طرابلس – «القدس العربي»: استمراراً للمناقشات الدائرة خلال الأيام الماضية حول الاستفتاء على الدستور في ليبيا، استنكر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ما وصفه بـ”مؤامرة تعطيل الاستفتاء على الدستور”، مشيرا إلى أن هذه العرقلة تمثل استهدافا لإرادة الشعب الليبي.
جاء ذلك خلال لقاء الدبيبة الأربعاء، عددا من أعضاء هيئة صياغة الدستور، أكد خلاله على ضرورة إعادة تفعيل دور الهيئة لاستكمال الاستحقاق الدستوري الذي يعتبر أساسا لاستقرار ليبيا ومستقبلها السياسي.
وأضاف رئيس الحكومة أن الشعب انتخب أعضاء الهيئة بشكل مباشر وبغرض واضح ومحدد، وهو صياغة دستور يعبر عن تطلعات الليبيين جميعا.
وشدد الدبيبة على أن أي محاولات لعرقلة هذا المسار هي عرقلة مباشرة لمسيرة الشعب الليبي نحو بناء دولة القانون والمؤسسات، مؤكدا التزام الحكومة بدعم جهود الهيئة ومساندتها لتحقيق هذا الهدف الوطني المهم.
وتعليقاً على ذلك، أعلن ممثلا مكون التبو في هيئة صياغة الدستور (خالد بوبكر وهلي، والسنوسي حامد وهلي) رفضهما لمسودة الدستور الحالية، مشددين على ضرورة التوافق مع مكونات التبو والطوارق والأمازيغ قبل إجراء أي استفتاء.
جاء ذلك في بيان لهما تعليقا على تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية، التي أكد فيها ضرورة إعادة تفعيل دور الهيئة لاستكمال الاستحقاق الدستوري.
وأشاد البيان بتصريحات رئيس الحكومة بشأن تفعيل دور الهيئة، ولكنه شدد على أن “استكمال الاستحقاق الدستوري” يعني الالتزام بالمادة 30 من الإعلان الدستوري المؤقت، والتي تشترط التوافق مع مكونات التبو والطوارق والأمازيغ قبل إصدار الدستور.
وعد البيان أن الهيئة قد خالفت هذا النص بإعداد مسودة دستور لم يتم التوافق عليها مع هذه المكونات.
وطالب البيان بإعادة النظر في مسودة الدستور الحالية ووصفها بـ”المخالفة والمرفوضة”، مؤكدا أن أي استفتاء يجب أن يكون على دستور وطني جامع يرضي جميع المكونات الليبية، بما في ذلك التبو والطوارق والأمازيغ والعرب.
كما دعا البيان رئيس حكومة الوحدة الوطنية، وهيئة صياغة الدستور، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى دعم تفعيل دور الهيئة من خلال إطلاق حوار دستوري شامل يضمن التوافق على دستور يكون أساسا لاستقرار ليبيا.
وقبلها دعا مستشار رئيس المجلس الرئاسي لشؤون الانتخابات والمجالس التشريعية زياد دغيم، إلى الاتفاق المبدئي على ضرورة الاحتكام إلى الشعب الليبي عبر آلية الاستفتاء.
وقال دغيم في تصريحات تلفزيونية، إن القواعد الدستورية والقانونية تذهب إلى أن الأصل في الأمور في الإباحة، ومن ثم تتولى مؤسسة الرئاسة الأمر، في ضوء عدم تحديد القانون الاختصاص، وقصور المؤسسات في ليبيا.
وضرب مستشار رئيس المجلس الرئاسي مثلا بعدم قيام المفوضية بواجبها في الدعوة على الاستفتاء على الدستور، أو انتخاب المقاعد الشاغرة في المجلس، نافياً طرح فكرة الاستفتاء على حل مجلس النواب.
وقبل يومين، كشفت تقارير عن تكليف رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، مجموعة من الخبراء؛ لإعداد حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية استعدادا لطرحها على الاستفتاء الشعبي.
وقالت تقارير صحافية، إن الاستفتاء المحتمل ستكون على مجموعة إجراءات، من بينها المواد الخلافية المتبقية في قوانين انتخابات (6+6) لاستكمالها، وعلى مشروع الدستور كدستور موقت لخمس سنوات، ومنح الحق لكل مصوت رافض أن يختار بديلا من الخيارات الدستورية التاريخية لليبيا كدستور 1951 ودستور المعدل 1963.
وفي سياق آخر، أعلنت البعثة الأممية عقد القائمة بأعمال رئيس البعثة ستيفاني خوري، مشاورات مع قادة ليبيين خلال الأيام الماضية، بهدف تنشيط العملية السياسية، وتعزيز الثقة بين الأطراف، والتقدم نحو إجراء انتخابات وطنية.
وأوضح بيان البعثة أن خوري التقت بمجموعة من كبار المسؤولين، من بينهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في القبة، حيث أكدت على استعداد الأمم المتحدة لتيسير التوصل إلى حل سياسي للقضايا العالقة، بناء على مرجعية ومبادئ واضحة تضمن المصالح الليبية العليا.
ووفقا للبيان، اتفق الطرفان على ضرورة المشاركة البناءة لتوحيد مؤسسات الدولة، لا سيما السلطة التنفيذية، ووضع ميزانية موحدة للعام المقبل للحد من هدر الأموال العامة. وأضاف البيان أن خوري بحثت مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، رؤية البعثة لإطلاق العملية السياسية، وكيفية كسر الجمود السياسي الحالي، وتهيئة الظروف لإجراء انتخابات على أساس قانوني وسياسي سليم.
إلى جانب ذلك، شددت خوري في لقاء منفصل مع القائم بأعمال وزير الخارجية الطاهر الباعور، ووزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، على الحاجة إلى العمل الجماعي لكسر الجمود السياسي، والتعاون على معالجة القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية الخلافية، تمهيدا لإجراء الانتخابات وفقا لقرار مجلس الأمن.
كما حثت خوري جميع الأطراف على الكف عن اتخاذ أية إجراءات أحادية الجانب من شأنها أن تعمق انقسام المؤسسات الليبية.