لوبوان: التوترات بين المغرب والجزائر.. الرياضة هي الخاسر الأكبر

حجم الخط
0

باريس- “القدس العربي”: تحت عنوان: “التوترات بين المغرب والجزائر.. الرياضة الخاسر الأكبر”، قالت مجلة “لوبوان” الفرنسية، في مقال لها، إن الخلاف الجزائري- المغربي يؤثر الآن على المجال الرياضي، ما يثير استياء كبيراً لدى الرياضيين في البلدين والروح الرياضية.

“لوبوان” عادت للتذكير بما بات يُعرف بأزمة “القمصان”، مشيرةً إلى أنه رغم أنه تم استقبال لاعبي نادي نهضة بركان المغربي بالزهور، تمهيداً للمباراة التي كان من المقرر أن يلعبها يوم الجمعة21  أبريل/نيسان ضد اتحاد الجزائر العاصمة ضمن ذهاب نصف نهائي كأس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF)، إلا أن التوتر سرعان ما تصاعد عندما قام رجال الجمارك الجزائريون بمصادرة قمصان النادي المغربي، التي رُسمت عليها خريطة المغرب، بما في ذلك الأراضي المتنازع عليها في الصحراء الغربية. وهو القميص الذي لعب به النادي المغربي هذا الموسم في المغرب، وخلال المنافسات الإفريقية.

صحافي رياضي جزائري: عندما تُفكر في كل هذا، يا لها من مضيعة للوقت

 سلطات المطار لا تستسلم لإصرار الضيوف. حتى أن المدير الرياضي لاتحاد الجزائر، توفيق قريشي، هاجم المصري عماد شنودة، مدير المباريات ورئيس مسابقات CAF، قائلاً : “الجزائر دولة ذات سيادة، وهم مدينون لنا بالاحترام”.

  ينتظر لاعبو نهضة بركان وقتًا طويلاً في حافلتهم في ساحة انتظار المطار، قادمين للانضمام إلى مديريهم في المطار. ولكن تم اتخاذ القرار ومصادرة قمصانهم. وانتهى المطاف إلى رفض الفريق المغربي اللعب في الجزائر دون قميصه الأساسي، ثم لاحقاً رفض الفريق الجزائري اللعب في المغرب، في ظلّ تمسك الضيوف بقميصهم هذا. وحكم الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف)، في نهاية المطاف، بفوز الفريق المغربي بثلاثية دون ردّ ذهاباً وإياباً بعد إلغاء هاتين المباراتين.

وقدمت الجامعة الجزائرية واتحاد الجزائر لوائح الفيفا كحجة للفضيحة، والتي تنص في قسم “لوائح المعدات”، المادة 10.3.6، على أن العنصر الزخرفي على القميص يجب ألا “يمثّل وجه أو هوية اللاعب، أو شخصاً، أو شكل بلد أو إقليم، أو يعطي انطباعاً بذلك”.

وما تزال القضية معلقة في محكمة التحكيم الرياضية.

في غضون ذلك، استقبل “نهضة بركان” النادي المصري الكبير الزمالك في النهائي، الأحد الماضي، ضمن ذهاب نهائي كأس الاتحاد الإفريقي، وفاز عليه بهدفين مقابل هاتف، على أن تقام مباراة الإياب يوم19 من شهر مايو الجاري.

وأشارت “لوبوان” إلى ما قاله صحافي رياضي جزائري: “عندما تُفكر في كل هذا، يا لها من مضيعة للوقت”.

وتساءلت المجلة الفرنسية في ظل هذه الظروف: كيف ستسير لقاءات كرة القدم المقبلة، أو الأحداث الرياضية على نطاق أوسع، بين البلدين. كيف ستقام بطولة أمم أفريقيا 2025  في المغرب؟ وكأس العالم 2030 بتنظيم مشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال؟  ففي شهر يناير عام 2023، انتهى المطاف بالجامعة الملكية لكرة القدم إلى مقاطعة بطولة الأمم الإفريقية (شان) التي نظمت بالجزائر، في مواجهة رفض الجزائر السماح برحلة جوية مباشرة بين المغرب والجزائر، مع العلم أن  الجزائر العاصمة أغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات المدنية والعسكرية المغربية منذ صيف عام 2021 وقررت قطع العلاقات الدبلوماسية في عام 2022، تُشير “لوبوان”.

كما اضطر الاتحادُ الأفريقي لكرة اليد إلى تأجيل بطولة كأس الأمم الإفريقية المقررة في المغرب، بعد أن هددت الجزائر بالمقاطعة بسبب جدولة المباريات في المدن الصحراوية، التي وصفها انفصاليو البوليساريو، المدعومون من الجزائر، بـ ”المحتلة”.

وبالحديث عن كرة اليد، تتابع “لوبوان”، انسحب المنتخب الجزائري تحت 17 سنة من البطولة العربية لكرة اليد التي أقيمت نهاية شهر أبريل بالمغرب، رافضاً اللعب أمام منتخب المملكة الذي اختار لنفسه قميصاً يحمل علم  خريطة المغرب بما في ذلك الصحراء الغربية. وخلال هذه المنافسة، وقعت حادثة أخرى زادت من الضغط، وهي انقطاع النشيد الوطني الجزائري أثناء تقديم المنتخب الجزائري الشاب لكرة اليد. وقد أكد المنظمون أن السبب هو مشكل فني، توضح “لوبوان”.

وعلّق موقع “هسبريس” المغربي، الأسبوع الماضي: “علاوة على الرهان الرياضي، فإن مسألة التعايش السلمي بين الجيران هي القضية المطروحة. ربما في النهاية، المباراة الحقيقية تجري خلف الكواليس، يهندسها فاعلون يرتدون بدلات، بدلاً من قمصان كرة القدم”.

 “أما بالنسبة للمشجعين المغاربة والجزائريين على حد سواء، تؤكد “لوبوان”، فيبدو أنهم اختاروا جانبهم: جانب السلام والوحدة، على أمل أن تظل الرياضة، كما ينبغي، لُعبة لا ساحة للمعركة السياسية. وهذا يعكس بوضوح سخرية التضامن الشعبي في مواجهة الجمود الرسمي”

وتجدر الإشارة إلى أن الوفود الرياضية الجزائرية تحظى باستقبال جيد جداً في المغرب، والأمر نفسه بالنسبة للوفود المغربية في الجزائر. كما تنقل “لوبوان” عن أحد الصحافيين المختصين. ومن المؤسف أن السياسة والإدارة تحيد روح الأخوة هذه، يقول هذا الأخير.

موقع مغربي: علاوة على الرهان الرياضي، فإن مسألة التعايش السلمي بين الجيران هي القضية المطروحة. ربما في النهاية، المباراة الحقيقية تجري خلف الكواليس، يهندسها فاعلون يرتدون بدلات، بدلاً من قمصان كرة القدم

وفي الجانب الجزائري، عبّر أحد الكوادر الرياضية عن أسفه “لتضخيم وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لما يفعله البعض من الطرفين بسبب الحماسة المفرطة، مشدداً على أن  الخاسر الأكبر الآخر هو الشباب الرياضي الجميل والرياضيون من البلدين الذين يجدون أنفسهم في ملاعب ليس فيها أي شيء رياضي”.

ومن جهة السلطات السياسية، تتابع “لوبوان”، يبدو أن الاتجاه هو امتصاص الصدمات من أجل التفكير في المستقبل، لا سيّما المستقبل القريب، مع الأحداث العالمية المقبلة (أولمبياد باريس) والأحداث القارية. علاوة على ذلك، لم يتفاعل أيٌّ من وزارات الرياضة، الجزائرية أو المغربية، مع الاضطرابات الأخيرة.

وتنقل المجلة الفرنسية عن مصدر من وزارة الرياضة الجزائرية، قوله: ”نأمل في تجنب الصراع والمقاطعة والإحباط بين الرياضيين. ونفضل أن نذكر الجميع عبر اللجنة الأولمبية الدولية باللوائح الدولية ومبادئها التي تحكم المنافسات”.

وأكدت “لوبوان” أنها تمكنت  من الاطلاع حصرياً على رسالة مؤرخة في 29  من شهر أبريل الماضي موجهة من قبل اللجنة الرياضية والأولمبية الجزائرية إلى رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ، عبّرت فيها عن قلقها إزاء مشاركة الجزائر في الأدوار التأهيلية النهائية للألعاب الأولمبية بباريس.

كما دعت الرسالة اللجنة الأولمبية الدولية إلى تذكير جميع اللجان الأولمبية، كل على حدة، بالتقيد الصارم بالميثاق الأولمبي، ولا سيّما المادة 50: “لا يُسمح بأي نوع من التظاهر أو الدعاية السياسية أو الدينية أو المتطرفة في مكان، أو أي مكان أولمبي آخر”. بالنسبة للمسؤولين الأولمبيين الجزائريين، سيكون من “الحكمة، وفي الوقت المناسب” منع أيّ استيراد للصراعات السياسية داخل الساحة الرياضية الأولمبية، لا سيّما في الفترة التي تسبق دورة الألعاب الأولمبية في باريس.

ونقلت “لوبوان” عن صحافي  “متخصص يعمل من خلف الكواليس”، تأكيده على أنه بعيدًا عن أضواء وسائل الإعلام والغليان الجهنمي لشبكات التواصل الاجتماعي، “فإن الاتصالات ودية. وهناك احترام متبادل بين ممثلي الهيئات الرياضية الجزائرية والمغربية، حتى تحت ضغط التوترات السياسية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية