على الرغم من أنني لم أصدر عملًا روائيًا من قبل، إلا أن النزعة الأدبية كثيرًا ما تلاحقني وتنادي بي أن أفعل، وربما تنشأ الفكرة من فراغ، أو تكون نتيجة حدث ما.
ذلك ما راودني عندما شاهدت فيلم «مولانا» قصة الكاتب المصري إبراهيم عيسى، الذي عرض في قصته نموذجًا لداعية أزهري، من أولئك الذين يوصفون بأنهم تنويريون، ولم يكن التنوير الذي انطلقت منه شخصية الشيخ حاتم الشناوي في القصة سوى الثورة والسخط على النصوص الإسلامية، والجرأة الوقحة على التراث الإسلامي، وتقديم العقل على النقل، وغير ذلك من السقطات الفادحة.
ساعتها تمنيت أن أكتب رواية مقابلة لرؤية إبراهيم عيسى، تطرح النموذج الأزهري الوسطي، الذي يستحق أن ينال لقب «تنويري» بحق، ولكنني لأسباب كثيرة اكتفيت بأن أكتب عن مولانا التنويري الذي نريده.
فالتنويري بحق، يستوعب الخلاف والمخالفين ويتسع صدره للحوار، يصل بخطابه إلى حاجة الناس، ولا ينفصل بهم عن واقعهم، يخرج على القولبة والنمطية والجمود، لا يُضيّق واسعا، ولا يحجُر على الآراء المخالفة، التي تستند إلى أدلة صحيحة واجتهادات تقع وفق آليات وضوابط الاجتهاد، متبسط ودود يُشعر الجمهور بأنه واحد منهم، وأنه لا يحمل سلطة كهنوتية، يهتم بمظهره، ويُظهر للناس جمال الدين في الاهتمام بتلك الخِلْقة التي كرّمها الله تعالى، يميز بين الثوابت والمتغيرات، وبين أصول الدين وفروعه، يحترم العقل ويقدّس صحيح النص في آن واحد، يُوقّر رموز الأمة، ويأخذ الناس إلى تلك المساحة بلا غلو أو مغالاة، ويُراعي فقه الأولويات، يهتم بإصلاح الناس لا الحكم عليهم، يربط بين الدين والإعمار والرقي والازدهار والنهوض، يطرح الإسلام بشموليته ولا يجعل الناس أسارى دائرة مغلقة، يُطوّر من خطابه الدعوي، بما يتناسب مع روح العصر، يبحث عن دوائر الالتقاء ويعززها.
ولأن الشأن المصري، يأخذ حيزًا واسعا من اهتماماتي، فقد تابعت وأتابع منذ فترة، الداعية الأزهري عبد الله رشدي، فكأن ما ذكرته من قبل تجسّد في صورة هذا الداعية الشاب، الذي ثار حوله الجدل، لأنه صاحب طرح جديد قفز به على أسوار المألوف، وتطرق إلى قضايا يُعرض عن تناولها جهابذة الدعاة والعلماء، وهو اليوم مستهدفٌ من قبل وزارة الأوقاف التابعة للنظام، وأطلقت المنابر الإعلامية دعواتها لإلغاء حساباته وقناته على يوتيوب، فمن هو عبد الله رشدي؟ ولماذا يُستهدف؟
شاب في منتصف الثلاثينيات، من أبناء الأزهر، شغل منصب المتحدث الإعلامي باسم وزارة الأوقاف، وإمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة، إلا أنه تم إيقافه وتحويله للعمل الإداري، بسبب تناوله الجريء لمسائل شائكة.
التنويري بحق، يستوعب الخلاف والمخالفين ويتسع صدره للحوار، يصل بخطابه إلى حاجة الناس، ولا ينفصل بهم عن واقعهم
اشتهر بمناظراته القوية على الفضائيات، أمام أدعياء التنوير والعلمانيين، وأذهل الجماهير بقوة حجته، وسعة إطلاعه، وثقته بنفسه، حتى صار الناس ينتظرون مناظراته، كمن ينتظر برامج المصارعة الحرة في إثارتها، رغم ردوده الهادئة المتزنة، وكان ظهوره في هذا الميدان مفاجأة للجماهير، الذين دأبوا على رؤية كثير من الشيوخ والدعاة في المناظرات ضعيفي الحجة، يثورون أمام ما يبديه نظراؤهم من أفكار، فيظهرون بمظهر ضعيف يُفقد الناس الثقة في أهل العلم، ويُعلي من رصيد أصحاب الفكر الظلامي، الذين يدّعون التنوير وهم أبعد ما يكونون عن النور.
دأبنا أن نراه على صفحاته بمواقع التواصل، يتتبع مثيري الفتن، والمتهكمين على الشريعة، والذين ينتقدون التراث الإسلامي بغير علم ولا وعي ولا دراسة، فيُعري باطلهم.
يُقدّم عبد الله رشدي ابن الأزهر، صورة مغايرة تماما لما عهده الناس عن الشيخ أو الداعية، فرغم علمه الغزير وحجته القوية وعمله الدؤوب في خدمة الدين، إلا أنه نموذج عصري للأزهري، يتعاطى مع الواقع، ويعيش عصره، فتجده يرتدي (تي شيرت) كسائر الشباب، ويبث صوره على مواقع التواصل، وينشر مقاطع مصورة وهو يمارس الرياضة البدنية في صالات الألعاب الرياضية، وخرج في إحدى صوره وهو يحمل شبلا (أسدا صغيرا)، ويقدم مادته المتلفزة للجمهور في الأماكن العامة، فهو ببساطة يقول للناس: الدين لن يمنعكم من الاستمتاع بمباهج الحياة، الدين ليس تجهما، وليس انعزالا أو تقوقعا. ما يتميز به هذا النموذج الأزهري الجديد، هو وقوفه على أرض صلبة، لا يتوارى بالأحكام الشرعية التي تتعلق بمسائل شائكة، بل يعرضها في إطار من الانضباط الشرعي، مظهرا وسطية الدين ومراعاته لأحوال الناس وسماحته مع الإنسان بصفة عامة، ويركز على أن الإسلام وإن كان لا يحكم لغير معتنقيه بالإيمان، إلا أنه يحكم في الوقت ذاته بأن دماءهم معصومة، وليس هناك إطلاق ولا إكراه في الدين، بل قد يُقاتَل المسلم إذا كان باغيا أو معتديا، بينما يُصان غير المسلم لو كان مسالما غير محارب.
وفي الزوبعة التي ثارت في مصر حول التحرش، نال هذا الداعية قسطا كبيرا من الانتقاد، ذلك لأنه توسط في قوله، ولم يكتفِ بتحميل المتحرش المسؤولية، بل حمّلها كذلك للفتاة التي تبرز مفاتنها، وأكد على أنه رغم مظهرها هذا، إلا أنه لا يبيح للمتحرش أن يُقدم على هذا الفعل المشين. يتميز الداعية الأزهري عبد الله رشدي باستيعاب الخلاف، وعرض القضايا الخلافية في صورة تفصيلية مبسطة، ويدعو إلى عدم الإنكار على المخالف. ورغم أنه أشعري المذهب، إلا أنه لا يهاجم السلفيين، ورغم عدم اتفاقه الكامل مع بعض الأئمة مثل ابن تيمية وغيره، إلا أنه يدافع عنهم، ويُظهر مآثرهم، تحت شعار (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي).
في الوقت الذي كانت الفتوى في مصر تتجه إلى تشويه ما قام به أردوغان من إعادة الصلاة في مسجد آيا صوفيا، انطلاقا من حالة العداء بين النظامين المصري والتركي، وذهب بعضهم إلى تحريم الصلاة فيه، لأنه كان في الأصل كاتدرائية حولها محمد الفاتح إلى مسجد، لم يقع الداعية الشاب في وحل التطبيل ولم يقبل بتوظيفه سياسيا، بل عرض المسألة في شجاعة وذكاء يُحسد عليهما، فأوضح أنه يتحدث في أمر المسجد بعيدا عن الآراء السياسية، وعرض أقوال الفقهاء، التي تبين صحة ما فعله محمد الفاتح بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد، وأن إعادة الصلاة فيه أمر ينبغي أن يفرح له المسلمون.
بعض المعارضين السطحيين لنظام السيسي ينتقدون الداعية، ويعتبرونه من علماء السلطان كما يقولون، وكأنه صار من معايير قبول الداعية أن يصطدم بالحاكم، فهذا من أكبر السخف، فيكفينا من الداعية أنه على ذلك الثغر يقوم بتوعية الناس ومحاربة الأفكار المتطرفة بكافة أشكالها بالحجة والبيان، ويُبصّر الجماهير بأمور دينهم، ويكون حاضرا بقوة في كل حدث، يزيل الغشاوة عن الأعين، ويُظهر وسطية الإسلام التي غيَّبها الكثيرون، فهل يريد هؤلاء السطحيون أن يُلقي الداعية كلمة يختفي على إثرها عن أعين الناس وراء القضبان؟ كما أنه من المؤمنين بأن الإصلاح يأتي من القاعدة الجماهيرية لا من قمة الهرم، وهذا عين الحكمة وما تقتضيه السنن الربانية.
فلماذا يتم التضييق على عبد الله رشدي؟ ولماذا يُنادى بإلغاء أنشطته الدعوية؟
أولًا: لأن الزمرة التي تُوصف زورا بالتنويرية العلمانية؛ هي الشريحة المتنفذة من بعد الانقلاب العسكري على الدكتور محمد مرسي رحمه الله، وتلك الفئة هي المتضررة من حملات التوعية، التي يقوم بها عبد الله رشدي ضد أفكارهم المتطرفة وهجومهم على الثوابت، ومعلوم أن هذه الشريحة لها امتدادها الخارجي وتحظى بالدعم من الغرب، فلا ريب أن ذلك له تأثيره في التعامل مع رشدي.
ثانيًا: لأن عبد الله رشدي من سهام الأزهر، الذي يدخل شيخه في صراع محتدم مع السلطة، التي تريد تطويعه وإجباره على التحديث الديني، الذي يتوافق مع سياستها ودورها في إقامة شرق أوسط جديد، ما جعل قائد الانقلاب يعمل على محاولة قص أجنحة الأزهر وتهميشه، فالداعية عبد الله رشدي من أكثر الدعاة تمسكا بمرجعية الأزهر وشيخه، ويُذيّل كل منشور وكل تغريدة بعبارة «الأزهر قادم»، يُبشر بها باستعادة الأزهر دوره الأساسي، ومن ثم كانت محاربته ومحاولات التضييق عليه، فرعا من استهداف الأزهر ورموزه، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتبة أردنية
شخصيا” لا أثق بشيوخ مصر بما فيها الأزهر. ايضا”
الملابس الخليعة..العلاقات خارج الزواج..السب واللعن..التنابز والغمز..تحريض البنات أو الشباب على الخروج عن الدين والقيم والعادات..
هذه (قبائح) وليست (حقوقاً)
فإن رأيت من يحاول أن يخرجها من دائرة القبح إلى دائرة الحقوق فاعلم أنه خبيث النفسِ قبيح العقل.
– من أقوال الشيخ عبد الله رشدي –
جزاكى الله خيرا اختى الكريمه هم دائما يحاولون ان يوقعوا الشيخ عبد الله فى الفخ لكنه اذكى منهم جميعا وبهدوئه وثقته وعلمه يموتون غيظا والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
المسألة باختصار أن الأنظمة العسكرية المنشارية في أمتنا المنكوبة يعلمون جيدا أن مهمتهم الأولى التي كلفهم بها الكفلاء الدوليون هي استئصال الإسلام ومحاربته وتشويهه، وتستخدم هذه الأنظمة عمائم أمنية وعلماء سوء، وومشايخ سلطة وفقهاء شرطة لتنفيذ هذه المهمة. إنهم لا يحاربون شخصا بعينه بقدر ما يحاربون الإسلام نفسه، ويقيمون له آلاف المقاصل والمشانق، فالغرب واليهود لا يريدون شيئا اسمه الإسلام في هذه المنطقة حماية للكيان الصهيوني. ولنتأمل طبيعة وأشكال بمعنى أفكار هؤلاء المحسوبين على العلم الشرعي. إنهم عباد الدنيا طلاب الشهرة على حساب كل حق وخلق وصواب. ولنتأمل العمامة الأمنية المصرية : كيف فرح بإغلاق المساجد، وكيف وضع بلغة الأمن (ضوابط) لصلاة الجمعة، بينما تغافل عن أوضاع الشواطئ والقطارات والمترو والكباريهات المكتظة بالآلاف، فضلا عن الواقفين على أبواب البنوك والبريد والمصالح الحكومية وهم لا يتركون خرم إبرة فراغا بينهم. إنها الحرب ضد الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اتفق مع الأستاذة الفقيه في كل ما ذكرت و وصفت ببراعة كبيرة تدل على متابعة حثيثة لهذا الرجل المكافح على جميع الثغور ،و أعطته حقه الذي يستحقه..
.
فقط أود ان ابين، أن حملة من هؤلاء الذين يطلق عليهم بالتنويريين ( من علمانيين و ليبراليين و متفلتين)، و هم بتصوري ظلاميون و ليس فيهم من النور في شئ كما ذكر المقال، كانوا نافذين دوماً في زمن السيسي، و عبدالله رشدي يتصدى لهم كل يوم تقريباً، و بالتالي لم يستجد شئ، ربما فقط التراكم قد يكون أجج الموقف تجاهه
هذا وارد..
و لكن…
و لكن… هل كونه محسوب على شيخ الأزهر، و شعاره كان دائماً.. الأزهر قادم ،هو محسوب بالتأكيد ومن البداية، على شيخ الأزهر ،و من رجاله الخُلّص، و بالفعل قد تكون الحملة عليه، لضرب و اضعاف شيخ الأزهر بطريقة غير مباشرة، نتيجة الخلاف المزمن الكامن تحت الرماد و يستعر كل حين، بين شيخ الأزهر و قائد الانقلاب ،وهذه جاءت كنوع من استعراض القوة.و تصفية الحسابات مع الأزهر!
.
هذا وارد كذلك..
.
لكن هذه المعارك مستمرة من حين، فلماذا الان بالذات يجري التضييق على الرجل، بل محاربته حتى في رزقه؟!
.
برأيي ان النقطة التي افاضت الكأس ،هي خروج رشدي في اليوم الثاني مباشرة لتأييد السيسي لخطوة الإمارات بالتطبيع مع الكيان المحتل، ليذكر الناس بذكرى حريق الأقصى و بأن حقوق الفلسطينيين قائمة و لا احد سينتزعها منهم، و لا تهاون في الثوابت، في رد واضح و بين السطور على تأييد السيسي العار لتطبيع الإمارات!
.
لكنه لم يختر المواجهة المباشرة، و اختار كالعادة و بذكاء بالغ توضيح الموقف الشرعي دون افتعال صدام مع السلطة التي لا ترحم
.
ومع ذلك، السلطة القمعية لم تفوتها له هذه المرة و أطلقت عليه كلابها.
لا اثق في كل الميديا المصريه، في تصوري انه تلميع لعمرو خالد من جديد.. لان الاسلوب واحد في كل العصور ففي عصر مبارك هوجم ياسر برهامي بمنتهي الشراسه في اوخر التسعينات
لانه أول من قال بان المسيحيين كفار بالنسبة لنا كمسلمين واستدل بآيات من القرآن علي ذالك وهو الوحيد الذي يرد علي من يريدون ان يشككوا في الدين الاسلامي وثوابته فتوجد ايضا حملة شرسة من المسيحيين في مصر عليه وهذا التمسته بنفسي في حوارات مع كثير من المسيحيين في مصر وفي خارج مصر
رائعة فوق الوصف يا أستاذتنا الموهوبة المُلهمة الكريمة الفاضلة إحسان الفقيه … ننتظر مقالاتكِ بفارغ الصبر, ولا أبالغ أبداً إن قلتُ أنها دُرة مقالات جريدتنا الحرة الموقرة “القدس العربى”
.
ليس هناك ما أستطيع أن أضيفه على هذا المقال المُنصف الجامع, سوى أن أزيد سطراً واحداً, على مقولتى التى أرددها دائماً (وخاصة على أسماع مجاذيب وعبيد السفاح السيسى), وهى:
.
أن معرفة الحق من الباطل فى زماننا هذا أمر مُيسرٌ للغاية , فما على المرء إلا أن يرى أين ومع من يقف ويؤيد ويساند ويُطبع الصهاينة, ليوقن بما لا يدع مثقال ذرة من شك, أن هذا هو عين الباطل وعين الخيانة وعين السقوط وعين الحقارة … والعكس صحيح بالطبع, فمن يكرههم ويحاربهم الصهاينةُ, هم أهل الحق المبين فى الدنيا والآخرة, بإذن الله تعالى
.
وما أزيده اليوم, هو أن هذه المقولة تنطبق حرفياً وبصورة مدهشة, على ما يُسمى وزارة أوقاف مُغتصب حكم مصر السفاح السيسى!!!! … زمن عجيب جداً
والكاتبة، نسخة أخرى من هذا النمط من الدعاة الهادين المهديين. وبارك الله فيها وفي عبدالله رشدي، وحماهما من أعداء الدين
انا ارى انا الدكتور عبد الله رشدي من المع الدعاة الإسلامي ين في العالم في الوقت الحاضر وسوف تتم محاربه أعانه الله على بلواه والمشاكل اعدائه في مصر اللي هو ابنها البار اكتر من اي بلد واعدائهفي مصل جلهم من المطبلين الذين لايملكون لا حجة ولابرهان