طرابلس – «القدس العربي»: قلق وترقب واسع في ليبيا من المتابعين للشأن المحلي حول مستقبل البعثة الأممية في ظل قيادة جديدة موقتة يرجح أن تكون لنائبة المبعوث الأممي المستقيل الأميركية ستيفاني خوري، حيث تكرر أمام أعين الليبيين سيناريو رحيل المبعوث الأسبق، اللبناني غسان سلامة، وتولي الأميركية ستيفاني وليامز مهمة رئاسة البعثة من بعده.
استقالة باتيلي المفاجئة جاءت بعد فشله في إقناع الأطراف السياسية في ليبيا بالمشاركة في مبادرته الخماسية التي حاول من خلالها جمع حكومة الوحدة الوطنية و»النواب» و»الأعلى للدولة» و»الرئاسي» وحفتر على طاولة واحدة، وخلف رحيله دون إحراز تقدم أو تطور جدلاً ومخاوف من فراغ سياسي ومصير مجهول ينتظر البلاد.
والأربعاء، قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استقالة ممثله الخاص رئيس البعثة الأممية في ليبيا عبد الله باتيلي التي أعلنها الثلاثاء.
وشكر باتيلي على جهوده لإعادة بناء السلام والاستقرار في ليبيا، وذكر أن الأمم المتحدة ستواصل دعم العملية السياسية التي ينفذها الليبيون، وفق بيان صادر عن الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك.
وأرجعت جريدة لوموند الفرنسية استقالة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، إلى انقسام المجتمع الدولي إزاء ليبيا وتقاعس الأطراف الليبية، والجمود السياسي، الذي دفعه للتنحي عن منصبه بعد ثمانية عشر شهرًا.
وقالت إن باتيلي استقال بسبب الطريق المسدود الذي وصلت إليه الوساطة الدولية بشأن ليبيا، حيث أعلن الوزير السنغالي السابق البالغ 77 عامًا، والذي كان أستاذًا للتاريخ في جامعة شيخ أنتا ديوب في داكار، رحيله عقب إلقائه إحاطة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حيث رسم صورة قاتمة للغاية للوضع في ليبيا.
وتشير لوموند إلى أن البلد النفطي، الذي يعاني من الانقسامات ونشاط المافيا والميليشيات والتدخل الدائم من القوى الإقليمية والعواصم الأوروبية، لم يتمكن بعد من تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي كان يأمل باتيلي أن تفتح أبواب إعادة توحيد البلاد تحت قيادة سلطة شرعية.
وقالت وكالة فرانس برس إن الاستقالة المفاجئة للمبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي هي أحدث علامة على فشل جهود المصالحة في البلاد.
ونقلت عن بعض المحللين قولهم إن استقالة باتيلي لم تكن صادمة نظرا لأن العملية التي كان يقودها كانت معطلة تماما لعدة أشهر، متهمين مصر بتقويض جهوده نظرا لأن سياستها تتعارض معه.
ورجح المحللون أن تصبح نائبة باتيلي الأمريكية ستيفاني خوري، مبعوثاً خاصاً مؤقتاً، ما يسمح للولايات المتحدة بقيادة البعثة الأممية في ليبيا دون الاضطرار إلى مواجهة الفيتو الروسي في مجلس الأمن.
والثلاثاء، أعلن باتيلي استقالته، معتبرًا أن المنظمة الأممية لا يمكن أن تتحرك بنجاح دعمًا لعملية سياسية، في مواجهة قادة يضعون مصالحهم الشخصية فوق حاجات البلاد.
وقال للصحافيين عقب تقديم إحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن الدولي حول ليبيا في هذه الظروف، إنه ليس لدى الأمم المتحدة أي وسيلة للتحرك بنجاح، وذلك بعدما ندد خلال الاجتماع بـأنانية القادة الليبيين.
وأشار إلى أن «ما يسمى بالحلّ الليبي – الليبي هو حلّ يناسب القادة وحلفاءهم الذين لا يرغبون في المضيّ إلى حل لا يناسبهم»، وفي هذا الوضع «لا يمكن للمؤسسة الأممية أن تعمل بنجاح في مواجهة القادة الذين يقدمون مصالحهم الخاصة على مصالح البلاد».
وأجرت نائبة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني خوري، لقاء مع مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة السفير طاهر السني، بعد إحاطة المبعوث الأممي المستقيل عبدالله باتيلي، وقبل قليل من إعلان الأخير استقالته.
وهذا أول لقاء رسمي معلن بين خوري ومسؤول ليبي منذ توليها منصبها في مطلع آذار/مارس الماضي، وسط توقعات محللين بأن تتولى القيادة الموقتة للبعثة الأممية.
وقال السني في تغريدة عبر منصة إكس، الثلاثاء: «التقيت نائبة المبعوث الخاص للأمين العام المعينة حديثاً السيدة ستيفاني خوري»، وأضاف: «جرى نقاش ما دار في جلسة مجلس الأمن والتحديات التي تواجه العملية السياسية، ونوه مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة إلى التطرق إلى جهود البعثة الأممية وتقييم عملها خلال الفترة السابقة».
ويرى مندوب ليبيا السابق في الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي «أن الولايات المتحدة عرفت أن باتيلي سيستقيل استعدادًا للانتخابات في بلاده، فسارعت بتعيين ستيفاني جديدة ليبقى مفتاح الحل في ليبيا بيدها، ولن تستخدمه إلا إذا ضمنت مصالحها عبر مرشح موثوق للحكومة الجديدة».
ويقول محلل شؤون ليبيا في المجلس الأطلسي، عماد الدين بادي، في تغريدة عبر منصة إكس: «بعد دبلوماسية مكوكية لمدة عام ونصف للتخطيط للحوار مع أصحاب المصلحة الليبيين، استقال باتيلي دون نجاح يذكر في جلب أي شخص إلى طاولة المفاوضات»، مضيفًا: «لقد تركت ليبيا الآن في مأزق سياسي خطير».
والسنغالي باتيلي (77 عامًا) هو الدبلوماسي الثامن الذي يشغل هذا المنصب منذ العام 2011، وثالث مسؤول أممي يستقيل من رئاسة بعثة الأمم المتحدة بعد السلوفاكي يان كوبيش الذي استقال هو نفسه في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، وغسان سلامة في العام 2020.