من يؤيدون فرض القانون الإسرائيلي على غور الأردن ينقسمون إلى قسمين: من يعتبر ذلك بديلاً مؤقتاً لضم أجزاء أخرى من يهودا والسامرة، ومن يعتبره ضرورة أمنية.
هذه الأقوال موجهة بالأساس إلى المعسكر الذي تنبع رغبته في فرض القانون الإسرائيلي من اعتبارات أمنية. لإسرائيل مصلحة حيوية في وجود أمني إسرائيلي على طول غور الأردن. ودون هذا الوجود ليس لإسرائيل إمكانية للأشراف على منفذ المملكة الأردنية، وربما أيضاً من العراق وإيران. وتقال هذه الأقوال رغم تقدير قدرة الأردن العسكرية وتصميمه على الدفاع عن حدوده. لا يمكن لإسرائيل الاعتماد على أي جهة، سواء كانت دولة أو دولية، من أجل إعطاء رد على الأخطار الأمنية من الشرق، عندما لا يكون هناك تواجد أمني إسرائيلي ناجع في المنطقة الحدودية بين كيان سياسي فلسطيني والمنطقة التي تقع شرقي نهر الأردن.
حسب رأيي، إعطاء رد أمني لا يقتضي فرض السيادة الإسرائيلية. ولأن لهذه الخطوة ثمناً سياسياً فسيمس ذلك بالاعتراف الدولي بشرعية الحاجة الإسرائيلية إلى الأمن. هذا سؤال مهم، لأن العالم، بما في ذلك العالم العربي والأردن، يسلم بوجود أمني إسرائيلي، وبالتأكيد مع وجود أمني سيصادق عليه في اتفاق مع الفلسطينيين. من الجهة الأخرى، معظم المجتمع الدولي لن يوافق على فرض أحادي الجانب للقانون الإسرائيلي. ويجب ذكر أن إسرائيل حين أرادت ضم شرقي القدس إليها في العام 1967 تم الأمر بواسطة “فرض القانون”، وهكذا كان الأمر بالنسبة لهضبة الجولان. مؤخراً فقط اعترفت الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان. ولا توجد أي دولة، حتى الولايات المتحدة نفسها، تعترف بسيادة إسرائيل في المنطقة التي تقع شرقي القدس التي احتُلت في العام 1967.
صمم الأردن في اتفاق السلام معه على أن يضع بنداً، يعترف –بحسبه- بالحدود الدولية “دون أن يكون في ذلك ما من شأنه تحديد مسبق بخصوص مكانة أي مناطق وقعت تحت سيطرة الحكم العسكري الإسرائيلي في العام 1967”. يرى الأردن وسيرى في فرض القانون على الغور مساً مباشراً به. وإسرائيل مجبرة على أن تدرس رد الأردن أو ردود الدول العربية الأخرى ودول صديقة اليوم لإسرائيل.
وفي اتفاق أوسلو أيضاً تعهد الطرفان في الاتفاق النهائي بأن “يجب على كل طرف ألا يتخذ أي خطوة تغير من مكانة الضفة الغربية وغزة”. الفلسطينيون خرقوا تعهدهم بصورة فظة عندما أعلنوا عن دولة مستقلة، ولكن الاتفاق ما زال ساري المفعول، وإسرائيل التي لم تتنصل منه حتى الآن بخطوة قانونية، مجبرة على أن تدرس إذا كانت هي أيضاً معنية بخرق الاتفاق أو إلغائه.
ونذكر أيضاً أن موقف إسرائيل الأول، في المفاوضات التي سبقت اتفاق السلام مع مصر، كان أنه من الحيوي -من ناحية أمنية- أن تمر الحدود الدولية مع مصر من رفح إلى شرم الشيخ. ونتذكر أقوال موشيه ديان التي قال فيها “الشرم مهم أكثر من اتفاق السلام”. أثناء المفاوضات مع مصر، أقنع الجيش الإسرائيلي المستوى السياسي بأن ليست السيادة على الأرض هي الحيوية، بل القدرة العسكرية الهجومية القريبة من الحدود. وفي أعقاب تقدير الجيش هذا، توصلت إسرائيل ومصر إلى اتفاق على تخفيف القوات في شبه جزيرة سيناء – اتفاق، ورغم التغييرات التي وافقت عليها الدولتان على مدى سنوات، ما زال نافذاً؛ أي، سيادة مصرية مع الترتيبات الأمنية التي طلبتها إسرائيل.
الدرس هو أن الوجود الأمني الإسرائيلي في الغور ضروري، لكن مثلما قال مناحيم بيغن في خطابه في الكنيست في 28 كانون الأول 1977: “إسرائيل تتمسك بحقها وبمطالبتها بالسيادة على يهودا والسامرة وقطاع غزة. وبإدراكها أن ثمة ادعاءات أخرى، فهي تقترح، من أجل الاتفاق والسلام، إبقاء مشكلة السيادة على هذه المناطق مفتوحة”.
بقلم: روبي سيفل وعوديد عيران
هآرتس 26/1/2020