لم يأبهوا لصراخه.. أطلقوا عليه كلبهم لـ “التسلية” ثم تركوه جثة تتعفن ..ماذا فعل معاق لـ”دولة بوجه كلب”؟

حجم الخط
0

وصل الصراخ إلى عنان السماء، سمعته والدته ولن تنساه أبداً. كلب مخيف، مدجن بشكل جيد، مزق جسد ابنها، شاب عمره 25 سنة ويعاني من متلازمة داون. استمر الكلب، ولم تستطع إنقاذه. طردها الجنود من بيتها بالقوة (المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، الذي لديه حس دعابة حتى في الحرب، قال إنهم توسلوا للعائلة كي تغادر)، واضطرت لترك ابنها وهو يصرخ.
وعد الجنود باستدعاء طبيب، آخر ما يعنيهم. لم يستدعوا طبيباً ولا حتى ممرضاً. ذهبوا وتركوا محمد باهر ينزف حتى الموت. مر أسبوع إلى أن تمكنت العائلة من العودة إلى البيت لرؤية ما حصل لعزيزها، الشاب الذي تم التقاط صورة له ذات مرة، وظهر فيها أحد أبناء عائلته وهو يشربه الماء. وجدوا جثته متعفنة.
لا أحد يعرف كم من الوقت استغرق احتضاره، وكم كانت آلامه فظيعة، وما الذي مر بعقله. شخص قال إنه قبل أن يهاجمه الكلب، حاول محمد مداعبته. المسؤولون عن الكلب، يبدو جنود وحدة “عوكيتس” الفاخرة التي تقيم مراسم الدفن المؤثرة والمغطاة إعلامياً لكل كلب قتل في المعركة، تخلوا عن محمد وتركوه يموت. سمعوا الصراخ ولم يحركوا ساكناً.
الإسرائيليون أيضاً كان يمكنهم سماع صراخ محمد. فقبل أسبوع نشر موقع “محادثة محلية” القصة، وكذلك موقع “ميدل إيست آي”، و”هآرتس” نشرتها في اليوم التالي. المتحدث بلسان الجيش، أكد كل تفاصيلها. فهو تحدث عن صاروخ أصاب دبابة، ولذلك لم يتمكن الطاقم الطبي من علاج الشاب الذي حرض الجنود الكلب عليه. لماذا لم يوقفوا الكلب، لماذا تخلوا عن محمد؟ هذه الأسئلة لا تعني أحداً في إسرائيل؛ فالحديث يدور عن فلسطيني. هذه قصة بقيت على صفحات “هآرتس” و”محادثة محلية”. ونشرها “بي.بي.سي”. المملكة المتحدة أصيبت بالصدمة من هذه القصة ربما أكثر، هم لاساميون.
إسرائيل تفقد بقايا الإنسانية رويداً رويداً. الضرر الفظيع في 7 تشرين الأول تسبب لنا بخسارة نهائية للإنسانية. مشكوك فيه إذا كان هذا الضرر قابلاً للإصلاح. من الآن فصاعداً، يجب القول: “حياة اليهود هي المهمة فقط”، ومسموح لنا فعل أي شيء بالفلسطينيين، حتى إطلاق الكلاب على ذوي الاحتياجات الخاصة، لا تزعجونا بقصص مخيفة بفعل يدنا. نحن منشغلون بانغماس لانهائي بفظائع 7 تشرين الأول فقط، لا يهمنا غيرها؛ فهي تسمح لنا بفعل أي شيء. في “سديه تيمان” تم بتر أرجل بشكل متعمد كما يبدو. هذا حدث في حين كان الأشخاص مكبلين لأشهر، معتقلون يموتون بسبب التعذيب أو نتيجة عدم تقديم العلاج لهم كأمر روتيني. حسب تقرير نشرته “سي.إن.إن” شهر أيار الماضي، فإن عدداً من المعتقلين يتم إطعامهم بالمصاصة، ويتبولون في الحفاضات. أحياناً يطلقون عليهم الكلاب ليلاً من أجل “التفتيش”. وباستثناء “اللجنة الجماهيرية ضد التعذيب” في إسرائيل، لم يكن في إسرائيل أي احتجاج على ذلك، التي قبل 25 سنة تقريبا أصيبت بالصدمة من تقرير نشرته “سي.بي.سي” حول تكسير العظام بالحجارة على الصخور على يد الجنود لشباب فلسطينيين، والآن لا تريد حتى السماع عن ذلك. أي شخص ينشر عن ذلك يعد لاسامياً.
أدولف ايخمان، كان معتقلاً في إسرائيل حتى موعد محاكمته. عاملته إسرائيل بشكل إنساني. لا أحد خطر بباله أن يقيده أو يغطي عينيه لمدة أشهر، ولا حتى إطلاق الكلاب عليه ليلاً. الصور القادمة من السجن تعكس وجه إسرائيل في حينه. والصور القادمة من “سديه تيمان: تعكس وجه إسرائيل الآن. “وجه الجيل مثل وجه الكلب”. هذا مصطلح من التوراة. ولم يكن يوماً ما دقيقاً لهذه الدرجة في وصف الصورة الحالية المحدثة لدولة إسرائيل. الجيل جيلنا، والكلب هو الكلب الذي أطلقه الجنود على محمد باهر، الشاب المعاق من حي الشجاعية في غزة. بعد ذلك، تركوه ليموت ألماً، الألم الذي لم يمس قلب أي شخص تقريباً في إسرائيل 2024.
من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي جاء: “في يوم الحادثة، كان هناك نشاط عملياتي كبير في منطقة قتال، شمل تبادلاً كبيراً لإطلاق النار بين قوات الجيش ومخربي حماس. وكجزء من النشاطات إزاء المخربين، قامت القوة بتمشيط البيوت بواسطة كلب. وفي أحد البيوت، عثر الكلب على مخربين وعض شخصاً. قدمت القوة علاجاً أولياً لهذا الشخص في غرفة منفصلة في البيت، وتوسلت لأبناء عائلته من أجل إخلاء البيت حتى لا يكونوا في منطقة القتال.
“استمر تبادل إطلاق النار، وأثناء الحدث تم إطلاق صاروخ “آر.بي.جي” نحو القوة، فأصاب دبابة وأدى إلى إصابة جنود، ثم موت أحدهم. إزاء إصابة الصاروخ، اضطرت القوة التي كانت تعالج الشخص الذي عضه الكلب في البيت إلى الخروج لتقديم العلاج للجنود الذين أصيبوا. في هذه المرحلة، بقي هذا الشاب كما يبدو وحيداً في البيت”.
جدعون ليفي
هآرتس 25/7/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية