لوموند: الجزائر تريد العودة كقوة إقليمية.. وما بعد “برخان” يرتبط برهانات التنافس الإقليمي مع المغرب

آدم جابر
حجم الخط
55

باريس- “القدس العربي”: تحت عنوان: “الجزائر تريد استعادة دورها كقوة إقليمية”، قال صحيفة “لوموند” الفرنسية إن السلطات الجزائرية لا تفوّت فرصة لتمرير رسالة مفادها أن “الجزائر مستعدة للتدخل بشكل أو بآخر في ليبيا”، كما فعل الرئيس عبد المجيد تبون مؤخرا في المقابلة التي خص بها قناة الجزيرة وأثار ضجة كبيرة.

وأشار تبون إلى التحذير الذي وجهه بنفسه في يناير عام 2020 في ذروة “معركة طرابلس” (أبريل 2019 – يونيو 2020) عندما كانت العاصمة الليبية محاصرة من قبل قوات المشير خليفة حفتر.  حيث تحدث حينها عن “ خط أحمر” لا ينبغي تجاوزه.

استحضار عبد المجيد تبون نفسه لهذه “الحلقة” ليس بالأمر التافه؛ بل إنه يعكس رغبة الجزائر في إعادة صوتها إلى المشهد الإقليمي، بعد أن كرس انتهاء ولاية الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة كسوفاً للنفوذ الجزائري في المنطقة

بعد ثمانية عشر شهرا، أكد الرئيس الجزائري أن تحذيره لم يكن خطابيا فقط، قائلا: “لا نقبل أن تكون عاصمة دولة مغاربية وأفريقية محتلة من قبل المرتزقة.. لن نجلس مكتوفي الأيدي. وقد وصلت الرسالة إلى المعنيين”. ولم يحدد تبون هوية أولئك “المرتزقة” الذين كانوا في الواقع مقاتلين من شركة فاغنر الأمنية الروسية، يدعمون قوات حفتر؛ وتم صد الهجوم ضد طرابلس في نهاية المطاف بفضل الدعم العسكري التركي الحاسم للسلطات المعترف بها دوليا آنذاك، والمتمثلة في حكومة الوفاق الوطني بزعامة فايز السراج.

ورأت “لوموند” أن استحضار عبد المجيد تبون نفسه لهذه “الحلقة” ليس بالأمر التافه؛ بل إنه يعكس رغبة الجزائر في إعادة صوتها إلى المشهد الإقليمي، بعد أن كرس انتهاء ولاية الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019) كسوفاً للنفوذ الجزائري في المنطقة. وفي هذا الصدد كتبت صحيفة “المجاهد” اليومية الرسمية في 10 يونيو: “الجزائر تريد استعادة قوتها الدبلوماسية خاصة في منطقة الساحل”.

انتهاء عملية “برخان”

يتضح ذلك من خلال المراجعة الدستورية التي تم تبنيها في استفتاء الأول من نوفمبر 2020. حيث تمت الإشارة لأول مرة منذ الاستقلال صراحة إلى “إرسال وحدات من الجيش الجزائري إلى الخارج”، خلافاً لتقليد عدم التدخل الذي اتسمت به البلاد. إضافة إلى ذلك، يمكن المشاركة في بعثات حفظ السلام “في إطار احترام مبادئ وأهداف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية” (المادة 31). وهو منعطف ليس أقل واقعية.

وتابعت “لوموند” القول إن هذا الوضع يغذي الكثير من التكهنات حول احتمال تدخل الجيش الجزائري في محيطه القريب في حال تدهور الوضع الأمني ​​هناك لدرجة تهديد مصالح الجزائر الاستراتيجية، حيث من  المتوقع أن يصبح الجدل أكثر حدة مع إعلان انتهاء عملية “برخان” العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مما أدى إلى اتفاق جديد بشأن المسيرات الجنوبية للجزائر.

وبالنظر إلى العلاقة الشخصية الجيدة  بين الرئيسين تبون وماكرون، من المرجح أن تسعى باريس لإشراك الجزائر في فك ارتباطها بمنطقة الساحل من أجل منع نشوء فراغ مزعزع للاستقرار؛ وبالتالي قد قد تلعب الجزائر دورا جديدا في منطقة الساحل بعد انتهاء عملية “برخان” المناهضة للجهاديين التي أعلنها الرئيس الفرنسي.

التنافس الإقليمي مع الرباط

مضت “لوموند” إلى القول إنه في مواجهة الاتهامات الداخلية بأن الجزائر تضع نفسها في خدمة المصالح الفرنسية، أصدرت وزارة الدفاع الجزائرية نفياً رسمياً، واصفة  التكهنات بأنها “زائفة و غير مقبولة” بشأن إرسال الجزائر “قوات للمشاركة في مهمات عسكرية خارج الحدود الوطنية تحت غطاء قوى أجنبية في إطار دول مجموعة الساحل الخمس”.

الرغبة الجزائرية في ترسيخ وجودها في منطقة الساحل، سياسياً أكثر منها عسكرياً، تزداد حدة؛ لأن المغرب المنافس يريد أيضاً أن يلعب دوراً متنامياً هناك

وأوضحت الصحيفة الفرنسية، أنه لدى الجزائر أدوات أخرى للتأثير على الأمن على حدودها، إذ يمكنها تنشيط لجنة أركان العمليات المشتركة (Cemoc) التي تم إنشاؤها عام 2011 إلى جانب موريتانيا والنيجر ومالي. فلطالما اشتكت الجزائر العاصمة من أن دول مجموعة الساحل الخمس تهدف إلى مواجهة Cemoc.

من ناحية أخرى، تسعى الدبلوماسية الجزائرية إلى تفضيل مقاربة سياسية من خلال الوساطات، من النوع الذي تم التوصل إليه بشأن اتفاقية الجزائر الموقعة عام 2015 بين باماكو وثوار الطوارق من تنسيق الحركات الأزوادية، لمحاولة تحقيق الاستقرار في مالي.

واعتبرت “لوموند” أن هذه الرغبة الجزائرية في ترسيخ وجودها في منطقة الساحل ، سياسياً أكثر منها عسكرياً، تزداد حدة؛ لأن المغرب المنافس يريد أيضاً أن يلعب دوراً متنامياً هناك. وكانت زيارة وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في سبتمبر الماضي إلى باماكو، بليغةً من وجهة النظر هذه.

وتختم “لوموند” بالقول إن مرحلة ما بعد عملية “برخان” في منطقة الساحل، ترتبط ارتباطاً وثيقاً برهانات التنافس الإقليمي بين الجزائر والرباط مع تصاعد التوترات بين العاصمتين حول الصحراء الغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احويكر احويكر:

    مؤدى مقال لوموند هو أن خروج فرنسا من مالي وعودة الجزائر للعب( دور إقليمي) ما لتفادي الفراغ السياسي والعسكري تأكيد لما أعلنته الاستخبارات المغربية بداية هذه السنة حول توجيه ماكرون لتبون من أجل وضع الجيش الجزائري تحت التصرف و بدء تأهيله لأداء مهام خارج البلد، وهو ما أثار حفيظة الجزائريين.

  2. يقول حسن العباسي:

    وقوف المغرب الند للند أمام دول عضمى كالمانيا وإسبانيا دليل على قوتها كدولة إقليمية ولا يمكن أبدا الاستهتار معها.

  3. يقول reda kassimo:

    تحية الجزائر القوة الاقليمية رقم 1في المنطقة رغم عن انف الاعداء و الخونة

  4. يقول بدر الدين المغربي:

    (أكد الرئيس الجزائري أن تحذيره لم يكن خطابيا فقط، قائلا: “لا نقبل أن تكون عاصمة دولة مغاربية وأفريقية محتلة من قبل المرتزقة..)
    إن كان صادقا في قوله فهذا موقف شجاع يحسب له.
    أما طول الخصام مع الرباط حول الصحراء فلن ينفع البلدين الشقيقين
    والمسؤولون في الجارة الأخت يعلمون يقين العلم انه لا السلطة ولا الشعب هنا سيتنازلون عن شيئ من الأرض،
    والرابح الأكبر من كل هذا التوتر هي القوى الإستعمارية القديمة.
    اللهم ألف بين قلوب المسلمين وردهم إلى الحق وإلى رشدهم .اللهم آمين.

  5. يقول بلد الشهداء:

    عالم اليوم لم يصبح عالم الأمس،الجزائر من حقها الدفاع عن امنها القومي و الجيواستراتيحي خاصة مع وجود أنظمة في المنطقة تعمل المستحيل من أجل إسقاط الجزائر و خاصة إسرائيل و فرنسا، زد على ذلك حدود الجزائر المشتعلة في دول الجوار خاصة ليبيا و مالي.
    تحيا الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

  6. يقول Rachid:

    الموقف الجزائري المتجدد يستند على ما لديها من قوة عسكرية تجعلها قادرة على ربط التحذيرات بالأفعال، فهي القوة العسكرية الأولى في المغرب العربي ، وتملك خبرة كبيرة في الحرب على الجماعات المسلحة، منذ تسعينيات القرن الماضي. واستطرادا فإن كسر التحذير الجزائري كان سيُكلف قوات حفتر، المؤلفة أساسا من مرتزقة روس وتشاديين وجنجويد، هزيمة ثقيلة.
    غير أن الدستور الجزائري لم يكن يُجيز للقوات المسلحة تنفيذ عمليات خارج الأراضي الجزائرية، وهو مانع يحول دون التدخل في ليبيا أو في سواها من البلدان. بيد أن الوضع صار مختلفا اليوم بعد تعديله العام الماضي، بما يُخول لرئيس الجمهورية «إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج، تحت مظلة أممية أو أفريقية بعد موافقة البرلمان».

  7. يقول Nassir:

    اضحكتني بعض التعليقات التي تتحدث عن قدرة الجزائر تطويق المغرب . المغرب ولله الحمد يتوفر على أكثر من 3000 كلم على المحيط الأطلسي و البحر الابيض المتوسط و ميناء طنجة وحده صنف من العشر الاواءل في العالم من حيث الرواج التجاري . فحتى اسبانيا لم تستطيع اللعب على هذه الورقة حيث سحبها المغرب باعتماد موانىء فرنسا و ايطاليا كنقطة عبور للجالية المغربية والسياح.

    ربما البعض مازال يظن ان التبادل الاقتصادي و الحركة التجارية مازالت تعتمد على قوافل الجمال. هههه

  8. يقول صحراوي مغربي:

    في الوقت الراهن الجزائر ضعيفة سياسيا واقتصاديا وعسكريا نتيجة على سياسة نضامها الفاسد الذي دخل في متاهات انعكست عليه مما جعل اطماع الغرب تكبر غير ان المغرب لا زال قوة ضاربة في المنطقة لا سيما الشراكة المتميزة بين المغرب وامريكا عقدت اطماع الدول الاوربية .

  9. يقول Djamel:

    بعض الأشخاص يكتبون أشياء و عم يعرفون أنها ليست صحيحة لكن ليرتاحوا نفسيا لفترة وجيزة لأن مفعولها ينتهي لما يرى الواقع. المغرب و الجزائر يمكنهم التكامل فيما بينهم و المغرب الكبير يمكنه العيش في سلام. لكن عمي القلوب و الجهل و الكبث و العقد النفسية توهمهم أن في العداء سيجدون راحتهم.لو صرفت الأموال على التعليم لكان افضل لهم. اين اموال الجزائر ‘ القوى الإقليمية رقم 1’ من البترول و الغاز . أترضون أن تكون الإمارات اجمل من بلدكم؟ أم أن قلوبكم عليها غشاوة؟؟؟

  10. يقول عادل:

    منطقة القبايل في الجزائر هي كمنطقة الريف او الحسيمة في المغرب وهاته المناطق هي جزء لا يتجزأ من الدولتين فلا المغرب احتل الريف ولا الجزائر احتلت القبايل .لكن المغرب احتل الصحراء الغربية وملفها تحت تصفية الاستعمار بمنظمة الأمم المتحدة اما قضية القبايل او الريف او الحسيمة فهي قضايا ثقافية وهويه ومثلها كثير في مصر اسبانيا العراق بلجيكا فأغلبية الدول لها مثل هذا فلا نخلط الأمور بين القضايا الداخلية والاحتلال لأراضي الغير

    1. يقول ابن الوليد. ألمانيا.:

      لازم تكمل الآية .. المغرب هو من ادرج الصحراء كمستعمرة في الامم التحدة ..
      و بعدها اكمل الآية مرة اخرى .. ان المغرب قد حرر الصحراء ..

    2. يقول زكرياء:

      من خلال هاذا التعليق الغريب العجيب يتضح جليا ان نظارات الجزائر لا ترى الا المغرب وصحراءه، الكتلان متلا لا يجوز لها الاستقلال رغم الاستفتاء والقبايل لا يحق لها تقرير مصيرها اما الصحراء فبلا، حلل وناقش.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية