باريس- “القدس العربي”:
تحت عنوان: بعد الانقلاب العسكري.. الغابون في “الانتظار والشّك”؛ قالت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية إنه بعد يومين من سقوط علي بونغو، يأمل المراقبون الغابونيون والدوليون من الانقلابيين أن يفوا بوعودهم وألا يبقوا في السلطة إلى الأبد.
وأضافت الصحيفة الفرنسية القول إن الغابونيين بدؤوا يدركون تدريجياً الحدث التاريخي الذي حدث في بلادهم.
ففي دقائق معدودة، تمكن نحو عشرة جنود يرتدون الزي العسكري من كنْسِ أو جرف أكثر من نصف قرن من حكم أسرة بونغو بلا منازع. كان للإعلان عن سقوط نظام الرئيس علي بونغو، الذي حدث على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون خلال ليلة الثلاثاء- الأربعاء، تأثير قنبلة بين المواطنين الغابونيين الذين احتفلوا بنهاية حقبة. واندلعت مشاهد الابتهاج في عدة أحياء شعبية بالعاصمة ليبرفيل، هتافا للمُطيحين بالسلطة.
المجهول مخيف!
لكن المجهول يبدو مخيفاً، تقول “ليبراسيون”، موضّحة أن نشوة الفرح بعد الإعلان عن إزاحة علي بونغو من السلطة عقب الإعلان عن فوزه بفترة رئاسية ثالثة، أفسحت المجال للهدوء، ولكن أيضًا للشكوك. ومن المؤكد أن هذا الانقلاب العسكري أيقظ آمال قسم كبير من المواطنين الغابونيين، الذين لم تحكم أغلبهم إلا عائلة بونغو: الأب عمر (1967-2009)، ثم الابن علي (2009-2023).
المواطنة ليزا: الفرح مصحوب بالتوقعات والشكوك، ونحن نلاحظ بعناية ما يحدث. المجهول مخيف، لكن إذا قرر الجيش إجراء انتقال مدني فسوف أقتنع.
ولكن في أعقاب الانقلاب، توقع السكان أن يفي الجيش بوعوده. تقول ليزا، 30 عاماً، من سكان بورت جنتيل، ثاني أكبر مدينة في البلاد: “هذا الوضع جديد بالنسبة إلي، لأنني حتى الآن كنت أعاني من حمامات الدم بعد الانتخابات”. الفرح مصحوب بالتوقعات والشكوك، ونحن نلاحظ بعناية ما يحدث. المجهول مخيف، لكن إذا قرر الجيش إجراء انتقال مدني فسوف أقتنع.
“ليبراسيون”، أشارت إلى أن المجلس العسكري أوضح معالم الفترة الانتقالية، حيث أعلن المتحدث باسم لجنة الانتقال واستعادة المؤسسات أن الجنرال بريس أوليغي نغويما، الرجل القوي الجديد في الغابون، سيؤدي اليمين الدستورية في الرابع من سبتمبر/أيلول أمام المحكمة الدستورية باعتباره “رئيساً للمرحلة الانتقالية”. كما دعا العسكري موظفي الخدمة المدنية إلى ضمان استمرارية الخدمات العامة، وأعلن “التأسيس التدريجي للمؤسسات الانتقالية” -من دون تحديد المدة-، ووعد المانحين بأن البلاد ستحترم جميع “التزاماتها الخارجية والداخلية”.
وأوضحت “ليبراسيون” أن ثمة سؤالا آخر يخص مستقبل الانتخابات الرئاسية.. فمن خلال إطاحتهم بالرئيس علي بونغو، يكون الانقلابيون قد ألغوا الانتخابات العامة التي جرت في 26 أغسطس/آب المُنصرم، والتي فاز بها رسمياً علي بونغو بنسبة 64,27% من الأصوات مقابل 30,77% لمنافسه الرئيسي ألبرت أوندو أوسا – وحلوا المؤسسات. لكن المعارضة التي تندد “بالنتائج المزورة” لا تزال تدعي النصر. وطلب حزب المعارضة الرئيسي، البديل 2023، من المجلس العسكري يوم الخميس استكمال فرز الأصوات من أجل الاعتراف بـ“النصر الكبير” لمرشحه.
الحلفاء والشركاء في حالة حرج
كما تحدثت “ليبراسيون” عن الشكوك المحيطة بمصير الرئيس المخلوع علي بونغو، البالغ من العمر 64 عاما، الذي أحاله الانقلابيون إلى التقاعد، بعد أربعة عشر عاما في السلطة، ووُضع تحت الإقامة الجبرية. هذا الأخير، قال يوم الأربعاء في مقطع فيديو قصير نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي: “أرسل رسالة إلى جميع أصدقائنا في جميع أنحاء العالم لأطلب منهم أن يصدروا بعض الضجيج”. كما تم القبض على زوجته سيلفيا بونغو فالنتين وابنه نور الدين بونغو فالنتين.
نداء الرّجل الذي كان يستعد لبدء فترة ولاية ثالثة لم يكن له صدى دولي كبير، حيث بدا الزعماء الأجانب، بما في ذلك حلفاؤه المقربون، محرجين للغاية.
لكن نداء الرّجل الذي كان يستعد لبدء فترة ولاية ثالثة لم يكن له صدى دولي كبير، حيث بدا الزعماء الأجانب، بما في ذلك حلفاؤه المقربون، محرجين للغاية. تمت إدانة الانقلاب بدرجات متفاوتة من الحزم من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والصين، وهي أكبر شريك تجاري للغابون على الإطلاق. وقرر مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، خلال اجتماعه يوم الخميس لبحث الوضع، “تعليق مشاركة الغابون فورا في جميع الأنشطة والأجهزة والمؤسسات التابعة للمنظمة، حتى استعادة النظام الدستوري في البلاد”.
ومع ذلك، – تتابع “ليبراسيون”- فإن القلق واضح، ولم ترتفع سوى أصوات قليلة للمطالبة بعودة علي بونغو إلى السلطة. رئيس الدبلوماسية الأوروبية، جوزيب بوريل، تحدث يوم الخميس عن المخالفات التي شابت الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية الأسبوع. وقال: “قبل ساعات قليلة من الانقلاب العسكري، حدث انقلاب مؤسسي، لأن الانتخابات سُرقت”، مسلطاً الضوء على الاختلافات مع الانقلاب في النيجر، حيث تم انتخاب الرئيس الذي أطيح به “ديمقراطياً”.
أما فرنسا، التي تربطها علاقات سياسية واقتصادية وثيقة للغاية مع الغابون، فقد اكتفت من جانبها بـ “إدانة” الانقلاب العسكري.
في الغابون، جرت الانتخابات خلف أبواب مغلقة، من دون السماح لمراقبين دوليين وصحافيين أجانب بتغطية الحدث. كما حرصت السلطات على قطع الوصول إلى الإنترنت لتجنب سيناريو عام 2016، الذي أدت خلاله إعادة انتخاب علي بونغو إلى أعمال شغب دامية وقمع دموي. أما فرنسا، التي تربطها علاقات سياسية واقتصادية وثيقة للغاية مع الغابون، فقد اكتفت من جانبها بـ “إدانة” الانقلاب العسكري، مؤكدة من جديد “رغبتها في احترام نتيجة الانتخابات، عندما تُعرف”.