لهذا السبب لا يرد بشار على الاعتداءات الإسرائيلية

ملوك الكوميديا والإضحاك اليوم هم أولئك الساسة الفاشلون الذين يشبهون دونكيشوت، ويمارسون أعلى أشكال التهريج السياسي والكوميديا الاستراتيجية لتبرير فشل وانهيار وإفلاس أنظمتهم واهترائها، وأحلى القفشات تأتيك اليوم ليس من صالات السينما والمسارح والمسلسلات التلفزيونية بل من السياسيين والمسؤولين السوريين تحديداً وهم يحاولون تبرير وترقيع سقوط نظامهم بالوحل وتحوله لـ«ملطشة» وفرجة دولية لـ«اللي يسوى واللي ما يسواش».
وإذا أردت فعلاً أن تضحك، و«تفرفش» و«تنعنش» و«تزهزه» وتنسى الدنيا وهمومك كلها، و«تمزمز» وتمضي أمتع الأوقات فانس شابلن وعادل إمام وغوار وهنيدي وتابع وزراء وأمناء فروع حزبية ومهرجين استراتيجيين وأبواق الإعلام السوري الشهيرين، ومسؤولي النظام الكبار وهم يجترحون الأعذار، ويختلقون الأسباب، ويدورون الزوايا، ويربّعون الدوائر لتجميل وتلميع الموقف المهين للنظام الفاشي العائلي المستبد وهو يتلقى الصفعات الإسرائيلية يومياً على «أم عينه»، كما يقول المصريون، دون أن يتجرأ على رفع رأسه أمام الجبروت والقوة الإسرائيلية، فيما يكتفي «الحليف الروسي»، الصديق وجنرالات حميميم بموقف المتفرج وهم يحتسون الفودكا ويتمتعون بمشهد الصواريخ الإسرائيلية وهي تتهاطل على الثكنات والمواقع العسكرية السورية مخلفة أفدح الخسائر المادية والبشرية، وأحدثها منذ أيام، فيما عرف بمجزرة مطار الشعيرات التي لم تستدع سوى بيان تقليدي ذليل وهزيل من الجانب السوري.
وتتوالى الضربات والصفعات والركلات الإسرائيلية اليومية على مواقع النظام الذليل الذي يكتفي بإرسال فرق الإنقاذ، والإطفائيات وتعداد الضحايا وإحصاء الخسائر، وكفى الله المقاومين شر الرد على العدوان، لكن، وبالمناسبة، والشيء بالشيء يذكر، فإن هذا الجانب المسالم والطيب والحنون والرقيق والانبطاحي مع إسرائيل، سرعان ما ينقلب للنقيض، ويتحول فيه النظام البهرزي الفاشي العائلي وجنرالاته وجيشه «الباصل» إلى ضوار وأسود ووحوش كاسرة وذئاب شرسة فيما لو فتح فقير جائع فمه يشكو جوعه وألمه وفقره فيقومون بقصفه بالبراميل وخطفه ليلاً من بين أفراد أسرته وجره لجهة مجهولة، حيث لا يعد يعلم به حتى الذباب الأزرق، ويختفي عن وجه الأرض كما حدث مع ملايين المعتقلين، وبعد أن يكون قد كتب منشوراً على مواقع التواصل الاجتماعي يشير فيه لسرقات «السلالات» المدللة الحاكمة من الأقرباء والأنسباء والخليلات والحيزبونات الغواني المحظيات والعصابات ونمور السلب والنهب واللهط الجدد من عصابة رأس النظام الحاكم وأقربائه محدثي النعمة الذين أطاحوا الإمبراطورية المالية المخلوفية وحلوا محلها بتواطؤ رأس النظام و«كوّشوا» حتى على حليب الأطفال وصار سلعة للتربح والابتزاز.

ملوك الكوميديا والإضحاك اليوم هم أولئك الساسة الفاشلون الذين يشبهون دونكيشوت، ويمارسون أعلى أشكال التهريج السياسي والكوميديا الاستراتيجية لتبرير فشل وانهيار وإفلاس أنظمتهم واهترائها

ومن أطرف التبريرات التي سيقت في تبرير و«ترقيع» عدم رد النظام الفاشي على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وقد تحول النظام هنا، ويا حرام، لحمامة سلام، وقط أليف، هو ما ورد على لسان فيصل المقداد، وزير خارجية بشار، في لقاء متلفز مع الإعلام العُماني، بالقول إن «العدو»، حسب تعبيره، يستغل مرور الطيران المدني، ويقوم بإطلاق الصواريخ من فوق، وتحت الطائرات المدنية، كي لا يتجرأ النظام على الرد، وهنا، فالنظام «الحنون» «الطيب» المسالم، لا يكذّب خبراً، ويحجم عن الرد على الصواريخ الإسرائيلية، ولا يسقطها، مخافة، أن يصيب صاروخ طائش وأحمق وغير مسؤول الطائرات المدنية التي تحلق بكثافة في الأجواء السورية، موحياً للمتابع، بأنه في مطار دبي، أو هيثرو، أو نيويورك.
وبالمناسبة، والشيء بالشيء يذكر، فلم يكن غزو الكويت ولا حروب الخليج ولا كل ما قيل عن تجاوزات صدام حسين، وراء القرار الدولي بإعدام صدام والثأر منه، بتلك الطريقة، قدر ما كان تجرؤه على قصف إسرائيل بعدة صواريخ بالستية، رغم أنها لم تحدث تلك الأضرار، وكانت رسالة إسرائيل، وكل من يقف وراء إعدامه، واضحة وهي بأن «اليد التي ستمتد على إسرائيل ستقطع»، وأنها خط أحمر، ويمنع إطلاق رصاصة واحدة صوبها، أما صوب شعوبكم وصدورهم العارية، فاطلقوا ما تشاؤون من الرصاص والنابالم وقنابل الغاز والكيماوي والبراميل والمتفجرات. وهذا هو فقط، ما يفسر إلى حد كبير استراتيجية الاحتفاظ بحق الرد الشهيرة التي تبناها ويتبعها النظام الأسدي، وهو الذي يوسوس بالبقاء، ولا يفكر إلا به، ويسعى للاحتفاظ بالحكم للأبد كما يقول ويورثه لأحفاد الأحفاد، وقد تعلـّم درس صدام جيداً وحفظه وتأدب، وحرّم الاقتراب من إسرائيل، لا بل يصدر الفرمانات العسكرية بمنع التصدي للطيران الإسرائيلي وقتل الجنود الإسرائيليين والحفاظ على حياتهم، والاكتفاء بإرسال رسالتين متطابقتين للأمم المتحدة، حول شجب واستنكار العدوان، فيما تضحك إسرائيل في عبـّها من هول وشدة وقسوة رد بشار الدبلوماسي المؤدب، وحقيقة هو هنا، وفي كل مرة، يظهر أدباً جماً مع الإسرائيليين، وعلى غير عادته البربرية، وهو المشهور بهمجيته والتوحش الشديد مع شعبه المنكوب الفقير، فأي طلقة تطلق في اتجاه إسرائيل ستعني حكماً حبل المشنقة حول رقبة رأس النظام الذيل التابع الذليل.
وطبعاً بشار رجل حصيف وذكي ولبيب، وإن اللبيب من الإشارة يفهم، وها قد وعى الدرس العراقي، ورأى بأم عينه ما حاق بصدام الذي قصف إسرائيل، وقد فهم الدرس، وأخذ العبرة، فصار يقول في خلده: «ما متنا، بس شفنا اللي ماتوا. فهل عرفتم الآن السبب الحقيقي لعدم الرد الأسدي على الاعتداءات الإسرائيلية، فلا تستغربوا ولا تدهشوا وقد قالت العرب: إذا عرف السبب بطل العجب.

كاتب واعلامي سوري
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلمي:

    نعم سيدي الفاضل كالعادة في الصميم.
    ليس هناك اعذار لعدم الرد فمعظم مدن سوريا وقراها قد حولها الرئيس البطل الى ركام على رؤوس أصحابها. إسرائيل لن تجد اي هدف استراتيجي لتدميره فقد تكفل به بشار.
    العصابة الحاكمة ومرتزقة إيران وروسيا متفقون مع إسرائيل على حماية النظام السوري حامي حدود إسرائيل منذ 1973.

  2. يقول أمجد زهيد:

    ما يقال عن بشار ، ينطبق كذلك عن إيران وحزب الشيطان اللبناني!

  3. يقول حنا السكران:

    ضابط محترف سوري اكتشف في احد السنوات بعد دراسة الخرائط والخط الحدودي الفاصل بين سوريا واسرائيل ان هناك بعض الاراضي المحرزة كما يقال تتبع الجانب السوري وليس الجانب الآخر كما ساد الاعتقاد لسنوات فقام بالبلاغ وبعد التأكد من ذلك ارسلت بعض الورشات الطرقية لاصلاح بعض الطرق في تلك المنطقة وطبعا يبدو ان الجانب الاسرائيلي استغرب عند مشاهدة المعدات تدخل المنطقة بعد عشرات السنين من الهدنة. فارسل عدد من جنوده فهرب العمال من الموقع و بقي واحد او اثنان وبعد اطلاع الجنود على المعدات رجعو سيرا الى مواقعهم ولكن من بقي من العمال في الموقع ذهب الى السجن للتحقيق معه .. دعك من المنظق او العقل لكن هذه هي دولة مايسمى المقاومة والممانعة

  4. يقول حنا السكران:

    الاختراق الاسرائيلي للاراضي السورية قديم وجديد في السابق قبل ٢٠١٠ كانت خزانات الوقود الاحتياطية للطائرات الحربية الاسرائيلية هي الدليل الملموس على مرور الطائرات في اجواء بادية حمص او وسط سوريا .. خرق الطيرلن الاسرائيلي جدار الصوت فوق منزل بشار اثناء عطلته على البحر المتوسط ماذا فعل … هكذا نظام ينطبق عليه القول ماحججت سفيها الا غلبني

  5. يقول الكروي داود النرويج:

    كيف لحماس والجهاد قصف تل أبيب , وبالتالي وقف الطيران المدني , ولا يفعل بشار ذلك ؟
    من يقاوم العدو بالفعل , ومن يدعي كذباً وزوراً المقاومة ؟
    و لا حول و لا قوة الا بالله

  6. يقول سامح //الأردن:

    *للأسف الجميع يعرف ان الأسد (طاغية الشام)
    لا يهمه سوى الكرسي الذي يجلس عليه.
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد وظالم وقاتل.

  7. يقول سيف كرار... السودان:

    هل تريد الرئيس بشار يجعل الإسرائيليين يشربون من البحر؟

  8. يقول مريم:

    ان المماطلة في الرد و مواقف التسويف هذه تحاكي “تمثال قاسم سليمان” الذي اصبعه يشير الى القدس ، فيما العيون و الاقدام وكل الجوارح تجول ارجاء الشام و بلاد الرافدين !
    حفظ الله سوريا و كل بلاد المسلمين.

  9. يقول ادريس:

    وماقولك في حكام الخليج الذين صرفو اكثر من600مليار دولار لتحطيم سوريا.

    1. يقول SOUSSI AMAZIGH:

      اسكت.

    2. يقول Dr Arabi,UK:

      نعم، الكل تآمر على سوريا. غربا وعربا.

  10. يقول طارق بن زياد:

    إنها الانظمة العربية العسكرية الاجرامية الدكتاتورية، إنها الآنظمة التي تتاجر بقضية فلسطين ظالمة او مظلومة، انها الانظمة آلتي اذاقتنا شتى انواع الهزائم القاسية و أذاقت أعداءنا شرور الضحك و الكوميديا، و شر البلية ما يضحك. و حسبنا الله ونعم الوكيل.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية