لندن- “القدس العربي”: نشر موقع صحيفة “لوس أنجليس تايمز” مقالا مشتركا للمحللين بروس ريدل ومايكل أوهالان في معهد بروكينغز قالا فيه إن الرئيسين دونالد ترامب وباراك أوباما لم يتفقا على شيء مثل اتفاقهما حول الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط. وكلاهما كان يريد عودة الجنود إلى أمريكا، ولم يختلف نائب أوباما، جوزيف بايدن في الموقف كثيرا. فقد اتفق الثلاثة على ضرورة تجنب الرمال المتحركة للمنطقة قدر الإمكان. وهو رأي يوافق عليه كل الأمريكيين.
وقال الكاتبان إن السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط باتت تعتمد على القوة العسكرية. والعدد المتوسط من الجنود في المنطقة والذي يصل في أي وقت إلى 60 ألف جندي كبير مقارنة مع المهمة التي يمكنهم القيام بها بشكل واقعي. ولكن العدد الحالي هو أقل مما كان عليه في ظل جورج دبليو بوش وبداية عهد أوباما حيث وصل إلى 150 ألف جندي، وهو عدد أكبر من ذلك الذي نشر بالمنطقة في عام 1990.
السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط باتت تعتمد على القوة العسكرية
ويرى الكاتبان أن هناك طرقا صحيحة وأخرى غير صحيحة للخروج من المنطقة. وفي العادة ما يؤدي الإحباط من السياسة في الشرق الأوسط إلى شعارات مثل “حروب بلا نهاية”. ولكن الولايات لا يمكنها إنهاء الحروب بقرار مهما كانت قوتها.
فقرار عودة 5 آلاف جندي أمريكي في أفغانستان بنهاية كانون الأول/ ديسمبر كما أشار ترامب في تغريدة سيكون قرارا “أخرقا”. وهذا يعني تدمير الولايات المتحدة معدات كثيرة أو تركها هناك والتخلي عن الشركاء الأفغان وتركهم للمتطرفين في الحرب الأهلية التي تزداد سوءا. مما يعني المخاطرة في مرحلة لاحقة بإرسال المروحيات الأمريكية إلى فوق سطح السفارة الامريكية في كابول لإجلاء المسؤولين هناك. كما أن قرار سحب القوات الأمريكية يعني فتح فرص لتنظيم القاعدة و”الدولة” والعودة لاستخدام هذا البلد كملجأ آمن في وقت خسر التنظيمان مناطق النفوذ لهما في دول أخرى. وسيمنح قرار الانسحاب حركة طالبان اليد العليا في ساحة المعركة ومحادثات السلام. وعوضا عن تخفيف الضغط عن الإرهابيين يجب على الولايات المتحدة مواصلة الضغط. وعوضا عن التظاهر بأن أمريكا قادرة على إنهاء الوجود العسكري الذي مضى عليه أكثر من عقدين فيجب تصميم استراتيجية ذكية تقلل من دورها في هذه الحروب.
قرار عودة 5 آلاف جندي أمريكي في أفغانستان بنهاية ديسمبر يعني تدمير الولايات المتحدة معدات كثيرة أو تركها هناك والتخلي عن الشركاء الأفغان وتركهم للمتطرفين في الحرب الأهلية التي تزداد سوءا
ومن هنا يجب على الولايات المتحدة التركيز على مهام جمع المعلومات الأمنية وتدريب القوى المحلية والحفاظ على التفوق الجوي وعمليات القوات الخاصة لاستخدامها في الحالات الضرورية. ويجب على الولايات المتحدة التفكير فيما لديها في القيادة المركزية. ويجب التركيز من خلال دائرتين متحدتي المركز في منطقة الخليج وهما، الدائرة الأعمق والتي تضم معظم القوات الأمريكية بالمنطقة: 7 آلاف – 15 ألف جندي في كل من قطر والبحرين والكويت بالإضافة إلى 3 آلاف – 5 آلاف جندي في كل من الإمارات العربية المتحدة والسعودية والعراق. أما في الدائرة الثانية فهناك أعداد من الجنود تتراوح من المئات إلى الألاف في مناطق مثل أفغانستان والأردن وسوريا وتركيا وجيبوتي في القرن الأفريقي بالإضافة للمياه الجنوبية لبحر العرب حيث تنشر الولايات المتحدة في العادة حاملات طائرات أو مجموعة برمائية. ولا يتعدى عدد القوات 15 ألف جندي في أي بلد ولكن هناك مساحة للتفكير أو تنظيم الأمور.
ومن هنا فيجب على الولايات المتحدة سحب الوحدات العسكرية العملياتية من السعودية. فقد سحب الأمريكيين قواتهم من القواعد السعودية في 2003 ولكنهم بدأوا بالعودة العام الماضي بعد زيادة التوتر في العلاقات الأمريكية- الإيرانية. ونظرا للهدوء في المنطقة وبسبب التدخل الوحشي والعبثي للسعودية في الحرب الأهلية اليمنية على أمريكا أن تقيم مسافة في علاقاتها مع المملكة. أما الخطوة الثانية فلم تعد هناك حاجة لبقاء أعداد كبيرة من القوات الأمريكية في الكويت التي يعتمد وجودها هناك على المحاولات السابقة لدعم الوجود العسكري في العراق. ولم تعد هناك حاجة لهذا. فمن المنطقي الحفاظ على منافذ للمطارات الجوية والموانئ إلا أن المستوى الحالي من القوات هناك يجب تخفيفه وبدرجة كبيرة.
وبنفس القدر يجب تخفيض عدد الجنود في الأسطول البحري الخامس المرابط في البحرين والذي زاد عددهم بشكل كبير خلال السنوات الماضية. وباستثناء ماسحات الألغام يتكون الأسطول الخامس من سفن راسية في الولايات المتحدة. ويمكن تخفيض عدد الجنود إلى النصف بدون إضعاف الوجود العسكري البحري الأمريكي في منطقة الخليج. وبهذه التغيرات والتعديلات المتواضعة بالمنطقة يمكن تخفيض عدد القوات الأمريكية إلى 20 ألف جندي. وهذا التخفيض سيؤدي إلى تنظيم وتخفيض البعد العسكري في الاستراتيجية الأمريكية بمنطقة من العالم والتي وإن ظلت مهمة لكن يجب ألا تكون مركز السياسة الخارجية الأمريكية.