ليبيا: اتهامات لبرلمان طبرق بتكميم الأفواه مجددا عقب اعتماده «قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية»

نسرين سليمان
حجم الخط
0

طرابلس – «القدس العربي»: مع الجدل الدائر حول قانون الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وعدم قيام مجلس النواب المنعقد في طبرق بالرد على ملاحظات المجلس الأعلى للدولة ومفوضية الانتخابات حول القانون، لتصويب الأخطاء ضماناً لإجراء الانتخابات في موعدها، ينشغل مجلس النواب في قوانين أخرى تشعل غضب الشارع الليبي، وتثير جدلاً آخر.
حيث أعلن الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، عبدالله بليحق، الثلاثاء، إن مجلس النواب أقر بالأغلبية مشروع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية.
بليحق نشر هذا الإعلان في تصريح مقتضب على صفحته في موقع فيسبوك تعليقاً على الجلسة المغلقة التي عقدها مجلس النواب صباح الثلاثاء برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس فوزي النويري.
وكان مجلس النواب الليبي قد أقر في جلسته في طبرق الإثنين، مشروع قانون المعاملات الإلكترونية، وتعديل سن الترشح لانتخابات رئاسة البلاد.
القانون الذي صوت عليه مجلس النواب دار حوله جدل كبير جداً، بل اعتبر خطوة جديدة من قبل البرلمان لتكميم أفواه المواطنين ومنعهم من التصريح بآرائهم أو خوض النقاشات السياسية التي تتضمن رفضاً لتصرفات البرلمان ومن يقوم البرلمان بدعمهم.
وقد تضمن القانون الذي أقره البرلمان والذي حمل مسمى “قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية”، أن يعاقب بالحبس وغرامة لا تقل عن ألف دينار كل من قام بنشر معلومات تثير النعرات الجهوية والنعصرية.
كما جاء في نص القانون “يعاقب بالحبس كل من ركب أو زج بتصريح مكتوب أو صور أو صوت لأحد الأشخاص بقصد الإضرار بهم”.
ونصت مادة أخرى من القانون أن “يعاقب بالحبس وغرامة لا تقل عن ألف دينار كل من أضر بالغير على وسائل الاتصال بقصد إشباع رغبته الجنسية”.
وما إن أعلن بليحق عن تصويت البرلمان على هذا القانون وموافقته بالأغلبية عليه، بدأ الجدل والاستهجان في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي منشورات رافضة لما جاء في القانون.
أول الرافضين لنص القانون كان رئيس مجلس إدارة المنظمة الليبية لتقنية المعلومات والاتصالات أمين صالح، حيث قال: “بالنظر إلى مسودة مشروع القانون المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي والذي أشيع وسرب من طرف بعض النواب فيوجد غياب ترقيم واضح لبعض القوانين التي استند عليها القانون مثل قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية”.
وتابع أمين: “بعد التواصل مع الجهات ذات العلاقة لم يتم التواصل معهم أو إشراكهم كخبراء أو مستشارين في وضع مواد القانون، مضيفاً أنه تم ذكر اسم كيان الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات بطريقة خاطئة عن الاسم الحقيقي والفعلي لكيان يتبع رئاسة الوزراء فضلاً عن تجاهل دور النائب العام والمجلس الأعلى للقضاء والمحاكم والقوانين الاحتكام والمواثيق والاتفاقيات”.
وأوضح أمين أن “جميع قيم العقوبات المذكورة غير مدروسة بعناية ويوجد تضارب واضح واختلال معايير وتعارض مع نص قانون معمول به وهو قانون العقوبات ناهيك أن إمكانية التحاول والتلاعب بها والعمل الكيدي وارد جداً، مردفاً أن هذا القانون “سيعرض الدوائر القضائية وإدارة القانون إلى نزاعات جانبية ستؤثر سلباً على الفهم”.
الخبير القانوني زياد شنباشي، قال: “إن مشروع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي سيتم عرضه على البرلمان، بداية القصيدة كفر”، وتابع شنباشي: “لن أتحدث عن وجهة نظري حول مشروع القانون وما به من عوار، لكن سأكتفي بالإشارة إلى نقطة واحدة فقط فقد تم إعداد مشروع القانون بالاستناد إلى قانون مكافحة غسل الأموال رقم 2 لسنة 2005، مع العلم أن هذا القانون قد تم إلغاؤه بشكل كلي بموجب القانون الجديد لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 1013 لسنة 2017”.
وأردف: “بالتالي، فقد تم الاستناد على قانون ملغي لصياغة بنود مشروع القانون المتعلقة بمكافحة الجرائم الإلكترونية، وما بني على باطل فهو باطل وعليه يجب إعادة تعديل مشروع القانون بما يتواءم مع القوانين السارية والمعمول بها دون الملغية منها والأولى من كل هذا هو اعتماد قانون مكافحة غسل الأموال الجديد بعرضه على البرلمان للتصويت عليه”.
الخبير التقني علي الطويل قال في منشور له: “يوم مؤسف ودولة مخيبة للآمال، ومسؤولون لا هم لهم إلا مصالحهم الشخصية فقط، وفي أقل من 24 ساعة تم التصويت على مواد لا ترتقي أنها تكون حتى ضوابط وإرشادات، والتصويت بالأغلبية، بينما المواطن يعاني من كل نواحي حياته، ولا يتم التصويت على ما يخدمه ويرتقي بحياته، لأن لا مصلحة للبرلمان في ذلك”.
وأضاف: “أمامنا أيام سوداء على المؤثرين وأصحاب الرأي، ومن يرى فيهم أي كيان سياسي تهديداً لمصالحه”.
المهتم بالشؤون السياسية فرج شيتاو قال: “القانون الوهمي الذي أصدره برلمان عقيلة صالح بخصوص الجرائم الإلكترونية، هو موجه فقط للنشطاء والمدونين والصفحات التي يعرف مدراؤها فليس بإمكانهم تطبيقه على كامل مستعملي الإنترنت في ليبيا، بسبب عدم توفر أي إمكانيات تختص بالتتبع وتأكيد ملكية الحساب لصاحبه، كما أن القانون بمواده الحالية 99‎%‎ من مستعملي الإنترنت في ليبيا سيكونون في السجن، وسيدفعون مئات الآلاف كغرامات”.
وتابع: “فالقانون بشكله الحالي الغرض منه فقط إيجاد حجة قانونية لرفع قضية في أي أحد يهاجم أعضاء البرلمان خاصةً، ويكون حسابه باسمه (ليس في حاجة لتحقق وتتبع) وسيستخدمون الجدل الذي سيثيره القانون للتغطية على الصراع الحاصل بخصوص قوانين الانتخابات”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية