لوموند: تصدع داخل أغلبية ماكرون بسبب الصراع بين إسرائيل وحماس

حجم الخط
0

باريس- “القدس العربي”:

قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، إنه بينما تحرص السلطة التنفيذية على الحفاظ على التوازن بين دعم إسرائيل والدعوات إلى هدنة إنسانية، يحرر المسؤولون المنتخبون من معسكر إيمانويل ماكرون أنفسهم من الموقف الدبلوماسي الفرنسي، وتؤدي هذه الانقسامات إلى تصدع داخل معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون.

وأوضحت الصحيفة أنه في حين سعى الرئيس الفرنسي منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من شهر أكتوبر الجاري، إلى الحفاظ على موقف متوازن بين “التضامن” مع الدولة اليهودية والمساعدات الإنسانية لسكان غزة، ووافقت فرنسا يوم الجمعة على قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى “هدنة إنسانية فورية” بين حماس وإسرائيل، يعبّر المسؤولون في الأغلبية الرئاسية عن خط آخر، وهو الدعم المتواصل لإسرائيل.

واعتبرت “لوموند”أن هذا الخط “لا يتوافق مع تنوع الآراء داخل الأغلبية الحاكمة، ولا مع الخط الدبلوماسي التاريخي لفرنسا، والذي هو اليوم خط رئيس الجمهورية”، كما قال النائب البرلماني عن “حزب النهضة” الحاكم، تشارلز سيتزنشتوهل. ويقول زميله ألكسندر أنجليد، رئيس لجنة الشؤون الأوروبية في الجمعية الوطنية: “في موضوع حساس كهذا، لا يمكن أن يكون هناك خطان”، مشدد على أن “الخط الوحيد الصالح هو الذي يحمله رئيس الجمهورية”.

وتابعت “لوموند” التوضيح أن جلسة النقاش التي شهدتها الجمعية الوطنية الفرنسية يوم الإثنين الماضي، حول الوضع في الشرق الأوسط، سلّطت الضوء على الانقسام الذي يسود داخل مجموعة الأغلبية الحاكمة.

فعشية زيارة ماكرون إلى إسرائيل، صعد المتحدثون إلى المنصة. وألقى جان لويس بورلانجيس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية، خطابا دان فيه هجوم حماس في السابع من أكتوبر، والذي “يشكل جريمة حرب، مؤيدا حق إسرائيل المطلق في الدفاع عن نفسها”، لكنه دان أيضا “الإخفاقات الخطيرة” لحكومات بنيامين نتنياهو، وحذّر من “خطر التصعيد غير المنضبط” الذي قد يؤدي إلى “إبادة واسعة النطاق للسكان المدنيين” في غزة.

وقد أظهر بعض النواب في معكسر الرئيس ماكرون دعما ثابتا لإسرائيل، مبتعدين عن خط الخارجية الفرنسية، واعتبروا أن “لهم الحق في اتخاذ الخطوات اللازمة لتحييد جميع إرهابيي حماس”. لكن إيمانويل ماكرون حذر من القاهرة، إسرائيل من “غزو بري واسع النطاق”، من المرجح أن يضاعف عدد الضحايا المدنيين.

وبالنسبة للنائب عن باريس، بنيامين حداد، قال: “لا يوجد سياق سياسي تاريخي يمكن أن يفسر هجوم 7 أكتوبر، حيث وقعت هجمات حماس في وقت اتفاقيات أوسلو، في ظل الحكومات اليسارية في إسرائيل”.

واعتبرت “لوموند” أن هذه الأصوات المتنافرة، رغم أنها أقلية، تثير القلق داخل المعسكر الرئاسي. يقول تشارلز سيتزينستول: “إن العواطف موجودة دائما في السياسة الدولية”. وتثير المواقف المؤيدة لإسرائيل غضب بعض أنصار ماكرون بشكل متزايد، حيث إنها تضاف إلى التصريحات المثيرة للجدل التي أدلت بها رئيسة الجمعية الوطنية،  يائيل براون بيفيه، وهي من حزب ”النهضة” الحاكم، حيث أكدت “دعمها غير المشروط”  للدولة اليهودية. واضطرت لاحقا إلى تصحيح موقفها، قائلة إن هذا “الدعم غير المشروط” ينطبق على “وجود إسرائيل”.

وأوضحت “لوموند” أن رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن تحاول احتواء الانقسام داخل أغلبيتها. ففي منتصف أكتوبر، أرسل حوالي 30 نائبا من أنصار ماكرون، بما في ذلك سيلفان ميلارد، رسالة إلى وزيرة الخارجية كاترين كولونا لضمان عدم تحويل المساعدات التنموية التي تدفعها فرنسا لفلسطين لأغراض إرهابية.

وواصلت “لوموند” التوضيح أن الإليزيه يغض الطرف عن هذه الانشقاقات، ويفضل التأكيد على أن كل نواب حزب “النهضة” يقفون خلف رأس الدولة. إلا أن هذه الاختلافات في الحساسيات بشأن القضية الإسرائيلية- الفلسطينية قديمة. ففي ديسمبر 2019، كشف اقتراح القرار الذي قدمه سيلفان ميلارد، والذي كان في ذلك الوقت نائبا بسيطا، بشأن مكافحة معاداة السامية، عن انقسام عميق داخل مجموعة “الجمهورية إلى الأمام” وقتها ( النهضة حاليا).

وقد تناول هذا الاقتراح التعريف الذي يربط معاداة الصهيونية بشكل من أشكال معاداة السامية. وواجه هذا القانون معارضة شديدة من قبل بعض النواب الماكرونيين، ولم يكن من الممكن اعتماده إلا بفضل مساهمة أصوات اليمين، على الرغم من أن حزب ماكرون وحده كان يتمتع بالأغلبية المطلقة.

وراء القناعات والقصص الشخصية للبرلمانيين، هناك شيء لم يُقال، وهو تصويت الطائفة اليهودية. فعلى الرغم من أنها انتقلت بشكل كبير إلى اليمين في العقود الأخيرة، إلا أنها ستواجه منافسة شديدة من قبل مرشحي حزب اليسار وحزب النهضة في المعركة المقبلة من أجل باريس، في عام 2026. وهو جمهور انتخابي يراقب بعناية موقف القادة السياسيين في هذا الصراع.

وفي خطابه الذي ألقاه يوم 12 أكتوبر الجاري، والذي لقي ترحيبا من قبل الأغلبية، دعا ماكرون إلى “عدم القيام بمغامرات أيديولوجية عن طريق التقليد أو الإسقاط”، كما تشير “لوموند”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية