زيارة الرئيس بايدن لم تحقق شيئاً. بالمقابل، فوتت إسرائيل موضوعاً كان يمكن دفعه قدماً: التهديد العسكري الأهم تجاهنا الآن، من جانب “حزب الله”. فقد طور التنظيم قدرة مبهرة وهو مستعد لفتح حرب في كل لحظة. زعيم “حزب الله” يدرك أن بإمكانه العمل علناً من أجل مصالح إيرانية – وهو ملزم بحجة لبنانية وطنية.
قبل نحو خمس سنوات، وجد “حزب الله” حجة سمّاها “سطو كنوز الغاز الذي تنفذه إسرائيل في المياه الاقتصادية اللبنانية”. بالتوازي، تجري مفاوضات إسرائيلية – لبنانية ببطء منذ سنوات عديدة على الحدود البحرية بين الدولتين. الفارق الحقيقي هامشي. ظاهراً، من المجدي للبنان الوصول إلى حدود متفق عليها، إذ إن الأمر سيسمح للدولة بإنتاج الغاز الموجود بكميات كبيرة أمام شواطئها. والأمر لا يحصل لأن “حزب الله” يمنع اتفاقاً كهذا.
“حزب الله” ملزم بالإبقاء على الخلاف كي يترك بيديه الذريعة “الوطنية” لفتح حرب ضد إسرائيل، غير أنه ليس تنظيماً إرهابياً فحسب، بل هو حركة سياسية – شعبية، حساسة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لمكانتها الجماهيرية في لبنان. هذا يعيدنا إلى زيارة بايدن: كان يمكن وينبغي إقناع بايدن بالتوجه علناً إلى الرئيس اللبناني والشعب اللبناني ليقول ما يلي: “الولايات المتحدة أجبرت إسرائيل على الموافقة على خط الحدود البحرية الذي أنتم – لبنان اقترحتموها، والآن أتوقع من حكومة لبنان أن توقع مع إسرائيل على هذا الخط. إذا فعلتم ذلك ستبدأون بإنتاج الغاز في صالح مواطني لبنان. وأكثر من هذا، أنا، رئيس الولايات المتحدة، سأؤثر على شركات أمريكية تنفيذ التنقيبات لكم. لكن إذا رفضتم فسأمنع عنكم كل مساعدة من الغرب” (بما في ذلك صندوق النقد الدولي).
قول علني كهذا من جانب الرئيس الأمريكي والذي يضمن ازدهاراً من جهة، وصنبوراً اقتصادياً من جهة أخرى، كان سيجبر “حزب الله” على إيقاف تهديداته على حكومة لبنان. قول كهذا كان سيؤدي إلى ترسيم متفق عليه للحدود البحرية ويسحب من تحت أقدام نصر الله البساط الفارسي الذي ينسجه منذ سنين.
بالفعل، نصر الله غير معني بالحرب الأهلية. لكنه شخص يحب اللعب بالنار، كما أنه لم يرغب في الحرب في 2006 لكنه أشعلها مع ذلك. كان من السهل برأيي إقناع الرئيس الأمريكي على إصدار مثل هذا التصريح، فهو مع مناسبته والمصلحة الأمريكية، يتناسب أيضاً مع مصلحة السعودية التي طار إليها. وكل مس بـ”حزب الله” هو مس بسيدته إيران- وإذا كان ممكناً تحقيق ذلك دون إطلاق رصاصة واحدة، فهذا مجدٍ.
ثمة ثلاثة مناهج مختلفة للقاءات رفيعة المستوى مع الزعماء الأجانب: الأول، البقاء في منطقة الراحة وعدم الحديث إلا عن “القيم المشتركة”. والثاني، تكرار المواقف الإسرائيلية المعروفة، وعندها فإن الطرف الآخر يكرر مواقفه (الاتفاق النووي مع إيران، الموضوع الفلسطيني) ولا يتحقق أي إنجاز. النهج الثالث والصحيح هو التحديد المسبق لنتائج ملموسة مرغوب فيها وممكنة، والسعي إلى تحقيقها من خلال عرض عميق والتخلي على الأحاديث الزائدة للنهجين السابقين. هذا على ما يبدو لم يحصل في الموضوع اللبناني، وخسارة.
بقلم: غيورا آيلند
يديعوت أحرونوت 18/7/2022