لماذا يؤيد الأردنيون 7 اكتوبر؟: أسئلة الدبلوماسيين الغربيين أقرب إلى «كوميديا سياسية»

بسام البدارين
حجم الخط
0

بحث أحد مساعدي السفيرة لامبرت عن الأسباب التي دفعت أكثر من 550 شخصية أردنية نشطة جدا بالمعنى السياسي والاجتماعي وحتى النخبوي والاقتصادي والثقافي للتوقيع على مذكرة مبادرة النداء الفلسطيني.

عمان ـ «القدس العربي»: واحدة من أبرز اشكالات الدبلوماسية الأردنية وهي تشتبك مع الأمريكيين والأوروبيين تحت عنوان البحث عن مخرج من الأزمة الحالية في المنطقة بعد معركة طوفان الأقصى، هي تلك التي تظهر جهلا غريبا بالبنية الاجتماعية لشعوب المنطقة وحصرا للشعبين الفلسطيني والأردني.

السفيرة الأمريكية الجديدة في عمان يائيل لامبرت نشطة جدا وتجري الاتصالات واللقاءات وفي كل مناوراتها الدبلوماسية تصر على إظهار الامتعاض والاستغراب من حجم النفوذ الذي تتمتع به حركة المقاومة حماس تحديدا وسط البنية العشائرية والاجتماعية الأردنية بالرغم من أن الدولة لا تقيم علاقات مع حماس.
السفيرة لامبرت تظهر أنها تريد أن تفهم بعد تقرير لمساعديها تضمن استطلاعا يشير إلى ان أكثر من 80 في المئة من الشعب الأردني يؤيد حركة حماس.
استفسارات السفيرة هنا لا تريد ان تفهم الفارق بين التأييد العارم في الأردن لفكرة المقاومة وبالأخص لعملية 7 أكتوبر وبين الغطاء الذي تحظى به شعبيا حركة حماس.
مؤخرا بحث أحد مساعدي السفيرة لامبرت بشكل تفصيلي عن الأسباب التي دفعت أكثر من 550 شخصية أردنية نشطة جدا بالمعنى السياسي والاجتماعي وحتى النخبوي والاقتصادي والثقافي للتوقيع على مذكرة مبادرة النداء الفلسطيني.
أراد المساعد الدبلوماسي الأمريكي أن يفهم على أي أساس يوقع هذا العدد من نخب الأردن على مبادرة فكرتها الأساسية توفير شبكة أمان فلسطينية وعربية وإسلامية لفصائل المقاومة الفلسطينية وحماية حصتها عند ترميم المشهد الفلسطيني مجددا.
استفسر الدبلوماسي الأمريكي نفسه عن عدم فهمه لقرار خمسة من رؤساء الوزارات السابقين على الأقل لتلك المبادرة، والاستفسار هنا يظهر جانبا من جهل الدبلوماسيين الأمريكيين بالقضايا والفوارق وهو ما دفع السفيرة لامبرت أيضا إلى البحث عن أسباب تلك المفارقة ما بين الموقفين الشعبي والرسمي مع انها استمعت لآراء خبيرة في الأحزاب تحاول افهامها بأن الشعب الأردني يؤيد بالمطلق عملية 7 أكتوبر ولا ينظر لها وفقا للتصور الأمريكي أو الإسرائيلي أو حتى الأورربي، مع لفت نظر السفيرة إلى أن العملية ستحظى بالمباركة الشعبية حتى لو نفذها أي فصيل علماني فلسطيني.
طولب الطاقم الدبلوماسي الأمريكي بأن ينتبه إلى أن مساندة الشارع لما حصل في معركة طوفان الأقصى مسألة ومساندته لحماس حصرا مسألة أخرى تماما، وهي مسألة ناقشتها لامبرت وأعضاء في مجلس العموم البريطاني حتى مع رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي الذي سبق ان اعتبر في نقاش مع «القدس العربي» بأن ما لا يفهمه الغربيون هو ان العقلية الشعبية بصورة عامة تنظر لعملية طوفان الأقصى باعتبارها أقرب إلى عملية غسيل عار الهزيمة العسكرية من عام 1948.
أرادت لامبرت ان تفهم كيف تحظى حركة حماس بتلك الحاضنة الشعبية الأردنية في دولة تحصل على مساعدات مالية سنوية من بلادها، مع أنها أظهرت وطاقمها ميلا لتجاهل ما يقوله وزير الخارجية أيمن الصفدي وكرره قبل 3 أيام في نقاش مع «القدس العربي» بأن المسألة مرتبطة بالاحتلال وكلفته وضحاياه، وبأن الأمريكيين وغيرهم عليهم الانتباه إلى أن قصة الصراع مع الاحتلال كان يوم 7 أكتوبر نتيجة لها وليست سببا في إنتاجها.
يحيط مثل هذا الجهل عند الدبلوماسية الأمريكية تحديدا في الكثير من مفاصل الحوار والنقاش حتى مع زاوية حليفة وصديقة مثل الأردن.
وهنا قد تبرز المحطة التي طلب فيه مسؤول بارز في الحكومة من الوزير انتوني بلينكن تحديدا مشاركته في رحلة ميدانية إلى مخيم البقعة غربي العاصمة عمان للاجئين حتى يرصد بلينكن نفسه كيف غادر الأجداد في ذلك المخيم فلسطين المحتلة عام 1948 وقال لهم المجتمع الدولي آنذاك انهم سيغادرون لفترة مؤقتة ثم يعودون فيما استمرت تلك الفترة المؤقتة 75 عاما.
سئل قائد الأوركسترا الدبلوماسية الأمريكية حتى في القصر الملكي الأردني مؤخرا: تتحدثون عن حل الدولتين.. حسنا كيف سنصل إليه معكم بصورة محددة من دون وقف العدوان الإسرائيلي؟
مسؤول بارز في الهرم الأردني تحدثت معه «القدس العربي» أشار لمفارقة أخرى في غاية الكوميديا الدبلوماسية قائلا: صدمت شخصيا عندما سمعت الوزير بلينكن يتبنى رواية الحمقى في تل أبيب وهو يتحدث عن ضرورة إيجاد طبقة من وجهاء أبناء قطاع غزة محبة لإسرائيل ولا تكرهها لتسليمها مقاليد الإدارة المدنية في مرحلة انتقالية.
وفقا لنفس المسؤول الأردني كان غريبا للغاية أن يظهر وزير خارجية الولايات المتحدة هذا القدر من الاستفسار البائس عن كيفية وجود محبين لإسرائيل من أبناء قطاع غزة في مؤشر يعزز القناعة بأن الجهل في الوقائع بات يلازم كل الخطة الغربية التي تنتحل صفة رسم مستقبل غزة حيث لا يوجد في مجتمع القطاع اليوم شخص واحد صغير أم كبير يمكنه أن يقف عند حدود كره إسرائيل دون التفكير بالانتقام منها.
هذا النمط من الجهل عموما يغلف الكثير من الاعتبارات والنقاشات وقد بدا ملازما حتى برأي أوساط عميقة في القرار الأردني للمبعوثين الدبلوماسيين الذين يحضرون هنا أو هناك بين الفينة والأخرى.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية