم الانتظار لعامين أو ثلاثة أعوام، وهذا إذا تمكنوا من الوصول إلى مستوى الكبار»، ومع الوقت، تبين أنه كان على صواب، عندما أراد محاكاة قصص النجاح السابقة في دينامو أمثال إدواردو سيلفا ولوكا مودريتش وماتيو كوفاسيتش، باكتساب ما يكفي من خبرات واحتكاك مع الفريق الأول، قبل التفكير في خطوة الانتقال لناد آخر ودوري آخر أكثر تنافسية، وهو ما حدث منذ انضمامه إلى لايبزيغ في العام 2020، كلاعب متألق على طول الخط مع فريقه ومنتخب بلاده، بفضل شخصيته وانضباطه داخل المستطيل الأخضر، وبعيدا عن «الشو» الإعلامي، الذي استأجر من أجله الصيف الماضي إحدى الشركات المتخصصة في العلاقات العامة، لتعزيز سمعته خارج الملعب.
لا شك أبدا، أن الخيار الأفضل والأكثر منطقية لأولمو، هو الذهاب إلى مانشستر سيتي، والأمر لا يتعلق بالتقارير والأخبار التي كانت تتحدث عن إمكانية انضمامه إلى السيتي عام 2019، لا سيما بعد إشادة بيب غوارديولا بمواطنه بعد مباراة جمعت السيتي بدينامو زغرب في دوري أبطال أوروبا وقتها، قائلا توقعه الذي تحول إلى حقيقة «أولمو لاعب من الطراز الأول، وأعتقد أنه سيكون لديه مستقبل مشرق، ومستواه أمامنا يظهر ذلك، إنه لاعب لا يُصدق وأنا متأكد تماما أنه قادر على اللعب في الدوريات القوية في أوروبا»، وعلى ما يبدو أن الصغير قد نضج، وأصبح مؤهلا لما هو أبعد من اللعب في الدوريات القوية في أوروبا، ومن يدري، قد يكون الخليفة المنتظر للأشقر البلجيكي كيفن دي بروين في مشروع الفيلسوف الكتالوني، إما لتقدمه في السن وارتفاع معدل إصاباته السيئة، وإما لكثرة مشاكله وصدامه مع المدرب، كما وضح في أكثر من لقطة جدلية بينهما، لاعتراض اللاعب على قرار استبداله، أو لرفع مستوى التنافس مع فل فودن وبيرناردو سيلفا، منها للحفاظ على قوة وهيمنة السيتي، ومنها أيضا تأمين مستقبل النادي، حال أصر القصير البرتغالي على موقفه الحالي، بتجاهل مفاوضات تمديد عقده الذي سينتهي بعد عامين من الآن، لرغبته الجامحة في ارتداء قميص برشلونة في المستقبل، فهل يا ترى سنشاهد أولمو بالقميص السماوي أو قميص أي ناد آخر كبير في البريميرليغ أو أوروبا الموسم المقبل؟ أم سيبقى مجرد ظاهرة متفجرة في البطولات المجمعة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية