ساو باولو – أ ف ب – يبدو لويس ايناسيو لولا دا سيلفا العامل في صناعة لتعدين الذين اصبح رئيساً للبرازيل من 2003 الى 2010، محور هزة سياسية قضائية كبرى يمكن ان تقضي على طموحاته في العودة الى السلطة.
ولولا (71 عاماً) الذي يخضع لخمسة اجراءات قضائية، يمثل الاربعاء امام سيرجيو مورو القاضي الذي بات يمثل رمز التحقيق في قضية “الغسل السريع” التي تهز جزءاً كبيراً من الطبقة السياسية البرازيلية.
وستكون المواجهة حادة وستؤدي الى حشد آلاف من انصاره على الرغم من ارجائها اسبوعاً لمنع النقابات من التحرك في اطارها بالتزامن مع عيد العمال في الاول من ايار/مايو.
وسيرد الرجل الذي يعد رمز اليسار البرازيلي ويأتي في الطليعة في استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2018 — لكنه مرفوض من قبل عدد كبير من البرازيليين ايضاً –، على اتهامات بالفساد وغسل الاموال في اطار شق من الفضيحة المدوية لشركة النفط البرازيلية الوطنية بتروبراس.
ويقول المدعون العامون ان لولا دا سيلفا استفاد من امتيازات سخية قيمتها 3،7 ملايين ريال (1،16 مليون دولار)، قدمتها شركة “او آ اس” للبناء المتورطة في فضيحة “بتروبراس”، وخصوصاً شقة من ثلاثة طوابق في منتجع غواروخا في ولاية ساو باولو جنوب شرق البلاد.
وعندما غادر السلطة في كانون الثاني/يناير 2010، كانت نسبة شعبيته تبلغ ثمانين بالمئة مما سمح بانتخاب ديلما روسيف المتمردة السابقة التي تعرضت للتعذيب خلال الحكم العسكري، لكن ولايتها انتهت باقالتها بتهمة التلاعب بالحسابات العامة في 2016.
واثناء ولاية الخطيب البارع، خرج ثلاثون مليون برازيلي من الفقر ليزيدوا حجم الطبقة المتوسطة.
– “عرفت الجوع” –
طبق اول رئيس دولة برازيلي من الطبقة العاملة، برامج اجتماعية طموحة.
وقد منحته قصة النجاح هذه مكانة دولية كبيرة وسمحت له بانتزاع تنظيم حدثين رياضيين عالميين كبيرين هما كأس العالم لكرة القدم (المونديال) في 2014 ودورة الالعاب الاولمبية في ريو دي جانيرو (جنوب شرق) في آب/اغسطس.
لم يكن هناك اي شيء يشير الى هذا المستقبل الباهر للولا الذي ولد في السادس من تشرين الاول/اكتوبر 1945 وكان اكبر ثمانية اولاد لعائلة مزارعين فقراء في بيرنامبوك (شمال شرق).
وكان لولا في السابعة من العمر عندما انتقلت عائلته من ساو باولو في الجنوب هرباً من الفقر. وقال حالياً متذكراً “عرفت الجوع وعندما نعرف الجوع لا نتراجع ابداً”.
وفي طفولته عمل ماسح احذية لجلب بعض المال الى المنزل. واصبح عاملاً في التعدين في الرابعة عشرة وفقد الخنصر الايسر في حادث عمل. وانتسب الى نقابة عمال الصلب واصبح رئيسها عام 1975.
وفي نهاية سبعينات القرن الماضي، قاد عدداً من الاضرابات في اوج الحكم الديكتاتوري العسكري (1964-1985).
ترشح لولا للمرة الاولى في الانتخابات الرئاسية العام 1989 واخفق بفارق ضئيل. وبعد فشله مجددا مرتين اخريين في 1994 و1998، فاز في الاقتراع في تشرين الاول/اكتوبر 2002. واعيد انتخابه في 2006.
– “الثعبان ما يزال حياً” –
قبل اعادة انتخابه العام 2006، قال لولا “اعرف حجم التشهير والاحكام المسبقة التي تجاوزتها قبل ان اصل الى المكان الذي اوجد فيه. الآن هدفي الوحيد هو ان اثبت انني اكثر كفاءة من كثيرين من الذين حكموا هذا البلد”.
واصبح لولا المثالي والبراغماتي في الوقت نفسه، يتقن فن نسج التحالفات المخالفة للطبيعة في بعض الاحيان، او التخلص من اصدقاء اصبحوا مزعجين.
في العام 2005، اطاح بكل قيادة حزب العمال المتورطة في فضيحة شراء اصوات، وافلت من هذه القضية.
والعام 2011 اصيب بسرطان في الحنجرة لكنه شفي منه.
وعندما يتعرض لهجوم يرد بشراسة. وقال امام انصاره في الرابع من آذار/مارس بعد توقيفه المهين في اطار ملف بتروبراس “اذا كانوا يريدون قتل الثعبان، فلم يتقنوا العمل لانهم لم يضربوا الرأس بل ضربوا الذيل”.
وقبل ثلاثة اشهر تلقى ضربة قاسية اخرى بوفاة زوجته ماريزا ليتيسيا روكو التي كانت داعمه الاكبر خلال سنوات كفاحه الاربعين، ولن تكون معه في سقوطه المحتمل، ان لم يكن سجنه.