بينما يحظى النزاع في سورية بالاهتمام الدولي، فان البرنامج النووي الايراني يواصل الى الأمام بكامل الزخم. وللأسف، بينما يجهز الايرانيون الجيل التالي من اجهزة الطرد المركزي ـ الاجهزة التي يمكنها ان تنتج اليورانيوم المخصب بسرعة تفوق ثلاثة أو اربعة اضعاف الاجهزة السابقة ـ فان مداولات القوى العظمى حول البرنامج النووي وصلت مرة اخرى الى نقطة الشلل. ومع ان العقوبات الاقتصادية تكلف ايران ثمنا باهظا، إلا أنها حتى الآن لم تدفعها الى وقف البرنامج النووي. فآية الله علي خامنئي كفيل بأن يعترف بأن العقوبات هي ‘وحشية’، ولكنه يشعر ايضا، على ما يبدو، بأن ايران سبق ان اجتازت أمورا اسوأ. وفي ضوء هدف الرئيس اوباما منع الايرانيين من الحصول على سلاح نووي، فان شيئا ما يجب ان يحصل. على الأقل يجب حمل الزعيم الروحي الأعلى على ان يشعر بأنه عندما تقول الولايات المتحدة ان زمن الدبلوماسية ينفد، فاننا نقصد هذا، والاستنتاج الناشئ سيكون على ما يبدو استخدام القوة. وربما بسبب التردد الامريكي بشأن سورية، أو الانسحاب من العراق، أو الخروج من افغانستان، أو الحديث عن ان التركيز الامريكي سينتقل الى آسيا، فان زعماء ايران لا يصدقون بأننا سنستخدم القوة حين تفشل الوسائل الدبلوماسية. كي نعطي الدبلوماسية فرصة اخرى، على الولايات المتحدة ان تغير استراتيجيتها في التفاوض وان تبتعد عن نهج ‘خطوة إثر خطوة’ لبناء الثقة، التي لا تفعل سوى ان تجعل الايرانيين يفكرون بأنه يمكنهم ان يجتذبونا من الأنف لنُسلم بالوضع. وبدلا من هذا ينبغي للولايات المتحدة ان تخلق وضوحا أكبر بالنسبة للامور التي لا يمكنها ان توافق عليها بأي حال، وان تمنح مفعولا لتصريحات الادارة التي تقول ان زمن الدبلوماسية ينفد. ان نهج بناء الثقة الذي يسعى الى الوصول الى اتفاق جزئي في محاولة لكسب الوقت حتى تحقيق تسوية شاملة في المستقبل، ببساطة غير قادر على ان يفعل هذا. وحتى لو كان الامر ممكنا الآن، فليس مؤكدا ان تكتيكا كهذا يتناسب والمصالح الامريكية، فمثلا، اذا ما حُصر اليورانيوم المخصب بكميته أو نُقل الى خارج الدولة في اطار اتفاق دولي، فانه يبقى بوسع الايرانيين ان يرتفعوا الى مستوى السلاح باليورانيوم المخصب بالمستوى الذي لديهم اليوم. ايران تواصل التسويف في المفاوضات بسياق لم يجتز بعد ‘الخط الاحمر’. والولايات المتحدة وحلفاؤها ملزمون بتغيير الوتيرة، ومن الأفضل عمل ذلك قبل الانتخابات في ايران في 14 حزيران/يونيو. على النهج الجديد ان يتضمن تعريف لايران ذات القدرة النووية المدنية التي يمكن التعايش معها، الامر الذي لم يحققه نهج بناء الثقة حتى الآن. ويحتمل ان يعني هذا الموافقة على قدر محدود من تخصيب اليورانيوم، ولكن مع قيود شديدة يمكن فرضها. هكذا ستُمنح الامكانية لايران بالتقدم في البرنامج النووي لتعرض في النهاية أمام العالم سلاحا نوويا كحقيقة ناجزة. وفضلا عن التخلص من الذرائع الايرانية لن يكون مجال للشك في طهران. فمن جهة ستبث السياسة الجديدة بأننا نقصد ما نقول، بحيث أن الزمن حقا ينفد. ومن جهة اخرى ففي اقتراحنا على ايران ما يدعي زعماؤها بأنهم يريدونه حقا، القدرة النووية لأغراض مدنية، سنكشف نواياها الحقيقية. واذا ما تبين بالفعل بأن نيتها الحقيقية هي الحصول على سلاح نووي، فستكون للولايات المتحدة قضية مبررة قوية أكثر بكثير أمام الأسرة الدولية اذا ما اضطرت الى عمل عسكري.