باريس ـ “القدس العربي”
قالت صحيفة ‘‘لوموند’’ الفرنسية إن رياحاً جليدية تهب على العلاقة الخاصة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، المُتحديْن حتى الآن في شكل من أشكال التعاون العدائي: حليفان تارة.. وخصمان تارة أخرى.
ففي خطوة أثارت استياء أنقرة، قررت روسيا تعليق روابطها الجوية مع تركيا لمدة شهر ونصف لأسباب صحية، حيث وصلت العدوى بفيروس كورونا إلى مستوى قياسي بين المواطنين الأتراك، مع تسجيل أكثر من 60 ألف حالة في اليوم. ويقوض هذا القرار الذي دخل حيز التنفيذ يوم 15 أبريل/نيسان الجاري معنويات العاملين الأتراك في القطاع السياحي، الذين يعتمدون على الوافدين الروس لإعادة توطين شواطئ وفنادق أنطاليا. وبالتالي، فإن الضربة قاسية على الحكومة التركية التي تعول على السياحة ومداخيلها بالعملة الأجنبية لإنقاذ خزائن الدولة.
لكن ‘‘لوموند’’ اعتبرت أنه ليس مؤكداً بالمرة أن فلاديمير بوتين كان يضع فقط الوباء في الاعتبار حين أبلغ نظيره التركي بقراره تعليق الحركة الجوية، خلال مكالمة هاتفية يوم الـــ 9 أبريل/نيسان الجاري، أتت في لحظة رمزية، عشية زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى تركيا، بهدف تجديد التعاون العسكري والحصول على طائرات مسيرة تركية، في خطوة تمثل مصدر قلق خاص للجيش الروسي، لاقتناعه بأن هذه الأسلحة ستستخدم قريبًا ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في منطقتي دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا.
فولوديمير زيلينسكي يرى أن الطائرات المسيرة التركية أعطت أذربيجان ميزة حاسمة في الحرب التي خاضتها ضد الأرمن في خريف عام 2020 للسيطرة على منطقة كاراباخ العليا. لهذا السبب، يريد الرئيس الأوكراني الحصول على المزيد وتقوية التعاون العسكري مع أنقرة، توضح ‘‘لوموند’’، مذكرة أن أوكرانيا كانت قد اشترت من تركيا في عام 2019 طائرات بدون طيار من طراز Bayraktar TB2 والعديد من محطات المراقبة.
في غضون ذلك، تم توقيع عقود أخرى، لا سيما لشراء 48 طائرة تركية جديدة بدون طيار من الإنتاج المشترك.
يقوم الأتراك والأوكرانيون حاليًا بوضع اللمسات الأخيرة على تصنيع طائرة Akinci القتالية المستقبلية القادرة على حمل الأسلحة والتحليق على ارتفاع أعلى، والمتصلة بشبكة بيانات الأقمار الصناعية، مع عمر بطارية يصل إلى خمس ساعات، تشير ‘‘لوموند’’، موضحة أنه لتصنيع هذه الطائرة بدون طيار، تزود أوكرانيا، التي احتفظت ببعض البقايا الجميلة للمجمع الصناعي العسكري السوفياتي القديم، شركة Baykar التركية المصنعة للطائرات بدون طيار بمحرك دفع.
ومضت ‘‘لوموند’’ إلى القول إن الرئيس التركي أردوغان يعزز ثقله في المنطقة من خلال تصدير منتجات صناعته الدفاعية. وبتعاونه العسكري مع أوكرانيا، يكون قد اصطف إلى جانب حلفائه في الناتو، الذين أثار حفيظتهم حين اشترت تركيا أنظمة صواريخ روسية من طراز S-400 والتي لا تتوافق مع دفاعات الحلف.
كما أن تصريحات الرئيس التركي بشأن القرم تشكل مصدر قلق آخر لموسكو. فخلال استقباله لنظيره الأوكراني يوم السبت 10 أبريل/نيسان في إسطنبول، أكد أردوغان مجددا تمسكه ‘‘بوحدة أراضي وسيادة أوكرانيا’’. وأيضاً أعاد أردوغان التأكيد على دعمه لانضمام أوكرانيا لحلف الناتو، وهو بمثابة تلويح بخرقة حمراء تحت أنف فلاديمير بوتين، الذي يشعر بأنه محاط بحلف الناتو في البحر الأسود. فرومانيا وبلغاريا وتركيا في الحلف وجورجيا وأوكرانيا تحلمان بالانضمام له.
وخلصت ‘‘لوموند’’ إلى القول إن أردوغان وبوتين قد توصلا حتى الآن إلى اتفاق بشأن مسارح عمليات بعيدة، لا سيما في سوريا، وإنهما يكافحان من أجل التوفيق بين مصالحهما في البحر الأسود، حيث يبدو موقف تركيا أقرب إلى موقف شركائها الغربيين.
تركيا دولة مستقلة ولها الحق ان تقيم علاقات اقتصادية وعسكرية متى تشاء