الدار البيضاء:’القدس العربي’: من سعيد فردي: في ستينيات وسبعينيات وثمانينات القرن الماضي، كان الذهاب إلى السينما طقسا اعتياديا يمارسه المغاربة في أجواء احتفالية، وبالخصوص في نهاية الأسبوع وفي فترة العطل المدرسية وفي المناسبات الدينية والوطنية.
وكان الاستثمار في مجال القاعات السينمائية عملية جد مربحة تمكن العديد من مستغلي القاعات الاغتناء منها. لكن، منذ تسعينيات القرن الماضي أصبحت هذه التجارة تتراجع وأضحى الإقبال على مشاهدة الأفلام في القاعات السينمائية يتضاءل، وبدأ عدد القاعات يتقلص سنة بعد سنة إلى أن أضحى حاليا لا يتجاوز الأربعين في مختلف المدن المغربية.
اليوم، هناك مشروع تُحاول الدولة الانخراط فيه يهدف إلى دعم إنشاء القاعات السينمائية لإحياء طقس الفرجة السينمائية الجماعية، وهو مشروع لا يمكن أن يكون ذا جدوى إذا ظل المغاربة عازفين عن ارتياد هذه القاعات التي سيتم إنشاؤها.
فما هي إذن، الأسباب التي تؤدي إلى عزوف المغاربة عن طلب الفرجة السينمائية داخل صالات العرض؟
تابعوا معنا مختلف الآراء والتصورات في التصريحات التالية:
بنيونس بحكاني
إعلامي ومخرج سينمائي
توفير قاعات حديثة راقية بأثمنة في المتناول عبر إرادة سياسية محكمة
المستثمرون لم يبذلوا جهدا في استثمار الفرجة السينمائية ولم يطوروا من تصميم القاعات وفق الجمالية والفعالية المطلوبة في القاعة كفضاء ثقافي وترفيهي..
أعتقد جازما أن التطور الذي عرفته التكنولوجيا ووسائل الاتصال قلص اهتمام المغاربة بالقاعات السينمائية كطقس من الطقوس الحياتية الذي كان المغاربة يمارسونه في السبعينات والثمانينات حيث كان الذهاب إلى السينما فيه نوع من الوجاهة الاجتماعية والانخراط في التطور الحاصل المتمثل في مشاهدة الشاشة الكبرى ونجومها الغامضين من كل بقاع العالم .
لم يعد في تقديري ذاك الوهج الخاص يتتبع الأفلام عبر قاعة العرض الواسعة لأن القرصنة ووسائل التواصل الحديثة ساهمت كثيرا في إبعاد الجمهور من قاعات السينما كما أن المستثمرين لم يبذلوا جهدا في استثمار الفرجة السينمائية ولم يطوروا من تصميم القاعات وفق الجمالية والفعالية المطلوبة في القاعة كفضاء ثقافي وترفيهي، أيضا يتضمن مرافق مواكبة من مطاعم وألعاب تلبي رغبات كل أفراد العائلة كما لا ننكر وجود نفور أصلا من القاعات لسيادة سمعة سلبية عن بعض القاعات السينمائية التي تتحول لمواخير تستقطب ممارسات بديئة من فساد ومخدرات، ولاستحضار والتصالح مع هذه الفضاءات فلابد من احترام احتياجات المغاربة و فسح المجال لمزيد من الأفكار والإبداع لتوفير قاعات حديثة راقية بأثمنة في المتناول عبر إرادة سياسية محكمة بدءا من وزارة السكنى ومرورا بوزارة الاتصال الوصية على القطاع ووصولا إلى المجالس البلدية والقروية، حتى لا تبقى السينما نخبوية خاصة بفئة دون أخرى أو مكانا للاختباء والتستر وراء الظلام، ولعل المدن الكبرى المغربية هي المحظوظة فقط بتوفر قاعات ملائمة أما مدننا الصغرى فستنتظر الفرج رغم أن عشاق السينما كثر ومتنوعون موجودون في كل أنحاء البلاد.
كنزة البورقادي
كاتبة مسرحية ومهتمة بقضية المرأة
غياب قاعات مجهزة وفي المستوى المطلوب
غياب الوعي بقيمة السينما ودورها في التنمية الثقافية والاجتماعية، وشعور المتفرج على العموم بعدم الأمن..
تراجع مستوى الفرجة السينمائية بالمغرب يرجع إلى غياب قاعات مجهزة وفي المستوى المطلوب، ثم الإقبال على الحواسب والأقراص المدمجة، بالإضافة إلى وتيرة الإنتاج المحدودة، وبالتالي هذا يساهم في عدم إقناع طلبات مختلفة وأذواق متفرقة للمتفرجين.
وكذلك دخول التلفزيون على الخط، أي منافسة التلفزيون للسينما ببثه لأفلام سينمائية، وعدم اعتماد فصل المهن الفنية لتجويد المنتوج، وغياب الاستثمار الحقيقي في الإنتاج السينمائي. مع غياب الوعي بقيمة السينما ودورها في التنمية الثقافية والاجتماعية. وشعور المتفرج على العموم بعدم الأمن.
سعيد الكحل . ذ باحث
‘واتنا غير الضحك، شوفي آش كيتسنانا غدا يوم القيامة’
ينبغي استحضار الدور التربوي والفني والتثقيفي للنوادي السينمائية التي كانت تفتح عوالم الفن والسينما والتمثيل والتقنيات والإخراج والسيناريو أمام الناشئة لامتلاك ثقافة سينمائية وحس نقدي وجمالي..
التردد على قاعات السينما طلبا للفرجة وللثقافة وللاستمتاع بلحظات الأنس وخلق أجواء تبعث على الحيوية والدفء العاطفي والإنساني، هو بالأساس ثقافة راقية، ثقافة سليمة تتخذ من السينما مكانا للفرجة ومكانا للتربية وللتثقيف، وهنا ينبغي استحضار الدور التربوي والفني والتثقيفي للنوادي السينمائية التي كانت تفتح عوالم الفن والسينما والتمثيل والتقنيات والإخراج والسيناريو أمام الناشئة لامتلاك ثقافة سينمائية وحس نقدي وجمالي.
هذه الثقافة التي كانت سائدة في المجتمع وفي المؤسسات التعليمية ودور الشباب والثقافة هي التي جعلت دور السينما تستقطب فئات الشعب من كل الأعمار والشرائح، وهي التي جعلت السينما مدرسة للثقافة والتربية والتواصل ومجالا للفرجة وللأنسنة في كل أبعادها، لكن سياسة الدولة خلال السبعينيات والثمانينيات وما تلاها استهدفت ضرب الثقافة في منابعها الأصلية، بدءا من المدرسة والسينما والمسرح ثم الكتاب والمكتبات والنوادي الثقافية والفنية، إنها سياسة ضرب الوعي السليم مقابل التجهيل والتضبيع والتسطيح .
وكان حتميا أن تظهر آثار هذه السياسة، ليس فقط على القاعات السينمائية والمسارح التي هجرها المواطنون، بل على عقلية المواطنين وسلوكهم اليومي الذي بات يغلب عليه العنف بكل أشكاله ومظاهر القلق والتوتر والاكتئاب، غابت البسمة من محيا المواطنين وحل محلها البؤس والتكشير، إنها أمراض مرتبطة بالاضمحلال الثقافي في بعده القيمي والإنساني الذي يفسح المجال للبسمة والمرح والفرجة، أمام هذا الواقع سادت وتغزو المجتمع ثقافة تخرب القيم الجميلة وتهدم الطمأنينة في النفوس وتقوض ميولها إلى المتعة الجيدة والفرجة المفيدة وطلب السعادة والشعور بها حتى في ضنك العيش.
لقد غزت المجتمع مكتبات ثابتة ومتنقلة من نوع خاص، مكتبات تعرض ثقافة الموت وعذاب القبر وهول القيامة وتحريم الابتسامة وإشغال الناس ببغض المخالفين لهم في اللباس أو نمط العيش، وجعلت هذه الثقافة هموم الناس وهواجسهم مطاردة النساء وتحميلهن وزر ‘المصائب’ كلها حتى ولو لم تكن هناك مصيبة فالناس يضخمون الفعل البسيط ليجعلوه أكبر المناكر، بسبب هذه الثقافة تغيرت نظرة الناس لأنفسهم ولبعضهم وللمجتمع وللكون، ألبتهم نظارات لا ترى غير لونين: أبيض وأسود، وصاروا يبحثون عن السواد في كل شيء، ومن غشيه سواد الفكر والثقافة لن تجد الابتسامة ولا الفرجة سبيلا إلى نفسيته، ولن يطلبهما. ‘كن جميلا ترى الوجود جميلا’ في مقابل ‘كن بئيسا ترى الوجود قبيحا ومنكرا’.
وقد زاد من حدة هذه الثقافة انتشار فضائيات متخصصة في ثقافة الموت والبؤس النفسي والفقر العاطفي والتصحر الثقافي، غدت هذه الفضائيات تقيم العزاء في كل بيت تدخله فترى النساء باكيات مذعورات وهن لم يرتكبن إثما ولا كبيرة بهذا التهويل الذي يرسمه شيوخ الأحزان والهموم وهول القبور.
في ظل هذه الوضعية، تظافرت عوامل أخرى اضطرت أصحاب القاعات السينمائية بيعها عقارات بمبالغ كبيرة ليغزو الإسمنت البيئة الطبيعية والبيئة الثقافية والفنية، طبعا هناك أسباب أخرى للعزوف لكنها تظل ثانوية قياسا إلى الأسباب الثقافية والقيمية التي أجهزت على الجوانب الخيرة في الإنسان، أسباب جعلت الشقاء والتعاسة والاكتئاب والتذمر سيمة المواطن المغربي.
حتى في البادية غابت التلقائية والميول الفطرية إلى الابتسامة والشعور بالراحة النفسية رغم تحسن ظروف العيش هناك، في البادية أيضا غزتهم ثقافة الموت وعذاب القبر وهول القيامة، فتجد النساء يرددن لما تريد إحداهن البسط والضحك: ‘واتنا غير الضحك، شوفي آش كيتسنانا غدا يوم القيامة’ .
سناء دلحي
فنانة
الناس تلجأ إلى الاستهلاك السينمائي السهل
عبر القرصنة أو التحميل عن طريق الانترنيت
العزوف عن السينما ظاهرة تتحمل فيها المؤسسات الرسمية مسؤولية كبيرة بالدرجة الأولى، ثم يليها الفاعلون في المقاولات السينمائية وكذلك المستهلك..
يرجع عزوف الجمهور المغربي عن السينما لعدة أسباب، من أهمها السبب الثقافي كون السينما في مجتمعنا لا تعتبر كثقافة مقارنة مع الدول الغربية، لذلك لا يوجد اهتمام ولا يمكن أن يأتي، هذا الاهتمام بالسينما، من فراغ إذا لم تكن هناك
إستراتيجية لخلقه.
في الدول الأوربية مثلا حيث تدرس السينما إلى جانب مختلف الفنون الأخرى ويعتبر الذهاب إلى القاعات السينمائية نشاطا مهما وضروريا ومنتظما تماما، كالذهاب للتسوق وممارسة الرياضة والتنزه والقراءة .
كما أن غياب الاهتمام بالسينما في بلادنا يقف وراءه ظهور أنشطة ترفيهية أخرى، اغتالت الرغبة في المشاهدة السينمائية كالانترنيت والألعاب الاليكترونية ومشاهدة مباريات كرة القدم ، ومشاهدة البرامج السياسية، وهناك أيضا مشكلة غلاء التذاكر وتفشي ظاهرة القرصنة وبعد القاعات عن المدينة، مما يصعب من مأمورية الهامش للالتحاق بالمركز .
مشاهدة شريط سينمائي لا يقتصر فقط على توفير ثمن التذكرة بل يتعداه إلى توفير تكاليف النقل، والأكل إضافة إلى الجهد النفسي، لذلك فغالبا ما يلجأ الناس إلى الاستهلاك السينمائي السهل عن طريق القرصنة أو التحميل عن طريق الانترنيت. ومن خلال عملية حسابية بسيطة يمكن للمتلقي/ المتفرج تحميل شريط سينمائي عن طريق الانترنيت أو شرائه في السوق السوداء بربع كلفة التذكرة.
ومن هنا نستنتج أن هناك عدة عوامل ساهمت في العزوف عن السينما وأنها ظاهرة تتحمل فيها المؤسسات الرسمية مسؤولية كبيرة بالدرجة الأولى، ثم يليها الفاعلون في المقاولات السينمائية وكذلك المستهلك.
محمد أكيام
رئيس الجمعية المغربية للفنون والثقافات
إنشاء قاعات سينما القرب داخل الأحياء وبالمراكز الثقافية وبدور الشباب
تفعيل النص القانوني القاضي بإنشاء القاعات التي تم هدمها في نفس الموقع الذي كانت قائمة فيه..
شكلت القاعات السينمائية خلال ثلاث عقود الأخيرة من القرن الماضي أداة للانفتاح على الثقافات وفضاء ترفيهيا وتثقيفيا في نفس الوقت بحكم الأفواج الهائلة التي كانت تختار الفرجة المصورة والانتاجات العالمية (الصينية والهندية والأمريكية على الخصوص) على أن تبقى متسمرة أما جهاز التلفاز ذو القناة الوحيدة أو القناتين يبرمج فيلما أو فيلمين أسبوعيا.
لكن الملاحظ أن من أكبر ضحايا الألفية الثالثة هي القاعات السينمائية التي امتصت بتكنولوجياتها الحديثة (الجمهور السينمائي) حيث شكل ظهور جهاز الفيديو أول تهديد نظرا لما يخوله من عامل القرب والاختيار وبعدها الأقمار الصناعية التي منحت للمتفرج تنوعا مهولا في القنوات العالمية ثم الشبكة العنكبوتية بخيوطها اللامنتهية والتي قد تمنح أحيانا إمكانية تحميل فيلم سينمائي قبل إتمام مونتاجه.
ولعل من بين أسباب عزوف الجمهور على دور السينما هي الدور نفسها التي ظلت منغلقة على نفسها وراهنت على الأرباح لوقت طويل دون التفكير في تجديد آلياتها وتجهيزاتها أو تأهيل عنصرها البشري. كما أن الأساليب البدائية في التواصل من تعليق أفيشات على جدران القاعة أو بعض الأماكن التي تعرف اكتضاضا بالمدينة لم يعد يؤدي دوره. وأمام هذا الوضع بالإضافة إلى تكلفة تسيير القاعة التي تعد مكلفة من شراء للأفلام وتعويض العاملين ونظافة وصيانة، أمام حجم المداخيل الضئيلة، قد اضطر أغلب أصحاب القاعات إلى إقفالها أو هدمها وتعويضها بمحلات تجارية أو مؤسسات خاصة.
ومن أجل المساهمة في إرجاع الجمهور إلى القاعات السينمائية، نقترح ما يلي:
– تفعيل النص القانوني القاضي بإنشاء القاعات التي تم هدمها في نفس الموقع الذي كانت قائمة فيه.
– تطوير التجهيزات والآليات بالقاعات السينمائية لتصبح مواكبة للتطور التكنولوجي في المجال.
– تجديد وسائل التواصل لجلب الجمهور للقاعات السينمائية.
– دعم أرباب القاعات السينمائية لتغطية مصاريف تكلفة التسيير.
– تأهيل العنصر البشري في المجال السمعي البصري وإدماج خريجي المعاهد المتخصصة.
– دعم الانتاجات المغربية وفق دفتر تحملات يراعي خصوصيات الأسر المغربية ويشجع إنتاجات الشباب.
– إنشاء قاعات سينما القرب داخل الأحياء وبالمراكز الثقافية وبدور الشباب.
حنان الناوي
تقنية متخصصة في الكيمياء الصناعية
رداءة ورذالة بعض العروض تمنعنا من مشاهدتها رفقة أفراد العائلة
ورزازات هي هوليود المغرب ومحج مجموعة من المخرجين العالميين، فكم من فيلم ومسلسل جرت أحداثه وصورت مشاهده داخل استوديوهات هذه المدينة التي لا تتوفر على قاعة سينمائية ..
في العصر الذهبي، كانت السينما تدخل في ثقافة المغاربة حيث كنا نشاهد الآباء رفقة أبنائهم وهم ذاهبون لمشاهدة فيلم نهاية الأسبوع، كذلك الطلبة حيث ينظمون لقاءات بدور العرض، لكن للأسف هذه الثقافة تلاشت شأنها شأن عادات وتقاليد أخرى. وإن تدارسنا سبب هذه الأزمة في دور العرض سنجد العديد من الأسباب. أولها الإهمال الذي لقته كل من قاعات السينما ودور العرض، كذلك رداءة ورذالة بعض أو أغلب العروض، حيث أصبحنا لا نقدر على مشاهدتها رفقة أفراد العائلة، حيث أصبحت تفتقد للاحترام والنص البناء وما إلى ذلك؛ كما أن المستهلك كذلك يلعب دورا في هذا النفور، فأصبحنا نرى مشاهد مخلة بالحياء فوق كراسي القاعة ونسمع كلاما نابيا ودنيء كل الدناءة.
كذلك القرصنة التي ألغت طعم المشاهدة، فعوض أن يدفع المتفرج مبلغ تذكرة الدخول يشتري ثلاث أو أربعة أقراص مدمجة.
أثناء زيارتي لمدينة ورززات أول ما لفت انتباهي هو عدم وجود أي قاعة للعرض أو بناية سينما ، ولا يخفى عن الجميع أن ورزازات هي هوليود المغرب ومحج مجموعة من المخرجين العالميين، فكم من فيلم ومسلسل جرت أحداثه وصورت مشاهده داخل استوديوهات هذه المدينة.
إذا تعمقنا في التحليل سنجد عوامل أخرى، كان الآباء والأسر فقدت الحس الجماعي والاجتماعي، فلم نعد نرى تلك التجمعات والخرجات حتى في المناسبات الدينية، فما بالكم أن تكون خرجات أسرية من أجل مشاهدة العروض السينمائية.
لا يسعنا إلا انتظار تحقيق المخططات التي تهدف لإصلاح دور العرض السينمائي وتعميمها على جميع أنحاء الوطن.
إدريس الطلبي حافظ
مسرحي
أين الصورة وأين القاعة التي تقدم الصورة التي تختزل ما نود قوله؟
قاعات العرض السينمائي تحولت إلى أمكنة لممارسة العشق
والمواعيد الغرامية أو لعقد التجمعات واللقاءات والحملات الانتخابية..
إذا كانت السينما فعلا جماهيريا في الأساس لأنها خلقت من ولأجل من يشاهد، لابد لها من سوق للترويج، فضاءات، قاعات، مهرجانات، جمهور، أسواق للترويج ، متابعات… فإنها ظلت في المخيال الشعبي المغربي مجرد ترف وشيء وارد من الخارج ودخيل على التقاليد المغربية باعتبارها بدعة أجنبية ينبغي التعامل معها بحذر. ومع ذلك استطاعت السينما أن تخلق لها روادا ومحبين وتقاليد ظلت راسخة حتى أصبح ارتياد السينما نوعا من التميز والترقي الاجتماعي وخاصة بالمدن الكبرى بل حتى في القرى والمداشر بواسطة قوافل السينما، ولكن مع توالي الزمن وقوة الفورة العلمية وظهور اختراعات جديدة ‘كالهاي تيك’، ستصبح السينما في خبر كان ويصبح العزوف سيد الموقف بفعل تضافر عدة عوامل، ساهمت في تقهقر نسبة المشاهدة وارتياد الصالات الناجية من الهدم أو التحويل أو الزحف العقاري، وتحويل صالات العرض إلى قيساريات وعمارات، ناهيك عن عدم أهلية هذه القاعات لتقديم فرجة في ظروف أحسن بفعل اهتراء الكراسي وتقادم آلات وشاشات العرض ونوعية الأفلام المعروضة وتردي الخدمات باستثناء قاعات محظوظة، حتى أصبحت قاعات العرض مجرد أمكنة لممارسة العشق والمواعيد الغرامية أو عقد التجمعات واللقاءات والحملات الانتخابية وحاذت عن الغرض من إحداثها.
إضافة إلى شبح القرصنة وذلك بالرغم من المحاولات اليائسة من طرف الجهات الوصية التي تحاول جاهدة تدارك هذا الخطر الداهم والحد منه بواسطة تحفيزات ضريبية وإجراءات. وأمام هذا الخطر الداهم أصبح لزاما على كل الفرقاء والمهتمين بالفن السابع أن يجدوا الوصفة المناسبة حتى تظل السينما شامخة في عيون عشاقها ،أو لم يقولوا: ‘ أن الصورة أبلغ من ألف كلمة للتعبير عن موقف ما’، ولكن أين الصورة وأين القاعة التي تقدم الصورة التي تختزل ما نود قوله على الأقل في المرحلة الحالية..؟
علمي أمينة (أم اشرف)
فاعلة جمعوية / فلنسيا- إسبانيا
القرصنة لعبت دورا كبيرا في الحد من ارتياد المتفرج للقاعات السينمائية
ذات زمن في عصرنا نحن كنا ننتظر على أحر من الجمر، عطلة نهاية الأسبوع لنذهب إلى السينما، لمشاهدة فيلم سبق وتفرسنا في ملصقه المعلق أعلى سطح قاعة السينما..
كان ذات زمن في عصرنا نحن، وأتكلم هنا عن نفسي وعن جيلي، أننا كنا ننتظر على أحر من الجمر، عطلة نهاية الأسبوع لنذهب إلى السينما، لمشاهدة فيلم سبق وتفرسنا في ملصقه المعلق أعلى سطح قاعة السينما الحي الذي نسكنه.
لكن اليوم تغير العالم من حولنا وتغيرت معه عقلية الإنسان بشكل كامل، وأصبح يطرح مشكل ضغط الوقت وسرعة الحياة اليومية. كما رافق هذه التغيرات الجذرية في نمط الحياة وسلوك الفرد تحول على مستوى ميولات ورغبات الإنسان الفنية والترفيهية. وبالتالي تغيرت نظرة الناس إلى سحر و جمالية شاشة السينما.
نظرا لتأثيرات العولمة والقنوات الفضائية التي غزت كل البيوت، وأكثر من هذا آفة القرصنة التي لعبت دورا كبيرا في توجيه أذواق وميولات المتفرج، بحيث أصبح المشاهد بفعل ضغوطات الحياة اليومية وإكراهات الوقت لا يطيق الذهاب إلى السينما، بقدر ما يفضل اقتناء أفلام مختلفة مسجلة على الأقراص المدمجة ومشاهدتها في المنزل.
رشدي بن بخشوش
مصمم أزياء
مخرجونا لا يقدمون منتوجا سينمائيا جيدا ومحترما
من بين الأسباب التي تجعلني شخصيا، أرفض وبشدة، الذهاب إلى السينما اليوم هو أنني أريد أن أجد فيها ما يضيف لثقافتي وديني لا أن اصطدم بما يفسد أخلاقي..
سبب التراجع هو التطور الذي تشهده الانترنيت والبارابول، وتوجد أشياء كثيرة تجعل الناس يهجرون السينما، وهناك سبب آخر أساسي وهو الانسلاخ على هويتنا مما جعل الأفلام السينمائية المغربية، تعطي منتوجا غير محترم ولا يشجع الإنسان المحترم أن يتردد على قاعات السينما لمشاهدة هذه الأفلام التي تعرض قلة الحياء والكلام الساقط.
ومن بين الاسباب التي تجعلني شخصيا، أرفض وبشدة، الذهاب إلى السينما اليوم هو أنني أريد أن أجد فيها ما يضيف لثقافتي وديني لا أن اصطدم بما يفسد أخلاقي كإنسان مسلم في دولة مسلمة، واعتقد أن هذا ما يتناساه مخرجونا ولا يركزون عليه في أعمالهم السينمائية وبعبارة أوضح أن يقدموا لمتفرج منتوج سينمائي جيد ومحترم.