صحيح أن مجتمعاتنا ذكورية، لكن هل عرف الذكر الحاكم، الباسط لسلطته بنفسه في عالمنا هذا؟
ينطرح السؤال علينا بمجرد أن نتخطى الأربعين، حين نرى جيدا ذلك العش الأمومي الذي عشنا فيه حياتنا، بحيث نعرف تفاصيل الأم التي تسهر على أكلنا وشربنا وإدارة أمورنا في البيت، فيما نجهل تماما قيمة الأب، الذي فضل أن يكون سلطانا على بيته، مفضلا أن تبقى العلاقة بينه وبين أبنائه رسمية إلى أن يموت.
تحضر صورة الأب في الأدب العربي بكل بشاعتها وقسوتها وسلطتها، وهذا انتفاض ضمني وصامت على السلطة الذكورية التي عانت منها المجتمعات العربية.. من نجيب محفوظ في وصفه لشخصية سي السيد، إلى محمد شكري الذي كسر رقابنا بضربة واحدة وهو يصف واقعه المرير وعلاقته بوالده، إلى كتاب اليوم، نخلص لنتيجة واحدة، هناك تمجيد للأمهات، وتمرد وتصفية حسابات مع الآباء. ما يجعلنا نفتح أعيننا على حقيقة مرة، وهي أن صورة الذكر في ميراثنا الأدبي صورة سيئة، وقد أبدع الذكور أنفسهم في رسمها، والتوثيق لها. أما الصراع المراهقاتي الذي يبدأ باكرا بين الإناث والذكور في نصوص المبتدئين، فهو ثمرة ذلك الخلل المبكر في علاقة لم تسلك مسارها الطبيعي أبدا.
السؤال الذي أطرحه اليوم من منطلق الأنوثة والذكورة في الأدب العربي، هل أخلص الكتاب الرجال لذكورتهم؟ وما هي الصورة التي قدموها للقارئ؟ أي منحى ذهبوا فــــيه أمام المنحـــى الإنساني الذي ذهبت فيه المرأة في خطابها السردي والشعري.
الجواب المحزن الذي نحصل عليه في الغالب يحتوي على معطيات الواقع، فالأدب ينقل بأدواته اللغوية والجمالية الموجودات المتوفرة في نمط حياتنا، ولكنه لم يتخط تلك المرحلة، لأن أغلب الكتاب العرب حظوا لسوء حظهم بآباء كتلك النماذج التي كتبوا عنها، وكان خطابهم نتيجة حتمية لمعاناتهم، فيما تبدو الكاتبات العربيات أكثر غفرانا لقسوة الأب، كما فعلت على سبيل المثال اللبنانية مي منسي في تحليل شخصية الأب القاسي، وإيجاد المبررات لقسوته تلك، وهو ما ذهبت إليه مواطناتها حنان الشيخ وعلوية صبح التي أبدعت في رسم السلطة الذكورية الجائرة، التي أدت إلى اختلال توازن «الزوج» – ما أعني به الرجل والمرأة في علاقتهما كزوجين ـ فعلى لسان الزوج الذي يهدد بمضاجعة زوجته ترد العبارة الغريبة: «بعملك عصاية» في إشارة واضحة إلى ربط الفعل الجنسي بالتعنيف الجسدي، كون ذلك الفعل أُفرغ تماما من محتواه العاطفي، وتحول إلى فعل غرائزي تعنيفي تُجبر المرأة على ممارسته.
لم تتغير صورة الرجل كثيرا كصورة أدبية مع أن الرجل هو الأكثر حضورا في الأدب، وهي ليست الصورة التي نجدها عند الكاتبة غادة السمان مثلا، تلك التي وثقت فيها لعلاقتها مع والدها مقدمة صورة مغايرة لما ألفناه.
في أدب الرجال الذين كانوا مدرستنا الأولى لتعلم تقنيات القول، وجبل الحكايات، توقفت كثيرا عند العلاقة بين المرأة والرجل، عند صورة المرأة تحديدا، وعند صورة الأب، وكان الأمر غريبا جدا، وأنا أتقفى ذلك الأثر الواضح للمرأة، وغير الواضح تماما للرجل، الذي يتسم بصفات لا تشجع على الوثوق في تلك الذكورة الموصوفة، الملغومة بشتى البشاعات.
من جهة أدركت جيدا أن النقد اللاذع الذي وجهه الرجال في أدبهم لتلك القسوة المجانية كان رصاصة انتحار بامتياز، لقد تعب الرجل من تلك القسوة، لهذا وجه الكلمة القاتلة إلى رأسه وأطلق على نفسه الرصاص. قراءة قد لن يقبلها كثر، ولكنها قمة المأساة أن يبلغ الإنسان هذه المرحلة، وقمة الندم أن يخط اعترافه بنفسه ويقدمه للعلن.
صورة الرجل عموما ارتبطت بنمط كلاسيكي لم تتخطه مجتمعاتنا، مع أنها تعرضت لتغيرات سوسيولوجية كثيرة، مثل الهجرة، والحروب، والمجاعات، وغيرها، أدت إلى تغير البنية العائلية والروابط بين الأفراد، خاصة تلك التي تربط بين الرجل والمرأة، لكنها لم تتغير كثيرا كصورة أدبية مع أن الرجل هو الأكثر حضورا في الأدب، وهي ليست الصورة التي نجدها عند الكاتبة غادة السمان مثلا، تلك التي وثقت فيها لعلاقتها مع والدها مقدمة صورة مغايرة لما ألفناه، إنها صورة الأب الراعي لابنته، الذي لعب دورا تربويا كبيرا في حياتها، والذي صنع جزءا مهما من وعيها ككاتبة، كما شارك بشكل مباشر في تحريرها من قضبان التقاليد المتخلفة، وبالمقابل جاء نقدها البناء للشخصيات الذكورية، متوازنا بربطه مباشرة بالشخصية الأنثوية الشريكة له في كل أمور الحياة، بوعي ربما قلما نجده في النصوص الباكرة التي زخر بها القرن العشرين منذ بداياته إلى أن برزت في أواخره أقلام مختلفة، لم تعد تعلن الحب على الرجل كما فعلت السمان، لكنها ميالة أكثر إلى الانفصال عنه، بالتركيز على الفراق والطلاق، وتمجيد الفردانية الأنثوية المستقلة تماما عن الرجل إثر جرح ما. في المقابل نجد نصوصا كثيرة لكاتبات بكين فيها الأب الذي يمثل «الحماية» أو «السند» أو بالمختصر «المحرم الحقيقي» الذي بعده يجدن أنفسهن عاريات، مستباحات من طرف مختلف الرجال حولهن، لدرجة أن دراسة صورة الرجل في أدب المرأة اليوم يكشف صورتين متناقضتين لرجل مفترس لها، ورجل آخر يبالغ في حمايتها، وهذا إن عكس شيئا فإنما يعكس ذلك النمط البدائي لحياتنا الذي بقي قابعا خارج أسوار المدنية الحقة والتحضر، كما يكشف عن تراجع خطير لحياة المرأة، التي لم تستفد من ثورات التعليم، والخطابات التحررية التي زخر بها القرن الماضي، فالمرأة رغم تواجدها في كل التفاصيل اليومية بشكل عادي إلا أنها تبقى بحاجة لحماية رجل، وأكثر من ذلك، فهذا الرجل ليس في مستوى أحلامها، إنه مخيب لآمالها، كونه لا يزال يتعامل معها كفريسة بمجرد أن تقع بين مخالبه.
هذا الخط الرجعي الذي سلكه الأدب المكتوب من طرف النساء يشوش رؤيتنا المستقبلية، وإن كان القارئ العربي يحب إلقاء اللوم على المرأة في كل مصائبه، فإن القارئ الغربي يقف عند العقبة نفسها، إذ في مقالة مترجمة عن صورة الأب في الأدب الأجنبي، يفاجئنا الباحث بأن الأب غائب أو شبه غائب في الأدب المعاصر، إنه الأب الهارب من مسؤوليته، حالم، مراهق، غير ناضج، قليل المشاعر، غير مبالٍ… إلى جانب صفات سلبية كثيرة تختصر الشخصية التي لا وزن لها في النص، وبالمقابل نجد المرأة التي تملأ الفراغات، المحبة، الحاضنة، المقاتلة بصدق من أجل عائلتها، المربية، الموجهة، الواثقة، المتحدية للظروف الصعبة.
لا أبالغ إن قلت إنني استخلصت أن الأدب دليل قوي وقاطع على المحنة التي أوصلنا إليها وهمنا الذكوري، صحيح أن الفن عموما بما فيه الإبداع اللغوي بكل أنواعه يفسر بأن اختلال توازن يعود لتقديس الذكورة، وردم الأنوثة في الجانب المظلم من الحياة، ولكن إن كانت قدرة القادر تخرج الحي من الميت، فلماذا نصر على الغناء للميت والاحتفاء به في مأتم يستحوذ على كل اهتمامنا؟ وترك الحي يعيث فسادا في الدنيا؟ أما آن الأوان لنقوم بعملية تقييم جادة، لنصوغ خطابا آخر يعيد التوازن للحياة المشتركة بين الرجل والمرأة، ونتوقف عن إطلاق رصاصة الانتحار على ذكورة ظالمة؟
٭ شاعرة وكاتبة من البحرين
بروين بنت حبيب: أنبل قاضية°
حمت الذكورة من سهام قاضية°
شكراياانبل كاتبة
……الذكور مسحوقون كثيرا في عالمنا العربي مثل الاناث فالانظمة الحاكمة سحقت الكل…….الجمعيات النسائية في عالمنا العربي مشكلتها انها تستورد افكارا غربية ثبت ان ورائها الصهيونية……اكتبي مايفيد وليس للاستعراض وهو استعراض اصابني بالغثيان
(بروين بنت حبيب ) أنبل قاضية°
حمت الذكورة من سهام قاضية°
بخصوص عنوان (ورطت سعد لمجرد و 3 لاعبين من المنتخب الفرنسي بفضائح جنسية.. فمن تكون زاهية دهار ؟) أنا لاحظت هناك علاقة ما بين الجاسوسية والدعارة (الكيان الصهيوني وتركيا، استنادا إلى نسخ مفهوم وأسلوب ومعنى الدولة العميقة في فرنسا كممثلة لدولة الحداثة).
فجريمة قتل المعارض بن بركة وتذويب جثته في فرنسا، لا تختلف كثيرا عن جريمة القنصلية السعودية في تركيا يوم 2/10/2018.
وعملية السيطرة على رموز الرياضة والفن، من أجل التوجيه حسب حاجة الدولة العميقة، مسألة منطقية وموضوعية، لأي موظف تهمه مصلحة بقاء كرسي الحكم مخصص، فقط لآل البيت من شعب الرب المختار.
خصوصا مع إنتشار مفهوم روابط وأندية مشجعي الرياضة والفن، التي شاركت في الربيع أو الإنتفاضة ضد الظلم والفساد والتقصير في توفير أبسط الخدمات في دولة الحداثة، بعد تدوين لغة الحذاء على ممثلي الفساد (جورج بوش الإبن ونوري المالكي) في بث حي مباشر من بغداد عام 2008.
حكاية المرأة والرجل وسر ما بينهما من علاقة متوترة على الدوام ….هي حكاية قديمة منذ عهد آدم وحواء ، فكلاهما يشكو صاحبه ويتهمه بالخيانة والغدر والقسوة ، ألا لا فارق الوازرَ الوِزرُ