لنتنياهو و”الجيش الأكثر أخلاقية”: بقتلكم 15 ألف طفل.. كيف ينسى الباقون؟

حجم الخط
0

جدعون ليفي

ليس صدفة أن تجتمع معاً كل من الصومال وسوريا وميانمار وبوكو حرام وإسرائيل في حلقة واحدة؛ فقرار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بضمه إسرائيل إلى القائمة السوداء للدول التي تمس بالأطفال، أهان وفاجأ إسرائيل. نحن وسوريا؟ نعم، نحن وسوريا. في إسرائيل الجميع هاجموا ولم يسأل أحد ما الذي فكرنا فيه عندما يقتل الجيش آلاف الأطفال؟ هل اعتقدنا أن العالم سيصمت؟ هل ستضبط الأمم المتحدة نفسها؟ إن مهمتها هي الصراخ، وهذا ما فعلته في نهاية الأسبوع.

عندما وصل الأمر إلى قتل جماعي للأطفال انتهت جميع التبريرات، حتى تبريرات إسرائيل. جلعاد أردان يمكنه مواصلة خدعه القبيحة في الأمم المتحدة. أمس، نشر تسجيل فيديو لمحادثته مع الأمين العام للأمم المتحدة، وهو عمل غير مسبوق حسب مدونة السلوك الدبلوماسي، الذي كله يستهدف مركز الليكود قبل منصبه القادم؛ ربما يواصل نتنياهو ادعاءه بأن “الأمم المتحدة أدخلت نفسها في القائمة السوداء للتاريخ”. الأمم المتحدة؟ كم من الأطفال قتلت؟ الجيش الإسرائيلي قتل 15.517 حسب وزارة الصحة في غزة، 8 آلاف تأكدت الأمم المتحدة من موتهم. كثيرون ما زالوا مفقودين. 17 ألف طفل فقدوا على الأقل أحد الوالدين. 3 آلاف طفل فقدوا على الأقل إحدى الأرجل (في كانون الثاني قالت المنظمة الدولية “أنقذوا الأولاد” بأن عشرة أطفال يفقدون على الأقل أحد الأطراف كل يوم). في قناة “الجزيرة” تم أمس تصوير طفل فلسطيني وهو يسأل أمه: هل ستنمو يده من جديد. 9 أطفال من بين عشرة في غزة يعانون من سوء التغذية الشديد، حسب معطيات “اليونسيف”. منظمة الصحة العالمية قالت إن 4 أطفال من بين 5 أطفال لم يأكلوا أي شيء على الأقل في يوم من بين ثلاثة أيام.

جميعهم في القائمة السوداء للتاريخ، أما إسرائيل فلا! جميعهم لاساميون ويكرهون إسرائيل، أما إسرائيل فبريئة! “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”، عاد وتوج نتنياهو أمس، بما يمكن أن يثير الضحك المحرج لدى سامعيه في العالم. الشهادات قاطعة، وتتراكم بصورة لا لبس فيها، ولا يمكن غفرانها. ثمانية أشهر من الحرب ضد الأطفال. ثمانية أشهر لأطفال مبتوري الأطراف، أيتام، جائعين، مرضى، مصابين بالصدمة، يحتضرون ويموتون. الأرقام مخيفة، ولا يقل عن ذلك تنصل إسرائيل المطلق من المسؤولية. حوالي 10 آلاف طفل على الأقل قتلوا بذنب آبائهم، وحماس، والأمم المتحدة واليونسيف، وليس بذنب القتلة جنود الجيش الإسرائيلي والطيارين الأكثر أخلاقية في العالم!

عندما نصل إلى هذا المستوى من التسبب بمعاناة هذا العدد الكبير من الأطفال، نتوقع درجة من الصدمة حتى في المجتمع الإسرائيلي. في نهاية المطاف، عندنا أطفال أيضاً، لكن هنا الحزن شيء ممنوع بالأمر. الرحمة أصبحت غير قانونية. الاحتجاج موجه على مصير أطفالنا فقط، الذين لا يوجد مثلهم كما هو معروف، في الوقت الذي لا نحصي فيه مئات الآلاف من أطفالهم ولا نراهم.

   أطفال غزة، الذين سيبقون على قيد الحياة، لن ينسوا. هم الآن يبحثون تحت أنقاض بيوتهم ويحدون على آبائهم وإخوتهم، ويحاولون تضميد جراحهم في بلاد لا مستشفى فيها يعمل لتقديم العلاج، ويصابون بالهستيريا بسبب الكوابيس الليلية، لكنهم سيكبرون ولن ينسوا. المساعدات الإنسانية تواصل التعثر، والمستوطنون يخربون الشاحنات ويمنعون دخولها، وإسرائيل تصمت على ذلك. ولكن الأطفال لن ينسوا أبداً ما فعلته بهم إسرائيل. كيف سينسون؟ كلا، لن ينسوا أبداً. العالم ينضم إليهم الآن. حتى الساخر والبارد مصاب بالصدمة من قتل الأطفال هذا. نتنياهو واردان وكل الإسرائيليين يمكنهم مواصلة ادعاء البراءة، لكن أيديهم ملطخة بدماء الأطفال. يجب البدء في التعود: الصومال وسوريا وإسرائيل. هذا هو النادي. لا يجب أن نصاب بالصدمة من تشكيلته، بل من السبب الذي أدى إلى انضمام إسرائيل إليه. يجب الاعتراف بضمها العادل.

هآرتس 9/6/2024

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية