ما كل هذا التأخير؟ كي يعدل بنكيران حكومته أخذ من الوقت وربما سيأخذ ما جاوز به مـــــدة تشكيل حكــــــومته البكر بكثير وكثير، ورغم ذلك، بنكيران ووزراؤه يقررون ويناقشون وكأن لا شيء يقع في المغرب جراء قرارتهم، المغرب المسكين في غمرة البدايات المدرسية ومتطلبات الطلاب والصغار الدارسين بعد انتهاء العطلة المدرسية التي تخللها شهر رمضان الكريم وعيد الفطر السعيد وفي انتظار العيد الأكبر وسلطتهم على جيوب الموظفين، يعيش أزمته الاقتصادية والاجتماعية بصمت لا يشابه دولا كالسودان إذ قامت ولم تقعد على زيادات الوقود مثلا، فهل يعي بنكيران قمة ما يعيشه المغرب المسكين، ذلك المواطن المغترب في بلده الأمين. كان مرة أن قام جميل ولد منصور رئيس حزب تواصل الإسلامي في موريتانيا بوضع عنوان القوي الأمين كشعار لحملته، ما فاز القوي ولا فاز الأمين، ربما كانت للسيد بنكيران حيدة عن هذا الشعار، فقد وعد بمحاربة الفساد وحيوانات الغاب مستقويا بالقضاء، ولقد وعد برفع الحد الأدنى للاجور وإصلاح منظومتها والرفع بمعانات هموم الكادحين فاستأمنه أهله ومحبوه ومن وثق فيه على آمالهم وتطلعاتهم، فما صدق الرجل وخاب وخان وارتد على عاقبيه يبحث بين أرشيف الأحزاب والمتحزبين عن من يكمل أعداد حكومته الصورية. ثلاثة أسابيع وأكثر وصحف تتحدث عن اقتراب الولادة، ينتظرون لقاء رئيس الحكومة بالملك محمد السادس، الأمس محمد السادس في الراشيدية وقبيلها في طنجة يدشن ويفتتح ولا أثر لبنكيران وخبر حكومته، مشهد يوحي بكثير الدلالات لطالما تحدث عنها محللون بأن من يعمل وينشط هو الملك، بينما تحمل الصحف خبر هم حكومته بنكيران وتعثراتها، وكأن في الأمر رسالة تراد أن تصل إلى المواطنين. فلم كل هذا التعثر؟ هل يبحث بنكيران عن تطويل لأزمة التشكيل؟ وهذا أمر مستبعد، أم أن حليفه الجديد يراهن على التسويف لكسب مزيد من النقاط لصالحه، لصالحه كيف؟ كلما غاص بنكيران في وحل المشاورات والمساومات، تضاءلت فرضية اللجوء إلى انتخابات مبكرة، وهو أمر قد لا يكون في صالح الرجل وحزبه، وخير مثال فوز الاستقلاليين على أهل المصباح و المارقين من حكومته حديثا بمقعد بفاس، فوز رمزي له دلالات كثيرة، وهلب سيراهن الأحرار على اكتساب وزارات في حكومة تتناقص شعبيتها ويزداد كره طلاب الخبز لها. بنكيران حظي بكثير من الانتقاد، كان سنده قوله بمحاربة الفساد، ربما ظلمت الأزمة الاقتصادية الرجل، لكن ظلم هو نفسه حين عكف عن محاربة المفسدين ومن يعرقلون مسيرته كما زعم، ظلم نفسه حين تحالف مع أحزاب لا تملك أي مصداقية لدى الشارع، ظلم نفسه حين تنصل لمبادئه الأخلاقية فسجن أهل الرأي والمعطلون واعتقلوا في عهده وعهد وزير عدله، واليوم والحكومة في عطلتها، تتنفس ضيقا وتعثرا جديدين، قضية أنزولا وارهاصات على تطورات مستجدة في قضية الصحراء. رأيت مصباحا وضع في رف على انزواء، يقدم من رف إلى رف حتى بات في صدر المجلس في ليلة كلحاء، في عاصفة جعلت منه نور المجلس بعد أن ذهبت أنوار مصابيح أخر وخلت، ينتظرون بلجة الصبح، صباحهم طبعا لا صباحنا. ماءالعينين بوية- المغرب