طرابلس – وكالات: قالت «المؤسسة الوطنية للنفط» في ليبيا في بيان أمس الجمعة إن إغلاق حقول نفطية في الآونة الأخيرة تسبب في فقد 63 في المئة تقريباً من الإنتاج الكلي للنفط في البلاد.
وذكرت المؤسسة أن إعادة تشغيل الحقول المتوقفة سيتطلب «تكاليف باهظة وجهودا تقنية مضاعفة»، مشيرة إلى إن القطاع النفطي «يُعد العمود الفقري» للاقتصاد الليبي.
وتابعت القول «الإقفالات المتكررة تؤدي إلى فقدان جزء كبير من الإنتاج النفطي، وتتسبب في تدهور البنية التحتية للقطاع وتبدد الجهود المبذولة لتحقيق خطة زيادة الإنتاج»
وكانت المؤسسة قد ذكرت أمس الأول أن خسائر إغلاق حقول النفط والغاز في البلاد بلغت أكثر من 120 مليون دولار، خلال 3 أيام.
ويوم الاثنين الماضي أعلنت الحكومة الليبية الموازية في شرق البلاد برئاسة أسامة حماد، حالة «القوة القاهرة» على قطاع النفط بالكامل وتوقف الإنتاج والتصدير من الحقول والموانئ النفطية في سياق خلاف حول رئاسة البنك المركزي.
وأرجع حماد قرار إغلاق النفط إلى أنه جاء «انطلاقا من واقع المسؤولية القانونية والاجتماعية في حفظ المال العام والحفاظ على أموال الليبيين واحتياطاتهم لدى مصرف ليبيا المركزي، وما سيتم تحصيله من إيرادات النفط».
وتعتمد ليبيا على إيرادات تصدير النفط بنسبة 90 في المئة لتمويل الميزانية. وتقع معظم الحقول والموانئ النفطية في مناطق إدارة حكومة حماد، المدعومة من قوات الشرق بقيادة خليفة حفتر.
ومنذ منتصف أغسطس/ آب الجاري، تعيش ليبيا توترات على خلفية أزمة إصدار المجلس الرئاسي قرارا بعزل محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير (رفض التسليم) وتعيين محمد الشكري، مكانه، وهو الإجراء الذي رفضه مجلسا النواب والدولة لصدوره من جهة «غير مختصة». وإلى جانب أزمة المصرف المركزي الأخيرة، تعيش ليبيا أزمة أخرى منذ ثلاث سنوات متمثلة في صراع بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، التي تدير منها كامل غرب البلاد، وتحظى باعتراف دولي وأممي، والثانية حكومة حماد، ومقرها بنغازي، وتدير كامل شرق البلاد ومدنا بالجنوب.
وأمس الأول توقف أكثر من نصف إنتاج ليبيا من النفط أو نحو 700 ألف برميل يومياً كما توقفت الصادرات من عدة موانئ في وقت تهدد فيه أزمة بين فصائل سياسية متنافسة بشأن مصرف ليبيا المركزي وعوائد النفط بإنهاء سلام نسبي شهدته البلاد على مدى نحو أربع سنوات.
وقالت «المؤسسة الوطنية للنفط « أمس الأول إن متوسط إنتاج النفط بلغ 591024 برميلاً يوم الأربعاء 28 أغسطس آب. وضخت ليبيا نحو 1.18 مليون برميل يومياً في يوليو/تموز.
وتهدد أزمة بشأن السيطرة على مصرف ليبيا المركزي بوقوع موجة جديدة من عدم الاستقرار في بلد منتج رئيسي للنفط ومنقسم بين فصائل في الشرق والغرب اجتذب بعضها دعم تركيا وأخرى دعم روسيا.
وقال مهندسان في موانئ بمنطقة الهلال النفطي الليبي لرويترز إن موانئ المنطقة، التي تشمل السدرة والبريقة والزويتينة وراس لانوف، أوقفت عمليات التصدير. وأضافا أن أربع ناقلات حملت كل منها 600 ألف برميل من النفط في المنطقة الشرقية، بما يعادل أغلب صادرات البلاد، وهم اثنان من ميناء السدرة وواحدة من البريقة وواحدة من الزويتينة، وغادرت الميناء في وقت سابق من يوم الخميس.
وقال مهندسون لرويترز أيضاً إن الإنتاج في حقول النفط التي تسيطر عليها شركة الواحة للنفط، وهي تابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، انخفض إلى 150 ألف برميل يومياً من 280 ألف برميل يومياً، وأضافوا أن من المتوقع أن ينخفض الإنتاج أكثر.
وذكر المهندسون أن الإنتاج توقف أو انخفض أيضاً في حقول الشرارة والسرير وأبو الطفل وآمال والنافورة.
ووفقا لحسابات رويترز، أدت تلك التوقفات أو الانخفاضات لوقف إنتاج نحو 700 ألف برميل يومياً من النفط.
وقدرت رابيدان إنرجي، وهي شركة استشارية في قطاع الطاقة، خسائر الإنتاج بما قد يتراوح بين 900 ألف ومليون برميل يومياً وتتوقع استمرارها لعدة أسابيع.
وتعهدت فصائل في شرق البلاد بمواصلة وقف إنتاج ليبيا من النفط حتى يعيد المجلس الرئاسي المعترف به دوليا وحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس بغرب البلاد محافظ مصرف ليبيا المركزي المخضرم الصديق الكبير إلى منصبه.
وقال المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي في 18 أغسطس آب إنه أقال الصديق الكبير، وهو ما رفضه مجلس النواب في الشرق وقوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) التي يقودها القائد العسكري خليفة حفتر.
ولم تنعم ليبيا، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، باستقرار يذكر منذ الإطاحة بمعمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي في 2011. وانقسمت البلاد بين فصائل في الشرق والغرب في عام 2014.
ووقف إنتاج النفط أو خفضه استغل مرارا باعتباره ورقة ضغط سياسية خلال فوضى أعقبت نهاية حكم القذافي الذي استمر 42 عاماً.
وفي بعض الأحيان، جرى حل عمليات وقف أصغر محلية في حقول نفطية خلال أيام، لكن عمليات إغلاق أكبر مرتبطة بصراعات سياسية أو عسكرية كبرى استمرت في أحيان أخرى لأشهر.
وفي أطول إغلاق واسع النطاق لإنتاج النفط، أوقف حفتر كل الإنتاج تقريبا في 2020 لمدة ثمانية أشهر ولم يحل الأمر إلا في إطار اتفاق أوسع عندما أخفق هجومه الذي كان يسعى فيه للسيطرة على طرابلس.